الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وكذا الأعمال الكثيرة ) كضربات متوالية وركض كثير وركوب احتاجه أثناء الصلاة وحصل منه فعل كثير يعذر فيها ( لحاجة ) إليها ( في الأصح ) كالمشي المذكور في الآية أما حيث لا حاجة فتبطل قطعا ( لا صياح ) أو نطق بدونه فلا يعذر فيه لعدم الحاجة إليه بل الساكت أهيب ، وفرض الاحتياج إليه لنحو تنبيه من خشي وقوع نحو مهلك به أو لزجر الخيل أو ليعرف أنه فلان المشهور بالشجاعة نادر ( ويلقي السلاح إذا دمي ) [ ص: 14 ] أو تنجس بما لا يعفى عنه ولم يحتجه فورا وجوبا حذرا من بطلان صلاته بإمساكه وله جعله بقرابه تحت ركابه إن قل زمن هذا الجعل بأن كان قريبا من زمن الإلقاء ويغتفر له هذه اللحظة اليسيرة لما في إلقائه من التعريض لإضاعة المال مع أنه يغتفر هنا ما لا يغتفر في غيره ومن ثم لم تكن الأنواع الثلاثة كما هنا ( فإن عجز ) عن إلقائه كأن احتاج لإمساكه وإن لم يضطر إليه كما أفهمه كلام الروضة وأصلها ( أمسكه ) للحاجة ( ولا قضاء في الأظهر ) ؛ لأنه عذر يعم في حق المقاتل فأشبه الاستحاضة والمعتمد في الشرحين والروضة والمجموع عن الأصحاب وجوبه واعتمده الإسنوي وغيره ومنعوا التعليل المذكور وقالوا بل ذلك نادر ( فإن عجز عن ركوع وسجود أومأ ) بهما وجوبا للعذر ( والسجود أخفض ) خبر بمعنى الأمر أي ليجعل سجوده أخفض ، وقيل منصوبان بتقدير جعل ، المذكور بأصله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن : وكذا الأعمال الكثيرة لحاجة ) لو احتاج لخمس ضربات متوالية مثلا فقصد أن يأتي بست متوالية فهل تبطل بمجرد الشروع في الست لأنها غير محتاج إليها وغير المحتاج إليه مبطل ففي الشروع فيها شروع في المبطل ، أو لا تبطل لأن الخمس جائزة فلا يضر قصدها مع غيرها فإذا فعل الخمس لم تبطل بها لجوازها ولا بالإتيان بالسادسة لأنها وحدها لا تبطل فيه نظر والمتجه لي الآن الأول ، وقد يؤيده أنه لو صح [ ص: 14 ] توجيه الثاني بما ذكر لم تبطل الصلاة في الأمن بثلاثة أفعال متوالية لأن الفعلين المتواليين غير مبطلين فلا يضر قصدهما مع غيرهما فليتأمل ( قوله : وله جعله بقرابه تحت ركابه ) زاد العباب إن أمكن في قدر مدة الإلقاء قال الشارح في شرحه وهي عبارة الوسيط وغيره ، وعبارة ابن الرفعة كالإمام نقلا عن الأئمة إن قربت من زمن الإلقاء وهي أحسن ا هـ فلا يضر زيادة يسيرة على زمن الإلقاء نظرا لمصلحة حفظ السلاح ( قوله : خبر بمعنى الأمر ) المناسب حينئذ جعل الواو للحال أو للعطف على الجملة الشرطية .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وكذا الأعمال الكثيرة إلخ ) ولو احتاج لخمس ضربات متوالية مثلا فقصد أن يأتي بست متوالية فهل تبطل بمجرد الشروع في الست لأنها غير محتاج إليها وغير المحتاج إليه مبطل فهل الشروع فيها شروع في المبطل أو لا تبطل لأن الخمس جائزة فلا يضر قصدها مع غيرها فإذا فعل الخمس لم تبطل بها لجوازها ولا بالإتيان بالسادسة لأنها وحدها لا تبطل فيه نظر والمتجه لي الآن الأول ، وقد يؤيده أنه لو صح توجيه الثاني بما ذكر لم تبطل الصلاة في الأمن بثلاثة أفعال متوالية لأن الفعلين الأولين غير مبطلين فلا يضر قصدها مع غيرها فليتأمل سم على حج وقد يقال بل المتجه الثاني ويفرق بينه وبين ما قاس عليه فإن كلا من الخطوات فيه منهي عنه فكان المجموع كالشيء الواحد والخمس في المقيس مطلوبة فلم يتعلق النهي إلا بالسادس فما قبله لا دخل له في الإبطال أصلا إذ المبطل هو المنهي عنه ونقل بالدرس عن شيخنا الشوبري ما يوافقه فليتأمل ع ش ( قوله : لا صياح ) أي مشتمل على حرف مفهم أو حرفين لما تقدم أن الصوت الخالي عن الحرف لا يبطل كما في الحلبي بجيرمي ( قوله : نادر ) أي فلا يعذر به وبه يرد ما في الناشري أن قضية تعليلهم أن يكون الصياح في غير زجر الخيل ع ش

                                                                                                                              ( قوله أو تنجس ) إلى قول المتن وهرب في المغني إلا قوله إن قل إلى المتن وقوله خبر إلى منصوبان وقوله ولا يبعد إلى وفئة وقوله إن حكمنا إلى [ ص: 14 ] وكهرب ( قوله : أو تنجس ) أي بغير الدم مغني ( قوله : بما لا يعفى عنه ) تنازع فيه الفعلان ( قوله : ولم يحتجه ) أي بأن لم يخف من إلقائه محذورا ع ش ( قوله : فورا وجوبا إلخ ) راجع للمتن ( قوله : وله جعله ) إلى قوله إن حكمنا في النهاية إلا قوله مع أنه يغتفر إلى المتن وقوله ولا يبعد إلى وفئة ( قوله : وله جعله إلخ ) أي إلى أن يفرغ من صلاته مغني ( قوله : بقرابة ) أي غمده كردي ( قوله : بأن كان قريبا إلخ ) فلا يضر زيادة يسيرة على زمن الإلقاء نظرا لمصلحة حفظ السلاح سم ( قوله : وإن لم يضطر إليه ) قد يتبادر مخالفته لقول الشارح م ر أي والمغني بدله بأن لم يكن له منه بد أي غنى ويمكن حمل قوله م ر بأن لم يكن له إلخ على مصلحة القتال وإن لم يخف الهلاك بتركه فلا مخالفة ع ش قول المتن ( ولا قضاء إلخ ) ضعيف ع ش .

                                                                                                                              ( قوله والمعتمد إلخ ) أي وفاقا للمنهج والنهاية والمغني قول المتن ( أومأ إلخ ) ظاهره الاكتفاء بأقل إيماء وإن قدر على أزيد منه ، ويوجه بأن في تكليف زيادة على ذلك مشقة وربما يفوت الاشتغال بها تدبير أمر الحرب فيكفي فيه ما يصدق عليه إيماء ع ش قول المتن ( والسجود أخفض ) أي من الركوع ليحصل التميز بينهما فلا يجب على الماشي وضع جبهته على الأرض كما لا يجب عليه الاستقبال ولو في التحرم والركوع والسجود لما في تكليفه ذلك من تعرضه للهلاك بخلاف نظيره في الماشي المتنفل في السفر كما لو مر ولو أمكنه الاستقبال بترك القيام لركوبه ركب أي وجوبا لأن الاستقبال آكد أي من القيام بدليل النفل أي حيث جاز من قعود ولم يجز لغير القبلة نهاية ومغني ( قوله : خبر ) أي هذا التركيب جملة خبرية مركبة من مبتدأ وخبر ع ش ( قوله : خبر بمعنى الأمر ) المناسب حينئذ جعل الواو للحال أو للعطف على الجملة الشرطية سم .

                                                                                                                              ( قوله : وقيل إلخ ) ويجوز أيضا رفع الأول ونصب الثاني بتقدير يكون وإن كان قليلا ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية