الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يمنع أهل الذمة ) أو العهد ( الحضور ) أي لا ينبغي ذلك ويظهر أن محله ما لم ير الإمام المصلحة في ذلك على أنه يسن للإمام المنع من المكروه كما صرحوا به وسيأتي أنه يكره لهم الحضور إلا أن يجاب بأن المقام مقام ذلة واستكانة فلا يكسر خاطرهم حيث لا مصلحة تقتضي ذلك ؛ لأنهم مسترزقون وفضل الله واسع وقد تعجل لهم الإجابة استدراجا وبه يرد قول البحر يحرم التأمين على دعاء الكافر ؛ لأنه غير مقبول ا هـ على أنه قد يختم له بالحسنى فلا علم بعدم قبوله إلا بعد تحقق موته على كفره ثم رأيت الأذرعي قال إطلاقه بعيد ، والوجه جواز التأمين بل ندبه إذا دعا لنفسه بالهداية ولنا بالنصر مثلا ومنعه إذا جهل ما يدعو به ؛ لأنه قد يدعو بإثم أي بل هو الظاهر من حاله ويكره لهم الحضور ولنا إحضارهم ( ولا يختلطون بنا ) [ ص: 76 ] أي يكره لنا فيما يظهر تمكينهم من ذلك من حين الخروج إلى العود كما هو ظاهر وقول شيخنا في مصلانا الظاهر أنه تصوير فقط ثم رأيت الإسنوي صرح بكراهة الاختلاط ؛ لأنه قد يصيبهم عذاب قال تعالى { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } ونص على أن خروجهم يكون غير يوم خروجنا واستشكل بأنهم قد يسقون فيفتن بعض العامة ورد بأن في خروجهم معنا مفسدة محققة وهي مضاهاتهم لنا فقدمت على تلك المتوهمة ولقول المالكية بالمصالح المرسلة منعوهم من الانفراد وقد يجاب بأن مفسدة الفتنة أشد من مفسدة المضاهاة وادعاء تحققها ممنوع كيف ونحن نمنعهم من الاختلاط بنا ونصيرهم منفردين عنا كالبهائم فأي مضاهاة في ذلك فالأولى عدم إفرادهم بيوم بل المضاهاة فيه أشد .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وسيأتي أنه يكره لهم الحضور ) عبارة العباب وشرحه في هذا الآتي ويكره أيضا خروجهم معهم فيمنعون من ذلك ندبا وقيل وجوبا إن لم يتميزوا عنهم أي عن المسلمين بخلاف ما إذا تميزوا ، فإنهم لا يمنعون قطعا فيخرجون ولو في يوم خروج المسلمين ا هـ ومثله في الروض وشرحه وقضيته تخصيص كراهة حضورهم بكونهم معهم فيختص سن منع الإمام بهذه الحالة وهو قضية قولهم فيمنعون إلخ فقد أفاد كلامهم العلاوة المذكورة وأغنى عن الجواب لكن النص المذكور قد يدل على طلب منعهم من الخروج في يومنا ( ولا يمنع أهل الذمة أو العهد الحضور أي لا ينبغي ذلك أي في صلاة الاستسقاء ) وقضية ما تقرر من ندب المنع إذا لم يتميزوا عنا أن قول المصنف ولا يمنع أهل الذمة معناه لا يجب المنع أو إذا تميزوا ولم يمكن خروجهم في يومنا على ما فيه ( قوله : ويكره لهم الحضور إلخ ) عبارة شرح الروض ويكره أيضا خروجهم معهم كما عبر به الأصل فيمنعون من الخروج معهم ا هـ [ ص: 76 ] قوله فقدمت ) أي مراعاتها ( قوله : ولقول المالكية بالمصالح المرسلة ) هي الوصف المناسب الذي لم يدل - [ ص: 77 ] الدليل على اعتباره ولا على إلغائه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولا يمنع أهل الذمة ) لكن لا يدخلون المسجد إلا بإذن كما في غير الاستسقاء ع ش ( قوله : أو العهد ) إلى قوله وبه يرد في النهاية إلا قوله ويظهر إلى ؛ لأنهم ( قوله : أو العهد ) أي أو المؤمنين ع ش ( قوله : أي لا ينبغي ذلك ) أي لا يطلب والظاهر منه وكذا من قوله ولا يختلطون بنا أنه لا يطلب منعهم من الخروج في يومنا وعليه فقوله الآتي ونص إلخ الغرض منه حكاية قول مقابل لما فهم من كلام المصنف ع ش ( قوله : وسيأتي أنه يكره لهم إلخ ) عبارة العباب وشرحه في هذا الآتي ويكره أيضا خروجهم معهم فيمنعون من ذلك ندبا وقيل وجوبا إن لم يتميزوا عنهم أي عن المسلمين بخلاف ما إذا تميزوا ، فإنهم لا يمنعون قطعا فيخرجون ولو في يوم خروج المسلمين ا هـ ومثله في الروض وشرحه وقضيته تخصيص كراهة حضورهم بكونهم معهم فيختص سن منع الإمام بهذه الحالة وهو قضية قولهم فيمنعون إلخ فقد أفاد كلامهم العلاوة المذكورة وأغنى عن الجواب لكن النص المذكور قد يدل على طلب منعهم من الخروج في يومنا وقضية ما تقرر من ندب المنع إذا لم يتميزوا عنا أن قول المصنف : ولا يمنع أهل الذمة معناه لا يجب المنع أو إذا تميزوا ولم يكن خروجهم في يومنا على ما فيه ا هـ وتقدم عن ع ش أن الغرض من ذكر النص الآتي حكاية قول مقابل لما يفهم من كلام المصنف وفي البجيرمي وحاشية شيخنا ما حاصله أن الكراهة وندب المنع كل منهما مختص بما إذا لم يتميزوا عنا ( قوله : لأنهم إلخ ) تعليل للمتن ( قوله : مسترزقون ) بكسر الزاي برماوي ( قوله : وبه يرد إلخ ) أي بكونهم قد تعجل لهم الإجابة استدراجا ولو قيل وجه الحرمة أن في التأمين على دعائه تعظيما له وتغريرا للعامة بحسن طريقته لكان حسنا ع ش ( قوله : قول البحر يحرم التأمين إلخ ) اعتمده المغني .

                                                                                                                              ( قوله : ثم رأيت الأذرعي قال إطلاقه بعيد إلخ ) أقره ع ش ثم قال فرع في استحباب الدعاء للكافر خلاف واعتمد مر الجواز وأظن أنه قال لا يحرم الدعاء له بالمغفرة إلا إذا أراد المغفرة مع موته على الكفر وسيأتي في الجنائز التصريح بتحريم الدعاء للكافر بالمغفرة نعم إن أراد اللهم اغفر له إن أسلم أو أراد بالدعاء له بالمغفرة أن يحصل له سببه وهو الإسلام فلا يتجه إلا الجواز سم على المنهج وينبغي أن ذلك كله إذا لم يكن على وجه يشعر بالتعظيم وإلا امتنع خصوصا إذا قويت القرينة على تعظيمه وتحقير غيره كأن فعل فعلا دعا له بسببه ولم يقم به غيره من المسلمين فأشعر بتحقير ذلك الغير ا هـ ( قوله : ويكره ) إلى قوله ولقول المالكية في المغني إلا قوله وقول شيخنا إلى ؛ لأنه ( قوله : ويكره لهم الحضور إلخ ) عبارة شرح الروض ويكره أيضا أي كإخراجهم خروجهم معهم كما عبر به الأصل فيمنعون من الخروج معهم انتهى ا هـ سم قول المتن ( ولا يختلطون إلخ ) أي أهل الذمة ولا غيرهم من سائر الكفار قال الشافعي رضي الله تعالى عنه ولا أكره من إخراج صبيانهم ما أكره من خروج كبارهم ؛ لأن ذنوبهم أقل لكن يكره لكفرهم قال المصنف وهذا يقتضي كفر أطفال الكفار وقد اختلف العلماء فيهم إذا ماتوا فقال الأكثر : إنهم في النار وطائفة لا نعلم حكمهم والمحققون أنهم في الجنة وهو الصحيح المختار ؛ لأنهم غير [ ص: 76 ] مكلفين وولدوا على الفطرة وتحرير هذا كما قال شيخنا وغيره أنهم في أحكام الدنيا كفار أي فلا يصلى عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين وفي أحكام الآخرة مسلمون فيدخلون الجنة مغني ونهاية قال ع ش قوله مر ؛ لأن ذنوبهم إلخ المراد بالذنوب ما يعد ذنبا في الشرع من حيث هو ، وإن لم يتعلق فيه خطاب للصبي لعدم تكليفه بالزنا والسرقة بل بالكفر الذي هو أعظم الذنوب وعدم تكليفه لا يمنع اتصافه بالقبيح وقوله مر وهذا يقتضي إلخ معتمد وقوله مر ؛ لأنهم غير مكلفين إلخ عبارة حج في الفتاوى في جواب السؤال عن الأطفال أما أطفال المسلمين ففي الجنة قطعا بل إجماعا والخلاف فيه شاذ بل غلط ، وأما أطفال الكفار ففيهم أربعة أقوال أحدها أنهم في الجنة وعليه المحققون لقوله تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } وقوله { ولا تزر وازرة وزر أخرى } الثاني أنهم في النار تبعا لآبائهم ونسبه النووي للأكثرين لكنه نوزع الثالث الوقف ويعبر عنه بأنهم تحت المشيئة الرابع أنهم يجمعون يوم القيامة وتؤجج لهم نار يقال ادخلوها فيدخلها من كان في علم الله تعالى سعيدا ويمسك عنها من كان في علم الله شقيا لو أدرك العمل إلخ ملخصا وسئل العلامة الشوبري عن أطفال المسلمين هل يعذبون بشيء من أنواع العذاب وهل ورد أنهم يسألون في قبورهم وأن القبر يضمهم وما الحكم في أطفال المشركين من هذه الأمة فأجاب بأنهم أي أطفال المسلمين لا يعذبون بشيء من أنواع العذاب على شيء من المعاصي ولا يسألون في قبورهم كما عليه جماعة وأفتى به شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر وللحنفية والحنابلة والمالكية قول أن الطفل يسأل ورجحه جماعة من هؤلاء واستدل له بما لا يصح وأطفال المشركين اختلف العلماء فيهم على نحو عشرة أقوال الراجح منها أنهم في الجنة خدم لأهل الجنة وسئل بعضهم هل يجوز أن يكون أحد من الأطفال في النار فأجاب بأن الأطفال في الجنة ولو أطفال الكفار على الصحيح نعم يخلق الله تعالى يوم القيامة خلقا ويدخلهم الجنة وخلقا آخر يدخلهم النار { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } والعشرة أقوال التي أشار إليها الشيخ سردها في فتح الباري فليراجع ع ش بحذف ( قوله : أي يكره إلخ ) كذا في النهاية ( قوله : لأنه إلخ ) تعليل للمتن .

                                                                                                                              ( قوله : ونص على أن خروجهم ) إلى قوله ولقول المالكية في المغني والنهاية زاد الثاني عقبه قال ابن قاضي شهبة وفيه نظر ا هـ وكأنه يشير إلى ما ذكره الشارح بقوله وقد يجاب إلخ فتبين من هذا أن المعتمد عند صاحبي المغني والنهاية المنصوص المذكور بصري ( قوله : يكون إلخ ) أي وجوبا أخذا من الرد الآتي ع ش ( قوله : مضاهاتهم إلخ ) أي مشابهتهم ومساواتهم ( قوله : فقدمت ) أي مراعاتها سم ( قوله : على تلك المتوهمة ) أي مفسدة مصادفة المساقاة والافتتان ( قوله : ولقول المالكية ) متعلق بقوله منعوهم إلخ ( قوله : بالمصالح المرسلة ) هي الوصف المناسب الذي لم يدل الدليل على اعتباره ولا على إلغائه سم ( قوله : من الانفراد ) أي بيوم ( قوله : فالأولى عدم إفرادهم إلخ ) كذا في شروح الإرشاد وبافضل ومال إليه شيخنا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية