الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( قلت هذه مسائل منثورة ) أي مبددة بعضها من الفصل الأول وبعضها من الفصل الثاني وهكذا ( يبادر ) بفتح الدال ندبا ( بقضاء دين الميت ) عقب موته إن أمكن مسارعة لفك نفسه عن حبسها بدينها عن مقامها الكريم كما صح عنه صلى الله عليه وسلم وإن قال جمع محله [ ص: 181 ] فيمن لم يخلف وفاء أو فيمن عصى بالاستدانة فإن لم يكن بالتركة جنس الدين أي أو كان ولم يسهل القضاء منه فورا فيما يظهر سأل ندبا الولي غرماءه أن يحتالوا به عليه وحينئذ فتبرأ ذمته بمجرد رضاهم بمصيره في ذمة الولي وإن لم يحللوه كما يصرح به كلام الشافعي والأصحاب بل صرح به كثير منهم وذلك للحاجة والمصلحة وإن كان ذلك ليس على قاعدة الحوالة ولا الضمان قاله في المجموع قال الزركشي وغيره أخذا من الحديث الصحيح { أنه صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاة على مدين حتى قال أبو قتادة علي دينه } وفي رواية صحيحة { أنه لما ضمن الدينارين اللذين عليه جعل صلى الله عليه وسلم يقول هما عليك والميت منهما بريء قال نعم فصلى عليه } أن الأجنبي كالولي في ذلك وأنه لا فرق في ذلك بين أن يخلف الميت تركة وأن لا وينبغي لمن فعل ذلك أن يسأل الدائن تحليل الميت تحليلا صحيحا ليبرأ بيقين وليخرج من خلاف من زعم أن المشهور أن ذلك التحمل والضمان لا يصح قال جمع وصورة ما قاله الشافعي والأصحاب من الحوالة أن يقول للدائن أسقط حقك عنه أو أبرئه وعلي عوضه فإذا فعل ذلك برئ الميت ولزم الملتزم ما التزمه لأنه استدعاء مال لغرض صحيح ا هـ وقولهم أن يقول إلى آخره مجرد تصوير لما مر عن المجموع أن مجرد تراضيهما بمصير الدين في ذمة الولي يبرئ الميت فيلزمه وفاؤه من ماله وإن تلفت التركة وبحث بعضهم أن تعلقه بها لا ينقطع بمجرد ذلك بل يدوم رهنها بالدين إلى الوفاء لأن في ذلك مصلحة للميت أيضا ونوزع فيه ويجاب بأن احتمال أن لا يؤدي الولي يساعده ولا ينافيه ما مر من البراءة بمجرد التحمل لأن ذلك قطعيا بل ظنيا فاقتضت مصلحة الميت والاحتياط له بقاء الحجر في التركة حتى يؤدي ذلك الدين ( و ) تنفيذ ( وصيته ) استجلابا للبر والدعاء له وبحث الأذرعي وجوب المبادرة عند التمكن وطلب المستحق ونحو ذلك وكذا في وصية نحو الفقراء أو إذا أوصى بتعجيلها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أي مبددة ) أي باعتبار محالها اللائقة وإنما لم يذكر كلا منها في محله لأنه يؤدي إلى الطول لاحتياجه حينئذ إلى أن يقول أول كل واحدة قلت وفي آخرها والله أعلم فإن قلت فهلا فعل ذلك في بقية الأبواب قلت الزيادات فيها بالنسبة لهذه ( قوله وإن قال جمع [ ص: 181 ] محله إلخ ) أي لأن ما قالوه ليس قطعيا فالاحتياط المبادرة مطلقا ( قوله فتبرأ ذمته بمجرد رضاهم ) هل للولي حينئذ التوفية من غير حصته من التركة أولا لأن المال لزمه بطريق التبع فليس له الرجوع على التركة ولا التوفية من غير حصته منها فيه نظر ( قوله أخذا من الحديث الصحيح إلخ ) قد يناقش في الأخذ بأن الذي في الحديث ظاهر في الضمان وهو لا يشترط فيه أن يكون على الضامن دين فكيف يؤخذ منه أن الأجنبي كالولي في الحوالة التي يشترط فيها أن يكون على المحال عليه دين وظاهر الحديث براءة الميت بالضمان لكن المتبادر من الفقه عدم البراءة بمجرد الضمان ويدل عليه أن الظاهر أنه لو مات الضامن قبل الوفاء ولا تركة لا يسقط الدين عن الميت وإنما فائدة الضمان وجود مرجع في الحال للدين فليراجع ثم رأيت قول الشارح الآتي وبحث بعضهم إلخ ( قوله لأن ذلك ليس قطعيا ) أي أو لأنه مشروط بحصول الوفاء فالاحتياط بقاء التعلق بالتركة ( قوله وتنفيذ وصيته ) وذلك مندوب بل واجب عند طلب الموصى له المعين وكذا عند المكنة في الوصية للفقراء ونحوهم من ذوي الحاجات أو كان قد أوصى بتعجيلها شرح م ر ( قوله ونحو ذلك ) أي - [ ص: 182 ] كأن كان قد عصى بالتأخير لمطل أو غيره كضمان الغصب والسرقة كما أفصح بذلك عن الأذرعي في شرح العباب



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أي مبددة إلخ ) أي متفرقة متعلقة بالباب والفطن يرد كل مسألة منها إلى ما يناسبه مما تقدم وإنما جمعها في موضع واحد لأنه لو فرقها لاحتاج إلى أن يقول في أول كل منها قلت وفي آخرها والله أعلم فيؤدي إلى التطويل المنافي لغرضه من الاختصار نهاية ومغني زاد سم فإن قلت فهلا فعل كذلك في بقية الأبواب قلت لقلة الزيادات فيها بالنسبة لهذه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ندبا ) إلى قوله قال الزركشي في النهاية والمغني إلا قوله وإن قال إلى فإن لم يكن وقوله بل صرح به كثير منهم وما أنبه عليه ( قوله عقب موته ) أي قبل الاشتغال بغسله وغيره من أموره نهاية ومغني ( قوله لفك نفسه ) أي روحه نهاية ( قوله وإن قال جمع إلخ ) أي لأن ما قالوه ليس قطعيا فالاحتياط المبادرة مطلقا سم عبارة ع ش أفاد بهذه الغاية أنه لا فرق في حبس روحه بين من لم يخلف وفاء وغيره وبين من عصى بالاستدانة وغيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله عن حبسها بدينها إلخ ) ومن ذلك ما أخذ بالعقود الفاسدة كالمعاطاة حيث لم يوف العاقد بدل المقبوض كأن اشترى شراء فاسدا وقبض المبيع وتلف في يده ولم يوف بدله أما ما قبض بالمعاملة الفاسدة وقبل كل من العاقدين ما وقع العقد عليه ففي الدنيا يجب على كل أن يرد ما قبضه إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ولا مطالبة لأحد منهما في الآخرة لحصول القبض بالتراضي نعم على كل منهما ثم الإقدام على [ ص: 181 ] العقد الفاسد ع ش ( قوله محله ) أي الحبس بالدين كردي ( قوله فإن لم يكن إلخ ) محترز قوله إن أمكن عبارة النهاية والمغني فإن لم يتيسر حالا سأل وليه غرماءه أن يحللوه ويحتالوا به عليه نص عليه الشافعي إلخ ( قوله فتبرأ ذمته إلخ ) هل للولي حينئذ التوفية من غير حصته من التركة أو لا لأن المال لزمه بطريق التبرع فليس له الرجوع على التركة ولا التوفية من غير حصته منها فيه نظر سم ويأتي عن البصري استظهار الثاني ويؤيده قول الشارح الآتي فيلزمه وفاؤه من ماله وإن تلفت التركة ويؤيد الأول البحث الآتي وجواب النزاع فيه .

                                                                                                                              ( قوله بل صرح به إلخ ) لأحسن لهذا الإضراب ( قوله وذلك ) أي البراءة بذلك نهاية ومغني ( قوله قاله ) أي قوله وحينئذ فتبرأ ذمته إلخ ( قوله قال الزركشي إلخ ) أقره ع ش ( قوله إن الأجنبي إلخ ) مقول الزركشي وغيره بصري ( قوله أسقط حقك إلخ ) كذا في أصله رحمه الله تعالى بصيغة الأمر في الإسقاط والماضي في الإبراء وكان الأنسب جريانهما على منوال واحد ويمكن أن يقرأ أبرنه على صورة الأمر المؤكد بالنون فيناسب أسقط بصري أقول ورسم النسخة المصححة على أصل الشارح مرارا ظاهر في أنه بصيغة الأمر من غير تأكيد ( قوله استدعاء مال ) أي التزامه ( قوله وقولهم ) أي الجمع ( قوله بمجرد ذلك ) أي التراضي ( قوله وبحث بعضهم إلخ ) يظهر أن محل ما ذكر بتسليمه فيما إذا انحصرت التركة في الملتزم وإلا فيتعلق بنصيبه دون نصيب من عداه من الورثة ولا يتعلق بها بالكلية حيث كان أجنبيا وقلنا أنه كالولي فيما ذكر بصري أقول قضية تعليل الباحث بأن في ذلك مصلحة إلخ الإطلاق وعدم الاختصاص بصورة الانحصار المذكورة .

                                                                                                                              ( قوله يساعده ) أي البحث وكذا ضمير ولا ينافيه ( قوله لأن ذلك ليس قطعيا إلخ ) أي أو لأنه مشروط بحصول الوفاء فالاحتياط بقاء التعلق بالتركة سم عبارة البصري أو يقال برأ براءة موقوفة فإن تبين الأداء تحققنا البراءة بمجرد التحمل وإن تبين عدم الأداء تحققنا البقاء والتعلق بالتركة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله استجلابا ) إلى قوله وفي المجموع في المغني والنهاية ( قوله وبحث الأذرعي إلخ ) جزم به النهاية والمغني ( قوله وجوب المبادرة ) أي بقضاء دين الميت و ( قوله عند التمكن ) أي تمكن القضاء من التركة و ( قوله وطلب المستحق ) أي مع طلبه حقه ( قوله ونحو ذلك ) أي كأن عصى بتأخيره بمطل أو غيره كضمان الغصب والسرقة وغيرهما نهاية و سم ( قوله وكذا في وصية نحو الفقراء إلخ ) أي فيجب المبادرة بتنفيذها عبارة النهاية والمغني وذلك مندوب بل واجب عند طلب الموصى له المعين وكذا عند المكنة في الوصية للفقراء ونحوهم من ذوي الحاجات أو كان قد أوصى بتعجيلها ا هـ قال الرشيدي قوله أو كان - [ ص: 182 ] قد أوصى إلخ معطوف على قوله طلب المستحق أي وكذا إن لم يطلب وكان قد أوصى بتعجيلها ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية