الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يضم ثمر عام وزرعه إلى ) ثمر وزرع عام ( آخر ) في تكميل النصاب ولو فرض اطلاع ثمر العام الثاني قبل جذاذ الأول إجماعا ( ويضم ثمر العام بعضه إلى بعض ) ، وإن اختلف إدراكه لاختلاف نوعه أو محله لجريان العادة الإلهية أن إدراك الثمار ، ولو في النخلة الواحدة لا يكون في زمن واحد إطالة لزمن التفكه فلو اعتبر التساوي في الإدراك تعذر وجوب الزكاة [ ص: 250 ] فاعتبر وقوع القطع في العام الواحد إجماعا على ما حكي ، وهو أربعة أشهر على ما في الكفاية عن الأصحاب لجريان العادة بأن ما بين اطلاع النخلة إلى بدو صلاحها ، ومنتهى إدراكها ذلك لكن رد بأن المعتمد اثنا عشر شهرا نظير ما يأتي ( وقيل إن اطلع الثاني بعد جداد الأول ) بفتح الجيم وكسرها وإعجام الذال وإهمالها أي : قطعه ( لم يضم ) لحدوثه بعد انصرام الأول فأشبه ثمر العام الثاني ولو اطلع الثاني قبل بدو صلاح الأول ضم إليه جزما ، قيل قضية كلامه أنه لو تصور نخل أو كرم يحمل في العام مرتين ضم أحدهما إلى الآخر وليس كذلك بل الحملان كثمرة عامين إن كان كل بعد جداد الآخر أو وقت نهايته ويرد إيراده ، وإن صح ما قاله من الحكم بأن كلامه جرى على الغالب المعتاد فلا ترد عليه هذه الصورة النادرة ، وإن نقل ثقات كثرته في مشارق الحبشة وبهذا اعترض من عبر بالاستحالة ، وقد يقال إن أريد أن العرجون بعد جداد ثمره يخلف ثمرا آخر فهو المحال عادة ؛ لأنا لم نسمع بمثله أو أنه يخرج بجنب تلك العراجين عراجين أخرى قبل جداد تلك أو بعده فهو موجود مشاهد في بعض النواحي ( وزرعا العام يضمان ) ، وإن استخلفا من أصل أو اختلفا زرعا وجدادا كالذرة تزرع ربيعا وصيفا وخريفا وفارق ما مر أن حملي العنب والنخل لا يضمان بأن هذين يرادان للدوام فكان كل حمل كثمرة عام بخلاف الزرع لا يراد للتأبيد فكان ذلك كزرع واحد تعجل إدراك بعضه ( ، والأظهر اعتبار وقوع حصاديهما في سنة ) بأن يكون بين حصادي الأول والثاني دون اثني عشر شهرا عربية ، ولا عبرة بابتداء الزرع ؛ لأن الحصاد هو المقصود وعنده يستقر الوجوب [ ص: 251 ] ونازع الإسنوي في ذلك وأطال بما لا يجدي ، ويكفي عنه ، وعن الجداد في الثمر زمان إمكانهما على الأوجه ويصدق المالك أنه زرع عامين ويحلف ندبا إن اتهم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 250 ] قوله : فاعتبر وقوع القطع في العام الواحد إجماعا إلخ ) فالعبرة في اتحاد العام بوقوع القطعين فيه قال م ر والمعتمد أن العبرة في اتحاد العام بوقوع الاطلاعين فيه ( قوله : لكن رد بأن المعتمد إلخ ) اعتمد هذا المعتمد م ر أيضا ( قوله : وفارق ما مر أن حملي العنب إلخ ) لعل الفرق باعتبار قوله ، وإن استخلفا إلخ لا باعتبار زرعي العام مطلقا ؛ إذ ليس ذلك نظير حملي ما ذكر ( قوله : في المتن والأظهر اعتبار وقوع حصاديهما في سنة ) والمراد بالحصاد حصوله بالقوة لا بالفعل كما أفاده الكمال بن أبي شريف وقال إن تعليلهم يرشد إليه شرح م ر وعبارة الروض فصل : وإن تواصل بذر الزرع شهرا أو شهرين متلاحقا أي : عادة فذلك زرع واحد ، وإن تفاصل واختلفت أوقاته [ ص: 251 ] ضم ما حصل حصاده في سنة واحدة ا هـ وفيه تصريح بأن ما تواصل زرع واحد ، وإن لم يقع حصاده في سنة واحدة بخلاف إطلاق المصنف والشارح



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : في تكميل النصاب ) إلى قوله لجريان العادة في النهاية والمغني قول المتن ( ويضم ثمر العام بعضه إلخ ) ، ولا فرق بين اتفاق واجب المضمومين واختلافه كأن سقى أحدهما بمؤنة والآخر بدونها شرح بافضل قول المتن ( واختلف إدراكه ) وعليه فلو أدرك بعضه ، ولم يبلغ نصابا جاز له التصرف فيه ثم إذا أدرك باقيه وكمل به النصاب زكي الجميع سواء كان الأول باقيا أو تالفا فإن باعه تبين بطلانه في قدر الزكاة ويجب على المشتري رده إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ع ش ويأتي في الشرح قبيل قول المتن وتجب ببدو صلاح الثمر مثله ( قوله : أو محله ) أي : حرارة وبرودة كنجد وتهامة إذ تهامة حارة يسرع إدراك ثمرها ونجد باردة نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 250 ] فاعتبر وقوع القطع في العام إلخ ) فالعبرة في اتحاد العام بوقوع القطعين فيه قال م ر والمعتمد أن العبرة في اتحاد العام بوقوع الاطلاعين فيه سم ، وكذا اعتمده النهاية والمغني وشرح بافضل عبارة الأولين والعبرة في الضم هنا باطلاعهما في عام واحد كما صرح به ابن المقري في شرح إرشاده ، وهو المعتمد فيضم طلع نخلة إلى الآخر إن طلع الثاني قبل جذاذ الأول ، وكذا بعده في عام واحد ا هـ .

                                                                                                                              وفي الكردي على بافضل ، وكذلك الإيعاب والإمداد واعتمده شيخ الإسلام في الأسنى والخطيب الشربيني والجمال الرملي وغيرهم .

                                                                                                                              وجزم شيخ الإسلام في منهجه بأن العبرة بقطع الثمرين لا باطلاعهما ، وهو ظاهر التحفة ، وفي فتح الجواد ، وهو وجيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بأن المعتمد إلخ ) اعتمده النهاية والمغني وشرح بافضل أيضا ( قوله : نظير ما يأتي ) أي : في الزرعين كردي ( قوله : بفتح الجيم ) إلى قوله قيل في النهاية والمغني ( قوله : يحمل في العام مرتين إلخ ) أي : بأن ينفصل الحمل الثاني عن الحمل الأول ، وأما ما خرج متتابعا بحيث يتأخر بروز الثاني عن بروز الأول بنحو يومين أو ثلاثة ثم يتلاحق به في الكبر فكله حمل واحد ع ش ( قوله : مرتين ) أي : أو أكثر كما أن في الروم نوعا من الكرم المعروف فيه أنه يثمر في كل عام مرات .

                                                                                                                              ( قوله : بل الحملان كثمرة عامين ) أي فلا يضم أحدهما للآخر نهاية ومغني ( قوله : إن كان كل إلخ ) الأولى إن كان الثاني بعد جداد الأول إلخ ( قوله : ويرد إيراده إلخ ) حاصله أن ما في المتن مقيد بالغالب ، وقد يجاب عن هذا الرد بأن المراد لا يدفع الإيراد ( قوله : وإن صح ما قاله من الحكم ) اعتمد هذا الحكم النهاية والمغني وشرح المنهج أيضا ( قوله وبهذا ) أي : النقل ( قوله : وقد يقال إلخ ) أي جمعا بين القولين ( قوله : وإن استخلفا ) إلى قول المتن وواجب إلخ في النهاية والمغني إلا قوله ، وعن الجداد .

                                                                                                                              ( قوله : وإن استخلفا إلخ ) عبارة النهاية والمغني والمستخلف من أصل كذرة سنبلت مرة ثانية في عام يضم إلى الأصل بخلاف نظيره من الكرم والنخل ؛ لأنهما يرادان للتأبيد فجعل كل حمل كثمرة عام بخلاف الذرة ونحوها فألحق الخارج منها ثانيا بالأول كزرع تعجل إدراك بعضه ا هـ قال ع ش قوله : م ر يضم إلى الأصل ظاهره ، وإن طالت المدة ، ولم يقع حصاداهما في عام ويمكن توجيهه بأنه لما كان مستخلفا من الأصل نزل منزلة أصله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو اختلفا زرعا إلخ ) ، ولو تواصل بذر الزرع عادة بأن امتد شهرا أو شهرين متلاحقا عادة فذلك زرع واحد ، وإن لم يقع حصاده في سنة واحدة فيضم بعضه إلى بعض ، وأما إن تفاصل البذر بأن اختلف أوقاته عادة فإنه يضم أيضا بعضه إلى بعض لكن بشرط وقوع الحصادين في عام واحد أي : في اثني عشر شهرا عربية سواء أوقع الزرعان في سنة واحدة أم لا كردي على بافضل وباعشن ونهاية ومغني ، وفي سم بعد ذكر مثله عن الروض ما نصه ، وفيه تصريح بأن ما تواصل زرع واحد ، وإن لم يقع زرعه في سنة واحدة بخلاف إطلاق المصنف والشارح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفارق إلخ ) لعل الفرق باعتبار قوله ، وإن استخلفا إلخ لا باعتبار زرعي العام مطلقا ؛ إذ ليس ذلك نظير حمل ما ذكر سم وصنيع ما مر عن النهاية والمغني صريح فيما ترجاه ، قول المتن ( وقوع حصاديهما إلخ ) ، والفرق بين هذا وبين النخل حيث اعتبر فيه اتحاد الاطلاعين أي : عند النهاية والمغني أن نحو النخل بمجرد الاطلاع صلح للانتفاع به بسائر أنواعه بخلاف الزرع فإنه لا ينتفع به بمجرد ذلك وإنما المقصود منه للآدميين الحب خاصة فاعتبر حصاده ع ش ( قوله : ولا عبرة بابتداء الزرع ) أي : فيضمان إذا وقع حصادهما في سنة ، وإن [ ص: 251 ] لم يقع الزرعان في سنة نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : ونازع الإسنوي في ذلك ) أي : في الأظهر المذكور ، عبارة النهاية والمغني وجملة ما فيها عشرة أقوال أصحها ما ذكره المصنف ونقلاه عن الأكثرين ، وهو المعتمد ، وإن قال الإسنوي إنه نقل باطل يطول القول بتفصيله والحاصل أني لم أر من صححه فضلا عن عزوه إلى الأكثرين إلخ قال الشيخ في شرح منهجه ويجاب بأن ذلك لا يقدح في نقل الشيخين ؛ لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويكفي عنه إلخ ) أي : عن الحصاد في الزرع عبارة النهاية والمغني والمراد بالحصاد حصوله بالقوة لا بالفعل كما أفاده الكمال بن أبي شريف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وعن الجداد إلخ ) أي على ما اختاره من اعتبار القطع دون الاطلاع خلافا للنهاية والمغني ( قوله زمن إمكانهما إلخ ) أي : حصولهما بالقوة بالفعل كردي




                                                                                                                              الخدمات العلمية