الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويزكى المحرم ) من النقد ( من حلي وغيره ) [ ص: 271 ] بالجر إجماعا وكذا المكروه كضبة فضة كبيرة لحاجة وصغيرة لزينة ( لا المباح في الأظهر ) ؛ لأنه معد لاستعمال مباح فأشبه أمتعة الدار والأحاديث المقتضية لوجوب الزكاة وحرمة الاستعمال حتى على النساء حملها البيهقي وغيره على أن الحلي كان محرما أول الإسلام على النساء على أنها في أفراد خاصة فيحتمل أن ذلك لإسراف فيها بل هو الظاهر من سياق بعض الأحاديث ولو مات مورثه عن حلي مباح فمضى عليه حول أو أكثر ولم يعلم به لزمه زكاته على ما في البحر ؛ لأنه لم ينو إمساكه لاستعمال مباح ورد بأن الموافق لما يأتي في اتخاذ سوار بلا قصد عدم وجوبها ويجاب بما يأتي أن ثم صارفا قويا هو الصوغ المقتضي للاستعمال غالبا ولا صارف هنا أصلا ولا نظر لنية مورثه ؛ لأنها انقطعت بالموت ولو حليت الكعبة [ ص: 272 ] مثلا بنقد حرم كتعليق محلى فيها يتحصل منه شيء فإن وقف عليها فلا زكاة فيه قطعا لعدم المالك المعين مع حرمة استعماله ونازع الأذرعي في صحة وقفه مع حرمة استعماله ويجاب بأن القصد منه عينه لا وصفه فصح وقفه نظرا لذلك وبه يعلم أن المراد وقف عينه على نحو مسجد احتاج إليها لا للتزيين به أما وقفه على تحليته به فباطل ؛ لأنه لا يتصور حله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بالجر ) أي عطفا على حلي لا بالرفع عطفا على المحرم ؛ لأنه لا يناسب تقييد المحرم حينئذ بالحلي تفصيله الآتي بقوله فمن المحرم إلخ ولأن الغير حينئذ يشمل أيضا غير المكروه وغير المباح وليس مرادا ( قوله في المتن لا المباح ) ينبغي أن يراد به الجائز الذي لم يترجح تركه فيشمل الواجب والمندوب إن تصور ذلك فليتأمل ( قوله لزمه زكاته ) كذا م ر ( قوله ويجاب إلخ ) في شرح العباب وفارق ما لو اتخذه بلا قصد شيء بأن في تلك اتخاذا دون هذه والاتخاذ مقرب للاستعمال بخلاف عدمه ونوزع فيه بما لا يجدي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله هو الصوغ إلخ ) يتأمل ( قوله ولا صارف هنا أصلا ) [ ص: 272 ] كان وجه ذلك أنه لا يتأتى اقتضاء الصوغ الاستعمال مع عدم العلم ( قوله ويجاب إلخ ) في شرح العباب وجوبه أنه محمول على ما إذا حل استعماله بأن احتيج إليه ومن زعم صحته على التحلي فقد وهم إذ هو حينئذ كالوقف على تزويق المسجد ونقشه ؛ لأنه إضاعة مال وقضية ما ذكر أنه مع صحة وقفه لا يجوز استعماله عند عدم الحاجة إليه وبه صرح الأذرعي ناقلا له عن العمراني عن أبي إسحاق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله احتاج إليها ) يحتمل أن المراد الحاجة إليها في نحو تضبيب مباح بها لنحو جذعه وبابه لا في صرفه ؛ لأن شرط الموقوف الانتفاع به مع بقاء عينه فليتأمل ( قوله فباطل ) أي مع بيان حرمته أول الكتاب ( قوله لا يتصور حله ) قد يمنع بأن التحلية تشمل التضبيب ويتصور إباحته بلا كراهة كما في تضبيب نحو جذعه وبابه بضبة صغيرة لحاجة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( من حلي ) بضم أوله وكسره مع كسر اللام وتشديد الياء واحده حلي بفتح الحاء وسكون اللام مغني ونهاية .

                                                                                                                              قول المتن ( وغيره ) أي كالأواني ولا أثر لزيادة قيمته بالصنعة ؛ لأنها محرمة فلو كان له إناء وزنه مائتا درهم وقيمته ثلاثمائة وجب زكاة مائتين فقط فيخرج خمسة من نوعه لا من نوع آخر دونه ولا من جنس آخر ولو أعلى أو يكسره ويخرج خمسة أو يخرج ربع عشره مشاعا نهاية ويأتي في الشرح [ ص: 271 ] ما يوافقه بزيادة ( قوله بالجر ) إلى قوله ولا نظر في النهاية إلا قوله بل هو إلى ولو مات وكذا في المغني إلا قوله والأحاديث إلى ولو مات ( قوله بالجر ) أي عطفا على حلي لا بالرفع عطفا على المحرم ؛ لأنه لا يناسب تقييد المحرم حينئذ بالحلي تفصيله الآتي بقوله فمن المحرم إلخ ولأن الغير حينئذ يشمل أيضا غير المكروه وغير المباح وليس مرادا سم .

                                                                                                                              ( قوله وكذا المكروه إلخ ) أي تجب فيه الزكاة أيضا نهاية ( قوله كضبة فضة إلخ ) قوة الكلام تدل على كراهة استعمال إناء فيه ضبة مكروهة سم على البهجة وهي تفيد الكراهة في الجميع لا في محل الضبة فقط ع ش ( قول المتن لا المباح ) ينبغي أن يراد به الجائز الذي لم يترجح تركه فيشمل الواجب والمندوب إن تصور ذلك فليتأمل سم ( قوله ؛ لأنه معد إلخ ) وصح عن ابن عمر أنه كان يحلي بناته وجواريه بالذهب ولا يخرج زكاته وصح نحوه عن عائشة وغيرها رضي الله تعالى عنهم أسنى وإيعاب .

                                                                                                                              ( قوله لاستعمال مباح ) ولو اشترى إناء ليتخذه حليا مباحا فحبس واضطر إلى استعماله في طهره ولم يمكنه غيره فبقي حولا كذلك فهل تلزمه زكاته الأقرب كما قال الأذرعي لا ؛ لأنه معد لاستعمال مباح نهاية قال ع ش قوله واضطر إلى استعماله إلخ أي أو لاستعماله للشرب منه لمرض أخبر من الثقة أنه لا يزيله إلا هو وأمسكه لأجله أو اتخذه ابتداء لذلك فقوله في طهره أي مثلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على أنها إلخ ) أي تلك الأحاديث ( وقوله فيها ) أي في تلك الأفراد ( قوله لزمه زكاته ) كذا م ر ا هـ سم وكذا في الروض والعباب وأقرهما شارحهما وفي النهاية والمغني وشرح المنهج وغيرها ( قوله لما يأتي ) أي في المتن آنفا ( قوله على ما في البحر ) عبارته في الإيعاب كما جزم به في الجواهر .

                                                                                                                              ونقله الإسنوي وغيره عن الروياني ولولده احتمال وجه فيه إقامة لنية مورثه مقام نيته وعلى الأول فارق ما لو اتخذه بلا قصد شيء بأن في تلك اتخاذا دون هذه والاتخاذ مقرب للاستعمال بخلاف عدمه ونوزع فيه بما لا يجدي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله هو الصوغ ) عبارة غيره هو الاتخاذ ا هـ قال سم قوله هو الصوغ يتأمل ا هـ عبارة البصري قوله هو الصوغ إلخ لا يخلو عن غرابة ؛ لأن الاتخاذ لا ينحصر فيه بل يصدق بالشراء والاتهاب بل ذكر الجلال البلقيني في حواشي الروضة في مسألة الاتخاذ ما نصه وفي الاستذكار للدارمي فرض المسألة في الميراث والشراء إلخ فجعل مسألة الميراث من صور الاتخاذ فمقتضاه عدم وجوب الزكاة فيها وإن لم يعلم ومضى حول فلعل ما في البحر مفرع على مقابل الأصح في مسألة الاتخاذ ا هـ .

                                                                                                                              وقد قدمنا أن ما في البحر اتفق المتأخرون على اعتماده فقوله فلعل إلخ المخالف لذلك الاتفاق في قوة خرق الإجماع ( قوله ولا صارف هنا إلخ ) كأن وجه ذلك لا يتأتى اقتضاء الصوغ الاستعمال مع عدم العلم سم وقوله اقتضاء الصوغ ولعله حقه اقتضاء الإرث ( قوله ولو حليت إلخ ) عبارة المغني والنهاية ولو حلي المساجد أو الكعبة أو قناديلها بذهب أو فضة حرم ؛ لأنها ليست في معنى المصحف ولأن ذلك لم ينقل عن السلف فهو بدعة وكل بدعة ضلالة إلا ما استثنى بخلاف كسوة الكعبة بالحرير فيزكى ذلك إلا إن جعل وقفا على المسجد فلا يزكى لعدم المالك المعين .

                                                                                                                              وظاهر كلام شيخنا أن محل صحة وقفه إذا حل استعماله بأن احتيج إليه وإلا فوقف المحرم باطل وبذلك علم أن وقفه ليس على التحلي كما توهم فإنه باطل كالوقف على تزويق المسجد ونقشه ؛ لأنه إضاعة مال وقضية ما ذكر أنه مع صحة وقفه يجوز استعماله عند عدم الحاجة إليه وبه صرح الأذرعي نقلا له عن العمراني عن أبي إسحاق ا هـ وفي الإيعاب ما يوافقه قال ع ش قوله م ر ولا يجوز [ ص: 272 ] استعماله أي حيث حصل منه شيء بالعرض على النار وإلا فهو كغير المحلى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مثلا ) أي أو مسجد أو مشهد عباب ( قوله حرم ) أي فيزكي روض وعباب .

                                                                                                                              ( قوله كتعليق محلى ) أي مثل تعليق قنديل و ( قوله بأن القصد منه ) أي من الوقف عليها و ( قوله عينه إلخ ) أي عين المحلى ( لا وصفه ) الذي هو الاستعمال و ( قوله فصح وقفه ) أي وقف المحلى كإناء ونحوه و ( قوله نظرا لذلك ) أي لقصد العين كردي وقوله هو الاستعمال ولعل الأولى هو التحلية ( قوله فإن وقف ) أي نحو قناديل النقد أو المحلاة به أسنى وإيعاب ( قوله احتاج إليها إلخ ) يحتمل أن المراد الحاجة إليها في نحو تضبيب مباح بها لنحو جذعه وبابه لا في صرفه ؛ لأن شرط الموقوف الانتفاع به مع بقاء عينه فليتأمل سم على حج وهو ظاهر في تحلية المسجد نفسه دون وقف القناديل عليه ع ش .

                                                                                                                              عبارة الكردي قوله احتاج إليها أي احتاج المسجد إلى عين المحلى بنحو إجارتها له لتحصيل مصالحه وقوله على تحليته به أي بالمحلى كقنديل ونحوه ا هـ وقوله بنحو إجارتها له إلخ فيه وقفة فإن هذه الإجارة فاسدة غير جائزة فكان المناسب بنحو التسريج فيها و ( قوله أي بالمحلى إلخ ) أي أو بالنقد نفسه ( قوله فباطل ) أي فهو باق على ملك واقفه فيجب عليه زكاته إن علم فإن لم يعلم كان من الأموال الضائعة التي أمرها لبيت المال ع ش ( قوله لا يتصور حله ) قد يمنع بأن التحلية تشمل التضبيب ويتصور إباحته بلا كراهة كما في تضبيب نحو جذعه وبابه بضبة صغيرة لحاجة سم وفيه أن كلام الشارح كما هو صريح صنيعه في التحلية لغير حاجة




                                                                                                                              الخدمات العلمية