الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويستبرئ ) ندبا وقيل وجوبا وانتصر له جمع إن ظن عوده لولا الاستبراء ( من البول ) وكذا الغائط إن خشي عود شيء منه عند انقطاعه فيما يظهر بنحو تنحنح ونتر ذكر وجذبه بلطف لئلا يضعفه قال بعضهم ودق الأرض بنحو حجر ومسح البطن أخذا من أمر غاسل الميت به انتهى ومسح ذكر وأنثى مجامع العروق بيده وغير ذلك مما اعتاده مخرجا للفضلة لئلا يعود شيء فينجسه ولا يبالغ فيه ؛ لأنه يورث الوسواس والضرر ، ويظهر أنه لو احتاج في نحو المشي لمسك الذكر المتنجس بيده جاز إن عسر عليه تحصيل حائل يقيه النجاسة ويكره لغير سلس حشو ذكره ويكره القيام قبل الاستنجاء أي لمن استبرأ من جلوس لئلا ينافي ما مر ، ويحرم التبرز على محترم [ ص: 172 ] كعظم وقبر وفي موضع نسك ضيق كالجمرة والمشعر وبقرب قبر نبي قال الأذرعي وبين قبور نبشت لاختلاط تربتها بأجزاء الميت ويكره بقرب قبر محترم وتشتد الكراهة في قبر ولي أو عالم أو شهيد ويسن اتخاذ إناء للبول فيه ليلا نعم { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن ينقع البول في إنائه } ؛ لأن الملائكة أي الذين للرحمة والزيارة لا تدخل بيتا هو فيه ككلب ولو معلما وجنب وصورة ونهى أن يقول الإنسان أهرقت الماء ولكن ليقل بلت

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إن ظن عوده ) ينبغي أن لا يكون هذا محل خلاف ( قوله : إن عسر عليه ) قد يقال ، وإن لم يعسر ؛ لأنه تنجس لحاجة ( قوله قبل الاستنجاء ) هل المراد بالحجر حتى لا يخالف ولا يستنجي بماء في مجلسه المقتضي لانتقاله بالقيام أو الصادق به ثم لينظر المميز لهذا عن قوله السابق ويسن لمستنج بحجر إلى قوله ؛ لأن قيامه إلخ وقد يتجه أن يكون بين ثم السنية وهنا الكراهة ( قوله : لئلا ينافي ما مر ) يحتمل أنه إشارة إلى ما فهم مما سبق أن الاستبراء يكون بالمشي فإذا أراده لا يقال يكره القيام قبل الاستنجاء ( قوله : ويحرم التبرز على محترم ) قال في الروض وبمسجد ولو في إناء وأفتى شيخنا الشهاب الرملي بحرمة إدخال المسجد قارورة بول [ ص: 172 ] مريض لعرضها على طبيب فيه انتهى وقد يستشكل بجواز إدخال النجاسة المسجد لحاجة إذا أمن التلويث فليتأمل وفي شرح العباب ويكره بقرب جدار المسجد كما قاله الحليمي وفي البياض المتخلل بين الزرع وعلله في الحديث بأنه مأوى الجن انتهى ( قوله : وفي موضع نسك ضيق كالجمرة والمشعر الحرام ) وذكر المحب الطبري الحرمة في الصفا والمروة أو قزح وألحق بعضهم بذلك محل الرمي وإطلاقه يقتضي حرمة ذلك في جميع السنة ولعل وجهه أنها محال شريفة ضيقة فلو جاز فيها ذلك لاستمر وبقي وقت الاجتماع فيؤذي حينئذ ، ويظهر أن حرمة ذلك مفرعة على الحرمة في محل جلوس الناس وسيأتي أن المرجح الكراهة أما عرفة ومزدلفة ومنى فلا يحرم ولا يكره فيها لسعتها م ر ( قوله : وبقرب قبر نبي ) قد يقال قياسه الحرمة بقرب المصحف وقد يفرق لكن قياس ما مر عن شرح العباب أنه يكره بقرب جدار المسجد أن المصحف كذلك أو أولى ( قوله : عن أن ينقع ) في شرح العباب أنه يحتمل أن يراد بالانتقاع طول المكث ( قوله : وصورة ) هل يستثنى ما في محل الامتهان



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ندبا ) كذا في النهاية والمغني ( قوله : وقيل وجوبا ) ، وهو أي القول بالوجوب محمول على ما إذا غلب على ظنه خروج شيء منه بعد الاستنجاء إن لم يفعله نهاية عبارة المغني ، وإنما لم يجب الاستبراء كما قال به القاضي والبغوي وجرى عليه المصنف في شرح مسلم لقوله صلى الله عليه وسلم { تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه } ؛ لأن الظاهر من انقطاع البول عدم عوده ويحمل الحديث على ما إذا تحقق أو غلب على ظنه بمقتضى عادته أنه إن لم يستبرئ خرج منه شيء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن ظن إلخ ) قيد للوجوب ، وينبغي أن لا يكون محل خلاف سم وتقدم آنفا عن النهاية والمغني ما يوافقه ( قوله : وكذا الغائط ) كذا في النهاية ( قوله : عند انقطاعه ) إلى قوله قال في النهاية والمغني إلا قوله فيما يظهر ( قوله : عند انقطاعه ) متعلق بيستبرئ والضمير للبول كما يفيده كلام غيره وحينئذ فكان ينبغي تقديم قوله فيما يظهر على قوله عند انقطاعه ( قوله بنحو تنحنح ) أي كالمشي وأكثر ما قيل فيه سبعون خطوة مغني وإيعاب ( قوله : ونتر ذكر ) بالمثناة وقيل بالمثلثة كردي ( قوله : وجذبه إلخ ) عطف تفسير بجيرمي ( قوله : ومسح ذكر أو أنثى ) عبارة المغني ونثر ذكر وكيفية النثر أن يمسح بيسراه من دبره إلى رأس ذكره ، ويكون ذلك بالإبهام والمسبحة وتضع المرأة أطراف أصابع يدها اليسرى على عانتها ا هـ عبارة النهاية أو وضع المرأة يسارها على عانتها أو نثر ذكر ثلاثا بأن يمسح بإبهام يسراه ومسبحتها من مجامع العروق إلى رأس ذكره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وغير ذلك مما اعتاده إلخ ) قال في المجموع والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الناس فالقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شيء يخاف خروجه فمنهم من يحصل له هذا بأدنى عصر ومنهم من يحتاج إلى تكرره ومنهم من يحتاج إلى تنحنح ومنهم من يحتاج إلى مشي خطوات ومنهم من يحتاج إلى صبر لحظة ومنهم من لا يحتاج إلى شيء من هذا ، وينبغي لكل أحد أن لا ينتهي إلى حد الوسوسة إيعاب ومغني ( قوله : لئلا يعود إلخ ) تعليل للمتن ( قوله ولا يبالغ فيه ) أي الاستبراء ( قوله : إن عسر إلخ ) قد يقال ، وإن لم يعسر ؛ لأنه تنجس لحاجة سم على حج ، وهو موافق لإطلاق م ر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : يكره لغير سلس حشو ذكره ) أي بنحو قطنة ؛ لأنه لا يضره نهاية ومغني ( قوله : لئلا ينافي ما مر ) يحتمل أنه إشارة إلى ما فهم مما سبق أن الاستبراء يكون بالمشي فإذا أراده لا يقال يكره القيام قبل الاستنجاء سم ( قوله : قبل الاستنجاء إلخ ) هل المراد بالحجر حتى لا يخالف ولا يستنجي بماء في مجلسه المقتضي للانتقال بالقيام أو الصادق به ثم لينطر المميز لهذا عن قوله السابق وليس لمستنج بحجر إلى قوله ؛ لأن قيامه إلخ وقد يتجه أن يكون بين ثم السنية وهنا الكراهة سم ( قوله : ويحرم ) إلى قوله وفي موضع في النهاية وإلى قوله [ ص: 172 ] نعم في المغني إلا قوله كعظم وقوله وفي موضع إلى وبقرب قبر نبي ( قوله : ويحرم التبرز إلخ ) ولا يبعد إلحاق غيره من سائر النجاسة به ع ش ( قوله : على محترم إلخ ) وفي مسجد ولو في إناء مغني وروض زاد النهاية بخلاف الفصد فيه لخفة الاستقذار في الدم ولذا عفي عن قليله وكثيره كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ا هـ وزاد سم وأفتى شيخنا الشهاب الرملي بحرمة إدخال المسجد قارورة بول مريض لعرضها على طبيب فيه انتهى وقد يشكل بجواز إدخال النجاسة المسجد لحاجة إذا أمن التلويث فليتأمل وفي شرح العباب ويكره بقرب جدار المسجد كما قاله الحليمي وفي البياض المتخلل بين الزرع وعلله في الحديث بأنه مأوى الجن انتهى ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله : م ر بخلاف الفصد إلخ ولو بلا حاجة إلى الفصد فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كعظم ) الأقرب حرمة إلقائه في النجاسة قياسا على البول عليه ع ش ( قوله وقبر ) ألحق الأذرعي بحثا البول إلى جداره بالبول عليه نهاية وفي الرشيدي هل يشمل القبر المحترم قبر نحو ذمي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفي موضع نسك إلخ ) وذكر المحب الطبري الحرمة في الصفا والمروة أو قزح وألحق بعضهم بذلك محل الرمي وإطلاقه يقتضي حرمة ذلك في جميع السنة ولعل وجهه أنها محال شريفة ضيقة فلو جاز ذلك فيها لاستمر وبقي وقت الاجتماع فيؤذي حينئذ ، ويظهر أن حرمة ذلك مفرعة على الحرمة في محل جلوس الناس والمرجح فيه الكراهة أما عرفة ومزدلفة ومنى فلا يحرم فيها لسعتها نهاية وأقره سم .

                                                                                                                              قال ع ش قوله م ر والمرجح فيه الكراهة أي فيكون الراجح في جميع ما تقدم من الصفا إلخ الكراهة لكن قد يشكل عليه ما وجه به الحرمة من أنها محال شريفة ونازع سم على المنهج في البناء فقال بعد نقله عن الشارح م ر فليتأمل فإن البناء ممنوع والفرق بين ذلك وبين الطريق قريب ا هـ ، وهو ما أشار إليه الشارح م ر من أنها محال شريفة فحرمة البول فيها ليس لمجرد الانتفاع بها ع ش ( قوله : وبقرب قبر نبي ) قد يقال قياسه الحرمة بقرب المصحف وقد يفرق لكن قياس ما مر عن شرح العباب أنه يكره بقرب جدار المسجد أن المصحف كذلك أو أولى سم وتقدم عنه أنه يحرم ذلك إذا كان على وجه يعد إزراء بل يكفر به .

                                                                                                                              ( قوله : في قبر ولي إلخ ) أي في قربه ( قوله ويسن اتخاذ إناء إلخ ) قال في الإيعاب ؛ لأن دخول الحشوش ليلا يخشى منه ولخبر { كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه في الليل ، ويضعه تحت السرير } رواه أبو داود والنسائي والبيهقي ولم يضعفوه ولا يعارضه ما رواه الطبري بسند جيد والحاكم وصححه من قوله صلى الله عليه وسلم { لا ينقع بول في طست فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول منقع } لاحتمال أن يراد بالانتقاع طول المكث وما جعل في الإناء كما ذكر لا يطول مكثه غالبا أو أن النهي خاص بالنهار ورخص فيه بالليل لما مر ويؤيده قول النووي الأولى اجتنابه نهارا لغير حاجة انتهى ا هـ كردي . ( قوله : وصورة ) هل يستثنى ما في محل الامتهان سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية