الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وميتة غير الآدمي والسمك والجراد ) لتحريمها مع عدم إضرارها فلم يكن إلا لنجاستها وزعم إضرارها ممنوع وهي ما زالت حياته بغير ذكاة شرعية فخرج موت الجنين بذكاة أمه والصيد بالضغطة أو قبل إمكان ذكاته والناد بالسهم ؛ لأن هذا ذكاتها شرعا واستثنى منها الآدمي لتكريمه بالنص [ ص: 293 ] وهو في الكافر من حيث ذاته فلا ينافي إهداره لوصف عرضي قام به وللخبر الصحيح { لا تنجسوا موتاكم فإن المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا } وذكر المسلم للغالب ومعنى نجاسة المشركين في الآية نجاسة اعتقادهم أو المراد اجتنابهم كالنجس والخلاف في غير ميتة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم قيل ومثلهم الشهداء والسمك للإجماع والجراد للإجماع أيضا على ما قاله غير واحد وللخبر الحسن { أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال ، } لكن الصحيح كما في المجموع أن القائل أحلت إلى آخره ابن عمر رضي الله عنهما لكنه في حكم المرفوع ورواية رفع ذلك ضعيفة جدا ومن ثم قال أحمد إنها منكرة وخبر { الجراد أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه } صريح في حله خلافا لمن وهم فيه وإنما لم يأكله لعذر كالضب على أنه جاء عند أبي نعيم { أنهم غزوا سبع غزوات يأكلونه ويأكله معهم } ورواية يأكلونه صحت في البخاري وغيره .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وهو في الكافر من حيث ذاته ) قال في شرحه للعباب من جملة كلام طويل فالآدمي تثبت له الحرمة من حيث ذاته تارة ومن حيث وصفه أخرى فالحرمة الثابتة له من حيث ذاته تقتضي الطهارة ؛ لأنه وصف ذاتي أيضا فلا يختلف باختلاف الأفراد والثابتة له من حيث وصفه تقتضي احترامه وتعظيمه بحسب ما يليق به ولا شك أن الحربي تثبت له الحرمة الأولى فكان طاهرا حيا وميتا ولم تثبت [ ص: 294 ] له الحرمة الثانية فلم يحترم ولم يعظم فجاز الاستنجاء بجلده وإغراء الكلاب على جيفته واتخاذ الأواني من جلده لأنه أوجد من عوارض المخالفات ما أوجب إهدار عوارض الصفات فتأمل ذلك يتضح لك أنه لا إشكال في كلامهم ا هـ . لكن قد يقال إن أراد بأن الطهارة وصف ذاتي أنها مقتضى الذات فهو ممنوع ولذا اختلفت الأئمة فيها أو أنها قائمة بالذات فكل الأوصاف كذلك إلا أن يقال إنه أراد بالذاتي الحقيقي ، وقد يقال لم اقتضت الذاتية الطهارة دون الاحترام .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وميتة غير الآدمي إلخ ) ولو نحو ذباب كد ودخل مع شعرها وصوفها ووبرها وريشها وعظمها وظلفها وظفرها وحافرها وسائر أجزائها نهاية ومغني قول المتن ( والسمك ) ولو كان طافيا نهاية بأن ظهر بعد الموت على وجه الماء ع ش قول المتن ( والجراد ) هو اسم جنس واحده جرادة تطلق على الذكر والأنثى نهاية ومغني ( قوله لتحريمها ) إلى قوله واستثنى في النهاية ومغني إلا قوله وزعم إضرارها ممنوع ( قوله مع عدم إضرارها ) أي وعدم احترامها نهاية ومغني ( قوله وزعم إضرارها إلخ ) رد لقول ابن الرفعة إن الاستدلال على نجاسة الميتة بالإجماع أحسن ؛ لأن في أكل الميتة ضررا سم على البهجة ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : وهي ) أي الميتة شرعا نهاية ( قوله ما زالت حياته إلخ ) كذبيحة المجوسي والمحرم بضم الميم وما ذبح بالعظم وغير المأكول إذا ذبح مغني ونهاية قال ع ش قوله م ر والمحرم أي إذا كان ما ذكاه صيدا وحشيا كما يعلم من كتاب الحج أما لو كان مذبوحه غير وحشي كعنز مثلا فلا يحرم ا هـ ( قوله والناد ) أي والمتردي مغني ( قوله أو قبل إمكان ذكاته ) أي المعهودة فلا ينافيه ما بعده رشيدي ( قوله منها ) أي الميتة ( قوله الآدمي ) ومثله الملك والجن فإن ميتتهما طاهرة كذا بهامش شرح البهجة بخط الزيادي وفي فتاوى الشهاب الرملي ما يوافقه ويوجه بما وجه به طهارة المتولد بين الكلب والآدمي من قوله صلى الله عليه وسلم { إن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا } حيث لم يقيد ذلك بالآدمي ولا يشكل بأنه يقتضي نجاسة الكافر ؛ لأن التقييد بالمؤمن في هذا ونظائره ليس لإخراج الكافر بل للثناء على [ ص: 293 ] الإيمان والترغيب فيه ع ش عبارة شيخنا هنا ومثل الآدمي الجن والملك بناء على أن الملائكة أجسام لها ميتة وهو الراجح .

                                                                                                                              وأما إن قلنا بأنها أشباح نورانية تنطفي بموتها فلا ميتة لها ا هـ .

                                                                                                                              وفي باب الطهارة ومثل الآدمي الجن والملك بناء على أن الملائكة أجسام كثيفة والحق أنهم أجسام لطيفة ؛ لأنهم أجسام نورانية لا يبقى لهم بعد موتهم صورة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتكريمه إلخ ) وقضية التكريم أن لا يحكم بنجاسته بالموت مغني ونهاية ( قوله وللخبر الصحيح إلخ ) ولأنه لو كان نجسا لما أمر بغسله كسائر النجاسات أي العينية لا يقال ولو كان طاهرا لما أمر بغسله كسائر الأعيان الطاهرة ؛ لأنا نقول غسل الطاهر معهود في الحدث وغيره بخلاف النجس على أن الغرض منه تكريمه وإزالة الأوساخ عنه نهاية قال ع ش قوله بخلاف النجس قضيته أن عظم الميتة إذا تنجس بمغلظة لا يصح تطهيره منه ليرجع إلى أصله حتى لو أصاب ثوبا رطبا مثلا بعد ذلك لم يحتج للتسبيع وبهذه القضية صرح سم على حج فيما يأتي لكن في فتاوى شيخ الإسلام ما نصه فرع سئل شيخ الإسلام عن الإناء العاج إذا ولغ فيه الكلب أو نحوه وغسل سبع مرات إحداها بتراب فهل يكتفى بذلك عن تطهيره أو لا فأجاب بأن الظاهر أن العاج يطهر بما ذكر عن النجاسة المغلظة ا هـ وهو الأقرب ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وذكر المسلم للغالب ) كذا قالوا ، وقد يقال ما المانع من أن وجه الدلالة منه لطهارة الكافر أن الخصم لا يفرق بين المسلم والكافر في النجاسة بالموت فإذا ثبتت طهارة المسلم فالكافر مثله لعدم الفرق اتفاقا رشيدي ( قوله نجاسة اعتقادهم إلخ ) أي لا نجاسة أبدانهم مغني ( قوله والخلاف ) إلى قوله لكنه في النهاية والمغني إلا قوله على ما قاله غير واحد ( قوله والخلاف إلخ ) لم يتقدم حكاية الخلاف في كلامه في ميتة الآدمي لكنه ثابت وعبارة المحلي وكذا ميتة الآدمي في الأظهر ع ش ( قوله قيل ) عبارة النهاية والمغني قال ابن العربي المالكي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومثلهم الشهيد ) ضعيف ع ش ( قوله والسمك ) وهو ما يؤكل من حيوان البحر وإن لم يسم سمكا كما سيأتي في الأطعمة ( والجراد ) سواء أماتا باصطياد أم بقطع رأس ولو ممن لا يحل ذبحه من الكفار أو حتف أنفه نهاية أي بلا جناية ع ش ( قوله إنها ) أي رواية الرفع .




                                                                                                                              الخدمات العلمية