الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومنها بيان القولين ) أو الأقوال للشافعي رضي الله عنه قيل ذكر المجتهد لها لإفادة إبطال [ ص: 45 ] ما زاد لا للعمل بكل انتهى ، ولا ينحصر في ذلك بل من فوائده بيان المدرك ، وأن من رجح أحدها من مجتهدي المذهب لا يعد خارجا عنه وأن الخلاف لم ينحصر فيها حتى يمنع الزائد بمعونة ما هو مقرر في الأصول أنهم إذا أجمعوا على قولين لم يجز إحداث ثالث إلا إن كان مركبا منهما بأن يكون مفصلا ، وكل من شقيه قال به أحدهما ثم الراجح منهما ما تأخر إن علم ، وإلا فما نص على رجحانه وإلا فما فرع عليه وحده وإلا فما قال عن مقابله مدخول أو يلزمه فساد ، وإلا فما أفرده في محل أو جواب وإلا فما وافق مذهب مجتهد لتقويه به فإن خلا عن ذلك كله [ ص: 46 ] فهو لتكافؤ نظريه وهو يدل على سعة العلم ودقة الورع حذر من ورطة هجوم على ترجيح من غير اتضاح دليل ، وزعم أن صدور قولين معا في مسألة واحدة كفيها قولان لا يجوز إجماعا غلط أفرد رده وإن الإجماع على جوازه ووقوعه من الصحابة فمن بعدهم بتأليف حسن قال الإمام ووقع ذلك للشافعي رضي الله عنه في ثمانية عشر موضعا .

                                                                                                                              ونقل القرافي الإجماع على تخيير المقلد بين قولي إمامه أي على جهة البدل لا الجمع إذا لم يظهر ترجيح أحدهما ، وكأنه أراد إجماع أئمة مذهبه كيف ومقتضى مذهبنا كما قاله السبكي [ ص: 47 ] منع ذلك في القضاء والإفتاء دون العمل لنفسه وبه يجمع بين قول الماوردي يجوز عندنا وانتصر له الغزالي كما يجوز لمن أداه اجتهاده إلى تساوي جهتين أن يصلي إلى أيهما شاء إجماعا وقول الإمام يمتنع إن كانا في حكمين متضادين كإيجاب وتحريم بخلاف نحو خصال الكفارة .

                                                                                                                              وأجرى السبكي ذلك وتبعوه في العمل بخلاف المذاهب الأربعة أي مما علمت نسبته لمن يجوز تقليده ، وجميع شروطه عنده وحمل على ذلك قول ابن الصلاح لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة أي في قضاء أو إفتاء ومحل ذلك وغيره من سائر صور التقليد ما لم يتتبع الرخص بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه ، وإلا أثم به بل قيل فسق وهو وجيه قيل ومحل ضعفه أن تتبعها من المذاهب المدونة وإلا فسق قطعا ولا ينافي ذلك قول ابن الحاجب كالآمدي من عمل في مسألة بقول إمام لا يجوز له العمل فيها بقول غيره اتفاقا لتعين حمله على ما إذا بقي من آثار العمل الأول ما يلزم عليه مع الثاني تركب حقيقة لا يقول بها كل من الإمامين كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس ومالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة .

                                                                                                                              ثم رأيت السبكي في الصلاة من فتاويه ذكر نحو ذلك مع زيادة بسط فيه وتبعه عليه جمع فقالوا إنما يمتنع تقليد الغير بعد العمل في تلك الحادثة نفسها لا مثلها خلافا للجلال المحلي كأن أفتى ببينونة زوجته في نحو تعليق فنكح أختها ، ثم أفتى بأن لا بينونة فأراد أن يرجع للأولى ويعرض عن الثانية من غير إبانتها ، وكان أخذ بشفعة الجوار تقليدا لأبي حنيفة ثم استحقت عليه فأراد تقليد الشافعي في تركها [ ص: 48 ] فيمتنع فيهما ؛ لأن كلا من الإمامين لا يقول به حينئذ فاعلم ذلك فإنه مهم ولا تغتر بمن أخذ بظاهر ما مر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو الأقوال ) أي بدليل [ ص: 45 ] فمن القولين أو الأقوال ( قوله ما زاد ) أي على الإطلاق بحيث لا يكون واحد منها ولا مركبا منها ( قوله لم ينحصر فيها ) كذا فيما رأيت ويتوجه عليه أن عدم الانحصار لا يفهم من ذكرها حتى يكون من فوائدها وإن عدم الانحصار مناف لما نقله من قوله إبطال ما زاد ولو كانت العبارة هكذا وإن الخلاف انحصر فيها لم يكن زائدا على ما نقله بقوله أبطل ما زاد .

                                                                                                                              ويمكن أن يجاب بأن العبارة هي ما رأيت ومعناها أنه يفهم من ذكر الأقوال بمعونة ما في الأصول أن الخلاف لم ينحصر فيها بل يجوز إحداث قول زائد عليها بحيث لا يكون خارجا عنها بل مركبا منها فليتأمل ( قوله وإلا فما نص على رجحانه ) يقتضي أن الراجح ما تأخر إن علم وإن نص على رجحان الأول ، وليس كذلك قطعا فلو عكس فقال ثم الراجح ما نص على رجحانه وإلا فما تأخر إن علم أصاب ، وقد يجاب عنه بأن قوله وإلا معناه وإن لم يعلم تأخره وهو لا يخلص فتأمل ( قوله وإلا فما قال ) ظاهره تقديم ما فرع عليه وإن قال عنه يلزمه فساد ولا ينبغي أن يكون مرادا ( قوله وإلا فما وافق مذهب مجتهد ) عبارة كنز مولانا البكري ولو وافق أحد قوليه المطلقين مذهب مجتهد كان مرجحا بالنسبة للمقلد لأن القول في الجماعة أحب من القول في غيرها والموافق زادت به قوة ذلك القول انتهى وعبارة المجموع وحكى القاضي الحسين فيما إذا كان للشافعي [ ص: 46 ] قولان أحدهما وافق أبا حنيفة وجهين لأصحابنا أحدهما :

                                                                                                                              أن القول المخالف أولى وهذا قول الشيخ أبي حامد الإسفراييني قال الشافعي إنما خالفه لاطلاعه على موجب المخالفة والثاني القول الموافق أولى وهو قول القفال وهو الأصح والمسألة مفروضة فيما إذا لم يجد مرجحا مما سبق انتهى ، وعبارة جمع الجوامع ثم قال الشيخ أبو حامد مخالف أبي حنيفة أرجح من موافقه وعكس القفال والأصح الترجيح بالنظر فإن وقف فالوقف انتهى وينبغي حمل تصحيح المجموع السابق على ما إذا لم يدل النظر الموافق لقواعد الشافعي على رجحان المخالف فليتأمل ، وقد يوافق كل منهما مذهب مجتهد ( قوله أفرد رده ) ضبب بينه وبين قوله وأن الإجماع إلخ ( قوله ونقل القرافي إلخ ) هل يجري ما ذكر في الوجهين [ ص: 47 ] قوله دون العمل لنفسه ) أي مما يحفظ ( قوله أي مما علمت إلخ ) قد يشكل مع فرض علم النسبة وجميع الشروط الفرق بين المذاهب الأربعة وغيرها في تقييد غيرها بغير القضاء والإفتاء كما هو قضية هذا الكلام ( قوله بل قيل فسق إلخ ) الوجه خلافه ( قوله كأن أفتى إلخ ) في شرح م ر كأن أفتى شخص ببينونة زوجة بطلاقها مكرها ثم نكح بعد انقضاء عدتها أختها مقلدا أبا حنيفة بطلاق المكره ثم أفتاه شافعي بعدم الحنث فيمتنع عليه أن يطأ الأولى مقلدا للشافعي وأن يطأ الثانية مقلدا للحنفي لأن كلا من الإمامين لا يقول به حينئذ كما أوضح ذلك شيخنا الرملي رحمه الله تعالى في فتاويه رادا على من زعم خلافه مغترا بظاهر ما مر ( قوله ثم أفتى إلخ ) في هذا المثال نظر سيظهر ( قوله ثم استحقت عليه ) أي كأن باع ما أخذه بشفعة الجوار ثم اشتراه ولا [ ص: 48 ] يصح تصوير ذلك بما لو كان له داران فبيعت دار تجاور إحداهما فأخذها بشفعة الجوار ثم أراد هو بيع داره الأخرى وأراد تقليد الشافعي في منع أخذ جاره لها فله ذلك ؛ لأن هذه قضية أخرى كما يجوز أخذ جارها لها تقليدا لأبي حنيفة .

                                                                                                                              ( قوله لأن كلا من الإمامين إلخ ) فيه نظر في الأولى إذ قضية قول الثاني فيها أن الزوجة الأولى باقية في عصمته ، وأن الثانية لم تدخل في عصمته فالرجوع للأولى والإعراض عن الثانية من غير إبانة موافق لقوله فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو الأقوال ) أي بدليل فمن القولين أو الأقوال سم ( قوله للشافعي رضي الله تعالى عنه ) استعمال الترضي في غير الصحابة جائز كما هنا ، وإن كان الكثير استعمال الترضي في الصحابة والترحم في غيرهم ، ثم رأيت في كلام الشارح م ر قبيل زكاة النابت ما نصه ويسن الترضي والترحم على غير الأنبياء من الأخيار قال في المجموع ، وما قاله بعض العلماء من أن الترضي مختص بالصحابة والترحم بغيرهم ضعيف انتهى ا هـ ع ش ( قوله ذكر المجتهد ) إلى قوله وزعم أن في النهاية إلا قوله وأن الخلاف إلى ، ثم الراجح وما أنبه عليه ( قوله ذكر المجتهد إلخ ) لعل المراد بالمجتهد مجتهد المذهب الناقل لأقوال الإمام أو أن في العبارة مسامحة إذ ليس المراد أن المجتهد صاحب المذهب يقول في المسألة قولان مثلا الذي هو ظاهر العبارة كما لا يخفى فحق العبارة نقل الأصحاب لأقوال المجتهد مطلقين من غير ترجيح لإفادة إلخ ؛ لأن هذا هو الذي يتنزل عليه التفصيل الآتي الذي من جملته قوله ، ثم الراجح منهما إلخ وعبارة جمع الجوامع وإن نقل عن مجتهد قولان [ ص: 45 ] متعاقبان فالمتأخر قوله إلخ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله ما زاد ) أي على الإطلاق بحيث لا يكون واحدا منها ولا مركبا منها سم أي كما يأتي في الشارح ( قوله ولا ينحصر ) أي فائدة الذكر وتذكير الفعل ؛ لأن ما لا ينفك عن التاء كالمعرفة والنكرة يذكر ويؤنث كما نبه عليه العصام ( قوله بيان المدرك ) بضم الميم أي موضع الإدراك ومدارك الشرع مواضع طلب الأحكام ، والفقهاء يقولون في الواحد مدرك بفتح الميم وليس لتخريجه وجه قاله في المصباح لكن في حواشي الشنواني على شرح الشافية لشيخ الإسلام الغزي على الجاربردي أن المدرك بفتح الميم انتهى ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله وأن من رجح إلخ ) عطف على بيان المدرك ( قوله لم ينحصر فيها ) كذا فيما رأيت ويتوجه عليه أن عدم الانحصار لا يفهم من ذكرها حتى يكون من فوائدها ، وأن عدم الانحصار مناف لما نقله من قوله إبطال ما زاد ولو كانت العبارة هكذا وأن الخلاف انحصر فيها لم يكن زائدا على ما نقله بقوله إبطال ما زاد ، ويمكن أن يجاب بأن العبارة هي ما رأيت ومعناها أنه يفهم من ذكر الأقوال بمعونة ما في الأصول أن الخلاف لم ينحصر فيها بل يجوز إحداث قول زائد عليها بحيث لا يكون خارجا عنها بل مركبا منها فليتأمل سم ولا يخفى أن الإشكال قوي ، والجواب ضعيف ولذا أسقط النهاية هذه الفائدة ( قوله حتى يمنع إلخ ) تفريع على المنفي فالضمير المستتر للحصر ( قوله مفصلا ) اسم فاعل ( قوله من شقيه ) أي التفصيل ( قوله ما تأخر إلخ ) عبارة النهاية ما نص على رجحانه وإلا فما علم تأخره وإلا إلخ ( قوله وإلا فما نص على رجحانه ) يقتضي أن الراجح ما تأخر إن علم وإن نص على رجحان الأول وليس كذلك قطعا فلو عكس فقال ، ثم الراجح ما نص على رجحانه وإلا فما تأخر إن علم أصاب ، قاله ابن قاسم وهو مردود نقلا ومعنى أما نقلا فإن ما ذكره الشهاب ابن حجر هو الموافق لما في كتب المذهب كالروض وغيره وكتب الأصول كجمع الجوامع وغيره وإذا كان كذلك فكيف يقول وليس كذلك قطعا .

                                                                                                                              وأما معنى فلأن المتأخر أقوى من الترجيح ؛ لأن المجتهد إنما رجح الأول بحسب ما ظهر له وما ذكره ثانيا كالناسخ للأول بترجيحه ألا ترى أن المتأخر من أقواله صلى الله عليه وسلم ناسخ للمتقدم مطلقا وإن قال في المتقدم إنه واجب مستمر أبدا كما هو مقرر في الأصول فعلم أن الصواب ما صنعه الشهاب ابن حجر لا ما صنعه الشارح م ر الموافق لاعتراض ابن قاسم رشيدي أقول وكذا صنيع المغني موافق لصنيع التحفة كما يأتي لكن قوله أي الرشيدي وأما معنى إلخ فيه نظر فإنه لا يلاقي لاعتراض سم إذ مراده كما هو الظاهر المتبادر من سياقه المعلوم تأخره إذا نص عنده أو بعده على رجحان الأول لا يقدم على الأول قطعا خلافا لما يقتضيه صنيع الشارح ( قوله فما نص ) أي الشافعي ع ش ( قوله وإلا فما قال إلخ ) قضية هذا الصنيع أنه إذا فرع على أحد القولين ، ثم قال عنه إنه مدخول أو يلزمه فساد أنه يقدم ، وظاهر أنه غير مراد ، ثم رأيت الشهاب ابن قاسم سبق إلى ذلك رشيدي ( قوله مدخول ) أي فيه دخل أي نظر ع ش ( قوله وإلا فما وافق إلخ ) عبارة كنز البكري ولو وافق أخذ قوليه المطلقين مذهب مجتهد كان مرجحا بالنسبة [ ص: 46 ] للمقلد انتهى .

                                                                                                                              وعبارة المجموع وحكى القاضي الحسين فيما إذا كان للشافعي قولان أحدهما موافق أبا حنيفة وجهين أحدهما أن القول المخالف أولى ، وهذا قول الشيخ أبي حامد الإسفراييني قال الشافعي إنما خالفه لاطلاعه على موجب المخالفة والثاني القول الموافق أولى وهذا قول القفال ، وهو الأصح والمسألة مفروضة فيما إذا لم نجد مرجحا مما سبق انتهى ، وينبغي حمل تصحيحه على ما إذا لم يدل النظر الموافق لقواعد الشافعي على رجحان المخالف فليتأمل ، وقد يوافق كل منهما مذهب مجتهد سم بحذف ( قوله فهو لتكافؤ نظريه ) الجملة جواب فإن خلا إلخ ( قوله وهو يدل إلخ ) أي ذكر قولين متكافئينع ش ( قوله حذرا إلخ ) لعله مفعول له ليدل على دقة الورع ، وعبارة النهاية وحذرا إلخ بالواو والعاطفة على لتكافؤ نظريه ا هـ وهي ظاهرة .

                                                                                                                              ( قوله من ورطة هجوم ) أي من مفسدة هجوم والورطة لغة الهلاك ع ش ( قوله وزعم إلخ ) مبتدأ خبره قوله غلط ويصرح بالجواز أيضا قول المغني ما نصه وإن كان في المسألة قولان جديدان فالعمل بآخرهما ، فإن لم يعلم فبما رجحه الشافعي فإن قالهما في وقت واحد ، ثم عمل بإحداهما كان إبطالا للآخر عند المزني وقال غيره لا يكون إبطالا بل ترجيحا ، وهذا أولى واتفق ذلك للشافعي في نحو ست عشرة مسألة ، وإن لم يعلم هل قالهما معا أو مرتبا لزم البحث عن أرجحهما بشرط الأهلية فإن أشكل توقف فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله رده ) ضبب بينه وبين قوله وإن الإجماع إلخ سم ( قوله بتأليف إلخ ) متعلق بأفرد ( قوله ونقل القرافي ) إلى المتن في النهاية إلا قوله وهو وجيه وقوله وكان أخذ إلى ؛ لأن كلا وما أنبه عليه ( قوله ونقل القرافي إلخ ) أي المالكي ع ش ( قوله الإجماع على تخيير المقلد إلخ ) هل يجري ما ذكر في الوجهين سم ( قوله إذا لم يظهر ترجيح إلخ ) أي أما إذا ظهر ترجيح أحدهما فيجب العمل به ، وهو موافق في ذلك لقولهم العمل بالراجح واجب فما اشتهر من أنه يجوز العمل لنفسه بالأوجه الضعيفة كمقابل الأصح غير صحيح هكذا في حاشية شيخنا ع ش وفيه أمران الأول أن فرض المسألة في قولين لمجتهد واحد فلا ينتج أن الوجهين إذا تعدد قائلهما كذلك فقوله فما اشتهر إلخ تفريعا على ما هنا في مقام المنع .

                                                                                                                              وقولهم العمل بالراجح واجب إنما هو في قولين لإمام واحد كما يعلم من جمع الجوامع الذي هي عبارته كغيره على أن المراد بالعمل في قولهم المذكور ليس هو خصوص العمل للنفس بل المراد كونه المعمول به مطلقا كما لا يخفى الأمر الثاني أن قوله فما اشتهر إلخ كالصريح في أن هذه الشهرة ليس لها أصل ، وليس كذلك ففي فتاوى العلامة ابن حجر رحمه الله تعالى ما ملخصه بعد كلام أسلفه ، ثم مقتضى قول الروضة وإذا اختلف متبحران في مذهب إلخ أنه يجوز تقليد الوجه الضعيف في العمل ويؤيده إفتاء البلقيني بجواز تقليد ابن سريج في الدور ، وأن ذلك ينفع عند الله ويؤيده أيضا قول السبكي في الوقف في فتاويه : يجوز تقليد الوجه الضعيف في نفس الأمر بالنسبة للعمل في حق نفسه لا الفتوى والحكم فقد نقل ابن الصلاح الإجماع على أنه يجوز ا هـ فكلام الروضة السابق أي الموافق لما في الشرح هنا مع زيادة التصريح بالوجهين محمول بالنسبة للعمل بالوجهين على وجهين لقائل واحد أو شك في كونهما لقائل أو قائلين كما في قولي الإمام ؛ لأن المذهب منهما لم يتحرر للمقلد بطريق يعتمده أما إذا تحقق كونهما من اثنين خرج كل واحد منهما من هو أهل للترجيح فيجوز تقليد أحدهما إلى آخر ما ذكره رحمه الله تعالى ونفعنا به فتأمله حق التأمل وانظر إلى فرقة آخرا بين الوجهين لقائل واحد والوجهين لقائلين تعلم ما في تفريع شيخنا [ ص: 47 ] الذي قدمناه ، ثم رأيت العلامة المذكور بسط الكلام في ذلك في شرحه في كتاب القضاء أتم بسط بما يوافق ما في فتاويه فراجعه رشيدي

                                                                                                                              أقول ما نقله عن فتاوى الشارح وغيرها لا ينافي مقالة ع ش فإنه مطلق فيحمل على ما إذا لم يكن العامل من أهل ترجيح ظهر له ترجيح أحد الوجهين مثلا ، وأما ما ذكره أولا من أن فرض المسألة في قولين لمجتهد واحد فلا ينتج إلخ فيجاب عنه بأن حكم تعدد الوجوه يعلم من حكم تعدد الأقوال بطريق الأولى ( قوله منع ذلك ) أي التخيير ع ش ( قوله دون العمل لنفسه ) أي مما يحفظ سم ( قوله وبه يجمع ) أي بالمنع في القضاء والإفتاء والجواز في العمل لنفسه ( قوله يجوز إلخ ) أي التخيير ( قوله وأجرى السبكي ذلك ) أي التفصيل ، وقوله في العمل متعلق بأجرى إلخ وقوله بخلاف المذاهب الأربعة أي بغير المذاهب إلخ متعلق بالعمل ع ش ( قوله أي مما علمت إلخ ) قد يشكل مع فرض علم النسبة وجميع الشروط الفرق بين المذاهب الأربعة وغيرها في تقييد غيرها بغير القضاء والإفتاء كما هو قضية هذا الكلام سم ( قوله لمن يجوز تقليده ) وهو المجتهد كردي ( قوله وجميع شروطه ) عطف على نسبته وضمير عنده يرجع إلى العامل كردي والأصوب إلى من يجوز تقليده ( قوله على ذلك ) أي التفصيل المتضمن للمنع في القضاء والإفتاء ( قوله أي في قضاء أو إفتاء ) أي دون العمل لنفسه كردي ( قوله ومحل ذلك ) أي التفصيل المتضمن للجواز في العمل لنفسه عبارة الكردي أي التقليد في العمل لنفسه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ما لم يتتبع الرخص ) أي بأن يأخذ من كل مذهب بالأسهل منه ( قوله ربقة التكليف ) أي رباطه ( قوله بل قيل فسق ) والأوجه خلافه نهاية وسم أي فلا يكون فسقا وإن كان حراما ولا يلزم من الحرمة الفسق ع ش ( قوله ومحل ضعفه ) أي القول بالفسق عبارة النهاية محل الخلاف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا ينافي ذلك ) أي ما تضمنه قوله ومحل ذلك وغيره إلخ من جواز التقليد لإمام في مسألة بعد العمل فيها بقول إمام آخر ( قوله لتعين حمله إلخ ) علة لعدم المنافاة والضمير لما قاله الآمدي وابن الحاجب ( قوله تركب حقيقة إلخ ) وأما في مسألة بتمامها بجميع معتبراتها فيجوز ولو بعد العمل كأن أدى عبادته صحيحة عند بعض الأربعة دون غيره فله تقليده فيها حتى لا يلزم قضاؤها ديربي ا هـ .

                                                                                                                              بجيرمي ( قوله نحو ذلك ) أي نحو الحمل المذكور ( قوله خلافا للجلال المحلي ) أي في شرح جمع الجوامع ع ش أي حيث رجح الامتناع مطلقا في نفس الحادثة ومثلها وحمل قول الآمدي وابن الحاجب عليه ( قوله كأن أفتى إلخ ) عبارة النهاية كأن أفتى شخص ببينونة زوجة بطلاقها مكرها ، ثم نكح بعد انقضاء عدتها أختها مقلدا أبا حنيفة في طلاق المكره ، ثم أفتاه شافعي بعدم الحنث فيمتنع عليه أن يطأ الأولى مقلدا للشافعي وأن يطأ الثانية مقلدا للحنفي ؛ لأن كلا من الإمامين لا يقول به حينئذ كما أوضح ذلك الوالد رحمه الله تعالى في فتاويه رادا على من زعم خلافه مغترا بظاهر ما مر ا هـ قال الرشيدي قوله فيمتنع عليه أن يطأ الأولى ، وأن يطأ الثانية إلخ أي جامعا بينهما كما في صريح فتاوى والده بخلاف ما إذا أعرض عن الثانية أي وإن لم يبنها فإن له وطء الأولى تقليدا للشافعي كما نبه عليه الشهاب ابن قاسم رادا على الشهاب ابن حجر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ثم أفتى إلخ ) فيه نظر سيظهر سم ( قوله فأراد أن يرجع للأولى إلخ ) كون هذه يلزم فيها تركب قوله لا يقول به كل منهما محل تأمل نعم لو قيل ببقائه معهما كان واضحا بصري وتقدم عن الرشيدي ويأتي عن سم ما يوافقه ( قوله : ثم استحقت عليه ) كأن [ ص: 48 ] باع ما أخذه بشفعة الجوار ، ثم اشتراه ولا يصح تصوير ذلك بما لو كان له داران فبيعت دار تجاور إحداهما فأخذها بشفعة الجوار ، ثم أراد هو بيع داره الأخرى وأراد تقليد الشافعي في منع أخذ جاره لها فله ذلك ؛ لأن هذه قضية أخرى سم .

                                                                                                                              ( قوله فيمتنع فيهما ) أي يمتنع التقليد في مسألة الزوجة ومسألة الشفعة ( قوله لأن كلا من الإمامين إلخ ) فيه نظر في الأولى إذ قضية قول الثاني فيها أن الزوجة الأولى باقية في عصمته ، وأن الثانية لم تدخل في عصمته فالرجوع للأولى والإعراض عن الثانية من غير إبانة موافق لقوله فليتأمل سم على حج ا هـ ع ش وتقدم عن الرشيدي اعتماده وعن البصري ما يوافقه ( قوله لا يقول به ) أي بكل من جواز الأخذ بشفعة وعدمه ومن حل إحدى الأختين مع حل الأخرى كردي ( قوله بظاهر ما مر ) أي من جواز العمل لنفسه ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية