الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              تجب الصلاة بأول الوقت وجوبا موسعا إلى أن لا يبقى إلا ما يسعها كلها بشروطها ولا يجوز تأخيرها عن أوله إلا إن عزم على فعلها [ ص: 432 ] أثناءه ، وكذا كل واجب موسع قيل إنما يجب ذلك حيث لم يسن التأخير لا كالإبراد وفيه نظر ، ثم رأيت بعضهم رده بأنه يلزم مريد جمع التأخير الشامل للمندوب ، والجائز نيته وإلا عصى وكانت قضاء وكان وجه الرد به إن ندب التأخير لم يناف وجوب النية وإن اختلف ملحظ البابين ، والأولى في وجهه أن ندب التأخير عارض فلا يرفع حكم الواجب الأصلي وهو توقف جواز التأخير على العزم

                                                                                                                              وإذا أخرها بالنية ولم يظن موته فيه فمات لم يعص ؛ لأنه لم يقصر لكون الوقت محدودا ولم يخرجها عنه وبه فارق ما يأتي في الحج ومثله فائتة بعذر ؛ لأن وقتها العمر أيضا فإن قلت مر في النوم أنه لو توهم الفوت معه حرم فهل قياسه هذا حتى يتضيق بتوهم الفوت قلت نعم إلا أن يفرق بأن من شأن النوم التفويت فلم يجز إلا مع ظن الإدراك بخلافه هنا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ، والأولى في وجهه إلخ ) الوجه أن حاصل المقام فيمن له الجمع أن الواجب عليه في أول الوقت إما فعلها ، أو العزم على فعلها في الوقت أو نية تأخيرها ليجمعها مع الثانية في وقتها ، ثم إن اتفق فعلها في الوقت فذاك وإلا فلا بد من نية التأخير في وقت يسعها إن لم تتقدم هذه النية في أول الوقت ( قوله : حتى يتضيق بتوهم الفوت إلخ ) قال في العباب وإنما يتوسع الأداء إن لم يشرع فيها ولم يغلب على ظنه موته بعد قدرها وإلا تضيق ا هـ قال في شرحه وقضية كلام التحقيق وغيره أن الشك كالظن وهو قياس ما مر عن ابن الصلاح وغيره وهل يلحق بالموت نحو الجنون فيه نظر ، والأقرب الإلحاق ، ثم رأيت الإسنوي ذكر عنه ما يؤيد ذلك ( قوله : فلم يجز إلا مع ظن الإدراك ) صريح في جواز النوم مع ظن الإدراك في الوقت ومن لازم الجواز من ظن الإدراك احتمال توهم الفوت فهذا ينافي قوله ؛ لأنه لو توهم الفوت معه حرم ؛ لأن توهم الفوت صادق مع ظن الإدراك ، بل التوهم المصطلح لا يكون إلا مع ظن الإدراك [ ص: 433 ] فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : تجب الصلاة ) إلى قوله فإن قلت في النهاية ، والمغني إلا قوله ، وكذا إلى وإذا وقوله ومثله فائتة بعذر ( قوله : إلا إن عزم إلخ ) أي : فإن لم يعزم أثم وإن فعلها في الوقت وهذا عزم خاص ويجب عليه أيضا عزم عام وهو أن يعزم عقب البلوغ على فعل كل الواجبات [ ص: 432 ] وترك كل المعاصي كما صرح بذلك سم في الآيات البينات ع ش عبارة السيد البصري قوله إلا إن عزم إلخ أي على الأصح في شرح المهذب ، والتحقيق وصحح السبكي أنه لا يجب ابن شهبة ، وكذا صحح عدم الوجوب في جمع الجوامع وبالغ في منع الموانع فقال إن الإيجاب إثبات حكم بغير دليل شرعي ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : أثناءه ) أي : قبل خروج وقتها ( قوله : إنما يجب ذلك ) أي : العزم ( قوله : لا كالإبراد ) يعني لا في نحو الإبراد مما يسن فيه التأخير ( قوله : ثم رأيت بعضهم ) هو ابن شهبة بصري ( قوله : الشامل ) أي : جمع التأخير ( قوله : للمندوب ) أي : كما للواقف بعرفة المسافر سفر قصر ( قوله : والأولى في وجهه إلخ ) الوجه أن حاصل المقام فيمن له الجمع أن الواجب عليه في أول الوقت إما فعلها ، أو العزم على فعلها في الوقت ، أو نية تأخيرها ليجمعها مع الثانية في وقتها ، ثم إن اتفق فعلها في الوقت فذاك وإلا فلا بد من نية التأخير في وقت يسعها إن لم تتقدم هذه النية في أول الوقت سم ( قوله : في وجهه ) أي : وجه رد القيل المذكور ( قوله : ولم يظن موته فيه إلخ ) فإن غلب على ظنه أنه يموت في أثناء الوقت بعد مضي قدرها كأن لزمه قود فطالبه ولي الدم باستيفائه فأمر الإمام بقتله تعينت الصلاة في أول الوقت فيعصي بتأخيرها عنه ؛ لأن الوقت تضيق عليه بظنه وقضية كلام التحقيق أن الشك كالظن مغني ونهاية زاد سم عن العباب وشرحه ما نصه وهل يلحق بالموت نحو الجنون فيه نظر ، والأقرب الإلحاق ، ثم رأيت الإسنوي ذكر ما يؤيد ذلك ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : فمات ) أي : في أثناء الوقت وقد بقي منه ما يسعها قبل فعلها مغني ونهاية ( قوله : وبه ) أي : بقوله لكون الوقت إلخ ( قوله : ما يأتي في الحج ) أي : من أنه يفسق إن مات ولم يحج كردي ( قوله : ومثله ) أي مثل الحج فيما يأتي فيه ( قوله : فائتة بعذر إلخ ) أي : من صلاة ومثلها الصوم ومقتضى هذا التشبيه أنه بالموت يتبين إثمه من آخر وقت الإمكان ع ش ( قوله : فإن قلت إلخ ) راجع إلى قوله وإذا أخرها بالنية إلخ

                                                                                                                              ( قوله : مر في النوم إلخ ) قد يقال الذي مر جوازه عند غلبة ظن الاستيقاظ وهي لا تنافي توهم عدم الاستيقاظ فلو أبدل التوهم بالشك لكان حسنا لتمامه مع كفايته في الإيراد على ما هنا فليتأمل بصري ويأتي عن سم مثله وعبارة ع ش بعد سوق كلام الشارح نصه وقضية قول الشارح م ر فإن غلب على ظنه موته في أثناء الوقت أو شك في ذلك إلخ أنه لو توهم موته لم يأثم بالتأخير بناء على ما اقتضاه العطف للشك على الظن أن المراد به استواء الطرفين فلا يكون التوهم ملحقا بتوهم الفوات بالنوم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فهل قياسه هذا ) أي : قياس الفوت بالنوم الفوت بنحو الموت ( قوله : حتى يتضيق ) أي : وقت الأداء سم ( قوله : بتوهم الفوت ) أي : بغير النوم ع ش ( قوله : فلم يجز إلا مع ظن الإدراك ) هذا صريح في جواز النوم مع ظن الإدراك في الوقت ومن لازم الجواز مع ظن الإدراك احتمال توهم الفوت فهذا ينافي قوله إنه لو توهم الفوت معه حرم ؛ لأن توهم الفوت صادق مع ظن الإدراك ، بل التوهم المصطلح لا يكون إلا مع ظن الإدراك فليتأمل سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية