الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا ) قضاء ( على ) شخص ( ذي حيض ) ، أو نفاس ولو في ردة كما مر إذا طهر ، بل يحرم عليه كما مر أول الحيض ( أو ) ذي ( جنون أو إغماء ) ، أو سكر بلا تعد إذا أفاق إلا في زمن الردة كما مر ( بخلاف ) ذي ( السكر ) ، أو الجنون ، أو الإغماء المتعدي به إذا أفاق منه فإنه يلزمه القضاء وإن ظن متناول المسكر أنه لقلته لا يسكره لتعديه ، وكذا يجب القضاء على من أغمي عليه أو سكر بتعد ، ثم جن ، أو أغمي عليه أو سكر بلا تعد مدة ما تعدى به وإن عرف وإلا فما ينتهي إليه السكر غالبا ، والإغماء بمعرفة الأطباء لا ما بعده بخلاف مدة جنون المرتد كما مر ؛ لأن من جن في ردته مرتد في جنونه حكما ومن جن مثلا في سكره ليس بسكران في دوام جنونه قطعا وظاهر ما تقرر أن الإغماء يقبل طرو إغماء آخر عليه دون الجنون وأنه يمكن تمييز انتهاء الأول بعد طرو الثاني عليه وفي تصور ذلك بعد إلا أن يقال إن الإغماء مرض وللأطباء دخل في تمايز أنواعه ومددها بخلاف الجنون [ ص: 454 ]

                                                                                                                              وقد يعكر عليه ما أفهمه كلامهم أيضا من دخول سكر على سكر إلا أن يقال إن السكر يتميز خارجا بالشدة ، والضعف فالتمييز بين أنواعه ممكن ويندب القضاء لنحو مجنون لا يلزمه ، ثم وقت الضرورة السابق أنه يجري في سائر الصلوات هو وقت زوال مانع الوجوب

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولا على ذي حيض ) أي : لكن يصح قضاء الحائض كما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي ( قوله : بل يحرم ) أي : أو يكره ( قوله : أو ذي جنون ) في فتاوى السيوطي المجنون هل يجوز له قضاء ما فاته إذا أفاق من صلاة ، أو صوم أم يستحب أم يكره الجواب القضاء للمجنون مستحب ذكره في المهمات [ ص: 454 ] انتهى وسيأتي في كلام الشارح التصريح بندبه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : شخص ) دفع به كالمحلي ما يرد على المتن من أن الحيض صفة المرأة فالمناسب للمصنف أن يقول ذات حيض وإنما عبر المصنف بذلك المحوج للتأويل لعطف الجنون الشامل للذكر ، والأنثى على الحيض ع ش ( قوله : أو نفاس إلى قوله وظاهر إلخ ) في المغني إلا قوله ، بل يحرم إلى المتن وإلى قوله وقد يعكر في النهاية إلا ما ذكر ( قوله : بل يحرم ) اعتمد الشهاب الرملي ، والنهاية ، والمغني و سم الكراهة ، والانعقاد ( قوله : أو ذي جنون ، أو إغماء إلخ ) سواء قل زمن ذلك أم طال وإنما وجب قضاء الصوم على من استغرق إغماؤه جميع النهار لما في قضاء الصلاة من الحرج لكثرتها بتكررها بخلاف الصوم نهاية ومغني ( قوله : أو سكر ) ومثل ما ذكر المعتوه ، والمبرسم مغني ونهاية وشرح بافضل وفي القاموس المعتوه هو ناقص العقل ، أو فاسده ، والمبرسم هو الذي أصابته علة يهذي فيها ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : بلا تعد ) انظر هل من الجنون بالتعدي الحاصل لمن يتعاطى الخلاوى ، والأوراد بغير طريق موصل لذلك أو لا ؟ الأقرب الثاني ؛ لأن ضابط التعدي أن يعلم ترتب الجنون على ما تعاطاه ويفعله وهذا ليس كذلك ع ش ( قوله : المتعدي به ) فلو جهل كونه محرما ، أو أكره عليه ، أو أكله ليقطع غيره بعد زوال عقله يدا له مثلا متآكلة لم يكن متعديا فيسقط عنه القضاء لعذره نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر ، أو أكله ومثله ما لو أطعمه غيره لذلك ولم يعلم به ويبقى الكلام في أن الفاعل هل يجوز له ذلك لما فيه من المصلحة للآكل ، أو لا ؟ ؛ لأنه ليس له التصرف في بدن غيره فيه نظر ولا يبعد الأول لقصد الإصلاح المذكور حيث كان عالما بأسباب المصلحة ، أو أخبره بها ثقة ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : وإن ظن إلخ ) ظاهره وإن استند ظنه لخبر عدل ، أو عدول وينبغي خلافه ع ش وقوله وينبغي إلخ فيه نظر ( قوله : إن عرف ) أي : أمد ما تعدى به ( قوله : غالبا ) توجيهه أن السكر له أمد ينتهي به وينتفي عنده بخلاف الردة فإنها لا تنتهي ولا تنتفي إلا بالإسلام ولم يوجد بصري ( قوله : وكذا يجب القضاء على من أغمي عليه إلخ ) اعلم أن القسمة العقلية تقتضي ستا وثلاثين صورة من ضرب الجنون ، والإغماء ، والسكر في نفسها وضرب التسعة الحاصلة في الوقوع في الردة ، والوقوع في غيرها وضرب الثمانية عشر الحاصلة في اثنين التعدي وعدمه فالجملة ما ذكره فالواقع في الردة يجب فيه القضاء مطلقا ، والواقع في غيرها يجب فيه القضاء مع التعدي ولا يجب مع عدمه وغير المتعدي به الواقع في المتعدي به يجب فيه القضاء مدة المتعدي به فقط مدابغي ا هـ بجيرمي ( قوله : والإغماء ) عطف على السكر ( قوله : لا ما بعده ) الأولى التأنيث

                                                                                                                              ( قوله : وظاهر ما تقرر ) وهو قوله ، وكذا يجب القضاء على من أغمي عليه إلخ ( قوله : بخلاف الجنون ) لا شبهة أن منه ما هو مريض بصري عبارة ع ش قد يعارضه قولهم في زوال العقل إذا أخبر الأطباء بعوده انتظر وقد يجاب بأنه لا يلزم من ظهور علامات لهم يستدلون بها على إمكان العود دخول جنون على جنون ؛ لأن الأول حصل به زوال العقل وحيث زال فلا يمكن تكرره ما دام الجنون قائما ؛ لأن العقل شيء واحد فلا يمكن [ ص: 454 ] تكرر زواله ا هـ وقد يمنع هذا الجواب بتنوع الجنون كالإغماء ، والسكر كما يأتي في الشارح ( قوله : وقد يعكر عليه ) أي : يشكل على الجواب عن بعد تصور التمييز ، والحاصل أن الاعتراض ببعد تصور التمييز جار في دخول سكر على سكر مع عدم جريان ذلك الجواب فيه ما قاله الكردي ، والظاهر ، بل المتعين أن ضمير عليه راجع إلى قوله بخلاف الجنون ، والحاصل أن الجنون نظير السكر وقد أفهم كلامهم السابق آنفا دخول سكر على سكر

                                                                                                                              ( قوله : يتميز خارجا إلخ ) قد يقال ، والجنون كذلك ، والحاصل أن الذي يظهر أن محمل كلامهم المذكور على مجرد التصوير لا قصد الاحتراز أي فيتصور طرو جنون على آخر بصري وهو صريح فيما قلته آنفا في مرجع ضمير عليه ( قوله : ويندب ) إلى قوله ومن شروطها في النهاية ، والمغني إلا قوله آخر وقوله القاصر ( قوله : لنحو مجنون ) أي : كالمغمى عليه ، والسكران وقوله لا يلزمه أي لعدم التعدي ( قوله : السابق أنه إلخ ) صفة وقت الضرورة و ( قوله : هو وقت إلخ ) خبره قوله : مانع الوجوب بين به أن في التعبير بالأسباب تجوزا ولعل العلاقة الضدية فإن المانع مضاد للسبب ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية