الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو ) طرأ مانع كأن ( حاضت ) أو نفست ( أو جن ) ، أو أغمي عليه ( أول الوقت ) واستغرقه ( وجبت تلك ) الصلاة ( إن ) كان قد ( أدرك ) من الوقت قبل طرو مانعه فالأول في كلامه نسبي بدليل ما عقبه به فلا اعتراض عليه ( قدر الفرض ) الذي يلزمه بأخف ممكن مع إدراك زمن طهر يمتنع تقديمه كتيمم وطهر سلس [ ص: 458 ] بخلاف غيره ؛ لأنه كان يمكنه تقديمه وقد عهد التكليف بالمقدمة قبل دخول الوقت كالسعي إلى الجمعة قبل وقتها على بعيد الدار وبه يعلم أنه لا فرق هنا بين الصبي ، والكافر وغيرهما ، وادعاء أن الصبي غير مكلف به وأن التخفيف على الكافر اقتضى اعتبار قدر الطهر في حقه بعد الوقت مطلقا يرده في الأول أنهم لو نظروا للتكليف لم يعتبروا الإمكان قبل الوقت مطلقا ، وفي الثاني أنه مكلف كالمسلم فكما اعتبروا الإمكان في المسلم فكذا فيه ، والتخفيف عليه إنما يكون في أمر انقضى بجميع آثاره قبل الإسلام وما هنا ليس كذلك فتأمله ويجب معها ما قبلها إن جمعت معها وأدرك قدرها أيضا دون ما بعدها مطلقا ؛ لأن وقت الأولى لا يصلح للثانية إلا في الجمع ووقت الثانية يصلح للأولى مطلقا وكالأول ما لو طرأ المانع أثناءه كما علم مما تقرر

                                                                                                                              وأما إذا زال أثناءه فالحكم كذلك لكن لا يتأتى استثناء طهر لا يمكن تقديمه في غير الصبي ، والكافر ( وإلا ) يدرك ذلك ( فلا ) يجب لانتفاء التمكن واشترطوا هنا قدر الفرض وفي الآخر قدر التحرم ؛ لأن ما هناك إزالة فيمكنه البناء بعد الوقت ولا كذلك هنا فاشترط تمكنه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : واستغرقه ) أي استغرق ما بقي منه بعد الطرو لا جميعه وإلا نافى قوله وجبت تلك إن أدرك قدر الفرض ( قوله : نسبي ) إذ مع [ ص: 458 ] إدراك قدر الفرض من أوله قبل طرو المانع لا يتصور وجود المانع في أوله الحقيقي ( قوله : بخلاف غيره ) أي : فلا يشترط إدراك قدر زمنه وهل مثله الستر ، والاجتهاد فيه نظر وقد يفرق م ر ( قوله : بين الصبي ، والكافر ) لعل صورة ذلك أن يبلغ الصبي ، أو يسلم الكافر أول الوقت فيهما ، ثم يطرأ له نحو جنون ( قوله : لو نظروا للتكليف إلخ ) وأيضا فقد يقوم مقام التكليف هنا وجوب أمر الولي وضربه للصبي على نحو الطهارة أيضا ( قوله : مطلقا ) أي : حتى في حق المكلف ؛ لأنه قبل الوقت غير مكلف

                                                                                                                              ( قوله : إنما يكون إلخ ) إن أراد إنما يتصور فبطلانه واضح ، أو إنما يطلب فهو أول المسألة اللهم إلا أن يختار الثاني ويكون مقصوده مجرد المنع فتأمله ( قوله : وكالأول إلخ ) قد لا يحتاج لهذا مع قوله السابق فالأول في كلامه نسبي ( قوله : في غير الصبي ) هلا قال ، والكافر على قياس ما تقدم له فيه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ولو طرأ مانع إلخ ) ومعلوم أنه لا يمكن طريان الصبا ، والكفر الأصلي نهاية ومغني عبارة البجيرمي لم يقل الموانع لعدم تأتي الجميع هنا كالكفر الأصلي ، والصبا وأيضا طرو واحد منها كاف وإن انتفى غيره بخلاف الزوال فإنه إنما تجب الصلاة معه إذا انتفت كلها ع ش و ( قوله : أو أغمي إلخ ) أي : أو سكر بلا تعد ع ش ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : واستغرقه ) أي استغرق ما بقي منه بعد الطرو نهاية ومغني و سم ( قوله : تلك الصلاة ) أي : لا الثانية التي تجمع معها نهاية ومغني ( قوله : إن كان قد أدرك إلخ ) أي : لتمكنه من الفعل في الوقت فلا يسقط بما يطرأ بعده كما لو هلك النصاب بعد الحول وإمكان الأداء فإن الزكاة لا تسقط مغني ونهاية ( قوله : فالأول ) أي لفظ الأول و ( قوله : في كلامه ) أي المصنف ( وقوله نسبي ) أي : إذ المراد به ما قابل الآخرون حقيقة الأول ؛ لأن حقيقة الأول لا يمكن أن يدرك معها فرضا ولا ركعة ع ش و سم ( قوله : بدليل ما عقبه به ) وهو إن أدرك إلخ

                                                                                                                              ( قوله : بأخف ممكن ) أي من فعل نفسه ع ش ومحلي ( قوله : يمتنع تقديمه إلخ ) ومن الطهر الممتنع تقديمه فيما يظهر طهر من زال مانعه وليس صبيا مع أول الوقت فيعتبر مضي زمن يسعه وكان وجه اقتصاره على الطهر مع قوله بالتعميم المار عدم الاحتياج إليه هنا إذ لا يتأتى في غيره من الشروط امتناع تقديمه على الوقت ، ثم رأيت ابن شهبة قال ما لفظه قال الإسنوي ، والتمثيل بهذين يعني التيمم ودوام الحدث قد يوهم اختصاص ذلك بمن فيه مانع من رفع الحدث لكن الحيض ، والنفاس ، والإغماء ونحوها لا يمكن معها فعل الطهارة فيتجه إلحاقها بهما حتى إذا طهرت الحائض مثلا في آخر الوقت [ ص: 458 ] ثم جنت بعد إدراك مقدار الصلاة خاصة فينبغي عدم الوجوب ا هـ وهذا إشارة إلى ما بحثته أولا فالحمد لله على ذلك بصري ( قوله : بخلاف غيره ) أي : فلا يشترط إدراك قدر زمنه سم عبارة المغني أما الطهارة التي يمكن تقديمها على الوقت فلا يعتبر مضي زمن يسعها ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : وبه يعلم ) أي : بالتعليل ( قوله : لا فرق إلخ ) أي : في عدم اشتراط إدراك قدر طهر يمكن تقديمه ( قوله : بين الصبي ، والكافر ) لعل صورة ذلك أن يبلغ الصبي ، أو يسلم الكافر أول الوقت فيهما ، ثم يطرأ له نحو جنون سم ( قوله : غير مكلف به ) أي : بالطهر ( قوله : مطلقا ) أي : أمكن تقديمه ، أو لا ( قوله : يرده ) أي : الادعاء ( في الأول ) أي الصبي ( قوله : لو نظروا للتكليف إلخ ) وأيضا فقد يقوم مقام التكليف هنا وجوب أمر الولي وضربه للصبي على نحو الطهارة أيضا سم وفيه أن وجوب ذلك على الولي إنما هو بعد الوقت كما هو ظاهر ويأتي في الشرح آنفا ( قوله : مطلقا ) أي : حتى في حق المكلف ؛ لأنه قبل الوقت غير مكلف سم أي بالطهر ( قوله : أنه ) أي الكافر ( قوله : إنما يكون إلخ ) أي : إن أراد إنما يتصور فبطلانه واضح أو إنما يطلب فهو أول المسألة اللهم إلا أن يختار الثاني ويكون مقصوده مجرد المنع فتأمله سم ( قوله : ويجب معها ) أي : مع الصلاة التي طرأ المانع في أول وقتها ( قوله : وأدرك قدرها إلخ ) أي : وإلا بأن أدرك قدر الفرض الثاني دونها فيجب الثاني فقط نهاية قال ع ش لا يقال لا حاجة إلى إدراك قدر الفرض من وقت العصر ؛ لأنه وجب بإدراكه في وقت نفسه إذ الفرض أن المانع إنما طرأ في وقت الثانية فيلزم الخلو منه في وقت الأولى ؛ لأنا نقول لا يلزم ذلك لجواز أن يكون المانع قائما به في وقت الأولى كله كما لو أسلم الكافر ، أو بلغ الصبي بعد دخول وقت العصر مثلا ، ثم جن ، أو حاضت فيه ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : دون ما بعدها مطلقا ) أي : جمعت مع الفرض الأول أم لا ( قوله : يصلح للأولى مطلقا ) أي : في الجمع وفي القضاء وأيضا وقت الأولى في الجمع وقت الثانية تبعا بخلاف العكس بدليل عدم جواز تقديم الثانية في جمع التقديم وجواز تقديم الأولى ، بل وجوبه على وجه في جمع التأخير نهاية ومغني ( قوله : وكالأول إلخ ) قد لا يحتاج لهذا مع قوله السابق فالأول في كلامه نسبي سم وقد يجاب بأن الشارح أشار إليه بقوله كما علم مما تقرر وإنما أعاده هنا تمهيدا لقوله أما إذا زال إلخ ( قوله : أثناءه ) أي : الوقت ( قوله : أما إذا زال ) إلى قوله واشترطوا في المغني ( قوله : زال أثناءه ) أي : زال المانع في أثناء الوقت القدر المذكور مغني لعل المراد بالأثناء هنا مقابل الآخر فيشمل الأول كما يأتي في الشارح عن أصل الروضة

                                                                                                                              ( قوله : كذلك ) أي كطرو المانع في أول الوقت في تفصيله المتقدم ( قوله : لكن لا يتأتى استثناء طهر إلخ ) أي : بل يعتبر في غير الصبي ، والكافر الأصلي من نحو الحائض ، والمجنون إدراك الطهر مطلقا فإن نحو الحيض ، والجنون لا يمكن معه فعل الطهارة وإنما عبر بالاستثناء ؛ لأن قولهم السابق يمتنع تقديمه إلخ في قوة إلا طهرا لا يمكن تقديمه فعلم بذلك أن قوله لا يمكن تقديمه صوابه يمكن إلخ بحذف لا كما في المغني والله أعلم ( قوله : ذلك ) أي : قدر الفرض كما وصفنا مغني ونهاية ( قوله : لانتفاء التمكن ) أي : كما لو هلك النصاب قبل التمكن مغني ( قوله : هنا ) أي : في طرو المانع في أول الوقت و ( قوله : وفي الآخر ) أي : في زوال الموانع في آخر الوقت ( قوله : إزالة ) أي : إزالة الله تعالى المانع كردي ( قوله : تمكنه ) أي : من فعل الفرض بإدراك زمنه ( قوله : في الصبي إلخ ) اعتمد م ر أنه لا يشترط فيه إذا زال صباه في آخر الوقت ، أو أوله خلوه من الموانع قدر إمكان [ ص: 459 ] طهارة يمكن تقديمها وهي طهارة الرفاهية وفي شرح الروض ما يؤيده ، والوجه وفاقا للبرلسي والطبلاوي وابن حجر خلافه سم على المنهج بصري




                                                                                                                              الخدمات العلمية