الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وللقادر التنفل ) ولو نحو عيد ( قاعدا ) إجماعا ولكثرة النوافل ( وكذا مضطجعا ) والأفضل كونه على اليمين ( في الأصح ) لحديث البخاري { صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم وصلاة النائم أي المضطجع على النصف من صلاة القاعد } ومحله في القادر وفي غير نبينا صلى الله عليه وسلم إذ من خصائصه أن تطوعه غير قائم كهو قائما لأنه مأمون الكسل ويلزم المضطجع القعود للركوع والسجود أما مستلقيا فلا يصح مع إمكان الاضطجاع وإن تم ركوعه وسجوده لعدم وروده [ ص: 28 ] أي والنائم إنما يتبادر منه المضطجع وتردد غير واحد في عشرين ركعة من قعود هل تساوي عشرا من قيام والذي يتجه أن العشرين أفضل من حيث كثرة القراءة والتسابيح ومحالها والعشر أفضل من حيث زيادة القيام لأنه أفضل أركان الصلاة للحديث الصحيح { أفضل الصلاة طول القنوت } ولأن ذكره وهو القراءة أفضل من ذكر غيره وكون المصلي أقرب ما يكون من ربه إذا كان ساجدا إنما هو بالنسبة لاستجابة الدعاء فيه فلا ينافي أفضلية القيام .

                                                                                                                              والحاصل أن تطويله أفضل من تكرير غيره كالسجود دون الكلام فيما إذا استوى الزمنان فالزمن المصروف لطول القيام أفضل من الزمن المصروف لتكرير السجود فإن قلت ما الأفضل من تينك الزيادتين قلت هذا الخبر يقتضي القيام وخبر { ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم } يفهم استواءهما وكون المنطوق أقوى من المفهوم يرجح الأولى لا سيما والخبر الثاني طعن في سنده وادعي نسخه وفي المجموع وإطالة القيام أفضل من تكثير الركعات وللمتنفل قراءة الفاتحة في هويه وإن وصل لحد الراكع فيما يظهر لأن هذا أقرب للقيام من الجلوس ومن ثم لزم العجز كما أمر نعم ينبغي أنه لا يحسب ركوعه إلا بزيادة انحناء له بعد فراغ قراءته لئلا يلزم اتحاد ركني القيام والركوع ويحتمل أنه لا يشترط ذلك بل يكفي زيادة طمأنينة بقصده ولا بعد في ذلك الاتحاد ألا ترى أن المصلي قاعدا نفلا يتحد محل تشهده الأول وقيامه ويتميزان بذكرهما وكون ما هنا سنة وركنا وما هناك ركنا ليس له كبير تأثير في الفرق ثم رأيت بعضهم بحث الأول وأخذه من قولهم أن الإتيان بالتحرم في حال الركوع أي صورته مناف للفرض لا للنفل فإذا جاز تحرمه في الركوع فقراءته كذلك لكن ينبغي تقييده بما ذكرته وبعضهم أفتى في قاعد انحنى عن القعود بحيث لا يسمى قاعدا أنه يصح ويزيد انحناء للركوع بحيث لا يبلغ مسجده وهو صريح فيما قيدت به ما مر واعتراضه [ ص: 29 ] بقولهم إن المضطجع يرتفع للركوع كقاعد يرد بأنه لا يمكن هنا الركوع مما هو فيه فلزمه الارتفاع إلى المرتبة التي قبله ثم الركوع فيها بخلافه في مسألتنا وبعضهم جوز لمريد سجدة التلاوة في النفل قراءة الفاتحة في هويه إلى وصوله للسجود .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله والعشر أفضل إلخ ) أفتى شيخنا الشهاب الرملي بأن العشر أفضل ( قوله أقوى من المفهوم ) في كون ذلك من قبيل المفهوم الاصطلاحي نظر ( قوله نعم ينبغي أن لا يحسب ركوعه إلخ ) الظاهر أن هذا الكلام كله فيما إذا أراد الركوع من قيام أما إذا أراد أن يستمر هاويا إلى الجلوس ثم يركع من جلوس فلا مانع من ذلك وإن قرأ الفاتحة في جميع هويه ولم يكملها إلا بعد جلوسه ( قوله لا للنفل إلخ ) أفتى شيخنا الشهاب الرملي بجواز الإحرام بالنفل في نهوضه إلى القيام وبامتناع القراءة فيه في نهوضه إلى القيام واستشكل أحدهما بالآخر وفرق بأنه في الأول لم يدخل في الصلاة بعد فوسع فيه بخلافه في الثاني [ ص: 29 ] وفي الإفتاء الثاني نظر لعدم اشتراط القيام في النفل ، وكذا في الفرق لأنه بتمام الإحرام بتبين الدخول من أوله ولأنه يعتبر له ما يعتبر للصلاة كاجتناب المفسدات على أنه قد ينعكس الفرق لأنه يحتاط للانعقاد ما لا يحتاط لغيره ، ألا ترى أنه لو شرك في تكبيرة الإحرام معه غيره بأن قصد مع الإحرام غيره ضر بخلاف ما لو قصد بالركن كالقراءة الركن وغيره فإنه لا يضر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والقادر ) أي على القيام ( التنفل ) سواء الرواتب وغيرها وما تسن فيه الجماعة وما لا تسن فيه شيخنا ونهاية ومغني ( قوله ولو نحو عيد ) إلى قوله وفي غير نبينا في المغني وإلى قوله والذي يتجه في النهاية ( قوله ولو نحو عيد ) أي كالكسوفين والاستسقاء نهاية ومغني قول المتن ( وكذا مضطجعا ) أي مع القدرة على القيام نهاية ومغني ( قوله لحديث البخاري إلخ ) وهو وارد فيمن صلى النفل كذلك نهاية أي غير قائم مع القدرة على القيام ( قوله ومحله إلخ ) أي محل نقصان أجر القاعد والمضطجع عند القدرة وإلا فلا ينقص من أجرهما شيء مغني وشيخنا ( قوله أن تطوعه إلخ ) أي مع قدرته نهاية ( قوله لأنه مأمون إلخ ) محل تأمل ( قوله ويلزم ) إلى قوله وإن تم في المغني ( قوله القعود للركوع والسجود ) أي ليأتي بهما تأمين ع ش عبارة البجيرمي على المنهج انظر حكم الجلوس بين السجدتين هل يقعد له أو يكفيه الاضطجاع فيه تأمل ثم رأيت في الإيعاب ويكفيه الاضطجاع بين السجدتين وفي الاعتدال شوبري ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلا يصح إلخ ) بخلاف الانحناء فإنه لا يمتنع فيما يظهر خلافا للإسنوي لأنه أكمل من القعود نعم إذ قرأ فيه أي الانحناء وأراد أن يجعله للركوع اشترط كما هو ظاهر مضي جزء منه بعد القراءة وهو مطمئن ليكون عن الركوع إذ ما قارنها لا يمكن حسبانه عنه نهاية .

                                                                                                                              ( قوله وإن تم ركوعه إلخ ) عبارة غيره أتم من [ ص: 28 ] الإتمام ( قوله أي والنائم إلخ ) جواب سؤال منشؤه قوله لعدم إلخ ( قوله والذي يتجه إلخ ) والمعتمد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى تفضيل العشر من قيام لأنها أشق نهاية وسم ويأتي في آخر كلام الشارح ما يوافقه ( قوله طول القنوت ) أي القيام نهاية ( قوله والحاصل إلخ ) لو أراد حاصل الذي يتجه إلخ كما هو ظاهر فهو مع عدم انفهامه منه كان حقه أن يؤخر عن قوله قلت هذا إلخ ولو أراد حاصل الخبر الصحيح فلا يناسب إدراج قوله وأن الكلام إلخ في الحاصل ( قوله هذا الخبر ) أي أفضل الصلاة طول القنوت ( قوله أقوى من المفهوم إلخ ) في كون ذلك من المفهوم الاصطلاحي نظر سم ( قوله يرجح الأولى ) تقدم عن النهاية ما يوافقه قال ع ش والكلام في النفل المطلق أما غيره كالرواتب والوتر فالمحافظة على العدد المطلوب فيه أفضل ففعل الوتر إحدى عشرة في الزمن القصير أفضل من فعل ثلاثة مثلا في قيام يزيد على زمن ذلك العدد لكون العدد فيما ذكر بخصوصه مطلوبا للشارع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وللمتنفل ) إلى قوله ومن ثم في النهاية كما مر ( قوله لزم ) أي حد الركوع ( قوله كما مر ) أي في المتن ( قوله نعم ينبغي إلخ ) الظاهر أن هذا الكلام محله فيما إذا أراد الركوع من قيام أما إذا أراد أن يستمر هاويا إلى الجلوس ثم يركع من جلوس فلا مانع من ذلك وإن قرأ الفاتحة في جميع هويه ولم يكملها إلا بعد جلوسه سم ( قوله ويحتمل إلخ ) اعتمده النهاية كما مر ( قوله بحث الأول ) أي قوله وللمتنفل إلى ومن ثم ( قوله إلا للنفل إلخ ) عبارة النهاية وسئل الوالد رحمه الله تعالى عمن يصلي النفل قائما هل يجوز له أن يكبر للإحرام حال قيامه قبل اعتداله وتنعقد به صلاته أو لا فأجاب بأنه يجوز له تكبيرته المذكورة وتنعقد بها صلاته لأنه يجوز له أن يأتي في حالة أدنى من حالته ولو في حال اضطجاعه ثم يصلي قائما ولا ينافي هذا ما أفتى به سابقا من إجزاء قراءته في هويه للجلوس دون عكسه لأنه هنا لم يدخل في الصلاة إذ لا يتم دخوله فيها إلا بتمام تكبيره بخلاف مسألة القراءة فسومح هنا ما لم يسامح به ثم ا هـ قال سم وفي إفتائه بامتناع القراءة في النفل في نهوضه إلى القيام نظر لعدم اشتراط القيام في النفل وكذا في الفرق لأنه بتمام الإحرام يتبين الدخول من أوله ولأنه يعتبر له ما يعتبر للصلاة كاجتناب المفسدات على أنه قد ينعكس الفرق لأنه يحتاط للانعقاد ما لا يحتاط لغيره ألا ترى أنه لو شرك في تكبيرة الإحرام معه غيره بأن قصد مع الإحرام غيره ضر بخلاف ما لو قصد بالركن كالقراءة الركن وغيره فإنه لا يضر ا هـ .

                                                                                                                              وفي ع ش والرشيدي ما يوافقه في النظر الأول حيث قالا واللفظ للأول وفيه نظر لأنه وإن كان صائرا لما هو أكمل فليس بواجب لجواز فعل النفل جالسا فالقياس جواز قراءته في النهوض كما تجوز في الهوي إلى القعود ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله تقييده ) أي هذا البحث بما ذكر يعني به قوله نعم ينبغي أنه لا يحسب ركوعه إلا بزيادة انحناء له بعد فراغ قراءته ( قوله وبعضهم إلخ ) عطف على قوله بعضهم بحث إلخ كردي ( قوله انحنى عن القعود إلخ ) لعله فيما إذا عجز عن القعود وإلا فينافي ما تقدم في شرح بحيث لا يسمى قائما لم يصح ، ويحتمل أنه على إطلاقه وإنما المقصود من حكايته آخره وهو قوله ويزيد انحناء وإن كان إطلاق أوله غير مرضي له ( قوله فيما قيدت به ) وهو قوله نعم ينبغي إلخ ( قوله واعتراضه ) أي الإفتاء المذكور أو التقييد المذكور ( قوله [ ص: 29 ] بقولهم إن المضطجع إلخ ) أي فقياسه في مسألتنا أن ينتصب ثم يركع ( قوله هناك ) أي في الاضطجاع ( قوله قراءة الفاتحة في هويه ) صورته أن يتذكر في هويه لسجود التلاوة أنه ترك الفاتحة أو شك فيها فيقرؤها في الهوي كردي




                                                                                                                              الخدمات العلمية