الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            فصل فيما قيل من الأشعار في غزوة مؤتة

            قال ابن إسحاق : وكان مما بكي به أصحاب مؤتة قول حسان :


            تأوبني ليل بيثرب أعسر وهم إذا ما نوم الناس مسهر     لذكرى حبيب هيجت لي عبرة
            سفوحا وأسباب البكاء التذكر     بلى إن فقدان الحبيب بلية
            وكم من كريم يبتلى ثم يصبر     رأيت خيار المسلمين تواردوا
            شعوبا وخلفا بعدهم يتأخر     فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا
            بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر     وزيد وعبد الله حين تتابعوا
            جميعا وأسباب المنية تخطر     غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم
            إلى الموت ميمون النقيبة أزهر     أغر كضوء البدر من آل هاشم
            أبي إذا سيم الظلامة مجسر     فطاعن حتى مال غير موسد
            بمعترك فيه القنا متكسر     فصار مع المستشهدين ثوابه
            جنان وملتف الحدائق أخضر     وكنا نرى في جعفر من محمد
            وفاء وأمرا حازما حين يأمر     وما زال في الإسلام من آل هاشم
            دعائم عز لا يزلن ومفخر     هم جبل الإسلام والناس حولهم
            رضام إلى طود يروق ويقهر     بهاليل منهم جعفر وابن أمه
            علي ومنهم أحمد المتخير     وحمزة والعباس منهم ومنهم
            عقيل وماء العود من حيث يعصر     بهم تفرج اللأواء في كل مأزق
            عماس إذا ما ضاق بالناس مصدر     هم أولياء الله أنزل حكمه
            عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهر

            وقال كعب بن مالك ، رضي الله عنه :


            نام العيون ودمع عينك يهمل     سحا كما وكف الطباب المخضل
            في ليلة وردت علي همومها     طورا أحن وتارة أتململ
            واعتادني حزن فبت كأنني     ببنات نعش والسماك موكل
            وكأنما بين الجوانح والحشا     مما تأوبني شهاب مدخل
            وجدا على النفر الذين تتابعوا     يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
            صلى الإله عليهم من فتية     وسقى عظامهم الغمام المسبل
            صبروا بمؤتة للإله نفوسهم     حذر الردى ومخافة أن ينكلوا
            فمضوا أمام المسلمين كأنهم     فنق عليهن الحديد المرفل
            إذ يهتدون بجعفر ولوائه     قدام أولهم فنعم الأول
            حتى تفرجت الصفوف وجعفر     حيث التقى وعث الصفوف مجدل
            فتغير القمر المنير لفقده     والشمس قد كسفت وكادت تأفل
            قرم علا بنيانه من هاشم     فرعا أشم وسؤددا ما ينقل
            قوم بهم عصم الإله عباده     وعليهم نزل الكتاب المنزل
            فضلوا المعاشر عزة وتكرما     وتغمدت أحلامهم من يجهل
            لا يطلقون إلى السفاه حباهم     ويرى خطيبهم بحق يفصل
            بيض الوجوه ترى بطون أكفهم     تندى إذا اعتذر الزمان الممحل
            وبهديهم رضي الإله لخلقه     وبجدهم نصر النبي المرسل

            [ شعر قيس في الاعتذار عن تقهقر خالد ]

            قال ابن إسحاق : وقد قال فيما كان من أمر الناس وأمر خالد ومخاشاته بالناس وانصرافه بهم ، قيس بن المسحر اليعمري ، يعتذر مما صنع يومئذ وصنع الناس


            فوالله لا تنفك نفسي تلومني     على موقفي والخيل قابعة قبل
            وقفت بها لا مستجيرا فنافذا     ولا مانعا من كان حم له القتل
            على أنني آسيت نفسي بخالد     ألا خالد في القوم ليس له مثل
            وجاشت إلي النفس من نحو جعفر     بمؤتة إذ لا ينفع النابل النبل
            وضم إلينا حجزتيهم كليهما     مهاجرة لا مشركون ولا عزل

            [ شعر كعب في بكاء قتلى مؤتة ]

            وقال كعب بن مالك :


            نام العيون ودمع عينك يهمل


            سحا كما وكف الطباب المخضل

            في ليلة وردت علي همومها     طورا أحن وتارة أتململ
            واعتادني حزن فبت كأنني ببنات     نعش والسماك موكل
            وكأنما بين الجوانح والحشى     مما تأوبني شهاب مدخل
            وجدا على النفر الذين تتابعوا     يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
            صلى الإله عليهم من فتية     وسقى عظامهم الغمام المسبل
            صبروا بمؤتة للإله نفوسهم     حذر الردى ومخافة أن ينكلوا
            فمضوا أمام المسلمين كأنهم     فنق عليهن الحديد المرفل
            إذ يهتدون بجعفر ولوائه     قدام أولهم فنعم الأول
            حتى تفرجت الصفوف وجعفر     حيث التقى وعث الصفوف مجدل
            فتغير القمر المنير لفقده     والشمس قد كسفت وكادت تأفل
            قرم علا بنيانه من هاشم     فرعا أشم وسؤددا ما ينقل
            قوم بهم عصم الإله عباده     وعليهم نزل الكتاب المنزل
            فضلوا المعاشر عزة وتكرما     وتغمدت أحلامهم من يجهل
            لا يطلقون إلى السفاه حباهم     ويرى خطيبهم بحق يفصل
            بيض الوجوه ترى بطون أكفهم     تندى إذا اعتذر الزمان الممحل
            وبهديهم رضي الإله لخلقه     وبجدهم نصر النبي المرسل
            [ شعر حسان في بكاء جعفر بن أبي طالب ]

            وقال حسان بن ثابت يبكي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه :


            ولقد بكيت وعز مهلك جعفر     حب النبي على البرية كلها
            ولقد جزعت وقلت حين نعيت لي     من للجلاد لدى العقاب وظلها
            بالبيض حين تسل من أغمادها     ضربا وإنهال الرماح وعلها
            بعد ابن فاطمة المبارك جعفر     خير البرية كلها وأجلها
            رزءا وأكرمها جميعا محتدا     وأعزها متظلما وأزلها
            للحق حين ينوب غير تنحل     كذبا ، وأنداها يدا وأقلها
            فحشا وأكثرها إذا ما يجتدى     فضلا ، وأبذلها ندى ، وأبلها
            بالعرف غير محمد لا مثله     حي من احياء البرية كلها

            [ شعر حسان في بكاء ابن حارثة وابن رواحة ]

            وقال حسان بن ثابت في يوم مؤتة يبكي زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة :


            عين جودي بدمعك المنزور     واذكري في الرخاء أهل القبور
            واذكري مؤتة وما كان فيها     يوم راحوا في وقعة التغوير
            حين راحوا وغادروا ثم زيدا     نعم مأوى الضريك والمأسور
            حب خير الأنام طرا جميعا     سيد الناس حبه في الصدور
            ذاكم أحمد الذي لا سواه     ذاك حزني له معا وسروري
            إن زيدا قد كان منا بأمر     ليس أمر المكذب المغرور
            ثم جودي للخزرجي بدمع     سيدا كان ثم غير نزور
            قد أتانا من قتلهم ما كفانا     فبحزن نبيت غير سرور



            وقال شاعر من المسلمين ممن رجع من غزوة مؤتة :


            كفى حزنا أني رجعت وجعفر     وزيد وعبد الله في رمس أقبر
            قضوا نحبهم لما مضوا لسبيلهم     وخلفت للبلوى مع المتغبر
            ثلاثة رهط قدموا فتقدموا     إلى ورد مكروه من الموت أحمر

            التالي السابق


            الخدمات العلمية