وقوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28760_29786_30291_30549_30988_32238_32408_34195_34199_34207_34513_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات التفات من خطابهم إلى الغيبة إعراضا عنهم وتوجيها للخطاب إلى سيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم بتعديد جناياتهم المضادة لما أريد منهم بالاستخلاف من التكذيب والكفر بالآيات البينات وغير ذلك كدأب من قبلهم من القرون المهلكة وصيغة المضارع للدلالة على تجدد جوابهم الآتي حسب تجدد التلاوة والمراد بالآيات الآيات الدالة على التوحيد وبطلان الشرك
وقيل: ما هو أعم من ذلك، والإضافة لتشريف المضاف والترغيب في الإيمان به والترهيب عن تكذيبه ونصب
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15بينات على الحال أي حال كونها واضحات الدلالة على ما تضمنته وإيراد فعل التلاوة مبنيا للمفعول مسندا إلى الآيات دون رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ببنائه للفاعل للإشعار بعدم الحاجة لتعيين التالي وللإيذان بأن كلامهم في نفس المتلو ولو تلاه رجل من إحدى القريتين عظيم
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15قال الذين لا يرجون لقاءنا وضع الموصول موضع الضمير إشعارا بعلية ما في حيز الصلة المعظمة المحكية عنهم وذما لهم بذلك أي قالوا لمن يتلوها عليهم وهو رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ائت بقرآن غير هذا أشاروا بهذا إلى القرآن المشتمل على تلك الآيات لا إلى أنفسها فقط قصدا إلى إخراج الكل من البين أي ائت بكتاب آخر نقرؤه
[ ص: 84 ] ليس فيه ما نستبعده من البعث وتوابعه أو ما نكرهه من ذم آلهتنا والوعيد على عبادتها
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15أو بدله بأن تجعل مكان الآية المشتملة على ذلك آية أخرى ولعلهم إنما سألوا ذلك كيدا وطمعا في إجابته عليه الصلاة والسلام ليتوسلوا إلى الإلزام والاستهزاء وليس مرادهم أنه عليه الصلاة والسلام لو أجابهم آمنوا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15قل أيها الرسول لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ما يكون لي أن أبدله المصدر فاعل يكون وهي من كان التامة وتفسر بوجد ونفي الوجود قد يراد به نفي الصحة فإن وجود ما ليس بصحيح كلا وجود فالمعنى هنا ما يصح لي أصلا تبديله
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15من تلقاء نفسي أي من جهتي ومن عندي وأصل تلقاء مصدر على تفعال التاء ولم يجئ مصدر بكسرها غيره وغير تبيان في المشهور
وقرئ شاذا بالفتح وهو القياس في المصادر الدالة على التكرار كالتطواف والتجوال وقد خرج هنا من ذلك إلى الظرفية المجازية والجر بمن لا يخرج الظرف عن ظرفيته ولذا اختصت الظروف الغير المتصرفة كعند بدخولها عليها
ومن الناس من وهم في ذلك وقصر الجواب ببيان امتناع ما اقترحوه على اقتراحهم الثاني للإيذان بأن استحالة ما اقترحوه أولا من الظهور بحيث لا حاجة إلى بيانها ولأن ما يدل على استحالة الثاني يدل على استحالة الأول بالطريق الأولى فهو بحسب المآل والحقيقة جواب عن الأمرين
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إن أتبع أي ما أتبع فيما آتى وأذر
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إلا ما يوحى إلي من غير تغيير له في شيء أصلا على معنى قصر حاله عليه الصلاة والسلام على اتباع ما يوحى لا قصر اتباعه على ما يوحى إليه كما هو المتبادر من ظاهر العبارة فكأنه قيل: ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلي والجملة مستأنفة بيانا لما يكون فإن من شأنه اتباع الوحي على ما هو عليه لا يستقل بشيء دونه أصلا وفي ذلك على ما قيل جواب لنقض مقدر وهو أنه كيف هذا وقد نسخ بعض الآيات ببعض ورد لما عرضوا له بهذا السؤال من أن القرآن كلامه صلى الله تعالى عليه وسلم وكذا تقييد التبديل في الجواب بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15من تلقاء نفسي لرد تعريضهم بأنه من عنده عليه الصلاة والسلام ولذلك أيضا سماه عصيانا عظيما مستتبعا العذاب عظيم بقوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم 15 وهو تعليل لمضمون ما قبله من امتناع التبديل واقتصار أمره صلى الله تعالى عليه وسلم على اتباع الوحي أي إني أخاف إن عصيته تعالى بتعاطي التبديل والإعراض عن الوحي عذاب يوم عظيم هو يوم القيامة ويوم اللقاء الذي لا يرجونه وفيه إيماء بأنهم استوجبوا العذاب بهذا الاقتراح لأن اقتراح ما يوجبه يستوجبه أيضا وإن لم يكن كفعله والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة لضميره عليه الصلاة والسلام لتهويل أمر العصيان وإظهار كمال نزاهته صلى الله تعالى عليه وسلم وفي إيراد اليوم بالتنوين التفخيمي ووصفه بعظيم ما لا يخفى ما فيه من العذاب وتفظيعه وجوز العلامة
الطيبي كون الجواب المذكور جوابا عن الاقتراحين من غير حاجة إلى شيء وذلك بحمل التبديل فيه على ما يعم تبديل ذات بذات أخرى كبدلت الدنانير دراهم وهو الذي أشاروا إليه بقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ائت بقرآن غير هذا وتبديل صفة بصفة أخرى كبدلت الخاتم حلقة وهو الذي أشاروا إليه بقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15أو بدله وأورد عليه بأن تقييد التبديل بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15من تلقاء نفسي يمنع حمله على الأعم لأنه يشعر بأن ذلك مقدور له صلى الله تعالى عليه وسلم ولكن لا يفعله بغير إذنه تعالى والتبديل الذي أشاروا إليه أولا غير مقدور له عليه الصلاة والسلام حتى إن المقترحين يعلمون استحالة ذلك لكن اقترحوه
[ ص: 85 ] لما مر وقالوا: لو شئنا لقلنا مثل هذا مكابرة وعنادا ثم إن الظاهر أنهم اقترحوا التبديل والإتيان بطريق الافتراء قيل: لا مساغ للقول بأنهم اقترحوا ذلك من جهة الوحي فكأنهم قالوا: ائت بقرآن غير هذا أو بدله من جهة الوحي كما أتيت بالقرآن من جهته ويكون معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ما يكون لي إلخ ما يتسهل لي ولا يمكنني أن أبدله لما في الكشاف من أن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إني أخاف إن عصيت ربي يرد ذلك ووجه بأنهم لم يطلبوا ما هو عصيان على هذا التقدير حتى يقول في جوابهم ما ذكر ونظر فيه بأن الطلب من غير إذن عصيان فإن لم يحمل ما يتسهل لي على أن ذلك لكونه غير مأذون كان الجواب غير مطابق لسؤالهم لأن السؤال عن تبديل من الله تعالى وهو عليه الصلاة والسلام قال: لا يمكنني التبديل من تلقاء نفسي في الجواب وإن حمل عليه فالعصيان أيضا منزل عليه وأجيب بأن صاحب الكشاف حمل
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ما يكون على أنه لا يمكن ولا يتسهل والعصيان يقع على الممكن المقدور لا أنهم طلبوا ما هو عصيان أو ليس والمطابقة حاصلة بل أشدها لأن الحاصل أما التبديل من تلقاء نفسي فغير ممكن وأما من قبل الوحي فأنا تابع غير متبوع نعم لا ينكر أنه يمكن أن يأتي وجه آخر بأن يحمل على أنه لا يحل لي ذلك دون إذن وصاحب الكشاف لم ينفه
وذكر بعض المحققين أنه لا مساغ لحمل مقترحهم على ما هو من جهة الوحي لمكان التعليل بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إني أخاف إلخ إذ المقصود بما ذكر فيه معصية الافتراء كما يرشد إلى ذلك صريح ما بعده من الآيتين الكريمتين وحينئذ لا يتحقق فيه تلك المعصية ومعصية استدعاء تبديل ما اقتضته الحكمة التشريعية لا سيما بموجب اقتراح الكفرة ليست مقصودة فلا ينفع تحققها وهو كلام وجيه يعلم منه ما في الكلام السابق من النظر بقي أنه يفهم من بعض الآثار أنهم طلبوا الإتيان من جهة الوحي فعن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل أن الآية نزلت في خمسة نفر:
عبد الله بن أمية المخزومي والوليد بن المغيرة ومكرز بن حفص وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري والعاص بن عامر بن هشام قالوا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم: إن كنت تريد أن نؤمن لك فائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومنات وليس فيه عيبها وإن لم ينزل الله تعالى عليك فقل أنت من نفسك أو بدله فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة ومكان حرام حلالا ومكان حلال حراما وربما يقال: إن هذا على تقدير صحته لا يأبى أن يكون ما في الآية ما أشار إليه تالي الشرطية الثانية من كلامهم فتدبر
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28760_29786_30291_30549_30988_32238_32408_34195_34199_34207_34513_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ الْتِفَاتٌ مِنْ خِطَابِهِمْ إِلَى الْغَيْبَةِ إِعْرَاضًا عَنْهُمْ وَتَوْجِيهًا لِلْخِطَابِ إِلَى سَيِّدِ الْمُخَاطَبِينَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْدِيدِ جِنَايَاتِهِمُ الْمُضَادَّةِ لِمَا أُرِيدَ مِنْهُمْ بِالِاسْتِخْلَافِ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالْكُفْرِ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَدَأْبِ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ الْمُهْلِكَةِ وَصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَجَدُّدِ جَوَابِهِمُ الْآتِي حَسَبَ تَجَدُّدِ التِّلَاوَةِ وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى التَّوْحِيدِ وَبُطْلَانِ الشِّرْكِ
وَقِيلَ: مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْإِضَافَةُ لِتَشْرِيفِ الْمُضَافِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْإِيمَانِ بِهِ وَالتَّرْهِيبِ عَنْ تَكْذِيبِهِ وَنَصْبُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15بَيِّنَاتٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ حَالَ كَوْنِهَا وَاضِحَاتِ الدَّلَالَةِ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ وَإِيرَادُ فِعْلِ التِّلَاوَةِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مُسْنَدًا إِلَى الْآيَاتِ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ لِلْإِشْعَارِ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِتَعْيِينِ التَّالِي وَلِلْإِيذَانِ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي نَفْسِ الْمَتْلُوِّ وَلَوْ تَلَاهُ رَجُلٌ مَنْ إِحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَضَعَ الْمَوْصُولَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ إِشْعَارًا بِعِلِّيَّةِ مَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ الْمُعَظَّمَةِ الْمَحْكِيَّةِ عَنْهُمْ وَذَمًّا لَهُمْ بِذَلِكَ أَيْ قَالُوا لِمَنْ يَتْلُوهَا عَلَيْهِمْ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَشَارُوا بِهَذَا إِلَى الْقُرْآنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى تِلْكَ الْآيَاتِ لَا إِلَى أَنْفُسِهَا فَقَطْ قَصْدًا إِلَى إِخْرَاجِ الْكُلِّ مِنَ الْبَيْنِ أَيِ ائْتِ بِكِتَابٍ آخَرَ نَقْرَؤُهُ
[ ص: 84 ] لَيْسَ فِيهِ مَا نَسْتَبْعِدُهُ مِنَ الْبَعْثِ وَتَوَابِعِهِ أَوْ مَا نَكْرَهُهُ مِنْ ذَمِّ آلِهَتِنَا وَالْوَعِيدِ عَلَى عِبَادَتِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15أَوْ بَدِّلْهُ بِأَنْ تَجْعَلَ مَكَانَ الْآيَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ آيَةً أُخْرَى وَلَعَلَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوا ذَلِكَ كَيْدًا وَطَمَعًا فِي إِجَابَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِيَتَوَسَّلُوا إِلَى الْإِلْزَامِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَلَيْسَ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَوْ أَجَابَهُمْ آمَنُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15قُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ الْمَصْدَرُ فَاعِلُ يَكُونُ وَهِيَ مِنْ كَانَ التَّامَّةِ وَتُفَسَّرُ بِوَجَدَ وَنَفْيُ الْوُجُودِ قَدْ يُرَادُ بِهِ نَفْيُ الصِّحَّةِ فَإِنَّ وُجُودَ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ كَلَا وُجُودٍ فَالْمَعْنَى هُنَا مَا يَصِحُّ لِي أَصْلًا تَبْدِيلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي أَيْ مِنْ جِهَتِي وَمِنْ عِنْدِي وَأَصْلُ تِلْقَاءَ مَصْدَرٌ عَلَى تَفْعَالِ التَّاءِ وَلَمْ يَجِئْ مَصْدَرٌ بِكَسْرِهَا غَيْرُهُ وَغَيْرُ تِبْيَانٍ فِي الْمَشْهُورِ
وَقُرِئَ شَاذًّا بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْمَصَادِرِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّكْرَارِ كَالتَّطْوَافِ وَالتَّجْوَالِ وَقَدْ خَرَجَ هُنَا مِنْ ذَلِكَ إِلَى الظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ وَالْجَرُّ بِمَنْ لَا يُخْرِجُ الظَّرْفَ عَنْ ظَرْفِيَّتِهِ وَلِذَا اخْتُصَّتِ الظُّرُوفُ الْغَيْرُ الْمُتَصَرِّفَةِ كَعِنْدَ بِدُخُولِهَا عَلَيْهَا
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ وَهِمَ فِي ذَلِكَ وَقَصَرَ الْجَوَابَ بِبَيَانِ امْتِنَاعِ مَا اقْتَرَحُوهُ عَلَى اقْتِرَاحِهِمُ الثَّانِي لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ اسْتِحَالَةَ مَا اقْتَرَحُوهُ أَوَّلًا مِنَ الظُّهُورِ بِحَيْثُ لَا حَاجَةَ إِلَى بَيَانِهَا وَلِأَنَّ مَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِحَالَةِ الثَّانِي يَدُلُّ عَلَى اسْتِحَالَةِ الْأَوَّلِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَهُوَ بِحَسَبِ الْمَآلِ وَالْحَقِيقَةُ جَوَابٌ عَنِ الْأَمْرَيْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إِنْ أَتَّبِعُ أَيْ مَا أَتَّبِعُ فِيمَا آتَى وَأَذَرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ لَهُ فِي شَيْءٍ أَصْلًا عَلَى مَعْنَى قِصَرِ حَالِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى اتِّبَاعِ مَا يُوحَى لَا قِصَرِ اتِّبَاعِهِ عَلَى مَا يُوحَى إِلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: مَا أَفْعَلُ إِلَّا اتِّبَاعَ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ بَيَانًا لِمَا يَكُونُ فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِ اتِّبَاعَ الْوَحْيِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لَا يَسْتَقِلُّ بِشَيْءٍ دُونَهُ أَصْلًا وَفِي ذَلِكَ عَلَى مَا قِيلَ جَوَابٌ لِنَقْضٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ هَذَا وَقَدْ نَسَخَ بَعْضَ الْآيَاتِ بِبَعْضِ وَرَدَّ لِمَا عَرَضُوا لَهُ بِهَذَا السُّؤَالِ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا تَقْيِيدُ التَّبْدِيلِ فِي الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي لِرَدِّ تَعْرِيضِهِمْ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلِذَلِكَ أَيْضًا سَمَّاهُ عِصْيَانًا عَظِيمًا مُسْتَتْبِعًا الْعَذَابَ عَظِيمٌ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ 15 وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهُ مِنِ امْتِنَاعِ التَّبْدِيلِ وَاقْتِصَارِ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اتِّبَاعِ الْوَحْيِ أَيْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُهُ تَعَالَى بِتَعَاطِي التَّبْدِيلِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْوَحْيِ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَيَوْمُ اللِّقَاءِ الَّذِي لَا يَرْجُونَهُ وَفِيهِ إِيمَاءٌ بِأَنَّهُمُ اسْتَوْجَبُوا الْعَذَابَ بِهَذَا الِاقْتِرَاحِ لِأَنَّ اقْتِرَاحَ مَا يُوجِبُهُ يَسْتَوْجِبُهُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفِعْلِهِ وَالتَّعَرُّضُ لِعُنْوَانِ الرُّبُوبِيَّةِ مَعَ الْإِضَافَةِ لِضَمِيرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِتَهْوِيلِ أَمْرِ الْعِصْيَانِ وَإِظْهَارِ كَمَالِ نَزَاهَتِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِيرَادِ الْيَوْمَ بِالتَّنْوِينِ التَّفْخِيمِيِّ وَوَصْفِهِ بِعَظِيمٍ مَا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ وَتَفْظِيعِهِ وَجَوَّزَ الْعَلَّامَةُ
الطَّيِّبِيُّ كَوْنَ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ جَوَابًا عَنِ الِاقْتِرَاحَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى شَيْءٍ وَذَلِكَ بِحَمْلِ التَّبْدِيلِ فِيهِ عَلَى مَا يَعُمُّ تَبْدِيلَ ذَاتٍ بِذَاتٍ أُخْرَى كَبَدَّلْتُ الدَّنَانِيرَ دَرَاهِمَ وَهُوَ الَّذِي أَشَارُوا إِلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا وَتَبْدِيلُ صِفَةٍ بِصِفَةٍ أُخْرَى كَبَدَّلْتُ الْخَاتَمَ حَلْقَةً وَهُوَ الَّذِي أَشَارُوا إِلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15أَوْ بَدِّلْهُ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ تَقْيِيدَ التَّبْدِيلِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي يَمْنَعُ حَمْلَهُ عَلَى الْأَعَمِّ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَقْدُورٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ لَا يَفْعَلُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ تَعَالَى وَالتَّبْدِيلُ الَّذِي أَشَارُوا إِلَيْهِ أَوَّلًا غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَتَّى إِنَّ الْمُقْتَرِحِينَ يَعْلَمُونَ اسْتِحَالَةَ ذَلِكَ لَكِنِ اقْتَرَحُوهُ
[ ص: 85 ] لِمَا مَرَّ وَقَالُوا: لَوْ شِئْنَا لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا مُكَابَرَةً وَعِنَادًا ثُمَّ إِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمُ اقْتَرَحُوا التَّبْدِيلَ وَالْإِتْيَانَ بِطَرِيقِ الِافْتِرَاءِ قِيلَ: لَا مَسَاغَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُمُ اقْتَرَحُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ كَمَا أَتَيْتَ بِالْقُرْآنِ مِنْ جِهَتِهِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15مَا يَكُونُ لِي إِلَخْ مَا يَتَسَهَّلُ لِي وَلَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُبَدِّلَهُ لِمَا فِي الْكَشَّافِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي يَرُدُّ ذَلِكَ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبُوا مَا هُوَ عِصْيَانٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ حَتَّى يَقُولَ فِي جَوَابِهِمْ مَا ذَكَرَ وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ الطَّلَبَ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ عِصْيَانٌ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ مَا يَتَسَهَّلُ لِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ كَانَ الْجَوَابُ غَيْرَ مُطَابِقٍ لِسُؤَالِهِمْ لِأَنَّ السُّؤَالَ عَنْ تَبْدِيلٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: لَا يُمْكِنُنِي التَّبْدِيلُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي فِي الْجَوَابِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَيْهِ فَالْعِصْيَانُ أَيْضًا مُنَزَّلٌ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ صَاحِبَ الْكَشَّافِ حَمَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15مَا يَكُونُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وَلَا يَتَسَهَّلُ وَالْعِصْيَانُ يَقَعُ عَلَى الْمُمْكِنِ الْمَقْدُورِ لَا أَنَّهُمْ طَلَبُوا مَا هُوَ عِصْيَانٌ أَوْ لَيْسَ وَالْمُطَابَقَةُ حَاصِلَةٌ بَلْ أَشَدُّهَا لِأَنَّ الْحَاصِلَ أَمَّا التَّبْدِيلُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي فَغَيْرُ مُمْكِنٍ وَأَمَا مِنْ قِبَلِ الْوَحْيِ فَأَنَا تَابِعٌ غَيْرُ مَتْبُوعٍ نَعَمْ لَا يُنْكِرُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ وَجْهٌ آخَرُ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِي ذَلِكَ دُونَ إِذْنٍ وَصَاحِبُ الْكَشَّافِ لَمْ يَنْفِهِ
وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا مَسَاغَ لِحَمْلِ مُقْتَرَحِهِمْ عَلَى مَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ لِمَكَانِ التَّعْلِيلِ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15إِنِّي أَخَافُ إِلَخْ إِذِ الْمَقْصُودُ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ مَعْصِيَةُ الِافْتِرَاءُ كَمَا يُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ صَرِيحُ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْآيَتَيْنِ الْكَرِيمَتَيْنِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةُ وَمَعْصِيَةُ اسْتِدْعَاءِ تَبْدِيلِ مَا اقْتَضَتْهُ الْحِكْمَةُ التَّشْرِيعِيَّةُ لَا سِيَّمَا بِمُوجِبِ اقْتِرَاحِ الْكَفَرَةِ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً فَلَا يَنْفَعُ تَحَقُّقُهَا وَهُوَ كَلَامٌ وَجِيهٌ يُعْلَمُ مِنْهُ مَا فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ مِنَ النَّظَرِ بَقِيَ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّهُمْ طَلَبُوا الْإِتْيَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَحْيِ فَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17131مُقَاتِلٍ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي خَمْسَةِ نَفَرٍ:
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ وَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَمُكَرَّزِ بْنِ حَفْصٍ وَعَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ الْعَامِرِيِّ وَالْعَاصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ هِشَامٍ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ نُؤْمِنَ لَكَ فَائْتِ بِقُرْآنٍ لَيْسَ فِيهِ تَرْكُ عِبَادَةِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاتَ وَلَيْسَ فِيهِ عَيْبُهَا وَإِنْ لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْكَ فَقُلْ أَنْتَ مِنْ نَفْسِكَ أَوْ بَدِّلْهُ فَاجْعَلْ مَكَانَ آيَةِ عَذَابٍ آيَةَ رَحْمَةٍ وَمَكَانَ حَرَامٍ حَلَالًا وَمَكَانَ حَلَالٍ حَرَامًا وَرُبَّمَا يُقَالُ: إِنَّ هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ لَا يَأْبَى أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْآيَةِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ تَالِي الشَّرْطِيَّةِ الثَّانِيَةِ مِنْ كَلَامِهِمْ فَتَدَبَّرْ