ثم إنه تعالى لما هدد الكفار وأشار إلى انهماكهم في اللذة الفانية أمر نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يأمر خلص عباده بالعبادة البدنية والمالية فقال سبحانه :
nindex.php?page=treesubj&link=23465_30513_34100_34134_34148_34290_844_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31قل لعبادي الذين آمنوا وخصهم بالإضافة إليه تعالى رفعا لهم وتشريفا وتنبيها على أنهم المقيمون لوظائف العبودية الموفون بحقوقها وترك العطف بين الأمرين للإيذان بتباين حالهما تهديدا وغيره ومقول القول على ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد nindex.php?page=showalam&ids=13673والأخفش والمازني محذوف دل عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يقيموا أي قل لهم : أقيموا الصلاة وأنفقوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم والفعل المذكور مجزوم على أنه جواب ( قل ) عندهم وأورد أنه لا يلزم من قوله عليه الصلاة والسلام :
أقيموا وأنفقوا أن يفعلوا ورد بأن المقول لهم الخلص وهم متى أمروا امتثلوا ومن هنا قالوا : إن في ذلك إيذانا بكمال مطاوعتهم وغاية مسارعتهم إلى الامتثال ويشد عضد ذلك حذف المقول لما فيه من إيهام أنهم يفعلون من غير أمر على أن مبني الإيراد على أنه يشترط في السببية التامة وقد منع وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية ( قل ) بمعنى بلغ وأد الشريعة والجزم في جواب ذلك وهو قريب مما تقدم .
وحكي عن
أبي علي وعزي
للمبرد أن الجزم في جواب الأمر المقول المحذوف وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء بأنه فاسد لوجهين : الأول أن جواب الشرط لا بد أن يخالف فعل الشرط إما في الفعل أو في الفاعل أو فيهما فإذا اتحدا لا يصح كقولك : قم تقم إذ التقدير هنا إن يقيموا يقيموا والثاني أن الأمر المقدر للمواجهة والفعل المذكور على لفظ الغيبة وهو خطأ إذا كان الفاعل واحدا وقيل عليه : إن الوجه الأول قريب وأما الثاني فليس بشيء لأنه يجوز أن تقول : قل لعبدك أطعني يطعك وإن كان للغيبة بعد المواجهة باعتبار حكاية الحال
[ ص: 221 ] وعن
أبي علي وجماعة أن
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يقيموا خبر في معنى الأمر وهو مقول القول ورد بحذف النون وهي في مثل ذلك لا تحذف ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10هل أدلكم على تجارة تنجيكم إلى قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تؤمنون إذ المراد منه آمنوا والقول بأنه لما كان بمعنى الأمر بني على حذف النون كما بني الاسم المتمكن في النداء على الضم في نحو يا زيد لما شبه بقبل وبعد وما لم يبين إنما لوحظ فيه لفظه مما لا يكاد يلتفت إليه وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج وجماعة إلى أن مقول القول وهو مجزوم بلام أمر مقدرة أي ليقيموا وينفقوا على حد قول
الأعشى : .
محمد تفد نفسك كل نفس إذا ما خفت من أمر تبالا
وأنت تعلم أن إضمار الجازم أضعف من إضمار الجار إلا أن تقدم ( قل ) نائب منابه كما أن كثرة الاستعمال في أمر المخاطب ينوب مناب ذلك والشيء إذا كثر في موضع أو تأكد الدلالة عليه جاز حذفه منه حذف الجار من أنى إذا كانت بمعنى من أين وبما ذكرنا من النيابة فارق ما هنا ما في البيت فلا يضرنا تصريحهم فيه بكون الحذف ضرورة وعن
ابن مالك أنه جعل حذف هذه اللام على أضرب قليل وكثير ومتوسط فالكثير أن يكون قبله قول بصيغة الأمر كما في الآية والمتوسط ما تقدمه قول غير أمر كقوله : .
قلت لبواب لديه دارها تيذن فإني حمها وجارها
والقليل ما سوى ذلك وظاهر كلام الكشف اختيار هذا الوجه حيث قال المدقق فيه : والمعنى على هذا أظهر لكثرة ما يلزم من الإضمار وأن تقييد الجواب بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31من قبل أن يأتي إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31ولا خلال ليس فيه كثير طائل إنما المناسب تقييد الأمر به وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : ويظهر أن مقول القول
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=32الله الذي .. إلخ ولا يخفى ما في ذلك من التفكيك على أنه لا يصح حينئذ أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يقيموا مجزوما في جواب الأمر لأن قول
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=32الله الذي .. إلخ لا يستدعي إقامة الصلاة والإنفاق إلا بتقدير بعيد جدا هذا والمراد بالصلاة قيل ما يعم كل صلاة فرضا كانت أو تطوعا وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تفسيرها بالصلاة المفروضة وفسر الإنفاق بزكاة الأموال .
ولا يخفى عليك أن زكاة المال إنما فرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد صدقة الفطر وأن هذه السورة كلها مكية عند الجمهور والآيتين ليست هذه الآية إحداهن عند بعض ثم إن لم يكن هذا المأمور به في الآية مأمورا به من قبل فالأمر ظاهر وإن كان مأمورا به فالأمر للدوام فتحقق ذلك ولا تغفل
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31سرا وعلانية منتصبان على المصدرية لكن من الأمر المقدر أو من الفعل المذكور على ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ومن معه على ما قيل والأصل إنفاق سر وإنفاق علانية فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانتصب انتصابه ويجوز أن يكون الأصل إنفاقا سرا وإنفاقا علانية فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه وجوز أن يكونا منتصبين على الحالية إما على التأويل بالمشتق أو على تقدير مضاف أي مسرين ومعلنين أو ذوي سر وعلانية أو على الظرفية أي في سر وعلانية وقد تقدم الكلام في حكم نفقة السر ونفقة العلانية
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه فيبتاع المقصر فيه ما يتلافى به تقصيره أو يفتدي به نفسه والمقصود كما قال بعض المحققين نفي عقد المعاوضة بالمرة وتخصيص البيع بالذكر للإيجاز مع المبالغة في نفي العقد إذ انتفاء البيع يستلزم انتفاء الشراء على أبلغ وجه وانتفاؤه ربما يتصور مع تحقق الإيجاب من البائع . انتهى . وقيل : إن البيع كما يستعمل في إعطاء المثمن وأخذ الثمن وهو المعنى الشائع يستعمل في إعطاء الثمن وأخذ المثمن وهو معنى الشراء وعلى هذا جاء قوله صلى الله تعالى
[ ص: 222 ] عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670688لا يبيعن أحدكم على بيع أخيه ولا مانع من إرادة المعنيين هنا فإن قلنا بجواز استعمال المشترك في معنييه مطلقا كما قال به الشافعية أو في النفي كما قال به ابن الهمام فذاك وإلا احتجنا إلى ارتكاب عموم المجاز فكأنه قيل : لا معاوضة فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31ولا خلال . (31) . أي مخالة فهو كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة وغيره مصدر خاللته كالخلال وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش : هو جمع خليل كأخلاء وأخلة والمراد واحد وهو نفي أن يكون هناك خليل ينتفع به بأن يشفع له أو يسامحه بما يفتدى به ويحتمل أن يكون المعنى من قبل أن يأتي يوم لا انتفاع فيه لما لهجوا بتعاطيه من البيع والمخالفة ولا انتفاع بذلك وإنما الانتفاع والارتفاق فيه بالإنفاق لوجه الله تعالى فعلى الأول المنفي البيع والخلال في الآخرة وعلى هذا المراد نفي البيع والخلال اللذين كانا في الدنيا بمعنى نفي الانتفاع بهما و
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31فيه ظرف للانتفاع المقدر حسبما أشرنا إليه ولا يشكل ما هنا مع قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين حيث أثبت فيه المخالفة وعدم العداوة بين المتقين لأن المراد هنا على ما قيل نفي المخالفة النافعة بذاتها في تدارك ما فات ولم يذكر في تلك الآية أن المتقين يتدارك بعضهم لبعض ما فات .
وقيل في التوفيق بين الآيتين : إن المراد لا مخالة بسبب ميل الطبع ورغبة النفس وتلك المخالة الواقعة بين المتقين في الله تعالى مع أن الاستثناء من الإثبات لا يلزمه النفي وإن سلم لزومه فنفي العداوة لا يلزم منه المخالة وهو كما ترى ومثله ما قيل : إن الإثبات والنفي بحسب المواطن والظرف على ما استظهره غير واحد متعلق بالأمر المقدر وعلقه بالفعل المذكور من رأى رأي
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ومن معه بل وبعض من رأى غير ذلك إلا أنه لا يخلو عن شيء وتذكير إتيان ذلك اليوم على ما في إرشاد العقل السليم لتأكيد مضمون الأمر من حيث أن كلا من فقدان الشفاعة وما يتدارك بها لتقصير معارضة وتبرعا وانقطاع آثار البيع والخلال الواقعين في الدنيا وعدم الانتفاع بهما من أقوى الدواعي إلى الإتيان بما تبقى عوائده وتدوم فوائده من
الإنفاق في سبيل الله تعالى أو من حيث أن ادخار المال وترك إنفاقه إنما يقع غالبا للتجارات والمهاداة فحيث لا يمكن ذلك في الآخرة فلا وجه لادخاره إلى وقت الموت وتخصيص أمر الإنفاق بذلك التأكيد لميل النفوس إلى المال وكونها مجبولة على حبه والضنة به وفيه أيضا أنه لا يبعد أن يكون تأكيدا لمضمون الأمر بإقامة الصلاة أيضا من حيث أن تركها كثيرا ما لا يكون للاشتغال بالبياعات والمخاللات كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وأنت تعلم بعده لفظا بناء على تعلق
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31سرا وعلانية بالأمر بالإنفاق ثم إن ما ذكر من الوجهين في الآية هو الذي ذكره بعض المحققين واقتصر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري فيها على الوجه الثاني وكلامه في تقريره ظاهر في أن فائدة التقييد الحث على الإنفاق حسبما بينه في الكشف وفيه في تقرير الحاصل أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31لا بيع فيه ولا خلال أي لا انتفاع بهما كناية عن الانتفاع بما يقابلهما وهو ما أنفق لوجه الله تعالى فهو حث على الإنفاق لوجهه سبحانه كأنه قيل : لينفقوا له من قبل أن يأتي يوم ينتفع بإنفاقهم المنفقون له ولا ينفع الندم لمن أمسك والعدول إلى ما في النظم الجليل ليفيد الحصر وإن ذلك وحده هو المنتفع به وليفيد المضادة بين ما ينفع عاجليا وما ينفع آجليا وذكر في آية البقرة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة أن المعنى من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تدارك ما فاتكم من الإنفاق لأنه لا بيع حتى تبتاعوا ما تنفقونه ولا خلة حتى يسامحكم أخلاؤكم به وبين المدقق وجه اختصاص كل من المعنيين بموضعه مع صحة جريانهما جميعا في
[ ص: 223 ] كل من الموضعين بأن الأول خطاب عام فكان الحث فيه على الإنفاق مطلقا وتصوير أن الإنفاق نفسه هو المطلوب فليغتنم قبل أن يأتي يوم يفوت فيه ولا يدركه الطالب هو الموافق لمقتضى المقام وأن الثاني لما اختص بالخلص كان الموافق للمقام تحريضهم على ما هم عليه من الإنفاق ليدوموا عليه فقيل : دوموا عليه وتمسكوا به تغتبطوا يوم لا ينفع إلا من دام عليه ولو قيل : دوموا عليه قبل أن يفوتكم ولا تدركوه لم يكن بتلك الوكادة لأن الأول بالحث على طلب أصل الفعل أشبه والثاني بطلب الدوام فتفطن له . اهـ . ولا يخلو عن دغدغة .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب ( لا بيع فيها ولا خلال ) بفتح الاسمين تنصيصا على استغراق النفي ودلالة الرفع على ذلك باعتبار خطابي هو على ما قيل وقوعه في جواب هل فيه بيع أو خلال
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا هَدَّدَ الْكُفَّارَ وَأَشَارَ إِلَى انْهِمَاكِهِمْ فِي اللَّذَّةِ الْفَانِيَةِ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ خُلَّصَ عِبَادِهِ بِالْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=23465_30513_34100_34134_34148_34290_844_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَخَصَّهُمْ بِالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى رَفْعًا لَهُمْ وَتَشْرِيفًا وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمُ الْمُقِيمُونَ لِوَظَائِفِ الْعُبُودِيَّةِ الْمُوفُونَ بِحُقُوقِهَا وَتَرَكَ الْعَطْفَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لِلْإِيذَانِ بِتَبَايُنِ حَالِهِمَا تَهْدِيدًا وَغَيْرَهُ وَمَقُولُ الْقَوْلِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ nindex.php?page=showalam&ids=13673وَالْأَخْفَشُ وَالْمَازِنِيُّ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يُقِيمُوا أَيْ قُلْ لَهُمْ : أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفِقُوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ وَالْفِعْلُ الْمَذْكُورُ مَجْزُومٌ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ ( قُلْ ) عِنْدَهُمْ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
أَقِيمُوا وَأَنْفِقُوا أَنْ يَفْعَلُوا وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَقُولَ لَهُمُ الْخُلَّصُ وَهُمْ مَتَى أُمِرُوا امْتَثَلُوا وَمِنْ هُنَا قَالُوا : إِنَّ فِي ذَلِكَ إِيذَانًا بِكَمَالِ مُطَاوَعَتِهِمْ وَغَايَةِ مُسَارَعَتِهِمْ إِلَى الِامْتِثَالِ وَيَشُدُّ عَضُدَ ذَلِكَ حَذْفُ الْمَقُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيهَامِ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ عَلَى أَنَّ مَبْنِيَّ الْإِيرَادِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّبَبِيَّةِ التَّامَّةِ وَقَدْ مُنِعَ وَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ ( قُلْ ) بِمَعْنَى بَلِّغْ وَأَدِّ الشَّرِيعَةَ وَالْجَزْمُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا تَقَدَّمَ .
وَحُكِيَ عَنْ
أَبِي عَلِيٍّ وَعُزِيَ
لِلْمُبَرِّدِ أَنَّ الْجَزْمَ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ الْمَقُولِ الْمَحْذُوفِ وَتَعَقَّبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ بِأَنَّهُ فَاسِدٌ لِوَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ لَا بُدَّ أَنْ يُخَالِفَ فِعْلَ الشَّرْطِ إِمَّا فِي الْفِعْلِ أَوْ فِي الْفَاعِلِ أَوْ فِيهِمَا فَإِذَا اتَّحَدَا لَا يَصِحُّ كَقَوْلِكَ : قُمْ تَقُمْ إِذِ التَّقْدِيرُ هُنَا إِنْ يُقِيمُوا يُقِيمُوا وَالثَّانِي أَنَّ الْأَمْرَ الْمُقَدَّرَ لِلْمُوَاجَهَةِ وَالْفِعْلَ الْمَذْكُورَ عَلَى لَفْظِ الْغَيْبَةِ وَهُوَ خَطَأٌ إِذَا كَانَ الْفَاعِلُ وَاحِدًا وَقِيلَ عَلَيْهِ : إِنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ قَرِيبٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ : قُلْ لِعَبْدِكَ أَطِعْنِي يُطِعْكَ وَإِنْ كَانَ لِلْغَيْبَةِ بَعْدَ الْمُوَاجَهَةِ بِاعْتِبَارِ حِكَايَةِ الْحَالِ
[ ص: 221 ] وَعَنْ
أَبِي عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يُقِيمُوا خَبَرٌ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ وَهُوَ مَقُولُ الْقَوْلِ وَرُدَّ بِحَذْفِ النُّونِ وَهِيَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا تُحْذَفُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تُؤْمِنُونَ إِذِ الْمُرَادُ مِنْهُ آمِنُوا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ بُنِيَ عَلَى حَذْفِ النُّونِ كَمَا بُنِيَ الِاسْمُ الْمُتَمَكِّنُ فِي النِّدَاءِ عَلَى الضَّمِّ فِي نَحْوِ يَا زَيْدُ لَمَّا شُبِّهَ بِقَبْلُ وَبَعْدُ وَمَا لَمْ يُبَيَّنْ إِنَّمَا لُوحِظَ فِيهِ لَفْظِهِ مِمَّا لَا يَكَادُ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ وَهُوَ مَجْزُومٌ بِلَامِ أَمْرٍ مُقَدَّرَةٍ أَيْ لِيُقِيمُوا وَيُنْفِقُوا عَلَى حَدِّ قَوْلِ
الْأَعْشَى : .
مُحَمَّدٌ تُفِدْ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ أَمْرٍ تَبَالَا
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ إِضْمَارَ الْجَازِمِ أَضْعَفُ مِنْ إِضْمَارِ الْجَارِّ إِلَّا أَنَّ تَقَدُّمَ ( قُلْ ) نَائِبٌ مَنَابَهُ كَمَا أَنَّ كَثْرَةَ الِاسْتِعْمَالِ فِي أَمْرِ الْمُخَاطَبِ يَنُوبُ مَنَابَ ذَلِكَ وَالشَّيْءُ إِذَا كَثُرَ فِي مَوْضِعٍ أَوْ تَأَكَّدَ الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ جَازَ حَذْفُهُ مِنْهُ حَذْفُ الْجَارِّ مِنْ أَنَّى إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى مِنْ أَيْنَ وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنَ النِّيَابَةِ فَارِقٌ مَا هُنَا مَا فِي الْبَيْتِ فَلَا يَضُرُّنَا تَصْرِيحُهُمْ فِيهِ بِكَوْنِ الْحَذْفِ ضَرُورَةً وَعَنِ
ابْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ جَعَلَ حَذْفَ هَذِهِ اللَّامِ عَلَى أَضْرُبٍ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَمُتَوَسِّطٍ فَالْكَثِيرُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ قَوْلٌ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ كَمَا فِي الْآيَةِ وَالْمُتَوَسِّطُ مَا تَقَدَّمَهُ قَوْلٌ غَيْرُ أَمْرٍ كَقَوْلِهِ : .
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دَارُهَا تِيذَنْ فَإِنِّي حَمُهَا وَجَارُهَا
وَالْقَلِيلُ مَا سِوَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْكَشْفِ اخْتِيَارُ هَذَا الْوَجْهِ حَيْثُ قَالَ الْمُدَقِّقُ فِيهِ : وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَظْهَرُ لِكَثْرَةِ مَا يَلْزَمُ مِنَ الْإِضْمَارِ وَأَنَّ تَقْيِيدَ الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31وَلا خِلالٌ لَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ طَائِلٍ إِنَّمَا الْمُنَاسِبُ تَقْيِيدُ الْأَمْرِ بِهِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَظْهَرُ أَنَّ مَقُولَ الْقَوْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=32اللَّهُ الَّذِي .. إِلَخْ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّفْكِيكِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يُقِيمُوا مَجْزُومًا فِي جَوَابِ الْأَمْرِ لِأَنَّ قَوْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=32اللَّهُ الَّذِي .. إِلَخْ لَا يَسْتَدْعِي إِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَالْإِنْفَاقَ إِلَّا بِتَقْدِيرٍ بَعِيدٍ جِدًّا هَذَا وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ قِيلَ مَا يَعُمُّ كُلَّ صَلَاةٍ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ تَطَوُّعًا وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ تَفْسِيرُهَا بِالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَفَسَّرَ الْإِنْفَاقَ بِزَكَاةِ الْأَمْوَالِ .
وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ إِنَّمَا فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَأَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ كُلَّهَا مَكِّيَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْآيَتَيْنِ لَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِحْدَاهُنَّ عِنْدَ بَعْضٍ ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْآيَةِ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ قَبْلُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِهِ فَالْأَمْرُ لِلدَّوَامِ فَتَحَقَّقْ ذَلِكَ وَلَا تَغْفُلْ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31سِرًّا وَعَلانِيَةً مُنْتَصِبَانِ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ لَكِنْ مِنَ الْأَمْرِ الْمُقَدَّرِ أَوْ مِنَ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى مَا قِيلَ وَالْأَصْلُ إِنْفَاقُ سِرٍّ وَإِنْفَاقُ عَلَانِيَةٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْتَصَبَ انْتِصَابَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ إِنْفَاقًا سِرًّا وَإِنْفَاقًا عَلَانِيَةً فَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ وَأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَا مُنْتَصِبَيْنِ عَلَى الْحَالِيَّةِ إِمَّا عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمُشْتَقِّ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ مُسِرِّينَ وَمُعْلِنِينَ أَوْ ذَوِي سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ أَوْ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ فِي سِرٍّ وَعَلَانِيَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي حُكْمِ نَفَقَةِ السِّرِّ وَنَفَقَةِ الْعَلَانِيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ فَيَبْتَاعُ الْمُقَصِّرُ فِيهِ مَا يَتَلَافَى بِهِ تَقْصِيرَهُ أَوْ يَفْتَدِي بِهِ نَفْسَهُ وَالْمَقْصُودُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ نَفْيُ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ بِالْمَرَّةِ وَتَخْصِيصُ الْبَيْعِ بِالذِّكْرِ لِلْإِيجَازِ مَعَ الْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ الْعَقْدِ إِذِ انْتِفَاءُ الْبَيْعِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الشِّرَاءِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ وَانْتِفَاؤُهُ رُبَّمَا يُتَصَوَّرُ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِيجَابِ مِنَ الْبَائِعِ . انْتَهَى . وَقِيلَ : إِنَّ الْبَيْعَ كَمَا يُسْتَعْمَلُ فِي إِعْطَاءِ الْمُثَمَّنِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَهُوَ الْمَعْنَى الشَّائِعُ يُسْتَعْمَلُ فِي إِعْطَاءِ الثَّمَنِ وَأَخْذِ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ مَعْنَى الشِّرَاءِ وَعَلَى هَذَا جَاءَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى
[ ص: 222 ] عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670688لَا يَبِيعَنَّ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ إِرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ هُنَا فَإِنَّ قُلْنَا بِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ أَوْ فِي النَّفْيِ كَمَا قَالَ بِهِ ابْنُ الْهُمَامِ فَذَاكَ وَإِلَّا احْتَجْنَا إِلَى ارْتِكَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ : لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31وَلا خِلالٌ . (31) . أَيْ مُخَالَّةٌ فَهُوَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ كَالْخِلَالِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13673الْأَخْفَشُ : هُوَ جَمْعُ خَلِيلٍ كَأَخِلَّاءَ وَأَخِلَّةٍ وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ وَهُوَ نَفْيُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ خَلِيلٌ يُنْتَفَعُ بِهِ بِأَنْ يَشْفَعَ لَهُ أَوْ يُسَامِحَهُ بِمَا يُفْتَدَى بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا انْتِفَاعَ فِيهِ لِمَا لَهِجُوا بِتَعَاطِيهِ مِنَ الْبَيْعِ وَالْمُخَالَفَةِ وَلَا انْتِفَاعَ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا الِانْتِفَاعُ وَالِارْتِفَاقُ فِيهِ بِالْإِنْفَاقِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمَنْفِيُّ الْبَيْعُ وَالْخِلَالُ فِي الْآخِرَةِ وَعَلَى هَذَا الْمُرَادِ نَفْيُ الْبَيْعِ وَالْخِلَالِ اللَّذَيْنِ كَانَا فِي الدُّنْيَا بِمَعْنَى نَفْيِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31فِيهِ ظَرْفٌ لِلِانْتِفَاعِ الْمُقَدَّرِ حَسْبَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ وَلَا يُشْكِلُ مَا هُنَا مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ حَيْثُ أَثْبَتَ فِيهِ الْمُخَالَفَةَ وَعَدَمَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْمُتَّقِينَ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا عَلَى مَا قِيلَ نَفْيُ الْمُخَالَفَةِ النَّافِعَةِ بِذَاتِهَا فِي تَدَارُكِ مَا فَاتَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي تِلْكَ الْآيَةِ أَنَّ الْمُتَّقِينَ يَتَدَارَكُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا فَاتَ .
وَقِيلَ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ : إِنَّ الْمُرَادَ لَا مُخَالَّةَ بِسَبَبِ مَيْلِ الطَّبْعِ وَرَغْبَةِ النَّفْسِ وَتِلْكَ الْمُخَالَّةُ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ الْمُتَّقِينَ فِي اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الْإِثْبَاتِ لَا يَلْزَمُهُ النَّفْيُ وَإِنَّ سُلِّمَ لُزُومُهُ فَنَفْيُ الْعَدَاوَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُخَالَّةُ وَهُوَ كَمَا تَرَى وَمِثْلُهُ مَا قِيلَ : إِنَّ الْإِثْبَاتَ وَالنَّفْيَ بِحَسَبِ الْمَوَاطِنِ وَالظَّرْفُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَمْرِ الْمُقَدَّرِ وَعَلَّقَهُ بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورُ مَنْ رَأَى رَأْيَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ وَمَنْ مَعَهُ بَلْ وَبَعْضُ مَنْ رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ وَتَذْكِيرُ إِتْيَانِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى مَا فِي إِرْشَادِ الْعَقْلِ السَّلِيمِ لِتَأْكِيدِ مَضْمُونِ الْأَمْرِ مِنْ حَيْثُ أَنَّ كُلًّا مِنْ فِقْدَانِ الشَّفَاعَةِ وَمَا يُتَدَارَكُ بِهَا لِتَقْصِيرِ مُعَارَضَةٍ وَتَبَرُّعًا وَانْقِطَاعُ آثَارِ الْبَيْعِ وَالْخِلَالِ الْوَاقِعَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَعَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا مِنْ أَقْوَى الدَّوَاعِي إِلَى الْإِتْيَانِ بِمَا تَبْقَى عَوَائِدُهُ وَتَدُومُ فَوَائِدُهُ مِنَ
الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ حَيْثُ أَنَّ ادِّخَارَ الْمَالِ وَتَرْكَ إِنْفَاقِهِ إِنَّمَا يَقَعُ غَالِبًا لِلتِّجَارَاتِ وَالْمُهَادَاةِ فَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ فَلَا وَجْهَ لِادِّخَارِهِ إِلَى وَقْتِ الْمَوْتِ وَتَخْصِيصُ أَمْرِ الْإِنْفَاقِ بِذَلِكَ التَّأْكِيدِ لِمَيْلِ النُّفُوسِ إِلَى الْمَالِ وَكَوْنِهَا مَجْبُولَةً عَلَى حُبِّهِ وَالضِّنَةِ بِهِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ تَأْكِيدًا لِمَضْمُونِ الْأَمْرِ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ أَنَّ تَرْكَهَا كَثِيرًا مَا لَا يَكُونُ لِلِاشْتِغَالِ بِالْبِيَاعَاتِ وَالْمُخَالَلَاتِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ بُعْدَهُ لَفْظًا بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31سِرًّا وَعَلانِيَةً بِالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ ثُمَّ إِنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْآيَةِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَاقْتَصَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَكَلَامُهُ فِي تَقْرِيرِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ فَائِدَةَ التَّقْيِيدِ الْحَثُّ عَلَى الْإِنْفَاقِ حَسْبَمَا بَيَّنَهُ فِي الْكَشْفِ وَفِيهِ فِي تَقْرِيرِ الْحَاصِلِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ أَيْ لَا انْتِفَاعَ بِهِمَا كِنَايَةً عَنِ الِانْتِفَاعِ بِمَا يُقَابِلُهُمَا وَهُوَ مَا أُنْفِقَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ حَثٌّ عَلَى الْإِنْفَاقِ لِوَجْهِهِ سُبْحَانَهُ كَأَنَّهُ قِيلَ : لِيُنْفِقُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ يَنْتَفِعُ بِإِنْفَاقِهِمُ الْمُنْفِقُونَ لَهُ وَلَا يَنْفَعُ النَّدَمُ لِمَنْ أَمْسَكَ وَالْعُدُولُ إِلَى مَا فِي النَّظْمِ الْجَلِيلِ لِيُفِيدَ الْحَصْرَ وَإِنَّ ذَلِكَ وَحْدَهُ هُوَ الْمُنْتَفَعُ بِهِ وَلِيُفِيدَ الْمُضَادَّةَ بَيْنَ مَا يَنْفَعُ عَاجِلِيًّا وَمَا يَنْفَعُ آجِلِيًّا وَذُكِرَ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ أَنَّ الْمَعْنَى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا تَقْدِرُونَ فِيهِ عَلَى تَدَارُكِ مَا فَاتَكُمْ مِنَ الْإِنْفَاقِ لِأَنَّهُ لَا بَيْعٌ حَتَّى تَبْتَاعُوا مَا تُنْفِقُونَهُ وَلَا خُلَّةٌ حَتَّى يُسَامِحَكُمْ أَخِلَّاؤُكُمْ بِهِ وَبَيَّنَ الْمُدَقِّقُ وَجْهَ اخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ بِمَوْضِعِهِ مَعَ صِحَّةِ جَرَيَانِهِمَا جَمِيعًا فِي
[ ص: 223 ] كُلٍّ مِنَ الْمَوْضِعَيْنِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ خِطَابٌ عَامٌّ فَكَانَ الْحَثُّ فِيهِ عَلَى الْإِنْفَاقِ مُطْلَقًا وَتَصْوِيرُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ نَفْسَهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ فَلْيُغْتَنَمْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ يَفُوتُ فِيهِ وَلَا يُدْرِكُهُ الطَّالِبُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمُقْتَضَى الْمَقَامِ وَأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا اخْتُصَّ بِالْخُلَّصِ كَانَ الْمُوَافِقُ لِلْمَقَامِ تَحْرِيضَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْإِنْفَاقِ لِيَدُومُوا عَلَيْهِ فَقِيلَ : دُومُوا عَلَيْهِ وَتَمَسَّكُوا بِهِ تَغْتَبِطُوا يَوْمَ لَا يَنْفَعُ إِلَّا مَنْ دَامَ عَلَيْهِ وَلَوْ قِيلَ : دُومُوا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَكُمْ وَلَا تُدْرِكُوهُ لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْوَكَادَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بِالْحَثِّ عَلَى طَلَبِ أَصْلِ الْفِعْلِ أَشْبَهُ وَالثَّانِيَ بِطَلَبِ الدَّوَامِ فَتَفَطَّنْ لَهُ . اهَـ . وَلَا يَخْلُو عَنْ دَغْدَغَةٍ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرٍو nindex.php?page=showalam&ids=16456وَابْنُ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=17379وَيَعْقُوبُ ( لَا بَيْعَ فِيهَا وَلَا خِلَالَ ) بِفَتْحِ الِاسْمَيْنِ تَنْصِيصًا عَلَى اسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ وَدَلَالَةُ الرَّفْعِ عَلَى ذَلِكَ بِاعْتِبَارٍ خِطَابِيٍّ هُوَ عَلَى مَا قِيلَ وُقُوعُهُ فِي جَوَابِ هَلْ فِيهِ بِيعٌ أَوْ خِلَالٌ