وقوله جل وعلا:
nindex.php?page=treesubj&link=20091_27470_29677_30532_30614_33679_34190_7856_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك يشهد له، وأنت تعلم أن قرينة التخصيص بهما غير ظاهرة، والفاء في هذه الآية واقعة في جواب شرط محذوف، ينساق إليه النظم الكريم، أي: إذا كان الأمر كما حكي من عدم طاعة المنافقين وتقصير الآخرين في مراعاة أحكام الإسلام فقاتل أنت وحدك غير مكترث بما فعلوا.
ونقل
الطبرسي في اتصال الآية قولين:
أحدهما: أنها متصلة بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما والمعنى: فإن أردت الأجر العظيم فقاتل، ونقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج.
وثانيهما: أنها متصلة بقوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمعنى: إن لم يقاتلوا في سبيل الله فقاتل أنت وحدك، وقيل: هي متصلة بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76فقاتلوا أولياء الشيطان ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84لا تكلف إلا نفسك لا تكلف إلا فعلها؛ إذ لا تكليف بالذوات، وهو استثناء مقرر لما قبله، فإن اختصاص تكليفه عليه الصلاة والسلام بفعل نفسه من موجبات مباشرته - صلى الله عليه وسلم - للقتال وحده، وفيه دلالة على أن ما فعلوه من التثبيط والتقاعد لا يضره صلى الله عليه وسلم، ولا يؤاخذ به.
وذهب بعض المحققين إلى أن الكلام مجاز أو كناية عن ذلك، فلا يرد أنه مأمور بتكليف الناس، فكيف هذا ولا حاجة إلى ما قيل، بل في ثبوته فقال: إنه - عليه الصلاة والسلام -كان مأمورا بأن يقاتل وحده أولا، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق - رضي الله تعالى عنه - في أهل الردة: أقاتلهم وحدي، ولو خالفتني يميني لقاتلتها بشمالي.
وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء هذه الجملة في موضع الحال من فاعل (قاتل) أي: فقاتل غير مكلف إلا نفسك، وقرئ (لا تكلف) بالجزم على أن (لا) ناهية، والفعل مجزوم بها، أي: لا تكلف أحدا الخروج إلا نفسك، وقيل: هو مجزوم في جواب الأمر وهو بعيد، (ولا نكلف) بالنون على بناء الفاعل، فـ(نفسك) مفعول ثان بتقدير مضاف، وليس في موقع المفعول الأول، أي: لا نكلفك إلا فعل نفسك، لا أنا لا نكلف أحدا إلا نفسك، وقيل: لا مانع من ذلك، على معنى: لا نكلف أحدا هذا التكليف إلا نفسك، والمراد من هذا التكليف مقاتلته وحده.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84وحرض المؤمنين أي: حثهم على القتال، ورغبهم فيه، وعظهم
[ ص: 97 ] لما أنهم آثمون بالتخلف لفرضه عليهم قبل هذا بسنين، وأصل التحريض إزالة الحرض، وهو ما لا خير فيه ولا يعتد به، فالتفعيل للسلب والإزالة، كقذيته وجلدته، ولم يذكر المحرض عليه لغاية ظهوره.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84عسى الله أن يكف بأس نكاية
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84الذين كفروا ومنهم
قريش، و(عسى) من الله تعالى - كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وغيره – تحقيق، وقد فعل سبحانه ما وعد به، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -
واعد صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان بعد حرب أحد موسم بدر الصغرى في ذي القعدة فلما بلغ الميعاد، دعا الناس إلى الخروج فكرهه بعضهم، فنزلت، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع جماعة من أصحابه - رضي الله تعالى عنهم - حتى أتى موسم بدر، فكفاهم الله سبحانه بأس العدو، ولم يوافقهم nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان، وألقى الله الرعب في قلبه، ولم يكن قتال يومئذ، وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه سالمين. nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84والله أشد بأسا من الذين كفروا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84وأشد تنكيلا أي: تعذيبا، وأصله التعذيب بالنكل، وهو القيد، فعمم، والمقصود من الجملة التهديد والتشجيع، وإظهار الاسم الجليل لتربية المهابة، وتعليل الحكم، وتقوية استقلال الجملة، وتذكير الخبر لتأكيد التشديد، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=85من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب أي: حظ وافر
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=85منها أي: من ثوابها جملة مستأنفة، سيقت لبيان أن له عليه الصلاة والسلام بما أمر به من تحريض المؤمنين حظا موفورا من الثواب، وبه ترتبط الآية بما قبلها كما قال
القاضي.
وقال
علي بن عيسى: إنه سبحانه لما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84لا تكلف إلا نفسك مشيرا به إلى أنه - عليه الصلاة والسلام - غير مؤاخذ بفعل غيره كان مظنة لتوهم أنه كما لا يؤاخذ بفعل غيره لا يزيد عمله بعمل غيره أيضا، فدفع ما عسى أن يتوهم بذلك، وليس بشيء كما لا يخفى، و(الشفاعة) هي التوسط بالقول في وصول الشخص ولو كان أعلى قدرا من الشفيع إلى منفعة من المنافع الدنيوية أو الأخروية أو خلاصه عن مضرة ما كذلك، من الشفع، ضد الوتر، كأن المشفوع له كان وترا فجعله الشفيع شفعا، ومنه الشفيع في الملك؛ لأنه يضم ملك غيره إلى نفسه أو يضم نفسه إلى من يشتريه ويطلبه منه، و(الحسنة) منها ما كانت في أمر مشروع روعي بها حق مسلم ابتغاء لوجه الله تعالى، ومنها الدعاء للمسلمين، فإنه شفاعة معنى عند الله تعالى.
روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=73619«من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له، وقال الملك: ولك مثل ذلك» وفيه بيان لمقدار النصيب الموعود، ولا أرى حسنا إطلاق الشفاعة على الدعاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - بل لا أكاد أسوغه، وإن كانت فيه منفعة له - صلى الله عليه وسلم - كما أن فيه منفعة لنا على الصحيح.
وتفسيرها بالدعاء - كما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي – أو بالصلح بين اثنين - كما روى
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - لعله من باب التمثيل لا التخصيص، وكون التحريض الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - من باب الشفاعة ظاهر، فإن المؤمنين تخلصوا بذلك من مضرة التثبط وتعيير العدو، واحتمال الذل، وفازوا بالأجر الجزيل المخبوء لهم يوم القيامة، وربحوا أموالا جسيمة بسبب ذلك، فقد روي أنه عليه الصلاة والسلام لما وافى بجيشه
بدرا ولم ير بها أحدا من العدو أقام ثماني ليال، وكان معهم تجارات فباعوها وأصابوا خيرا كثيرا.
ومن الناس من فسر الشفاعة هنا بأن يصير الإنسان شفع صاحبه في طاعة أو معصية، والحسنة منها ما كان في طاعة، فالجملة مسوقة للترغيب في الجهاد والترهيب عن التخلف والتقاعد، وأمر الارتباط عليه ظاهر، ولا بأس به، غير أن الجمهور على خلافه.
وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=treesubj&link=20091_27470_29677_30532_30614_33679_34190_7856_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ يَشْهَدُ لَهُ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ قَرِينَةَ التَّخْصِيصِ بِهِمَا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ، وَالْفَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، يَنْسَاقُ إِلَيْهِ النَّظْمُ الْكَرِيمُ، أَيْ: إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا حُكِيَ مِنْ عَدَمِ طَاعَةِ الْمُنَافِقِينَ وَتَقْصِيرِ الْآخَرِينَ فِي مُرَاعَاةِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَقَاتِلْ أَنْتَ وَحْدَكَ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بِمَا فَعَلُوا.
وَنَقَلَ
الطَّبَرْسِيُّ فِي اتِّصَالِ الْآيَةِ قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا وَالْمَعْنَى: فَإِنْ أَرَدْتَ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ فَقَاتِلْ، وَنُقِلَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ.
وَثَانِيهُمَا: أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَعْنَى: إِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَاتِلْ أَنْتَ وَحْدَكَ، وَقِيلَ: هِيَ مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا فِعْلَهَا؛ إِذْ لَا تَكْلِيفَ بِالذَّوَاتِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُقَرِّرٌ لِمَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ اخْتِصَاصَ تَكْلِيفِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ مِنْ مُوجِبَاتِ مُبَاشَرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْقِتَالِ وَحْدَهُ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ مَا فَعَلُوهُ مِنَ التَّثْبِيطِ وَالتَّقَاعُدِ لَا يَضُرُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْكَلَامَ مَجَازٌ أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ ذَلِكَ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَكْلِيفِ النَّاسِ، فَكَيْفَ هَذَا وَلَا حَاجَةَ إِلَى مَا قِيلَ، بَلْ فِي ثُبُوتِهِ فَقَالَ: إِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -كَانَ مَأْمُورًا بِأَنْ يُقَاتِلَ وَحْدَهُ أَوَّلًا، وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ: أُقَاتِلُهُمْ وَحْدِي، وَلَوْ خَالَفَتْنِي يَمِينِي لَقَاتَلْتُهَا بِشِمَالِي.
وَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ (قَاتِلْ) أَيْ: فَقَاتِلْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ إِلَّا نَفْسَكَ، وَقُرِئَ (لَا تُكَلِّفْ) بِالْجَزْمِ عَلَى أَنَّ (لَا) نَاهِيَةٌ، وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ بِهَا، أَيْ: لَا تُكَلِّفْ أَحَدًا الْخُرُوجَ إِلَّا نَفْسَكَ، وَقِيلَ: هُوَ مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ وَهُوَ بِعِيدٌ، (وَلَا نُكَلِّفُ) بِالنُّونِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ، فَـ(نَفْسَكُ) مَفْعُولٌ ثَانٍ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَلَيْسَ فِي مَوْقِعِ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ، أَيْ: لَا نُكَلِّفُكَ إِلَّا فِعْلَ نَفْسِكَ، لَا أَنَا لَا نُكَلِّفُ أَحَدًا إِلَّا نَفْسَكَ، وَقِيلَ: لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، عَلَى مَعْنَى: لَا نُكَلِّفُ أَحَدًا هَذَا التَّكْلِيفَ إِلَّا نَفْسَكَ، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّكْلِيفِ مُقَاتَلَتُهُ وَحْدَهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ: حُثَّهُمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَرَغِّبْهُمْ فِيهِ، وَعِظْهُمْ
[ ص: 97 ] لِمَا أَنَّهُمْ آثِمُونَ بِالتَّخَلُّفِ لِفَرْضِهِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ هَذَا بِسِنِينَ، وَأَصْلُ التَّحْرِيضِ إِزَالَةُ الْحَرَضِ، وَهُوَ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، فَالتَّفْعِيلُ لِلسَّلْبِ وَالْإِزَالَةِ، كَقَذَيْتُهُ وَجَلَدْتُهُ، وَلَمْ يُذْكَرِ الْمُحَرَّضُ عَلَيْهِ لِغَايَةِ ظُهُورِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ نِكَايَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84الَّذِينَ كَفَرُوا وَمِنْهُمْ
قُرَيْشٌ، وَ(عَسَى) مِنَ اللَّهِ تَعَالَى - كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ – تَحْقِيقٌ، وَقَدْ فَعَلَ سُبْحَانَهُ مَا وَعَدَ بِهِ، فَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -
وَاعَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبَا سُفْيَانَ بَعْدَ حَرْبِ أُحُدٍ مَوْسِمَ بَدْرٍ الصُّغْرَى فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَلَمَّا بَلَغَ الْمِيعَادُ، دَعَا النَّاسَ إِلَى الْخُرُوجِ فَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، فَنَزَلَتْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - حَتَّى أَتَى مَوْسِمَ بَدْرٍ، فَكَفَاهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَأْسَ الْعَدُوِّ، وَلَمْ يُوَافِقْهُمْ nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبُو سُفْيَانَ، وَأَلْقَى اللَّهُ الرُّعْبَ فِي قَلْبِهِ، وَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ يَوْمَئِذٍ، وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْ مَعَهُ سَالِمِينَ. nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84وَأَشَدُّ تَنْكِيلا أَيْ: تَعْذِيبًا، وَأَصْلُهُ التَّعْذِيبُ بِالنِّكْلِ، وَهُوَ الْقَيْدُ، فَعُمِّمَ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْجُمْلَةِ التَّهْدِيدُ وَالتَّشْجِيعُ، وَإِظْهَارُ الِاسْمِ الْجَلِيلِ لِتَرْبِيَةِ الْمَهَابَةِ، وَتَعْلِيلِ الْحُكْمِ، وَتَقْوِيَةِ اسْتِقْلَالِ الْجُمْلَةِ، وَتَذْكِيرُ الْخَبَرِ لِتَأْكِيدِ التَّشْدِيدِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=85مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ أَيْ: حَظٌّ وَافِرٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=85مِنْهَا أَيْ: مِنْ ثَوَابِهَا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، سِيقَتْ لِبَيَانِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ تَحْرِيضِ الْمُؤْمِنِينَ حَظًّا مَوْفُورًا مِنَ الثَّوَابِ، وَبِهِ تَرْتَبِطُ الْآيَةُ بِمَا قَبْلَهَا كَمَا قَالَ
الْقَاضِي.
وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ عِيسَى: إِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=84لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ مُشِيرًا بِهِ إِلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَانَ مَظِنَّةً لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ كَمَا لَا يُؤَاخَذُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ لَا يَزِيدُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ غَيْرِهِ أَيْضًا، فَدُفِعَ مَا عَسَى أَنْ يُتَوَهَّمَ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَ(الشَّفَاعَةُ) هِيَ التَّوَسُّطُ بِالْقَوْلِ فِي وَصُولِ الشَّخْصِ وَلَوْ كَانَ أَعْلَى قَدْرًا مِنَ الشَّفِيعِ إِلَى مَنْفَعَةٍ مِنَ الْمَنَافِعِ الدُّنْيَوِيَّةِ أَوِ الْأُخْرَوِيَّةِ أَوْ خَلَاصُهُ عَنْ مَضَرَّةٍ مَا كَذَلِكَ، مِنَ الشَّفْعِ، ضِدُّ الْوِتْرِ، كَأَنَّ الْمَشْفُوعَ لَهُ كَانَ وِتْرًا فَجَعَلَهُ الشَّفِيعُ شَفْعًا، وَمِنْهُ الشَّفِيعُ فِي الْمُلْكِ؛ لِأَنَّهُ يَضُمُّ مُلْكَ غَيْرِهِ إِلَى نَفْسِهِ أَوْ يَضُمُّ نَفْسَهُ إِلَى مَنْ يَشْتَرِيهِ وَيَطْلُبُهُ مِنْهُ، وَ(الْحَسَنَةُ) مِنْهَا مَا كَانَتْ فِي أَمْرٍ مَشْرُوعٍ رُوعِيَ بِهَا حَقُّ مُسْلِمٍ ابْتِغَاءً لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهَا الدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ شَفَاعَةُ مَعْنًى عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=73619«مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ اسْتُجِيبَ لَهُ، وَقَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ مِثْلُ ذَلِكَ» وَفِيهِ بَيَانٌ لِمِقْدَارِ النَّصِيبِ الْمَوْعُودِ، وَلَا أَرَى حَسَنًا إِطْلَاقَ الشَّفَاعَةِ عَلَى الدُّعَاءِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ لَا أَكَادُ أُسَوِّغُهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لَنَا عَلَى الصَّحِيحِ.
وَتَفْسِيرُهَا بِالدُّعَاءِ - كَمَا نُقِلَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13980الْجُبَّائِيِّ – أَوْ بِالصُّلْحِ بَيْنَ اثْنَيْنِ - كَمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15097الْكَلْبِيُّ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَعَلَّهُ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ لَا التَّخْصِيصِ، وَكَوْنُ التَّحْرِيضِ الَّذِي فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَابِ الشَّفَاعَةِ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ تَخَلَّصُوا بِذَلِكَ مِنْ مَضَرَّةِ التَّثَبُّطِ وَتَعْيِيرِ الْعَدُوِّ، وَاحْتِمَالِ الذُّلِّ، وَفَازُوا بِالْأَجْرِ الْجَزِيلِ الْمَخْبُوءِ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَرَبِحُوا أَمْوَالًا جَسِيمَةً بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا وَافَى بِجَيْشِهِ
بَدْرًا وَلَمْ يَرَ بِهَا أَحَدًا مِنَ الْعَدُوِّ أَقَامَ ثَمَانِيَ لَيَالٍ، وَكَانَ مَعَهُمْ تِجَارَاتٌ فَبَاعُوهَا وَأَصَابُوا خَيْرًا كَثِيرًا.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ فَسَّرَ الشَّفَاعَةَ هُنَا بَأَنْ يَصِيرَ الْإِنْسَانُ شَفْعَ صَاحِبِهِ فِي طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، وَالْحَسَنَةُ مِنْهَا مَا كَانَ فِي طَاعَةٍ، فَالْجُمْلَةُ مَسُوقَةٌ لِلتَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ وَالتَّرْهِيبِ عَنِ التَّخَلُّفِ وَالتَّقَاعُدِ، وَأَمْرُ الِارْتِبَاطِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ، وَلَا بَأْسَ بِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ.