nindex.php?page=treesubj&link=19881_30454_30610_30614_34092_34199_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وإن كان كبر أي شق وعظم، وأتى بـ (كان) على ما قيل ليبقى الشرط على المضي ولا ينقلب مستقبلا لأن (كان) لقوة دلالته على المضي لا تقلبه (إن) للاستقبال بخلاف سائر الأفعال وهو مذهب المبرد، والنحويون يؤولون ذلك بنحو وإن تبين وظهر أنه
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35كبر عليك إعراضهم أي الكفار عن الإيمان بك وبما جئت به من القرآن المجيد حسبما يفصح عنه قولهم فيه (أساطير الأولين) وينبئ عنه فعلهم من النأي والنهي، ولعل التعبير بالإعراض دون التكذيب مع أن التسلية على ما ينبئ عنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=34ولقد كذبت رسل من قبلك كانت عنه لتهويل أمر التكذيب وهو فاعل (كبر) ، وتقديم الجار والمجرور لما مر مرارا. والجملة خبر (كان) مفسرة لاسمها الذي هو ضمير الشأن. ولا حاجة إلى تقدير (قد) ، وقيل : اسم كان (إعراضهم) و (كبر) مع فاعله المستتر الراجع إلى الاسم خبر لها مقدم على اسمها، والكلام استئناف مسوق لتأكيد إيجاب الصبر المستفاد من التسلية ببيان أن ذلك أمر لا محيد عنه أصلا
وفي بعض الآثار أن
الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في محضر من
قريش فقالوا : يا
محمد ائتنا بآية من عند الله كما كانت الأنبياء تفعل وإنا نصدقك فأبى الله تعالى أن يأتيهم بآية مما اقترحوا فأعرضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق ذلك عليه عليه الصلاة والسلام لما أنه كان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على إيمان قومه فكان إذا سألوه آية يود أن ينزلها الله تعالى طمعا في إيمانهم فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فإن استطعت أي إن قدرت وتهيأ لك
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35أن تبتغي أي تطلب نفقا في الأرض هو السرب فيها له مخلص إلى مكان كما في القاموس، وأصل معناه جحر اليربوع ومنه النافقاء لأحد منافذه ويقال لها النفقة كهمزة وهي التي يكتمها ويظهر غيرها فإذا أتي من القاصعاء ضربها برأسه فانتفق ومنه أخذ النفاق، والجار متعلق بمحذوف وقع صفة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35نفقا ، والكلام على التجريد في رأي، وجوز تعلقه بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35تبتغي وبمحذوف وقع حالا من ضميره المستتر أي
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35نفقا كائنا في الأرض أو تبتغي في الأرض أو تبتغي أنت حال كونك في الأرض
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35أو سلما في السماء أي مرقاة فيها أخذا من السلامة، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج لأنه الذي يسلمك إلى مصعدك وهو كما قال الفراء مذكر واستشهدوا لتذكيره بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=38أم لهم سلم يستمعون فيه ثم قال : وأنشدت في تأنيثه بيتا أنسيته انتهى
قال
الغضايري: البيت الذي أنسيه الفراء بيت أوس وهو : لنا سلم في المجد لا يرتقونها وليس لهم في سورة المجد سلم وأنشدوا أيضا في تذكيره: الشعر صعب وطويل سلمه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه يريد أن يعربه فيعجمه ، وفي السماء نظير ما في الجار قبله من الاحتمالات
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فتأتيهم أي منها
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35بآية مما اقترحوه من الآيات، والفاء في صدر هذه الشرطية جوابية وجواب الشرط فيها محذوف، ولك تقديره أتيت بصيغة الخبر
[ ص: 139 ] أو فافعل فعل أمر، والجملة جواب الشرط الأول، والمعنى إن شق عليك إعراضهم عن الإيمان وأحببت أن تجيبهم عما سألوه اقتراحا ليؤمنوا فإن استطعت كذا فتأتيهم بآية فافعل، وفيه إشارة إلى مزيد حرصه صلى الله عليه وسلم على إيمان قومه وتحصيل مطلوبهم واقتراحهم مع الإيماء إلى توبيخ القوم، أو المعنى: إن شق عليك إعراضهم فلو قدرت أن تأتي بالمحال أتيت به، والمقصود بيان أنه صلى الله عليه وسلم بلغ في الحرص على إيمانهم إلى هذه الغاية وفيه إشعار ببعد إسلامهم عن دائرة الوجود كما لا يخفى على المتدبر، وإيثار الابتغاء على الاتخاذ ونحوه للإيذان بأن ما ذكر من النفق والسلم مما لا يستطيع ابتغاءه فكيف باتخاذه
وجوز أن يكون ابتغاء ذينك الأمرين أعني نفس النفوذ في الأرض والصعود إلى السماء آية، فالفاء في (فتأتيهم) حينئذ تفسيرية وتنوين (آية) للتفخيم، والمعنى عليه فإن استطعت ابتغاءهما فتجعل ذلك آية لهم فعلت
ورده
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان بأن هذا يظهر من ظاهر اللفظ إذ لو كان كذلك لكان التركيب فتأتيهم بذلك آية أي آية، وأيضا فأي آية في دخول سرب في الأرض وإن صح أن يكون الرقي إلى السماء آية وما ذكرناه من أن إيتاء الآية منهما هو الظاهر المتبادر إلى الأذهان، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الأسماء والصفات عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقيل : أن المراد فتأتيهم بآية من السماء وابتغاء النفق للهرب وأيد بما أخرجه
الطستي عن
نافع بن الأزرق أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخبرني عن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض فقال رضي الله تعالى عنه سربا في الأرض فتذهب هربا وفيه بعد، وخبر
الأزرق قد قيل فيه ما قيل
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35ولو شاء الله لجمعهم على الهدى أي لو شاء الله تعالى جمعهم على ما أنتم عليه من الهدى لجمعهم عليه بأن يوفقهم للإيمان فيؤمنوا معكم ولكن لم يشأ ذلك سبحانه لسوء اختيارهم حسبما علمه الله تعالى منهم في أزل الآزال، وقال
المعتزلة : المراد لو شاء سبحانه جمعهم على الهدى لفعل بأن يأتيهم بآية ملجئة إليه لكنه جل شأنه لم يفعل ذلك لخروجه عن الحكمة، والحق ما عليه أهل السنة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فلا تكونن من الجاهلين
53
- أي إذا عرفت أنه سبحانه لم يشأ هدايتهم وإيمانهم فلا تكن بالحرص الشديد على إسلامهم أو الميل إلى نزول مقترحاتهم من قوم ينسبون إلى الجهل بدقائق شئونه تعالى، وجوز أن يراد بالجاهلين على ما نقل عن
المعتزلة المقترحون، ويراد بالنهي منعه صلى الله تعالى عليه وسلم من المساعدة على اقتراحهم إيرادهم بعنوان الجهل دون الكفر لتحقق مناط النهي
وقال الجبائي : المراد لا تجزع في موطن الصبر فيقارب حالك حال الجاهلين بأن تسلك سبيلهم، والأول أولى وفي خطابه سبحانه لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم بهذا الخطاب دون خطابه بما خوطب به نوح عليه السلام من قوله سبحانه له :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=46إني أعظك أن تكون من الجاهلين إشارة إلى مزيد شفقته صلى الله عليه وسلم واشتباب حرصه عليه الصلاة والسلام فافهم هذا
nindex.php?page=treesubj&link=19881_30454_30610_30614_34092_34199_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَإِنْ كَانَ كَبُرَ أَيْ شَقَّ وَعَظُمَ، وَأَتَى بِـ (كَانَ) عَلَى مَا قِيلَ لِيَبْقَى الشَّرْطُ عَلَى الْمُضِيِّ وَلَا يَنْقَلِبُ مُسْتَقْبَلًا لِأَنَّ (كَانَ) لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمُضِيِّ لَا تَقْلِبُهُ (إِنْ) لِلِاسْتِقْبَالِ بِخِلَافِ سَائِرٍ الْأَفْعَالِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُبَرِّدِ، وَالنَّحْوِيُّونَ يُؤَوِّلُونَ ذَلِكَ بِنَحْوِ وَإِنْ تَبَيَّنَ وَظَهَرَ أَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ أَيِ الْكُفَّارِ عَنِ الْإِيمَانِ بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ حَسْبَمَا يُفْصِحُ عَنْهُ قَوْلُهُمْ فِيهِ (أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) وَيُنْبِئُ عَنْهُ فِعْلُهُمْ مِنَ النَّأْيِ وَالنَّهْيِ، وَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ بِالْإِعْرَاضِ دُونَ التَّكْذِيبِ مَعَ أَنَّ التَّسْلِيَةَ عَلَى مَا يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=34وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ كَانَتْ عَنْهُ لِتَهْوِيلِ أَمْرِ التَّكْذِيبِ وَهُوَ فَاعِلُ (كَبُرَ) ، وَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِمَا مَرَّ مِرَارًا. وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ (كَانَ) مُفَسِّرَةٌ لِاسْمِهَا الَّذِي هُوَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ. وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ (قَدْ) ، وَقِيلَ : اسْمُ كَانَ (إِعْرَاضُهُمْ) و (كَبُرَ) مَعَ فَاعِلِهِ الْمُسْتَتِرِ الرَّاجِعِ إِلَى الِاسْمِ خَبَرٌ لَهَا مُقَدَّمٌ عَلَى اسْمِهَا، وَالْكَلَامُ اسْتِئْنَافٌ مَسُوقٌ لِتَأْكِيدِ إِيجَابِ الصَّبْرِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ التَّسْلِيَةِ بِبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا مَحِيدَ عَنْهُ أَصْلًا
وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ
الْحَارِثَ بْنَ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَحْضَرٍ مِنْ
قُرَيْشٍ فَقَالُوا : يَا
مُحَمَّدُ ائْتِنَا بِآيَةٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَفْعَلُ وَإِنَّا نَصْدُقُكَ فَأَبَى اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ مِمَّا اقْتَرَحُوا فَأَعْرَضُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمَا أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى إِيمَانِ قَوْمِهِ فَكَانَ إِذَا سَأَلُوهُ آيَةً يَوَدُّ أَنْ يَنْزِلَهَا اللَّهُ تَعَالَى طَمَعًا فِي إِيمَانِهِمْ فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَيْ إِنْ قَدَرْتَ وَتَهَيَّأَ لَكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35أَنْ تَبْتَغِيَ أَيْ تَطْلُبَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ هُوَ السَّرَبُ فِيهَا لَهُ مَخْلَصٌ إِلَى مَكَانٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَأَصْلُ مَعْنَاهُ جُحْرُ الْيَرْبُوعِ وَمِنْهُ النَّافِقَاءُ لِأَحَدِ مَنَافِذِهِ وَيُقَالُ لَهَا النُّفَقَةُ كَهُمَزَةٍ وَهِيَ الَّتِي يَكْتُمُهَا وَيُظْهِرُ غَيْرَهَا فَإِذَا أُتِيَ مِنَ الْقَاصِعَاءِ ضَرَبَهَا بِرَأْسِهِ فَانْتَفَقَ وَمِنْهُ أُخِذَ النِّفَاقُ، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ صِفَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35نَفَقًا ، وَالْكَلَامُ عَلَى التَّجْرِيدِ فِي رَأْيٍ، وَجُوِّزَ تَعَلُّقُهُ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35تَبْتَغِيَ وَبِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِهِ الْمُسْتَتِرِ أَيْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35نَفَقًا كَائِنًا فِي الْأَرْضِ أَوْ تَبْتَغِيَ فِي الْأَرْضِ أَوْ تَبْتَغِيَ أَنْتَ حَالَ كَوْنِكَ فِي الْأَرْضِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ أَيْ مِرْقَاةً فِيهَا أَخْذًا مِنَ السَّلَامَةِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُسَلِّمُكَ إِلَى مَصْعَدِكَ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ مُذَكَّرٌ وَاسْتَشْهَدُوا لِتَذْكِيرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=38أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ : وَأَنْشَدْتُ فِي تَأْنِيثِهِ بَيْتًا أَنَسِيتَهُ انْتَهَى
قَالَ
الْغَضَايِرِيُّ: الْبَيْتُ الَّذِي أُنْسِيَهُ الْفَرَّاءُ بَيْتُ أَوْسٍ وَهُوَ : لَنَا سُلَّمٌ فِي الْمَجْدِ لَا يَرْتَقُونَهَا وَلَيْسَ لَهُمْ فِي سُورَةِ الْمَجْدِ سُلَّمُ وَأَنْشَدُوا أَيْضًا فِي تَذْكِيرِهِ: الشِّعْرُ صَعْبٌ وَطَوِيلٌ سُلَّمُهْ إِذَا ارْتَقَى فِيهِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهْ يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيُعْجِمَهْ ، وَفِي السَّمَاءِ نَظِيرُ مَا فِي الْجَارِّ قَبْلَهُ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فَتَأْتِيَهُمْ أَيْ مِنْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35بِآيَةٍ مِمَّا اقْتَرَحُوهُ مِنَ الْآيَاتِ، وَالْفَاءُ فِي صَدْرِ هَذِهِ الشُّرْطِيَّةِ جَوَابِيَّةٌ وَجَوَابُ الشَّرْطِ فِيهَا مَحْذُوفٌ، وَلَكَ تَقْدِيرُهُ أَتَيْتَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ
[ ص: 139 ] أَوْ فَافْعَلْ فِعْلَ أَمْرٍ، وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، وَالْمَعْنَى إِنْ شَقَّ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَأَحْبَبْتُ أَنْ تُجِيبَهُمْ عَمَّا سَأَلُوهُ اقْتِرَاحًا لِيُؤْمِنُوا فَإِنِ اسْتَطَعْتَ كَذَا فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ فَافْعَلْ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَزِيدِ حِرْصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِيمَانِ قَوْمِهِ وَتَحْصِيلِ مَطْلُوبِهِمْ وَاقْتِرَاحِهِمْ مَعَ الْإِيمَاءِ إِلَى تَوْبِيخِ الْقَوْمِ، أَوِ الْمَعْنَى: إِنْ شَقَّ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَلَوْ قَدَرْتَ أَنْ تَأْتِيَ بِالْمُحَالِ أَتَيْتَ بِهِ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَ فِي الْحِرْصِ عَلَى إِيمَانِهِمْ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِبُعْدِ إِسْلَامِهِمْ عَنْ دَائِرَةِ الْوُجُودِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَدَبِّرِ، وَإِيثَارُ الِابْتِغَاءِ عَلَى الِاتِّخَاذِ وَنَحْوِهِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ النَّفَقِ وَالسُّلَّمِ مِمَّا لَا يَسْتَطِيعُ ابْتِغَاءَهُ فَكَيْفَ بِاتِّخَاذِهِ
وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ ابْتِغَاءُ ذَيْنِكَ الْأَمْرَيْنِ أَعْنِي نَفْسَ النُّفُوذِ فِي الْأَرْضِ وَالصُّعُودِ إِلَى السَّمَاءِ آيَةً، فَالْفَاءُ فِي (فَتَأْتِيَهُمْ) حِينَئِذٍ تَفْسِيرِيَّةٌ وَتَنْوِينُ (آيَةٍ) لِلتَّفْخِيمِ، وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ ابْتِغَاءَهُمَا فَتَجْعَلْ ذَلِكَ آيَةً لَهُمْ فَعَلْتَ
وَرَدَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ بِأَنَّ هَذَا يَظْهَرُ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ التَّرْكِيبُ فَتَأْتِيَهُمْ بِذَلِكَ آيَةً أَيَّ آيَةٍ، وَأَيْضًا فَأَيُّ آيَةٍ فِي دُخُولِ سَرَبٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ الرُّقِيُّ إِلَى السَّمَاءِ آيَةً وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ إِيتَاءَ الْآيَةِ مِنْهُمَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الْأَذْهَانِ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقِيلَ : أَنَّ الْمُرَادَ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ وَابْتِغَاءُ النَّفَقِ لِلْهَرَبِ وَأُيِّدَ بِمَا أَخْرَجُهُ
الطَّسْتِيُّ عَنْ
نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَرَبًا فِي الْأَرْضِ فَتَذْهَبَ هَرَبًا وَفِيهِ بُعْدٌ، وَخَبَرُ
الْأَزْرَقِ قَدْ قِيلَ فِيهِ مَا قِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى أَيْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى جَمْعَهُمْ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْهُدَى لَجَمَعَهُمْ عَلَيْهِ بِأَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلْإِيمَانِ فَيُؤْمِنُوا مَعَكُمْ وَلَكِنْ لَمْ يَشَأْ ذَلِكَ سُبْحَانَهُ لِسُوءِ اخْتِيَارِهِمْ حَسْبَمَا عَلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ فِي أَزَلِ الْآزَالِ، وَقَالَ
الْمُعْتَزِلَةُ : الْمُرَادُ لَوْ شَاءَ سُبْحَانَهُ جَمْعَهُمْ عَلَى الْهُدَى لَفَعَلَ بِأَنْ يَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ مُلْجِئَةٍ إِلَيْهِ لَكِنَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْحِكْمَةِ، وَالْحَقُّ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ
53
- أَيْ إِذَا عَرَفْتَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَشَأْ هِدَايَتَهُمْ وَإِيمَانَهُمْ فَلَا تَكُنْ بِالْحِرْصِ الشَّدِيدِ عَلَى إِسْلَامِهِمْ أَوِ الْمَيْلِ إِلَى نُزُولِ مُقْتَرَحَاتِهِمْ مِنْ قَوْمٍ يُنْسَبُونَ إِلَى الْجَهْلِ بِدَقَائِقِ شُئُونِهِ تَعَالَى، وَجُوِّزَ أَنْ يُرَادَ بِالْجَاهِلِينَ عَلَى مَا نُقِلَ عَنِ
الْمُعْتَزِلَةِ الْمُقْتَرِحُونَ، وَيُرَادُ بِالنَّهْيِ مَنْعُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُسَاعَدَةِ عَلَى اقْتِرَاحِهِمْ إِيرَادَهُمْ بِعُنْوَانِ الْجَهْلِ دُونَ الْكُفْرِ لِتَحَقُّقِ مَنَاطِ النَّهْيِ
وَقَالَ الْجَبَائِيُّ : الْمُرَادُ لَا تَجْزَعْ فِي مَوْطِنِ الصَّبْرِ فَيُقَارِبُ حَالُكَ حَالَ الْجَاهِلِينَ بِأَنْ تَسْلُكُ سَبِيلَهُمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَفِي خِطَابِهِ سُبْحَانَهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْخِطَابِ دُونَ خِطَابِهِ بِمَا خُوطِبَ بِهِ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=46إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ إِشَارَةٌ إِلَى مَزِيدِ شَفَقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتِبَابِ حِرْصِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَافْهَمْ هَذَا