الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه كان من الجن على ما ذكره الله تعالى. ومنع قائل هذا بعد ذلك أن يكون من الملائكة لأمرين: أحدهما: أن له ذرية ، والملائكة لا ذرية لهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن الملائكة رسل الله سبحانه ولا يجوز عليهم الكفر ، وإبليس قد كفر ، قال الحسن : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط ، وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 314 ] الثاني: أنه من الملائكة ، ومن قالوا بهذا اختلفوا في معنى قوله تعالى كان من الجن على ثلاثة أقاويل: أحدها: ما قاله قتادة أنه كان من أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجن.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ما قاله ابن عباس ، أنه كان من الملائكة من خزان الجنة ومدبر أمر السماء الدنيا فلذلك قيل من الجن لخزانة الجنة ، كما يقال مكي وبصري.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم ، وخلق سائر الملائكة من نور ، قاله سعيد بن جبير ، قاله الحسن : خلق إبليس من نار وإلى النار يعود.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن إبليس لم يكن من الإنس ولا من الجن ، ولكن كان من الجان ، وقد مضى من ذكره واشتقاق اسمه ما أغنى. ففسق عن أمر ربه فيه وجهان: أحدهما: أن الفسق الاتساع ومعناه اتسع في محارم الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن الفسق الخروج أي خرج من طاعة ربه ، من قولهم فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها ، وسميت الفأرة فويسقة لخروجها من حجرها ، قال رؤبة بن العجاج:


                                                                                                                                                                                                                                        يهوين من نجد وغور غائرا فواسقا عن قصدها جوائرا



                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله تعالى: بئس للظالمين بدلا وجهان: أحدهما: بئس ما استبدلوا بطاعة الله طاعة إبليس ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بئس ما استبدلوا بالجنة النار.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية