الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال

                                                                                                                                                                                                [ ص: 381 ] المقول محذوف، لأن جواب "قل" يدل عليه، وتقديره: قل لعبادي الذين آمنوا أقيموا الصلاة وأنفقوا، يقيموا الصلاة وينفقوا : وجوزوا أن يكون يقيموا وينفقوا، بمعنى: ليقيموا ولينفقوا، ويكون هذا هو المقول، قالوا: وإنما جاز حذف اللام، لأن الأمر الذي هو "قل": عوض منه، ولو قيل: يقيموا الصلاة وينفقوا ابتداء بحذف اللام، لم يجز.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: علام انتصب "سرا وعلانية" ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: على الحال، أي: ذوي سر وعلانية، بمعنى: مسرين ومعلنين، أو على الظرف، أي: وقتي سر وعلانية، أو على المصدر، أي: إنفاق سر وإنفاق علانية، المعنى: إخفاء المتطوع به من الصدقات والإعلان بالواجب: والخلال: المخالة.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه: لا بيع فيه ولا خلال ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: من قبل أن الناس يخرجون أموالهم في عقود المعاوضات، فيعطون بدلا ليأخذوا مثله، وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجروا بهداياهم أمثالها أو خيرا منها، وأما الإنفاق لوجه الله خالصا; كقوله تعالى: وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى [الليل: 19 - 20] فلا يفعله إلا المؤمنون الخلص، فبعثوا عليه ليأخذوا بدله في يوم لا بيع فيه ولا خلال، أي: لا انتفاع فيه بمبايعة ولا بمخالة، ولا بما ينفقون به أموالهم من المعاوضات والمكارمات، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله، وقرئ: "لا بيع فيه ولا خلال" بالرفع.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية