الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا

                                                                                                                                                                                                تساقط : فيه تسع قراءات : "تساقط" : بإدغام التاء ، و "تتساقط" : بإظهار التاءين ، و "تساقط" : بطرح الثانية ، و "يساقط" : بالياء وإدغام التاء ، و "تساقط" ، و "يسقط" ، و "تسقط" ، و "يسقط" : التاء للنخلة ، والياء للجذع ، ورطبا : تمييز ، أو مفعول على حسب القراءة ، وعن المبرد : جواز انتصابه بهزي وليس بذاك ، والباء في : بجذع النخلة صلة للتأكيد ؛ كقوله تعالى : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [البقرة : 195 ] ، أو : على معنى : افعلي الهز به ؛ كقوله [من الطويل ] :

                                                                                                                                                                                                يجرح في عراقيبها نصلي



                                                                                                                                                                                                قالوا : التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت ، وكذلك التحنيك ، وقالوا : كان من العجوة ، وقيل : ما للنفساء خير من الرطب ، ولا للمريض خير من العسل ، وقيل : إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب ، عن طلحة بن سليمان : "جنيا" بكسر الجيم للإتباع ، أي : جمعنا لك في السري والرطب فائدتين ، إحداهما : الأكل والشرب ، والثانية : سلوة الصدر ؛ لكونهما معجزتين ، وهو في معنى قوله : فكلي واشربي وقري عينا أي : وطيبي [ ص: 17 ] نفسا ولا تغتمي وارفضي عنك ما أحزنك وأهمك ، وقرئ : "قري" بالكسر لغة نجد ، فإما ترين بالهمز : ابن الرومي ، عن أبي عمرو : وهذا من لغة من يقول : لبأت بالحج ، وحلأت السويق ، وذلك لتآخ بين الهمزة وحرف اللين في الإبدال ، "صوما" : صمتا ، وفي مصحف عبد الله : "صمتا " ، وعن أنس بن مالك مثله ، وقيل : "صياما" ، إلا أنهم كانوا لا يتكلمون في صيامهم ، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم الصمت ؛ لأنه نسخ في أمته ، أمرها الله بأن تنذر الصوم ؛ لئلا تشرع مع البشر المنهمين لها في الكلام لمعنيين :

                                                                                                                                                                                                أحدهما : أن عيسى -صلوات الله عليه- يكفيها الكلام بما يبرئ به ساحتها .

                                                                                                                                                                                                والثاني : كراهة مجادلة السفهاء ومثاقلتهم ، وفيه أن السكوت عن السفيه واجب ، ومن أذل الناس : سفيه لم يجد مسافها ، قيل : أخبرتهم بأنها نذرت الصوم بالإشارة ، وقيل : سوغ لها ذلك بالنطق ، "إنسيا" أي : أكلم الملائكة دون الإنس .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية