nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند [ ص: 495 ] ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
المن: أن يعتد على من أحسن إليه بإحسانه، ويريد أنه اصطنعه وأوجب عليه حقا له، وكانوا يقولون: إذا صنعتم صنيعة فانسوها، ولبعضهم [من الطويل]:
وإن امرأ أسدى إلى صنيعة وذكرنيها مرة للئيم
وفي نوابغ الكلم: صنوان (من منح سائله ومن) و(من منع نائله وضن) وفيها: (طعم الألاء أحلى من المن) و(هي أمر من الألاء مع المن).
والأذى: أن يتطاول عليه بسبب ما أزال إليه، ومعنى: "ثم" إظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى، وأن تركهما خير من نفس الإنفاق، كما جعل الاستقامة على الإيمان خيرا من الدخول فيه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30ثم استقاموا [فصلت: 30].
فإن قلت: أي فرق بين قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262لهم أجرهم وقوله فيما بعد:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=274فلهم أجرهم ؟ قلت: الموصول لم يضمن ههنا معنى الشرط وضمنه ثمة، والفرق بينهما من جهة المعنى أن الفاء فيها دلالة على أن الإنفاق به استحق الأجر،
[ ص: 496 ] وطرحها عار عن تلك الدلالة.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ [ ص: 495 ] رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
الْمَنُّ: أَنْ يَعْتَدَّ عَلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ بِإِحْسَانِهِ، وَيُرِيدَ أَنَّهُ اصْطَنَعَهُ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ حَقًّا لَهُ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِذَا صَنَعْتُمْ صَنِيعَةً فَانْسَوْهَا، وَلِبَعْضِهِمْ [مِنَ الطَّوِيلِ]:
وَإِنَّ امْرَأً أَسْدَى إِلَى صَنِيعَةً وَذَكَّرَنِيهَا مَرَّةً لَلَئِيمُ
وَفِي نَوَابِغِ الْكَلِمِ: صِنْوَانِ (مَنْ مَنَحَ سَائِلَهُ وَمَنَّ) وَ(مَنْ مَنَعَ نَائِلَهُ وَضَنَّ) وَفِيهَا: (طَعْمُ الْأَلَاءِ أَحْلَى مِنَ الْمَنِّ) وَ(هِيَ أَمَرُّ مِنَ الْأَلَاءِ مَعَ الْمَنِّ).
وَالْأَذَى: أَنْ يَتَطَاوَلَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَا أَزَالُ إِلَيْهِ، وَمَعْنَى: "ثُمَّ" إِظْهَارُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْإِنْفَاقِ وَتَرْكِ الْمَنِّ وَالْأَذَى، وَأَنَّ تَرْكَهُمَا خَيْرٌ مِنْ نَفْسِ الْإِنْفَاقِ، كَمَا جَعَلَ الِاسْتِقَامَةَ عَلَى الْإِيمَانِ خَيْرًا مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فُصِّلَتْ: 30].
فَإِنْ قُلْتَ: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَقَوْلِهِ فِيمَا بَعْدُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=274فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ؟ قُلْتُ: الْمَوْصُولُ لَمْ يُضَمَّنْ هَهُنَا مَعْنَى الشَّرْطِ وَضُمِّنَهُ ثَمَّةَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْفَاءَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ بِهِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ،
[ ص: 496 ] وَطَرْحُهَا عَارٍ عَنْ تِلْكَ الدَّلَالَةِ.