nindex.php?page=treesubj&link=29005_30182_30610_31037_32022_32026_34212nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد [ ص: 130 ] "بواحدة " بخصلة واحدة ، وقد فسرها بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46أن تقوموا على أنه عطف بيان بها ، وأراد بقيامهم : إما القيام على مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وتفرقهم عن مجتمعهم عنده وإما القيام الذي لا يراد به المثول على القدمين ، ولكن الانتصاب في الأمر والنهوض فيه بالهمة والمعنى : إنما أعظكم بواحدة إن فعلتموها أصبتم الحق وتخلصتم ، وهي : أن تقوموا لوجه الله خالصا . متفرقين اثنين اثنين ، وواحدا واحدا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46ثم تتفكروا في أمر
محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، أما الاثنان : فيتفكران ويعرض كل واحد منهما محصول فكره على صاحبه وينظران فيه متصادقين متناصفين ، لا يميل بهما اتباع هوى ولا ينبض لهما عرق عصبية ، حتى يهجم بهما الفكر الصالح والنظر على جادة الحق وسننه ، وكذلك الفرد : يفكر في نفسه من عادات العقلاء ومجاري أحوالهم ، والذي أوجب تفرقهم مثنى وفرادى : أن الاجتماع مما يشوش الخواطر ، ويعمي البصائر ، ويمنع من الروية ، ويخلط القول ; ومع ذلك يقل الإنصاف ، ويكثر الاعتساف ، ويثور عجاج التعصب ، ولا يسمع إلا نصرة المذهب ، وأراهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46ما بصاحبكم من جنة أن هذا الأمر عظيم الذي تحته ملك الدنيا والآخرة جميعا ، لا يتصدى لادعاء مثله إلا رجلان إما مجنون لا يبالي بافتضاحه إذا طولب بالبرهان فعجز ، بل لا يدري ما الافتضاح وما رقبة العواقب . وإما عاقل راجح العقل مرشح للنبوة ، مختار من أهل الدنيا ، لا يدعيه إلا بعد صحته عنده بحجته وبرهانه ، وإلا فما يجدي على العاقل دعوى شيء لا بينة له عليه ، وقد علمتم أن
محمدا صلى الله عليه وسلم ما به من جنة ، بل علمتموه أرجح
قريش عقلا ، وأرزنهم حلما وأثقبهم ذهنا وآصلهم رأيا ، وأصدقهم قولا ، وأنزههم نفسا ، وأجمعهم لما يحمد عليه الرجال ويمدحون به ; فكان مظنة لأن تظنوا به الخير ، وترجحوا فيه جانب الصدق على الكذب ، وإذا فعلتم ذلك كفاكم أن تطالبوه بأن يأتيكم بآية ، فإذا أتى بها تبين أنه نذير مبين . فإن قلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46ما بصاحبكم بم يتعلق ؟ قلت : يجوز أن يكون كلاما مستأنفا تنبيها من الله عز وجل على طريقة النظر في أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم - . ويجوز أن يكون المعنى : ثم تتفكروا فتعلموا ما بصاحبكم من جنة ، وقد جوز بعضهم أن تكون ما استفهامية
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46بين يدي عذاب شديد كقوله عليه الصلاة والسلام : "بعثت في نسم الساعة " .
nindex.php?page=treesubj&link=29005_30182_30610_31037_32022_32026_34212nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ [ ص: 130 ] "بِوَاحِدَةٍ " بِخَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَقَدْ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46أَنْ تَقُومُوا عَلَى أَنَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ بِهَا ، وَأَرَادَ بِقِيَامِهِمْ : إِمَّا الْقِيَامُ عَلَى مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَفَرُّقِهِمْ عَنْ مُجْتَمَعِهِمْ عِنْدَهُ وَإِمَّا الْقِيَامُ الَّذِي لَا يُرَادُ بِهِ الْمُثُولُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ ، وَلَكِنَّ الِانْتِصَابَ في الْأَمْرِ وَالنُّهُوضَ فيهِ بِالْهِمَّةِ وَالْمَعْنَى : إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ إِنْ فَعُلْتُمُوهَا أَصَبْتُمُ الْحَقَّ وَتَخَلَّصْتُمْ ، وَهِيَ : أَنْ تَقُومُوا لِوَجْهِ اللَّهِ خَالِصًا . مُتَفَرِّقِينَ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ ، وَوَاحِدًا وَاحِدًا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا في أَمْرِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ ، أَمَّا الِاثْنَانِ : فيتَفَكَّرَانِ وَيَعَرِضُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحْصُولَ فِكْرِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَنْظُرَانِ فيهِ مُتَصَادِقَيْنِ مُتَنَاصِفينِ ، لَا يَمِيلُ بِهِمَا اتِّبَاعُ هَوًى وَلَا يَنْبِضُ لَهُمَا عِرْقُ عَصَبِيَّةٍ ، حَتَّى يَهْجُمَ بِهِمَا الْفِكْرُ الصَّالِحُ وَالنَّظَرُ عَلَى جَادَّةِ الْحَقِّ وَسَنَنِهِ ، وَكَذَلِكَ الْفَرْدُ : يُفَكِّرُ في نَفْسِهِ مِنْ عَادَاتِ الْعُقَلَاءِ وَمَجَارِي أَحْوَالِهِمْ ، وَالَّذِي أَوْجَبَ تَفَرُّقَهُمْ مَثْنَى وَفُرَادَى : أَنَّ الِاجْتِمَاعَ مِمَّا يُشَوِّشُ الْخَوَاطِرَ ، وَيُعْمِي الْبَصَائِرَ ، وَيَمْنَعُ مِنَ الرَّوِيَّةِ ، وَيُخَلِّطُ الْقَوْلَ ; وَمَعَ ذَلِكَ يُقِلُّ الْإِنْصَافُ ، وَيَكْثُرُ الِاعْتِسَافُ ، وَيَثُورُ عَجَاجُ التَّعَصُّبِ ، وَلَا يُسْمَعُ إِلَّا نُصْرَةُ الْمَذْهَبِ ، وَأَرَاهُمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ الَّذِي تَحْتَهُ مُلْكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ جَمِيعًا ، لَا يَتَصَدَّى لِادِّعَاءِ مِثْلِهِ إِلَّا رَجُلَانِ إِمَّا مَجْنُونٌ لَا يُبَالِي بِافْتِضَاحِهِ إِذَا طُولِبَ بِالْبُرْهَانِ فَعَجَزَ ، بَلْ لَا يَدْرِي مَا الِافْتِضَاحُ وَمَا رُقْبَةُ الْعَوَاقِبِ . وَإِمَّا عَاقِلٌ رَاجِحُ الْعَقْلِ مُرَشَّحٌ لِلنُّبُوَّةِ ، مُخْتَارٌ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، لَا يَدَّعِيهِ إِلَّا بَعْدَ صِحَّتِهِ عِنْدَهُ بِحُجَّتِهِ وَبُرْهَانِهِ ، وَإِلَّا فَمَا يُجْدِي عَلَى الْعَاقِلِ دَعْوَى شَيْءٍ لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بِهِ مِنْ جَنَّةٍ ، بَلْ عَلِمْتُمُوهُ أَرْجَحَ
قُرَيْشٍ عَقْلًا ، وَأَرْزَنَهُمْ حِلْمًا وَأَثْقَبَهُمْ ذِهْنًا وَآصَلَهُمْ رَأْيًا ، وَأَصْدَقَهُمْ قَوْلًا ، وَأَنْزَهَهُمْ نَفْسًا ، وَأَجْمَعَهُمْ لِمَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَيُمْدَحُونَ بِهِ ; فَكَانَ مَظِنَّةً لِأَنْ تَظُنُّوا بِهِ الْخَيْرَ ، وَتُرَجِّحُوا فيهِ جَانِبَ الصِّدْقِ عَلَى الْكَذِبِ ، وَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ كَفَاكُمْ أَنْ تُطَالِبُوهُ بِأَنْ يَأْتِيَكُمْ بِآيَةٍ ، فَإِذَا أَتَى بِهَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ . فَإِنْ قُلْتَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46مَا بِصَاحِبِكُمْ بِمَ يَتَعَلَّقُ ؟ قُلْتُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا مُسْتَأَنَفًا تَنْبِيهًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى طَرِيقَةِ النَّظَرِ في أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا فَتَعْلَمُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جَنَّةٍ ، وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ تَكُونَ مَا اسْتِفْهَامِيَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "بُعِثْتُ في نَسَمِ السَّاعَةِ " .