nindex.php?page=treesubj&link=28974_28328_28723_29677_29693_30232_30525_30803_33678_34308_34310_34315nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين nindex.php?page=treesubj&link=28974_28723_30795_30803_32484_32496_34315nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون nindex.php?page=treesubj&link=28974_18791_20002_28723_29687_30451_30563_30569_30803_34091_34103nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154ثم أنـزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152ولقد صدقكم الله وعده وعدهم الله النصر بشرط الصبر والتقوى في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم [آل عمران : 125] ويجوز أن يكون الوعد قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=151سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب فلما فشلوا وتنازعوا لم يرعبهم، وقيل: لما رجعوا إلى
المدينة قال ناس من المؤمنين: من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر فنزلت، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل
أحدا خلف ظهره، واستقبل
المدينة، وأقام الرماة عند الجبل، وأمرهم أن يثبتوا في مكانهم ولا يبرحوا -كانت الدولة
[ ص: 641 ] للمسلمين أو عليهم- فلما أقبل المشركون جعل الرماة يرشقون خيلهم، والباقون يضربونهم بالسيوف حتى انهزموا والمسلمون على آثارهم، يحسونهم أي: يقتلونهم قتلا ذريعا، حتى إذا فشلوا، والفشل: الجبن وضعف الرأي، وتنازعوا، فقال بعضهم: قد انهزم المشركون فما موقفنا ههنا، وقال بعضهم: لا نخالف أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فممن ثبت مكانه
nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله بن جبير أمير الرماة في نفر دون العشرة وهم المعنيون بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152ومنكم من يريد الآخرة ونفر أعقابهم ينهبون، وهم الذين أرادوا الدنيا، فكر المشركون على الرماة، وقتلوا
nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله بن جبير -رضي الله عنه- وأقبلوا على المسلمين، وحالت الريح دبورا وكانت صبا، حتى هزموهم وقتلوا من قتلوا، وهو قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152ثم صرفكم عنهم ليبتليكم : ليمتحن صبركم على المصائب وثباتكم على الإيمان عندها،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152ولقد عفا عنكم : لما علم من ندمكم على ما فرط منكم من عصيان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152والله ذو فضل على المؤمنين : يتفضل عليهم بالعفو، أو هو متفضل عليهم في جميع الأحوال سواء أديل لهم أو أديل عليهم; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=33155_19960_29693الابتلاء رحمة كما أن
nindex.php?page=treesubj&link=19960النصرة رحمة.
فإن قلت: أين متعلق
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152حتى إذا قلت: محذوف تقديره: حتى إذا فشلتم منعكم نصره، ويجوز أن يكون المعنى: صدقكم الله وعده إلى وقت فشلكم.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153إذ تصعدون : نصب بـ(صرفكم) أو بقوله: "ليبتليكم": أو بإضمار "اذكر" والإصعاد: الذهاب في الأرض والإبعاد فيه، يقال: صعد في الجبل وأصعد في الأرض، يقال: أصعدنا من
مكة إلى
المدينة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن -رضي الله عنه-: (تصعدون) يعني: في الجبل، وتعضد الأولى قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي: (إذ تصعدون في الوادي)، وقرأ
أبو حيوة: (تصعدون) بفتح التاء وتشديد العين، من تصعد في السلم، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن -رضي الله عنه-: (تلون) بواو واحدة وقد ذكرنا وجهها، وقرئ: (يصعدون) (ويلوون) بالياء
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153والرسول يدعوكم : كان يقول: "إلي عباد الله، إلي عباد الله، أنا رسول الله، من يكر فله الجنة"
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153في أخراكم : في ساقتكم وجماعتكم الأخرى وهي المتأخرة، يقال: جئت في آخر الناس وأخراهم، كما تقول: في أولهم وأولاهم، بتأويل مقدمتهم وجماعتهم الأولى "فأثابكم": عطف على صرفكم، أي: فجازاكم الله "غما": حين صرفكم عنهم وابتلاكم "بـ" سبب "غم" أذقتموه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعصيانكم له، أو غما مضاعفا، غما بعد غم، وغما متصلا بغم، من
[ ص: 642 ] الاغتمام بما أرجف به من قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة والنصر
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا لتتمرنوا على تجرع الغموم، وتضروا باحتمال الشدائد، فلا تحزنوا فيما بعد على فائت من المنافع ولا على مصيب من المضار، ويجوز أن يكون الضمير في "فأثابكم": للرسول، أي: فآساكم في الاغتمام، وكما غمكم ما نزل به من كسر الرباعية والشجة وغيرهما غمه ما نزل بكم، فأثابكم غما اغتمه لأجلكم بسبب غم اغتممتموه لأجله، ولم يثربكم على عصيانكم ومخالفتكم لأمره، وإنما فعل ذلك ليسليكم وينفس عنكم لئلا تحزنوا على ما فاتكم من نصر الله، ولا على ما أصابكم من غلبة العدو، وأنزل الله الأمن على المؤمنين وأزال عنهم الخوف الذي كان بهم حتى نعسوا وغلبهم النوم.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة -رضي الله عنه-: غشينا النعاس ونحن في مصافنا، فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه، ثم يسقط فيأخذه، وما أحد إلا ويميل تحت حجفته.
وعن [ nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير ] رضي الله عنه: لقد رأيتني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين اشتد علينا [ ص: 643 ] الخوف، فأرسل الله علينا النوم، والله إني لأسمع قول معتب بن قشير والنعاس يغشاني: "لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا".
والأمنة: الأمن، وقرئ: (أمنة) بسكون الميم، كأنها المرة من الأمن، و"نعاسا" بدل من "أمنة" ويجوز أن يكون هو المفعول، و(أمنة) حالا منه مقدمة عليه، كقولك: رأيت راكبا رجلا، أو مفعولا له بمعنى نعستم أمنة، ويجوز أن يكون حالا من المخاطبين، بمعنى ذوي أمنة، أو على أنه جمع آمن، كبار وبررة.
"يغشى": قرئ بالياء والتاء ردا على النعاس، أو على الأمنة،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154طائفة منكم : هم أهل الصدق واليقين، "وطائفة": هم المنافقون،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قد أهمتهم أنفسهم : ما بهم إلا هم أنفسهم لا هم الدين ولا هم الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، أو قد أوقعتهم أنفسهم وما حل بهم في الهموم والأشجان، فهم في التشاكي والتباث
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154غير الحق : في حكم المصدر، ومعناه: يظنون بالله غير الظن الحق الذي يجب أن يظن به، و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154ظن الجاهلية : بدل منه، ويجوز أن يكون المعنى: يظنون بالله ظن الجاهلية، و(غير الحق) تأكيد لـ(يظنون) كقولك: هذا القول غير ما تقول، وهذا القول لا قولك وظن الجاهلية، كقولك: حاتم الجود، ورجل صدق: يريد الظن المختص بالملة الجاهلية، ويجوز أن يراد: ظن أهل الجاهلية، أي: لا يظن مثل ذلك الظن إلا أهل الشرك الجاهلون بالله.
"يقولون": لرسول الله - صلى الله عليه وسلم – يسألونه:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154هل لنا من الأمر من شيء : معناه هل لنا معاشر المسلمين من أمر الله نصيب قط، يعنون النصر والإظهار على العدو
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قل إن الأمر كله لله ولأوليائه المؤمنين وهو النصر والغلبة
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=21كتب الله لأغلبن أنا ورسلي [المجادلة: 21]،
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وإن جندنا لهم الغالبون [الصافات: 173]،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك معناه: يقولون لك فيما يظهرون: هل لنا من الأمر من شيء؟ سؤال المؤمنين المسترشدين وهم فيما يبطنون على النفاق، يقولون في أنفسهم أو بعضهم لبعض منكرين لقولك لهم: (إن الأمر كله لله):
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154لو كان لنا من الأمر شيء أي: لو كان الأمر كما قال
محمد: إن الأمر كله لله ولأوليائه وأنهم الغالبون، لما غلبنا قط، ولما قتل من المسلمين من قتل في
[ ص: 644 ] هذه المعركة.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قل لو كنتم في بيوتكم يعني: من علم الله منه أنه يقتل ويصرع في هذه المصارع وكتب ذلك في اللوح لم يكن بد من وجوده فلو قعدتم في بيوتكم "لبرز": من بينكم "الذين": علم الله أنهم يقتلون
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154إلى مضاجعهم : وهي مصارعهم ليكون ما علم الله أنه يكون، والمعنى: أن الله كتب في اللوح قتل من يقتل من المؤمنين، وكتب مع ذلك أنهم الغالبون؛ لعلمه أن العاقبة في الغلبة لهم، وأن دين الإسلام يظهر على الدين كله، وأن ما ينكبون به في بعض الأوقات تمحيص لهم وترغيب في الشهادة، وحرصهم على الشهادة مما يحرضهم على الجهاد فتحصل الغلبة.
وقيل: معناه: هل لنا من التدبير من شيء؟ يعنون: لم نملك شيئا من التدبير حيث خرجنا من
المدينة إلى
أحد، وكان علينا أن نقيم ولا نبرح كما كان رأي
عبد الله بن أبي وغيره، ولو ملكنا من التدبير شيئا لما قتلنا في هذه المعركة، قل: إن التدبير كله لله، يريد أن الله - عز وجل - قد دبر الأمر كما جرى، ولو أقمتم
بالمدينة ولم تخرجوا من بيوتكم لما نجا من القتل من قتل منكم، وقرئ: (كتب عليهم القتال)، (وكتب عليهم القتل) على البناء للفاعل، و"لبرز" بالتشديد وضم الباء.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154وليبتلي الله : وليمتحن ما في صدور المؤمنين من الإخلاص، ويمحص ما في قلوبهم من وساوس الشيطان، فعل ذلك أو فعل ذلك لمصالح جمة وللابتلاء والتمحيص.
فإن قلت: كيف مواقع الجمل التي بعد قوله "وطائفة"؟ قلت:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قد أهمتهم : صفة لـ(طائفة)، و"يظنون": صفة أخرى أو حال بمعنى: قد أهمتهم أنفسهم ظانين، أو استئناف على وجه البيان للجملة قبلها، و"يقولون" بدل من يظنون.
فإن قلت: كيف صح أن يقع ما هو مسألة عن الأمر بدلا من الإخبار بالظن؟ قلت: كانت مسألتهم صادرة عن الظن، فلذلك جاز إبداله منه، ويخفون حال من يقولون، و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قل إن الأمر كله لله [آل عمران : 154] اعتراض بين الحال وذوي الحال، و"يقولون": بدل من "يخفون": والأجود أن يكون استئنافا.
nindex.php?page=treesubj&link=28974_28328_28723_29677_29693_30232_30525_30803_33678_34308_34310_34315nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مِنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مِنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28974_28723_30795_30803_32484_32496_34315nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28974_18791_20002_28723_29687_30451_30563_30569_30803_34091_34103nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154ثُمَّ أَنْـزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنْ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرِ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسُهُمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الأَمْرِ شَيْءٍ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَعَدَهُمُ اللَّهُ النَّصْرَ بِشَرْطِ الصَّبْرِ وَالتَّقْوَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ [آلِ عِمْرَانَ : 125] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَعْدُ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=151سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَلَمَّا فَشِلُوا وَتَنَازَعُوا لَمْ يُرْعِبْهُمْ، وَقِيلَ: لَمَّا رَجَعُوا إِلَى
الْمَدِينَةِ قَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: مِنْ أَيْنَ أَصَابَنَا هَذَا وَقَدْ وَعَدَنَا اللَّهُ النَّصْرَ فَنَزَلَتْ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ
أُحُدًا خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَاسْتَقْبَلَ
الْمَدِينَةَ، وَأَقَامَ الرُّمَاةَ عِنْدَ الْجَبَلِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَثْبُتُوا فِي مَكَانِهِمْ وَلَا يَبْرَحُوا -كَانَتِ الدَّوْلَةُ
[ ص: 641 ] لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَيْهِمْ- فَلَمَّا أَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ جَعَلَ الرُّمَاةُ يَرْشُقُونَ خَيْلَهُمْ، وَالْبَاقُونَ يَضْرِبُونَهُمْ بِالسُّيُوفِ حَتَّى انْهَزَمُوا وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى آثَارِهِمْ، يَحُسُّونَهُمْ أَيْ: يَقْتُلُونَهُمْ قَتْلًا ذَرِيعًا، حَتَّى إِذَا فَشِلُوا، وَالْفَشَلُ: الْجُبْنُ وَضَعْفُ الرَّأْيِ، وَتَنَازَعُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدِ انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ فَمَا مَوْقِفُنَا هَهُنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُخَالِفُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِمَّنْ ثَبَتَ مَكَانَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=4700عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ أَمِيرُ الرُّمَاةِ فِي نَفَرٍ دُونَ الْعَشَرَةِ وَهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَنَفَرٌ أَعْقَابَهُمْ يَنْهَبُونَ، وَهُمُ الَّذِينَ أَرَادُوا الدُّنْيَا، فَكَرَّ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الرُّمَاةِ، وَقَتَلُوا
nindex.php?page=showalam&ids=4700عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَأَقْبَلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَحَالَتِ الرِّيحُ دَبُورًا وَكَانَتْ صَبًا، حَتَّى هَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا، وَهُوَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ : لِيَمْتَحِنَ صَبْرَكُمْ عَلَى الْمَصَائِبِ وَثَبَاتَكُمْ عَلَى الْإِيمَانِ عِنْدَهَا،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ : لِمَا عَلِمَ مِنْ نَدَمِكُمْ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْكُمْ مِنْ عِصْيَانِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ : يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِمْ بِالْعَفْوِ، أَوْ هُوَ مُتَفَضِّلٌ عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ أُدِيلَ لَهُمْ أَوْ أُدِيلَ عَلَيْهِمْ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33155_19960_29693الِابْتِلَاءَ رَحْمَةٌ كَمَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19960النُّصْرَةَ رَحْمَةٌ.
فَإِنْ قُلْتَ: أَيْنَ مُتَعَلَّقُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152حَتَّى إِذَا قُلْتُ: مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ مَنَعَكُمْ نَصْرَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِلَى وَقْتِ فَشَلِكُمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153إِذْ تُصْعِدُونَ : نُصِبَ بِـ(صَرَفَكُمْ) أَوْ بِقَوْلِهِ: "لِيَبْتَلِيَكُمْ": أَوْ بِإِضْمَارِ "اذْكُرْ" وَالْإِصْعَادُ: الذَّهَابُ فِي الْأَرْضِ وَالْإِبْعَادُ فِيهِ، يُقَالُ: صَعِدَ فِي الْجَبَلِ وَأَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ، يُقَالُ: أَصْعَدْنَا مِنْ
مَكَّةَ إِلَى
الْمَدِينَةِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: (تَصْعَدُونَ) يَعْنِي: فِي الْجَبَلِ، وَتُعَضِّدُ الْأُولَى قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٍّ: (إِذْ تَصْعَدُونَ فِي الْوَادِي)، وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ: (تَصَعَّدُونَ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ، مِنْ تَصَعَّدَ فِي السُّلَّمِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: (تَلْوُنَ) بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهَا، وَقُرِئَ: (يُصْعِدُونَ) (وَيْلُوُونَ) بِالْيَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ : كَانَ يَقُولُ: "إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ، إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، مَنْ يَكِرُّ فَلَهُ الْجَنَّةُ"
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فِي أُخْرَاكُمْ : فِي سَاقَتِكُمْ وَجَمَاعَتِكُمُ الْأُخْرَى وَهِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ، يُقَالُ: جِئْتُ فِي آخِرِ النَّاسِ وَأُخْرَاهُمْ، كَمَا تَقُولُ: فِي أَوَّلِهِمْ وَأُولَاهُمْ، بِتَأْوِيلِ مُقَدِّمَتِهِمْ وَجَمَاعَتِهِمُ الْأُولَى "فَأَثَابَكُمْ": عَطْفٌ عَلَى صَرَفَكُمْ، أَيْ: فَجَازَاكُمُ اللَّهُ "غَمًّا": حِينَ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ وَابْتَلَاكُمْ "بِـ" سَبَبِ "غَمٍّ" أَذَقْتُمُوهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعِصْيَانِكُمْ لَهُ، أَوْ غَمًّا مُضَاعَفًا، غَمًّا بَعْدَ غَمٍّ، وَغَمًّا مُتَّصِلًا بِغَمٍّ، مِنَ
[ ص: 642 ] الِاغْتِمَامِ بِمَا أَرْجَفَ بِهِ مِنْ قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْجُرْحِ وَالْقَتْلِ وَظَفَرِ الْمُشْرِكِينَ وَفَوْتِ الْغَنِيمَةِ وَالنَّصْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلا تَحْزَنُوا لِتَتَمَرَّنُوا عَلَى تَجَرُّعِ الْغُمُومِ، وَتَضْرُوا بِاحْتِمَالِ الشَّدَائِدِ، فَلَا تَحْزَنُوا فِيمَا بَعْدُ عَلَى فَائِتٍ مِنَ الْمَنَافِعِ وَلَا عَلَى مُصِيبٍ مِنَ الْمَضَارِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي "فَأَثَابَكُمْ": لِلرَّسُولِ، أَيْ: فَآسَاكُمْ فِي الِاغْتِمَامِ، وَكَمَا غَمَّكُمْ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ كَسْرِ الرُّبَاعِيَّةِ وَالشَّجَّةِ وَغَيْرِهِمَا غَمَّهُ مَا نَزَلَ بِكُمْ، فَأَثَابَكُمْ غَمًّا اغْتَمَّهُ لِأَجْلِكُمْ بِسَبَبِ غَمٍّ اغْتَمَمْتُمُوهُ لِأَجْلِهِ، وَلَمْ يُثَرِّبْكُمْ عَلَى عِصْيَانِكُمْ وَمُخَالَفَتِكُمْ لِأَمْرِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيُسَلِّيَكُمْ وَيُنَفِّسَ عَنْكُمْ لِئَلَّا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنْ نَصْرِ اللَّهِ، وَلَا عَلَى مَا أَصَابَكُمْ مِنْ غَلَبَةِ الْعَدُوِّ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ الْأَمْنَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَزَالَ عَنْهُمُ الْخَوْفَ الَّذِي كَانَ بِهِمْ حَتَّى نَعَسُوا وَغَلَبَهُمُ النَّوْمُ.
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=86أَبِي طَلْحَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا، فَكَانَ السَّيْفُ يَسْقُطُ مِنْ يَدِ أَحَدِنَا فَيَأْخُذُهُ، ثُمَّ يَسْقُطُ فَيَأْخُذُهُ، وَمَا أَحَدٌ إِلَّا وَيَمِيلُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ.
وَعَنِ [ nindex.php?page=showalam&ids=15الزُّبَيْرِ ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْنَا [ ص: 643 ] الْخَوْفُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْنَا النَّوْمَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ قَوْلَ مُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ وَالنُّعَاسُ يَغْشَانِي: "لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَهُنَا".
وَالْأَمَنَةُ: الْأَمْنُ، وَقُرِئَ: (أَمْنَةً) بِسُكُونِ الْمِيمِ، كَأَنَّهَا الْمَرَّةُ مِنَ الْأَمْنِ، وَ"نُعَاسًا" بَدَلٌ مِنْ "أَمَنَةً" وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَفْعُولَ، وَ(أَمَنَةً) حَالًا مِنْهُ مُقَدَّمَةً عَلَيْهِ، كَقَوْلِكَ: رَأَيْتُ رَاكِبًا رَجُلًا، أَوْ مَفْعُولًا لَهُ بِمَعْنَى نَعَسْتُمْ أَمَنَةً، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْمُخَاطَبِينَ، بِمَعْنَى ذَوِي أَمَنَةٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ آمِنٍ، كَبَارٍّ وَبَرَرَةٍ.
"يَغْشَى": قُرِئَ بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ رَدًّا عَلَى النُّعَاسِ، أَوْ عَلَى الْأَمَنَةِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154طَائِفَةً مِنْكُمْ : هُمْ أَهْلُ الصِّدْقِ وَالْيَقِينِ، "وَطَائِفَةٌ": هُمُ الْمُنَافِقُونَ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ : مَا بِهِمْ إِلَّا هُمُّ أَنْفُسِهِمْ لَا هُمُّ الدِّينِ وَلَا هُمُّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ، أَوْ قَدْ أَوْقَعَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ وَمَا حَلَّ بِهِمْ فِي الْهُمُومِ وَالْأَشْجَانِ، فَهُمْ فِي التَّشَاكِي وَالتَّبَاثِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154غَيْرَ الْحَقِّ : فِي حُكْمِ الْمَصْدَرِ، وَمَعْنَاهُ: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الظَّنِّ الْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ : بَدَلٌ مِنْهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ، وَ(غَيْرَ الْحَقِّ) تَأْكِيدٌ لِـ(يَظُنُّونَ) كَقَوْلِكَ: هَذَا الْقَوْلُ غَيْرَ مَا تَقُولُ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَا قَوْلُكَ وَظَنُّ الْجَاهِلِيَّةِ، كَقَوْلِكَ: حَاتِمُ الْجُودِ، وَرَجُلُ صِدْقٍ: يُرِيدُ الظَّنَّ الْمُخْتَصَّ بِالْمِلَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ: ظَنُّ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَيْ: لَا يَظُنُّ مِثْلَ ذَلِكَ الظَّنِّ إِلَّا أَهْلُ الشِّرْكِ الْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ.
"يَقُولُونَ": لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَسْأَلُونَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنَ شَيْءٍ : مَعْنَاهُ هَلْ لَنَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ نَصِيبٌ قَطُّ، يَعْنُونَ النَّصْرَ وَالْإِظْهَارَ عَلَى الْعَدُوِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ وَلِأَوْلِيَائِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ النَّصْرُ وَالْغَلَبَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=21كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [الْمُجَادَلَةِ: 21]،
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=173وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصَّافَّاتِ: 173]،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ مَعْنَاهُ: يَقُولُونَ لَكَ فِيمَا يُظْهِرُونَ: هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ؟ سُؤَالَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَرْشِدِينَ وَهُمْ فِيمَا يُبْطِنُونَ عَلَى النِّفَاقِ، يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مُنْكِرِينَ لِقَوْلِكَ لَهُمْ: (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ):
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَيْ: لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ
مُحَمَّدٌ: إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ وَلِأَوْلِيَائِهِ وَأَنَّهُمُ الْغَالِبُونَ، لَمَا غُلِبْنَا قَطُّ، وَلَمَا قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ قُتِلَ فِي
[ ص: 644 ] هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ يَعْنِي: مَنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَيُصْرَعُ فِي هَذِهِ الْمَصَارِعِ وَكَتَبَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ وُجُودِهِ فَلَوْ قَعَدْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ "لَبَرَزَ": مِنْ بَيْنِكُمُ "الَّذِينَ": عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154إِلَى مَضَاجِعِهِمْ : وَهِيَ مَصَارِعُهُمْ لِيَكُونَ مَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ يَكُونُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ قَتْلَ مَنْ يُقْتَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَتَبَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُمُ الْغَالِبُونَ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْعَاقِبَةَ فِي الْغَلَبَةِ لَهُمْ، وَأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ يَظْهَرُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَأَنَّ مَا يُنْكَبُونَ بِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ تَمْحِيصٌ لَهُمْ وَتَرْغِيبٌ فِي الشَّهَادَةِ، وَحِرْصَهُمْ عَلَى الشَّهَادَةِ مِمَّا يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْجِهَادِ فَتَحْصُلُ الْغَلَبَةُ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: هَلْ لَنَا مِنَ التَّدْبِيرِ مِنْ شَيْءٍ؟ يَعْنُونَ: لَمْ نَمْلِكْ شَيْئًا مِنَ التَّدْبِيرِ حَيْثُ خَرَجْنَا مِنَ
الْمَدِينَةِ إِلَى
أُحُدٍ، وَكَانَ عَلَيْنَا أَنْ نُقِيمَ وَلَا نَبْرَحَ كَمَا كَانَ رَأْيُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ مَلَكْنَا مِنَ التَّدْبِيرِ شَيْئًا لَمَا قُتِلْنَا فِي هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ، قُلْ: إِنَّ التَّدْبِيرَ كُلَّهُ لِلَّهِ، يُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ دَبَّرَ الْأَمْرَ كَمَا جَرَى، وَلَوْ أَقَمْتُمْ
بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ تَخْرُجُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ لَمَا نَجَا مِنَ الْقَتْلِ مَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ، وَقُرِئَ: (كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ)، (وَكَتَبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَ"لَبُرِّزَ" بِالتَّشْدِيدِ وَضَمِّ الْبَاءِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ : وَلِيَمْتَحِنَ مَا فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْإِخْلَاصِ، وَيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ، فُعِلَ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَصَالِحَ جَمَّةٍ وَلِلِابْتِلَاءِ وَالتَّمْحِيصِ.
فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ مَوَاقِعُ الْجُمَلِ الَّتِي بَعْدَ قَوْلِهِ "وَطَائِفَةٌ"؟ قُلْتُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قَدْ أَهَمَّتْهُمْ : صِفَةٌ لِـ(طَائِفَةٌ)، وَ"يَظُنُّونَ": صِفَةٌ أُخْرَى أَوْ حَالٌ بِمَعْنَى: قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ظَانِّينَ، أَوِ اسْتِئْنَافٌ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ لِلْجُمْلَةِ قَبْلَهَا، وَ"يَقُولُونَ" بَدَلٌ مِنْ يَظُنُّونَ.
فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ صَحَّ أَنْ يَقَعَ مَا هُوَ مَسْأَلَةٌ عَنِ الْأَمْرِ بَدَلًا مِنَ الْإِخْبَارِ بِالظَّنِّ؟ قُلْتُ: كَانَتْ مَسْأَلَتُهُمْ صَادِرَةً عَنِ الظَّنِّ، فَلِذَلِكَ جَازَ إِبْدَالُهُ مِنْهُ، وَيُخْفُونَ حَالٌ مِنْ يَقُولُونَ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آلِ عِمْرَانَ : 154] اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْحَالِ وَذَوِي الْحَالِ، وَ"يَقُولُونَ": بَدَلٌ مِنْ "يُخْفُونَ": وَالْأَجْوَدُ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافًا.