nindex.php?page=treesubj&link=28975_18669_30347_30539_31980_34323nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لن يستنكف المسيح : لن يأنف ولن يذهب بنفسه عزة ، من نكفت الدمع ، إذا
[ ص: 183 ] نحيته عن خدك بأصابعك
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172ولا الملائكة المقربون : ولا من هو أعلى منه قدرا وأعظم منه
[ ص: 184 ] خطرا وهم الملائكة الكروبيون الذين حول العرش ،
كـجبريل وميكائيل وإسرافيل" ، ومن في طبقتهم . فإن قلت : من أين دل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172ولا الملائكة المقربون على أن المعنى : ولا
[ ص: 185 ] من فوقه؟ قلت : من حيث أن علم المعاني لا يقتضي غير ذلك ، وذلك أن الكلام إنما سيق لرد مذهب النصارى وغلوهم في رفع
المسيح عن منزلة العبودية ، فوجب أن يقال لهم : لن يترفع
عيسى عن العبودية ، ولا من هو أرفع منه درجة ، كأنه قيل : لن يستنكف الملائكة المقربون من العبودية ، فكيف
بالمسيح؟ ويدل عليه دلالة ظاهرة بينة ، تخصيص المقربين لكونهم أرفع الملائكة درجة وأعلاهم منزلة ، ومثاله قول القائل [من الطويل] :
وما مثله ممن يجاود حاتم ولا البحر ذو الأمواج يلتج زاخره
لا شبهة في أنه قصد بالبحر ذي الأمواج : ما هو فوق حاتم في الجود ، ومن كان له ذوق فليذق مع هذه الآية قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى [البقرة : 120] حتى يعترف بالفرق البين ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - : "عبيدا لله" ، على التصغير ، وروي :
أن وفد نجران قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لم تعيب صاحبنا؟ قال : "ومن صاحبكم؟" قالوا : عيسى . قال : "وأي شيء أقول؟" قالوا : تقول : إنه عبد الله ورسوله . قال : "إنه ليس بعار أن يكون عبدا لله" . قالوا : بلى ، فنزلت : أي : لا يستنكف
عيسى من ذلك فلا تستنكفوا له منه ، فلو كان موضع استنكاف لكان هو أولى بأن يستنكف لأن العار ألصق به . فإن قلت : علام عطف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172ولا الملائكة ؟ قلت : لا يخلو إما أن يعطف على المسيح ، أو على اسم "يكون" أو على المستتر في "عبدا" لما فيه من معنى الوصف ، لدلالته على معنى العبادة ، كقولك : مررت برجل عبد أبوه ، فالعطف على
المسيح هو الظاهر لأداء غيره إلى ما فيه بعض انحراف عن الغرض ، وهو أن
المسيح لا يأنف أن يكون هو ولا من فوقه موصوفين بالعبودية ، أو أن يعبد الله هو ومن فوقه . فإن قلت : قد جعلت الملائكة وهم جماعة عبدا لله في هذا العطف ، فما وجهه؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما : أن يراد : ولا كل واحد من الملائكة أو ولا الملائكة المقربون أن يكونوا عبادا لله ، فحذف ذلك لدلالة " عبد الله "
[ ص: 186 ] عليه إيجازا ، وأما إذا عطفتهم على الضمير في "عبدا" فقد طاح هذا السؤال . قرئ "فسيحشرهم" بضم الشين وكسرها وبالنون .
nindex.php?page=treesubj&link=28975_18669_30347_30539_31980_34323nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ : لَنْ يَأْنَفَ وَلَنْ يَذْهَبَ بِنَفْسِهِ عِزَّةً ، مِنْ نَكَفْتُ الدَّمْعَ ، إِذَا
[ ص: 183 ] نَحَّيْتَهُ عَنْ خَدِّكَ بِأَصَابِعِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ : وَلا مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ قَدْرًا وَأَعْظَمُ مِنْهُ
[ ص: 184 ] خَطَرًا وَهُمُ الْمَلائِكَةُ الْكَرُوبِيُّونَ الَّذِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ ،
كَـجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ" ، وَمَنْ فِي طَبَقَتِهِمْ . فَإِنْ قُلْتَ : مِنْ أَيْنَ دَلَّ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى : وَلا
[ ص: 185 ] مَنْ فَوْقَهُ؟ قُلْتُ : مِنْ حَيْثُ أَنَّ عِلْمَ الْمَعَانِي لا يَقْتَضِي غَيْرَ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلامَ إِنَّمَا سِيقَ لِرَدِّ مَذْهَبِ النَّصَارَى وَغُلُوِّهِمْ فِي رَفْعِ
الْمَسِيحِ عَنْ مَنْزِلَةِ الْعُبُودِيَّةِ ، فَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ : لَنْ يَتَرَفَّعَ
عِيسَى عَنِ الْعُبُودِيَّةِ ، وَلا مَنْ هُوَ أَرْفَعُ مِنْهُ دَرَجَةً ، كَأَنَّهُ قِيلَ : لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ ، فَكَيْفَ
بِالْمَسِيحِ؟ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ دَلالَةً ظَاهِرَةً بَيِّنَةً ، تَخْصِيصُ الْمُقَرَّبِينَ لِكَوْنِهِمْ أَرْفَعَ الْمَلائِكَةِ دَرَجَةً وَأَعْلاهُمْ مَنْزِلَةً ، وَمِثَالُهُ قَوْلُ الْقَائِلِ [مِنَ الطَّوِيلِ] :
وَمَا مِثْلُهُ مِمَّنْ يُجَاوِدُ حَاتِمٌ وَلا الْبَحْرُ ذُو الْأَمْوَاجِ يَلْتَجُّ زَاخِرُهُ
لا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ قَصَدَ بِالْبَحْرِ ذِي الْأَمْوَاجِ : مَا هُوَ فَوْقَ حَاتِمٍ فِي الْجُودِ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ذَوْقٌ فَلْيَذُقْ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى [الْبَقَرَةِ : 120] حَتَّى يَعْتَرِفَ بِالْفَرْقِ الْبَيِّنِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : "عُبَيْدًا لِلَّهِ" ، عَلَى التَّصْغِيرِ ، وَرُوِيَ :
أَنَّ وَفْدَ نَجْرَانَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِمَ تَعِيبُ صَاحِبَنَا؟ قَالَ : "وَمَنْ صَاحِبُكُمْ؟" قَالُوا : عِيسَى . قَالَ : "وَأَيُّ شَيْءٍ أَقُولُ؟" قَالُوا : تَقُولُ : إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ . قَالَ : "إِنَّهُ لَيْسَ بِعَارٍ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ" . قَالُوا : بَلَى ، فَنَزَلَتْ : أَيْ : لا يَسْتَنْكِفُ
عِيسَى مِنْ ذَلِكَ فَلا تَسْتَنْكِفُوا لَهُ مِنْهُ ، فَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ اسْتِنْكَافٍ لَكَانَ هُوَ أَوْلَى بِأَنْ يُسْتَنْكَفَ لِأَنَّ الْعَارَ أَلْصَقُ بِهِ . فَإِنْ قُلْتَ : عَلامَ عُطِفَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172وَلا الْمَلائِكَةُ ؟ قُلْتُ : لا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُعْطَفَ عَلَى الْمَسِيحِ ، أَوْ عَلَى اسْمِ "يَكُونُ" أَوْ عَلَى الْمُسْتَتِرِ فِي "عَبْدًا" لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْوَصْفِ ، لِدَلالَتِهِ عَلَى مَعْنَى الْعِبَادَةِ ، كَقَوْلِكَ : مَرَرْتُ بِرَجُلٍ عَبْدٌ أَبُوهُ ، فَالْعَطْفُ عَلَى
الْمَسِيحِ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَدَاءِ غَيْرِهِ إِلَى مَا فِيهِ بَعْضُ انْحِرَافٍ عَنِ الْغَرَضِ ، وَهُوَ أَنَّ
الْمَسِيحَ لا يَأْنَفُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَلا مَنْ فَوْقَهُ مَوْصُوفِينَ بِالْعُبُودِيَّةِ ، أَوْ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ هُوَ وَمَنْ فَوْقَهُ . فَإِنْ قُلْتَ : قَدْ جَعَلْتَ الْمَلائِكَةَ وَهُمْ جَمَاعَةٌ عَبْدًا لِلَّهِ فِي هَذَا الْعَطْفِ ، فَمَا وَجْهُهُ؟ قُلْتُ : فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يُرَادَ : وَلا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ أَوْ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ أَنْ يَكُونُوا عِبَادًا لِلَّهِ ، فَحُذِفَ ذَلِكَ لِدَلالَةِ " عَبْدِ اللَّهِ "
[ ص: 186 ] عَلَيْهِ إِيجَازًا ، وَأَمَّا إِذَا عَطَفْتَهُمْ عَلَى الضَّمِيرِ فِي "عَبْدًا" فَقَدْ طَاحَ هَذَا السُّؤَالُ . قُرِئَ "فَسَيَحْشُرُهُمْ" بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِهَا وَبِالنُّونِ .