الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 244 ] وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الظالمون

                                                                                                                                                                                                في مصحف أبي : "وأنزل الله على بني إسرائيل فيها" وفيه : "وأن الجروح قصاص" والمعطوفات كلها قرئت منصوبة ومرفوعة ، والرفع للعطف على محل "أن النفس" ، لأن المعنى وكتبنا عليهم النفس بالنفس ، إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا ، وإما لأن معنى الجملة التي هي قولك النفس بالنفس مما يقع عليه الكتاب كما تقع عليه القراءة . تقول : كتبت الحمد لله ، وقرأت سورة أنزلناها ، ولذلك قال الزجاج : لو قرئ : إن النفس بالنفس ، بالكسر; لكان صحيحا . أو للاستئناف ، والمعنى : فرضنا عليهم فيها أن النفس مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلتها بغير حق " و " كذلك العين مفقوءة ، [ ص: 245 ] بالعين والأنف مجدوع بالأنف والأذن مصلومة بالأذن والسن مقلوعة بالسن والجروح قصاص : ذات قصاص ، وهو المقاصة ، ومعناه : ما يمكن فيه القصاص وتعرف المساواة ، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة فنزلت . فمن تصدق من أصحاب الحق ، " به " : بالقصاص وعفا عنه فهو كفارة له فالتصدق به كفارة للمتصدق يكفر الله من سيئاته ما تقتضيه الموازنة كسائر طاعاته ، وعن عبد الله بن عمرو يهدم عنه من ذنوبه بقدر ما تصدق به ، وقيل : فهو كفارة للجاني ، إذا تجاوز عنه صاحب الحق سقط عنه ما لزمه ، وفي قراءة أبي : "فهو كفارة له" . يعني فالمتصدق كفارته له أي : الكفارة التي يستحقها له لا ينقص منها ، وهو تعظيم لما فعل ، كقوله تعالى فأجره على الله [الشورى : 40] وترغيب في العفو .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية