الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

                                                                                                                                                                                                                                        ( حنفاء لله ) مخلصين له . ( غير مشركين به ) وهما حالان من الواو . ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء ) لأنه سقط من أوج الإيمان إلى حضيض الكفر . ( فتخطفه الطير ) فإن الأهواء الرديئة توزع أفكاره ، وقرأ نافع وحده ( فتخطفه ) بفتح الخاء وتشديد الطاء . ( أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) بعيد فإن الشيطان قد طوح به في الضلالة وأو للتخيير كما في قوله تعالى : ( أو كصيب من السماء ) ، أو للتنويع فإن المشركين من لا خلاص له أصلا ، ومنهم من يمكن خلاصه بالتوبة لكن على بعد ، ويجوز أن يكون من التشبيهات المركبة فيكون المعنى : ومن يشرك بالله فقد هلكت نفسه هلاكا يشبه أحد الهلاكين .

                                                                                                                                                                                                                                        ( ذلك ومن يعظم شعائر الله ) دين الله أو فرائض الحج ومواضع نسكه ، أو الهدايا لأنها من معالم الحج وهو أوفق لظاهر ما بعده ، وتعظيمها أن تختارها حسانا سمانا غالية الأثمان .

                                                                                                                                                                                                                                        روي أنه صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة فيها جمل لأبي جهل في أنفه برة من ذهب ، وأن عمر رضي الله تعالى عنه أهدى نجيبة طلبت منه بثلاثمائة دينار .

                                                                                                                                                                                                                                        ( فإنها من تقوى القلوب ) فإن تعظيمها منه من أفعال ذوي تقوى القلوب ، فحذفت هذه المضافات والعائد إلى من وذكر القلوب لأنها منشأ التقوى والفجور أو الآمرة بهما .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية