الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما

                                                                                                                                                                                                                                      25 - هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي ؛ هو ما يهدى إلى الكعبة؛ ونصبه عطفا على "كم"؛ في "صدوكم"؛ أي: وصدوا الهدي؛ معكوفا أن يبلغ ؛ محبوسا أن يبلغ؛ و"معكوفا"؛ حال؛ وكان - صلى الله عليه وسلم - ساق سبعين بدنة؛ محله ؛ مكانه الذي يحل فيه نحره؛ أي: يجب؛ وهذا دليل على أن المحصر محل هديه الحرم؛ والمراد المحل المعهود؛ وهو "منى"؛ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ؛ بمكة؛ لم تعلموهم ؛ صفة للرجال والنساء؛ جميعا؛ أن تطئوهم ؛ بدل اشتمال منهم؛ أو من الضمير المنصوب في "تعلموهم"؛ فتصيبكم منهم معرة ؛ إثم؛ وشدة؛ وهي "مفعلة"؛ من "عره"؛ بمعنى "عراه"؛ إذا دهاه ما يكرهه؛ ويشق عليه؛ وهو الكفارة إذا قتله خطأ؛ وسوء قالة المشركين أنهم فعلوا بأهل دينهم مثلما فعلوا بنا؛ من غير تمييز؛ والإثم إذا قصر؛ بغير علم ؛ متعلق بـ "أن تطؤوهم"؛ يعني: "أن تطؤوهم غير عالمين بهم"؛ والوطء عبارة عن الإيقاع؛ والإبادة؛ والمعنى أنه كان بمكة قوم من المسلمين مختلطون بالمشركين؛ غير متميزين منهم؛ فقيل: "ولولا"؛ كراهة أن تهلكوا ناسا مؤمنين بين ظهراني المشركين؛ وأنتم غير عارفين بهم؛ فيصيبكم بإهلاكهم مكروه؛ ومشقة؛ لما كف أيديكم عنهم؛ وقوله: ليدخل الله في رحمته من يشاء ؛ تعليل لما دلت عليه الآية؛ وسيقت له؛ من كف الأيدي عن أهل مكة؛ والمنع عن قتلهم؛ صونا [ ص: 342 ] لما بين أظهرهم من المؤمنين؛ كأنه قال: "كان الكف ومنع التعذيب ليدخل الله في رحمته - أي: في توفيقه؛ لزيادة الخير والطاعة - مؤمنيهم"؛ أو ليدخل في الإسلام من رغب فيه من مشركيهم؛ لو تزيلوا ؛ لو تفرقوا؛ وتميز المسلمون من الكافرين؛ وجواب لولا محذوف؛ أغنى عنه جواب "لو"؛ ويجوز أن يكون "لو تزيلوا"؛ كالتكرير؛ لـ "لولا رجال مؤمنون"؛ لمرجعهما إلى معنى واحد؛ ويكون لعذبنا الذين كفروا ؛ هو الجواب؛ تقديره: "ولولا أن تطؤوا رجالا مؤمنين؛ ونساء مؤمنات؛ ولو كانوا متميزين لعذبناهم بالسيف"؛ منهم ؛ من أهل مكة؛ عذابا أليما

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية