الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2014 ] ثم نعود بعد هذا الاستطراد إلى صلب القصة وإلى صلب السياق. إن السياق لا يثبت أن الملك وافق. فكأنما يقول: إن الطلب تضمن الموافقة! زيادة في تكريم يوسف ، وإظهار مكانته عند الملك. فيكفي أن يقول ليجاب، بل ليكون قوله هو الجواب.. ومن ثم يحذف رد الملك، ويدع القارئ يفهم أنه أصبح في المكان الذي طلبه.

                                                                                                                                                                                                                                      ويؤيد هذا الذي نقوله تعقيب السياق:

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء. ولا نضيع أجر المحسنين.. ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ..

                                                                                                                                                                                                                                      فعلى هذا النحو من إظهار براءة يوسف ، ومن إعجاب الملك به، ومن الاستجابة له فيما طلب.. على هذا النحو مكنا ليوسف في الأرض، وثبتنا قدميه، وجعلنا له فيها مكانا ملحوظا. والأرض هي مصر . أو هي هذه الأرض كلها باعتبار أن مصر يومذاك أعظم ممالكها.

                                                                                                                                                                                                                                      يتبوأ منها حيث يشاء ..

                                                                                                                                                                                                                                      يتخذ منها المنزل الذي يريد، والمكان الذي يريد، والمكانة التي يريد. في مقابل الجب وما فيه من مخاوف، والسجن وما فيه من قيود.

                                                                                                                                                                                                                                      نصيب برحمتنا من نشاء ..

                                                                                                                                                                                                                                      فنبدله من العسر يسرا، ومن الضيق فرجا، و من الخوف أمنا، و من القيد حرية، و من الهوان على الناس عزا ومقاما عليا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا نضيع أجر المحسنين ..

                                                                                                                                                                                                                                      الذين يحسنون الإيمان بالله، والتوكل عليه، والاتجاه إليه، ويحسنون السلوك والعمل والتصرف مع الناس.. هذا في الدنيا..

                                                                                                                                                                                                                                      ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ..

                                                                                                                                                                                                                                      فلا ينقص منه المتاع في الدنيا وإن كان خيرا من متاع الدنيا، متى آمن الإنسان واتقى. فاطمأن بإيمانه إلى ربه، وراقبه بتقواه في سره وجهره.

                                                                                                                                                                                                                                      وهكذا عوض الله يوسف عن المحنة، تلك المكانة في الأرض، وهذه البشرى في الآخرة جزاء وفاقا على الإيمان والصبر والإحسان.

                                                                                                                                                                                                                                      ودارت عجلة الزمن. وطوى السياق دوراتها بما كان فيها طوال سنوات الرخاء. فلم يذكر كيف كان الخصب، وكيف زرع الناس. وكيف أدار يوسف جهاز الدولة. وكيف نظم ودبر وادخر. كأن هذه كلها أمور مقررة بقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      إني حفيظ عليم ..

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك لم يذكر مقدم سني الجدب، وكيف تلقاها الناس، وكيف ضاعت الأرزاق.. لأن هذا كله ملحوظ في رؤيا الملك وتأويلها:

                                                                                                                                                                                                                                      " ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ..

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2015 ] كذلك لم يبرز السياق الملك ولا أحدا من رجاله بعد ذلك في السورة كلها. كأن الأمر كله قد صار ليوسف. الذي اضطلع بالعبء في الأزمة الخانقة الرهيبة. وأبرز يوسف وحده على مسرح الحوادث، وسلط عليه كل الأضواء. وهذه حقيقة واقعية استخدمها السياق استخداما فنيا كاملا في الأداء.

                                                                                                                                                                                                                                      أما فعل الجدب فقد أبرزه السياق في مشهد إخوة يوسف ، يجيئون من البدو من أرض كنعان البعيدة يبحثون عن الطعام في مصر . ومن ذلك ندرك اتساع دائرة المجاعة، كما ندرك كيف وقفت مصر - بتدبير يوسف - منها، وكيف صارت محط أنظار جيرانها ومخزن الطعام في المنطقة كلها. وفي الوقت ذاته تمضي قصة يوسف في مجراها الأكبر بين يوسف وإخوته وهي سمة فنية تحقق هدفا دينيا في السياق:

                                                                                                                                                                                                                                      وجاء إخوة يوسف، فدخلوا عليه، فعرفهم وهم له منكرون. ولما جهزهم بجهازهم قال: ائتوني بأخ لكم من أبيكم. ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين؟ فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون. قالوا: سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون. وقال لفتيانه: اجعلوا بضاعتهم في رحالهم، لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون ..

                                                                                                                                                                                                                                      لقد اجتاح الجدب والمجاعة أرض كنعان وما حولها. فاتجه إخوة يوسف - فيمن يتجهون - إلى مصر . وقد تسامع الناس بما فيها من فائض الغلة منذ السنوات السمان. وها نحن أولاء نشهدهم يدخلون على يوسف ، وهم لا يعلمون أنه يعرفهم فهم هم لم يتغيروا كثيرا. أما يوسف فإن خيالهم لا يتصور قط أنه هو ذاك! وأين الغلام العبراني الصغير الذي ألقوه في الجب منذ عشرين عاما أو تزيد من عزيز مصر شبه المتوج في سنه وزيه وحرسه ومهابته وخدمه وحشمه وهيله وهيلمانه؟

                                                                                                                                                                                                                                      ولم يكشف لهم يوسف عن نفسه. فلا بد من دروس يتلقونها:

                                                                                                                                                                                                                                      فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ..

                                                                                                                                                                                                                                      ولكنا ندرك من السياق أنه أنزلهم منزلا طيبا، ثم أخذ في إعداد الدرس الأول:

                                                                                                                                                                                                                                      ولما جهزهم بجهازهم قال: ائتوني بأخ لكم من أبيكم ..

                                                                                                                                                                                                                                      فنفهم من هذا أنه تركهم يأنسون إليه، واستدرجهم حتى ذكروا له من هم على وجه التفصيل، وأن لهم أخا أصغر من أبيهم لم يحضر معهم لأن أباه يحبه ولا يطيق فراقه. فلما جهزهم بحاجات الرحلة قال لهم: إنه يريد أن يرى أخاهم هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      قال: ائتوني بأخ لكم من أبيكم ..

                                                                                                                                                                                                                                      وقد رأيتم أنني أوفي الكيل للمشترين. فسأوفيكم نصيبكم حين يجيء معكم; ورأيتم أنني أكرم النزلاء فلا خوف عليه بل سيلقى مني الإكرام المعهود:

                                                                                                                                                                                                                                      ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين؟ ..

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانوا يعلمون كيف يضن أبوهم بأخيهم الأصغر - وبخاصة بعد ذهاب يوسف - فقد أظهروا أن الأمر ليس ميسورا، وإنما في طريقه عقبات من ممانعة أبيهم، وأنهم سيحاولون إقناعه، مع توكيد عزمهم - على الرغم من هذه العقبات - على إحضاره معهم حين يعودون:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2016 ] قالوا: سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون ..

                                                                                                                                                                                                                                      ولفظ "نراود" يصور الجهد الذي يعلمون أنهم باذلوه..

                                                                                                                                                                                                                                      أما يوسف فقد أمر غلمانه أن يدسوا البضاعة التي حضر بها إخوته ليستبدلوا بها القمح والعلف. وقد تكون خليطا من نقد ومن غلات صحراوية أخرى من غلات الشجر الصحراوي، و من الجلود والشعر وسواها مما كان يستخدم في التبادل في الأسواق.. أمر غلمانه بدسها في رحالهم - والرحل متاع المسافر - لعلهم يعرفون حين يرجعون أنها بضاعتهم التي جاءوا بها:

                                                                                                                                                                                                                                      وقال لفتيانه: اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون ..

                                                                                                                                                                                                                                      وندع يوسف في مصر . لنشهد يعقوب وبنيه في أرض كنعان . دون كلمة واحدة عن الطريق وما فيه:

                                                                                                                                                                                                                                      فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا منع منا الكيل، فأرسل معنا أخانا نكتل، وإنا له لحافظون. قال: هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل؟ فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم، قالوا: يا أبانا ما نبغي. هذه بضاعتنا ردت إلينا، ونمير أهلنا، ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير. ذلك كيل يسير. قال: لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله: لتأتنني به - إلا أن يحاط بكم - فلما آتوه موثقهم قال: الله على ما نقول وكيل ..

                                                                                                                                                                                                                                      ويبدو أنهم في دخلتهم على أبيهم، وقبل أن يفكوا متاعهم، عاجلوه بأن الكيل قد تقرر منعه عنهم ما لم يأتوا عزيز مصر بأخيهم الصغير معهم. فهم يطلبون إليه أن يرسل معهم أخاهم الصغير ليكتالوا له ولهم. وهم يعدون بحفظه:

                                                                                                                                                                                                                                      فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا منع منا الكيل، فأرسل معنا أخانا نكتل، وإنا له لحافظون ..

                                                                                                                                                                                                                                      ولا بد أن هذا الوعد قد أثار كوامن يعقوب. فهو ذاته وعدهم له في يوسف ! فإذا هو يجهر بما أثاره الوعد من شجونه:

                                                                                                                                                                                                                                      قال: هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل! ..

                                                                                                                                                                                                                                      فخلوني من وعودكم وخلوني من حفظكم، فإذا أنا طلبت الحفظ لولدي والرحمة بي..

                                                                                                                                                                                                                                      فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ! وبعد الاستقرار من المشوار، والراحة من السفر فتحوا أوعيتهم ليخرجوا ما فيها من غلال فإذا هم يجدون فيها بضاعتهم التي ذهبوا يشترون بها، ولم يجدوا في رحالهم غلالا!

                                                                                                                                                                                                                                      إن يوسف لم يعطهم قمحا، إنما وضع لهم بضاعتهم في رحالهم. فلما عادوا قالوا: يا أبانا منع منا الكيل، وفتحوا رحالهم فوجدوا بضاعتهم. وكان ذلك ليضطرهم إلى العودة بأخيهم، وكان هذا بعض الدرس الذي عليهم أن يأخذوه.

                                                                                                                                                                                                                                      على أية حال لقد اتخذوا من رد بضاعتهم إليهم دليلا على أنهم غير باغين فيما يطلبون من استصحاب أخيهم ولا ظالمين:

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا: يا أبانا ما نبغي. هذه بضاعتنا ردت إلينا ..

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2017 ] ثم أخذوا يحرجونه بالتلويح له بمصلحة أهلهم الحيوية في الحصول على الطعام:

                                                                                                                                                                                                                                      ونمير أهلنا ..

                                                                                                                                                                                                                                      والميرة الزاد، ويؤكدون له عزمهم على حفظ أخيهم..

                                                                                                                                                                                                                                      ونحفظ أخانا ..

                                                                                                                                                                                                                                      ويرغبونه بزيادة الكيل لأخيهم:

                                                                                                                                                                                                                                      ونزداد كيل بعير ..

                                                                                                                                                                                                                                      وهو ميسور لهم حين يرافقهم:

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك كيل يسير ..

                                                                                                                                                                                                                                      ويبدو من قولهم: ونزداد كيل بعير أن يوسف - عليه السلام - كان يعطي كل واحد وسق بعير - وهو قدر معروف - ولم يكن يبيع كل مشتر ما يريد. وكان ذلك من الحكمة في سنوات الجدب، كي يظل هناك قوت للجميع:

                                                                                                                                                                                                                                      واستسلم الرجل على كره; ولكنه جعل لتسليم ابنه الباقي شرطا:

                                                                                                                                                                                                                                      قال: لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله: لتأتنني به إلا أن يحاط بكم ..

                                                                                                                                                                                                                                      أي لتقسمن لي بالله قسما يربطكم، أن تردوا علي ولدي، إلا إذا غلبتم على أمركم غلبا لا حيلة لكم فيه، ولا تجدي مدافعتكم عنه:

                                                                                                                                                                                                                                      إلا أن يحاط بكم ..

                                                                                                                                                                                                                                      وهو كناية عن أخذ المسالك كلها عليهم. فأقسموا:

                                                                                                                                                                                                                                      فلما آتوه موثقهم قال: الله على ما نقول وكيل ..

                                                                                                                                                                                                                                      زيادة في التوكيد والتذكير.

                                                                                                                                                                                                                                      وبعد هذا الموثق جعل الرجل يوصيهم بما خطر له في رحلتهم القادمة ومعهم الصغير العزيز:

                                                                                                                                                                                                                                      وقال: يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة. وما أغني عنكم من الله من شيء. إن الحكم إلا لله، عليه توكلت، وعليه فليتوكل المتوكلون ..

                                                                                                                                                                                                                                      ونقف هنا أمام قول يعقوب - عليه السلام - :

                                                                                                                                                                                                                                      إن الحكم إلا لله ..

                                                                                                                                                                                                                                      وواضح من سياق القول أنه يعني هنا حكم الله القدري القهري الذي لا مفر منه ولا فكاك، وقضاءه الإلهي الذي يجري به قدره فلا يملك الناس فيه لأنفسهم شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا هو الإيمان بالقدر خيره وشره.

                                                                                                                                                                                                                                      وحكم الله القدري يمضي في الناس على غير إرادة منهم ولا اختيار.. وإلى جانبه حكم الله الذي ينفذه الناس عن رضى منهم واختيار. وهو الحكم الشرعي المتمثل في الأوامر والنواهي.. وهذا كذلك لا يكون إلا لله. شأنه شأن حكمه القدري، باختلاف واحد: هو أن الناس ينفذونه مختارين أو لا ينفذونه. فيترتب [ ص: 2018 ] على هذا أو ذاك نتائجه وعواقبه في حياتهم في الدنيا وفي جزائهم في الآخرة. ولكن الناس لا يكونون مسلمين حتى يختاروا حكم الله هذا وينفذوه فعلا راضين..

                                                                                                                                                                                                                                      وسار الركب، ونفذوا وصية أبيهم:

                                                                                                                                                                                                                                      ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم، ما كان يغني عنهم من الله من شيء - إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها - وإنه لذو علم لما علمناه، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

                                                                                                                                                                                                                                      فيم كانت هذه الوصية؟ لم قال لهم أبوهم: لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة؟

                                                                                                                                                                                                                                      تضرب الروايات والتفاسير في هذا وتبدأ وتعيد، بلا ضرورة، بل ضد ما يقتضيه السياق القرآني الحكيم. فلو كان السياق يحب أن يكشف عن السبب لقال. ولكنه قال فقط - إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها - فينبغي أن يقف المفسرون عند ما أراده السياق، احتفاظا بالجو الذي أراده. والجو يوحي بأنه كان يخشى شيئا عليهم، ويرى في دخولهم من أبواب متفرقة اتقاء لهذا الشيء مع تسليمه بأنه لا يغني عنهم من الله من شيء. فالحكم كله إليه، والاعتماد كله عليه. إنما هو خاطر شعر به، وحاجة في نفسه قضاها بالوصية، وهو على علم بأن إرادة الله نافذة. فقد علمه الله هذا فتعلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ليكن هذا الشيء الذي كان يخشاه هو العين الحاسدة، أو هي غيرة الملك من كثرتهم وفتوتهم. أو هو تتبع قطاع الطريق لهم. أو كائنا ما كان فهو لا يزيد شيئا في الموضوع. سوى أن يجد الرواة والمفسرون بابا للخروج عن الجو القرآني المؤثر إلى قال وقيل، مما يذهب بالجو القرآني كله في كثرة الأحايين!

                                                                                                                                                                                                                                      فلنطو نحن الوصية والرحلة كما طواها السياق، لنلتقي بإخوة يوسف في المشهد التالي بعد الوصول:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية