الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إنا أرسلناك بالحق .

                                                                                                                                                                                                                                      في سبب نزولها قولان . أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: "ليت شعري ما فعل أبواي!" فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أنزل الله بأسه باليهود لآمنوا" فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي المراد (بالحق) هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها: أنه القرآن ، قاله ابن عباس . والثاني: الإسلام ، قاله ابن كيسان . والثالث: الصدق .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولا تسأل عن : الأكثرون بضم التاء على الخبر ، والمعنى: لست بمسؤول عن أعمالهم . وقرأ نافع ، ويعقوب بفتح التاء وسكون اللام ، على النهي عن السؤال عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 138 ] وجوز أبو الحسن الأخفش أن يكون معنى هذه القراءة: لا تسأل عنهم فإنهم في أمر عظيم . فيكون ذلك على وجه التعظيم لما هم فيه . فأما الجحيم; فقال الفراء: الجحيم: النار ، والجمر على الجمر . وقال أبو عبيدة: الجحيم: النار المستحكمة المتلظية . وقال الزجاج: الجحيم: النار الشديدة الوقود ، وقد جحم فلان النار: إذا شدد وقودها ، ويقال: لعين الأسد: جحمة لشدة توقدها . ويقال: لوقود الحرب ، وهو شدة القتال فيها: جاحم . وقال ابن فارس: الجاحم: المكان الشديد الحر . قال الأعشى:


                                                                                                                                                                                                                                      يعدون للهيجاء قبل لقائها غداة اختضار البأس والموت جاحم



                                                                                                                                                                                                                                      ولذلك سميت الجحيم . وقال ابن الأنباري: قال أحمد بن عبيد: إنما سميت النار جحيما ، لأنها أكثر وقودها ، من قول العرب: جحمت النار أجحمها: إذا أكثرت لها الوقود .

                                                                                                                                                                                                                                      قال عمران بن حطان:


                                                                                                                                                                                                                                      يرى طاعة الله الهدى وخلافه     الضلالة يصلي أهلها جاحم الجمر



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية