الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 85 ] هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: هذا نذير فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه القرآن، نذير بما أنذرت الكتب المتقدمة، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، نذير بما أنذرت به الأنبياء، قاله ابن جريج .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى أزفت الآزفة أي: دنت القيامة، ليس لها من دون الله كاشفة فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: إذا غشيت الخلق شدائدها وأهوالها لم يكشفها أحد ولم يردها، قاله عطاء، وقتادة، والضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: ليس لعلمها كاشف دون الله، أي: لا يعلم علمها إلا الله، قاله الفراء، قال: وتأنيث "كاشفة" كقوله: "هل ترى لهم من باقية" [الحاقة: 8]، يريد: من بقاء; والعافية والباقية والناهية كله في معنى المصدر . وقال غيره: تأنيث "كاشفة" على تقدير: نفس كاشفة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أفمن هذا الحديث قال مقاتل: يعني القرآن تعجبون تكذيبا به، وتضحكون استهزاء ولا تبكون مما فيه من الوعيد؟! ويعني بهذا كفار مكة، وأنتم سامدون فيه خمسة أقوال . [ ص: 86 ] أحدها: لاهون، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الفراء والزجاج . قال أبو عبيدة: يقال: دع عنك سمودك، أي: لهوك .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: معرضون، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أنه الغناء، وهي لغة يمانية، يقولون: اسمد لنا، أي: تغن لنا، رواه عكرمة عن ابن عباس . وقال عكرمة: هو الغناء بالحميرية .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: غافلون، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس: أشرون بطرون، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى فاسجدوا لله فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه سجود التلاوة، قاله ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: سجود الفرض في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقاتل: يعني بقوله: "فاسجدوا": الصلوات الخمس .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله: واعبدوا قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه التوحيد . والثاني: العبادة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية