[ ص: 287 ] سورة الطلاق
وتسمى سورة النساء القصرى، وهي مدنية كلها بإجماعهم
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=11744_11749_12701_19860_28328_30532_34513_29036nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يا أيها النبي إذا طلقتم النساء قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم . والمؤمنون داخلون معه فيه . ومعناه: إذا أردتم طلاق النساء، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة [المائدة: 6] وفي سبب نزول هذه الآية قولان .
أحدهما: أنها نزلت حين
nindex.php?page=hadith&LINKID=942619طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة، وقيل له: راجعها، فإنها صوامة قوامة، وهي من إحدى زوجاتك في الجنة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك .
والثاني: أنها نزلت في عبد الله بن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، وذلك
nindex.php?page=hadith&LINKID=654528أنه طلق امرأته حائضا، [ ص: 288 ] فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لعدتهن أي: لزمان عدتهن، وهو الطهر . وهذا للمدخول بها، لأن غير المدخول بها لا عدة عليها .
nindex.php?page=treesubj&link=11728_11694والطلاق على ضربين: سني، وبدعي .
فالسني: أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، وذلك هو
nindex.php?page=treesubj&link=25212الطلاق للعدة ، لأنها تعتد بذلك الطهر من عدة وتقع في العدة عقيب الطلاق، فلا يطول عليها زمان العدة .
nindex.php?page=treesubj&link=11694_11728والطلاق البدعي: أن يقع في حال الحيض، أو في طهر قد جامعها فيه، فهو واقع، وصاحبه آثم . وإن جمع الطلاق الثلاث في طهر واحد، فالمنصور من مذهبنا أنه بدعة .
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وأحصوا العدة أي: زمان العدة . وفي إحصائها فوائد . منها: مراعاة زمان الرجعة، وأوان النفقة، والسكنى، وتوزيع الطلاق على الإقرار إذا أراد أن يطلق ثلاثا، وليعلم أنها قد بانت، فيتزوج بأختها، وأربع سواها .
[ ص: 289 ] قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1واتقوا الله ربكم أي: فلا تعصوه فيما أمركم به . و
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تخرجوهن من بيوتهن فيه دليل على وجوب السكنى . ونسب البيوت إليهن، لسكناهن قبل الطلاق فيهن، ولا يجوز لها أن تخرج في عدتها إلا لضرورة ظاهرة . فإن خرجت أثمت
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إلا أن يأتين بفاحشة وفيها أربعة أقوال .
أحدها: المعنى: إلا أن يخرجن قبل انقضاء المدة فخروجهن هو الفاحشة المبينة، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي، وابن السائب .
والثاني: أن الفاحشة: الزنا، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك . فعلى هذا يكون المعنى: إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحد عليهن .
والثالث: الفاحشة: أن تبذؤ على أهلها، فيحل لهم إخراجها، رواه
محمد ابن إبراهيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والرابع: أنها إصابة حد، فتخرج لإقامة الحد عليها، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد ابن المسيب .
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وتلك حدود الله يعني: ما ذكر من الأحكام
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1ومن يتعد [ ص: 290 ] حدود الله التي بينها، وأمر بها
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فقد ظلم نفسه أي: أثم فيما بينه وبين الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا أي: يوقع في قلب الزوج المحبة لرجعتها بعد الطلقة والطلقتين . وهذا يدل على أن المستحب في الطلاق تفريقه، وأن لا يجمع الثلاث .
[ ص: 287 ] سُورَةُ الطَّلَاقِ
وَتُسَمَّى سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى، وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ كُلُّهَا بِإِجْمَاعِهِمْ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=11744_11749_12701_19860_28328_30532_34513_29036nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهَ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودُ اللَّهَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ: هَذَا خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْمُؤْمِنُونَ دَاخِلُونَ مَعَهُ فِيهِ . وَمَعْنَاهُ: إِذَا أَرَدْتُمْ طَلَاقَ النِّسَاءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [الْمَائِدَةِ: 6] وَفِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ .
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا نَزَلَتْ حِينَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=942619طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=41حَفْصَةَ، وَقِيلَ لَهُ: رَاجِعْهَا، فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَهِيَ مِنْ إِحْدَى زَوْجَاتِكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ .
وَالثَّانِي: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ، وَذَلِكَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=654528أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا، [ ص: 288 ] فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ .
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لِعِدَّتِهِنَّ أَيْ: لِزَمَانِ عِدَّتِهِنَّ، وَهُوَ الطُّهْرُ . وَهَذَا لِلْمَدْخُولِ بِهَا، لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=11728_11694وَالطَّلَاقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: سُنِّيٌّ، وَبِدْعِيٌّ .
فَالسُّنِّيُّ: أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ، وَذَلِكَ هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=25212الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ ، لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ مِنْ عِدَّةٍ وَتَقَعُ فِي الْعِدَّةِ عُقَيْبَ الطَّلَاقِ، فَلَا يَطُولُ عَلَيْهَا زَمَانُ الْعِدَّةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=11694_11728وَالطَّلَاقُ الْبِدْعِيُّ: أَنْ يَقَعَ فِي حَالِ الْحَيْضِ، أَوْ فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ، فَهُوَ وَاقِعٌ، وَصَاحِبُهُ آثِمٌ . وَإِنْ جَمَعَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَالْمَنْصُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ بِدْعَةٌ .
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ أَيْ: زَمَانَ الْعِدَّةِ . وَفِي إِحْصَائِهَا فَوَائِدُ . مِنْهَا: مُرَاعَاةُ زَمَانِ الرَّجْعَةِ، وَأَوَانِ النَّفَقَةِ، وَالسُّكْنَى، وَتَوْزِيعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْإِقْرَارِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا، وَلِيَعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ بَانَتْ، فَيَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا، وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا .
[ ص: 289 ] قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ أَيْ: فَلَا تَعْصُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى . وَنَسَبِ الْبُيُوتِ إِلَيْهِنَّ، لِسُكْنَاهُنَّ قَبْلَ الطَّلَاقِ فِيهِنَّ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي عِدَّتِهَا إِلَّا لِضَرُورَةِ ظَاهِرَةٍ . فَإِنْ خَرَجَتْ أَثِمَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ .
أَحَدُهَا: الْمَعْنَى: إِلَّا أَنْ يَخْرُجْنَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَخُرُوجُهُنَّ هُوَ الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيِّ، وَابْنِ السَّائِبِ .
وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَاحِشَةَ: الزِّنَا، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ، nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ، nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ، nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ . فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَعْنَى: إِلَّا أَنْ يَزْنِينَ فَيَخْرُجْنَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِنَّ .
وَالثَّالِثُ: الْفَاحِشَةُ: أَنْ تَبْذُؤَ عَلَى أَهْلِهَا، فَيَحِلُّ لَهُمْ إِخْرَاجُهَا، رَوَاهُ
مُحَمَّدُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا إِصَابَةُ حَدٍّ، فَتَخْرُجُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يَعْنِي: مَا ذَكَرَ مِنَ الْأَحْكَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَمَنْ يَتَعَدَّ [ ص: 290 ] حُدُودَ اللَّهِ الَّتِي بَيَّنَهَا، وَأَمَرَ بِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ أَيْ: أَثِمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا أَيْ: يُوقِعُ فِي قَلْبِ الزَّوْجِ الْمَحَبَّةَ لَرَجَعْتِهَا بَعْدَ الطَّلْقَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي الطَّلَاقِ تَفْرِيقُهُ، وَأَنْ لَا يَجْمَعَ الثَّلَاثَ .