القول في تأويل قوله تعالى:
[206]
nindex.php?page=treesubj&link=18669_1900_29747_33133_34513_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون
"
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك يعني الملائكة الذين هم في أعلى مقامات القرب "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206لا يستكبرون عن عبادته أي لا يتعظمون عنها. وقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206ويسبحونه وله يسجدون أي فينبغي أن يقتدى بهم فيما ذكر عنهم، ففيه حث ولطف مرغب في ذلك، لأنه إذا كان أولئك -وهم ما هم في قرب المنزلة والعصمة- حالهم في عبادته تعالى وتسبيحه ما ذكر، فكيف ينبغي أن يكون غيرهم.
تنبيهات:
الأول: قال
الرازي : تمسك
nindex.php?page=showalam&ids=13719أبو بكر الأصم بهذه الآية في
nindex.php?page=treesubj&link=29728_28809تفضيل الملائكة على البشر قال: لأنه تعالى لما أمر رسوله بالعبادة والذكر قال: "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك الآية، أي فأنت أولى وأحق بالعبادة، والمسألة مستوفاة في كتب الكلام. واستنبط من قال بالتفضيل المذكور من الآية، أنه ينبغي للعبد أن ينظر إلى من فوقه في طاعة الله تعالى.
الثاني: قال
الرازي : المشبهة تمسكوا بقوله تعالى: "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك وقالوا: لفظ (عند) مشعر بالجهة. ثم أجاب بما هو معروف للخلف. ويعني -سامحه الله- بالمشبهة الحنابلة، وهم براء من التشبيه، كما يعلمه من طالع عقائدهم، واقفون على حد النصوص بلا تشبيه ولا تعطيل، ولم ينفردوا بذلك، فقد تقدمهم من لا يحصى في هذه المسألة. راجع كتاب (العلو
للذهبي ) تعلم ما ذكرنا.
[ ص: 2939 ] الثالث: قال
الجشمي : تدل الآية على
nindex.php?page=treesubj&link=29737كون الملائكة مكلفين. وتدل على أنهم سجدوا لله،
وآدم كان قبلة السجود، لأنه وصفهم بأنهم يسجدون له.
الرابع: هذه أول سجدة في القرآن مما يشرع لتاليها ومستمعها السجود بالإجماع.
وقد ورد في حديث رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه عدها في سجدات القرآن.
وروى الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=657908أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن، فيقرأ سورة فيها سجدة، فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته، في غير وقت صلاة .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657123« إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلتا أمر ابن آدم بالسجود فسجد، فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار » .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=702188عن nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة، إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة» .
الخامس: السجدة المشروعة، إن كانت لآية، أمر فيها بالسجود فللأمر، أو حكى فيها
[ ص: 2940 ] استنكاف الكفرة عنه، فلمخالفتهم وإرغامهم، أو حكي فيها سجود الأنبياء أو الملائكة، فللتأسي بهم- كذا في (العناية)-.
وهذا آخر ما تيسر تعليقه على سورة الأعراف، فلله الحمد على هذا التسهيل والإسعاف، ونسأله بمنه وكرمه العون على الإتمام، فإنه ذو الجلال والإكرام.
وكان الفراغ من ذلك طلوع الشمس من يوم الثلاثاء، في 26 رمضان المبارك سنة 1321 بشباك السدة العليا اليمنى من
جامع السنانية على يد الفقير
جمال الدين القاسمي غفر الله له، ولوالديه ولجميع المؤمنين، ورحمه وإياهم إنه أرحم الراحمين.
تم الجزء السابع ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الثامن ويحتوي على تفسير سورتي الأنفال والتوبة.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[206]
nindex.php?page=treesubj&link=18669_1900_29747_33133_34513_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ
"
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ فِي أَعْلَى مَقَامَاتِ الْقُرْبِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ أَيْ لَا يَتَعَظَّمُونَ عَنْهَا. وَقَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَدَى بِهِمْ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمْ، فَفِيهِ حَثٌّ وَلُطْفٌ مُرَغِّبٌ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ أُولَئِكَ -وَهُمْ مَا هُمْ فِي قُرْبِ الْمَنْزِلَةِ وَالْعِصْمَةِ- حَالُهُمْ فِي عِبَادَتِهِ تَعَالَى وَتَسْبِيحِهِ مَا ذُكِرَ، فَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُمْ.
تَنْبِيهَاتٌ:
الْأَوَّلُ: قَالَ
الرَّازِيُّ : تَمَسَّكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13719أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29728_28809تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ قَالَ: لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ رَسُولَهُ بِالْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ قَالَ: "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ الْآيَةَ، أَيْ فَأَنْتَ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِالْعِبَادَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي كُتُبِ الْكَلَامِ. وَاسْتَنْبَطَ مَنْ قَالَ بِالتَّفْضِيلِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْآيَةِ، أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
الثَّانِي: قَالَ
الرَّازِيُّ : الْمُشَبِّهَةُ تَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ وَقَالُوا: لَفْظُ (عِنْدَ) مُشْعِرٌ بِالْجِهَةِ. ثُمَّ أَجَابَ بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ لِلْخَلَفِ. وَيَعْنِي -سَامَحَهُ اللَّهُ- بِالْمُشَبِّهَةِ الْحَنَابِلَةَ، وَهُمْ بَرَاءٌ مِنَ التَّشْبِيهِ، كَمَا يَعْلَمُهُ مَنْ طَالَعَ عَقَائِدَهُمْ، وَاقِفُونَ عَلَى حَدِّ النُّصُوصِ بِلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَلَمْ يَنْفَرِدُوا بِذَلِكَ، فَقَدْ تَقَدَّمَهُمْ مَنْ لَا يُحْصَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. رَاجِعْ كِتَابَ (الْعُلُوِّ
لِلذَّهَبِيِّ ) تَعْلَمْ مَا ذَكَرْنَا.
[ ص: 2939 ] الثَّالِثُ: قَالَ
الْجَشْمِيُّ : تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29737كَوْنِ الْمَلَائِكَةِ مُكَلَّفِينَ. وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ سَجَدُوا لِلَّهِ،
وَآدَمُ كَانَ قِبْلَةَ السُّجُودِ، لِأَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ لَهُ.
الرَّابِعُ: هَذِهِ أَوَّلُ سَجْدَةٍ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا يُشْرِعُ لِتَالِيهَا وَمُسْتَمِعِهَا السُّجُودَ بِالْإِجْمَاعِ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ عَدَّهَا فِي سَجَدَاتِ الْقُرْآنِ.
وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ nindex.php?page=hadith&LINKID=657908أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ، فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657123« إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَتَا أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ » .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ nindex.php?page=hadith&LINKID=702188عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=99ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: « عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» .
الْخَامِسُ: السَّجْدَةُ الْمَشْرُوعَةُ، إِنْ كَانَتْ لِآيَةٍ، أُمِرَ فِيهَا بِالسُّجُودِ فَلِلْأَمْرِ، أَوْ حَكَى فِيهَا
[ ص: 2940 ] اسْتِنْكَافُ الْكَفَرَةِ عَنْهُ، فَلِمُخَالَفَتِهِمْ وَإِرْغَامِهِمْ، أَوْ حُكِيَ فِيهَا سُجُودُ الْأَنْبِيَاءِ أَوِ الْمَلَائِكَةِ، فَلِلتَّأَسِّي بِهِمْ- كَذَا فِي (الْعِنَايَةِ)-.
وَهَذَا آخِرُ مَا تَيَسَّرَ تَعْلِيقُهُ عَلَى سُورَةِ الْأَعْرَافِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى هَذَا التَّسْهِيلِ وَالْإِسْعَافِ، وَنَسْأَلُهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ الْعَوْنَ عَلَى الْإِتْمَامِ، فَإِنَّهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ ذَلِكَ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ، فِي 26 رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ سَنَةَ 1321 بِشِبَّاكِ السُّدَّةِ الْعُلْيَا الْيُمْنَى مِنْ
جَامِعِ السَّنَانِيَةِ عَلَى يَدِ الْفَقِيرِ
جَمَالِ الدِّينِ الْقَاسِمِيِّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَلِوَالِدَيْهِ وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَحِمَهُ وَإِيَّاهُمْ إِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
تَمَّ الْجُزْءُ السَّابِعُ وَيَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْجُزْءُ الثَّامِنُ وَيَحْتَوِي عَلَى تَفْسِيرِ سُورَتَيِ الْأَنْفَالِ وَالتَّوْبَةِ.