القول في تأويل قوله تعالى :
[ 9 ]
nindex.php?page=treesubj&link=19736_29313_30766_30773_34094_34513_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إذ تستغيثون ربكم أي : تطلبون منه الغوث ، وهو التخلص من الشدة ، والعون بالنصر عليهم
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9فاستجاب لكم أي : الدعاء
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9أني ممدكم أي : معينكم
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9بألف من الملائكة مردفين بكسر الدال ، أي : متتابعين ، بعضهم على إثر بعض ، أومردفين غيرهم .
وقرئ بفتحها على معنى أن الله أردف المسلمين بهم ، أو مردفين بغيرهم ، أي : من ملائكة آخرين .
وقرئ ( بآلاف ) بالجمع ، كما يأتي .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=103215لما كان يوم بدر ، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف ، وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ; فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ، ثم مد يده ، فجعل يهتف بربه ويقول : « اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آتني ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام ، لا تعبد في الأرض » . فما زال يهتف بربه مادا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، فأخذ رداءه ، فألقاه على منكبيه ، ثم التزمه من ورائه ، وقال : يا نبي الله ! كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إذ تستغيثون ربكم [ ص: 2957 ] وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=890378أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر :
« هذا جبريل آخذ برأس فرسه ، عليه أداة الحرب » .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
معاذ بن رفاعة ، عن
رافع الزرقي ، عن أبيه - وكان ممن شهد
بدرا - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653692جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال : من أفضل المسلمين - أو كلمة نحوها - قال : وكذلك من شهد بدرا من الملائكة . تنبيهات :
الأول : قال
الجشمي : تدل الآية على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28734الملك يجوز أن يتشبه بالآدمي ، ولا يخرج من كونه ملكا ، بأن يغير أطرافهم دون الأجزاء التي صاروا بها أحياء والذي ينكر أن يقدر أحد على تغيير الصور ، بل نقول : إن الله هو الذي يقدر على ذلك .
انتهى .
الثاني : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ( بآلاف من الملائكة ) - على الجمع - ليوافق ما في سورة آل عمران .
فإن قلت : فيم يعتذر لمن قرأ على التوحيد ، ولم يفسر ( المردفين ) بإرداف الملائكة ملائكة آخرين ، و ( المردفين ) بارتدافهم غيرهم ؟
قلت : بأن المراد بالألف ، من قاتل منهم ، أو الوجوه منهم ، الذين من سواهم أتباع لهم . انتهى .
قال
شمس الدين ابن القيم في ( " زاد المعاد " ) في بحث غزوة
بدر :
فإن قيل : هاهنا ذكر أنه أمدهم بألف ، وفي سورة آل عمران قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=124إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منـزلين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين فكيف الجمع بينهما ؟
[ ص: 2958 ] قيل : اختلف في هذا الإمداد الذي بثلاثة آلاف ، والذي بخمسة على قولين :
أحدهما : أنه كان يوم
( أحد ) ، وكان إمدادا معلقا على شرط ، فلما فات شرطه ، فات الإمداد . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل ، وإحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
والثاني : أنه كان يوم
بدر ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، والرواية الأخرى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، واختاره جماعة من المفسرين .
وحجة هؤلاء ، أن السياق يدل على ذلك ، فإنه سبحانه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=123ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=124إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منـزلين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125بلى إن تصبروا وتتقوا إلى أن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وما جعله الله أي : هذا الإمداد :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=126إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به
قال هؤلاء : فلما استغاثوا ، أمدهم بألف ، ثم أمدهم بتمام ثلاثة آلاف ، ثم أمدهم بتمام خمسة آلاف ، لما صبروا واتقوا . وكان هذا التدريج ، ومتابعة الإمداد ، أحسن موقعا ، وأقوى لتقويتهم وأسر لها من أن يأتي مرة واحدة ، وهو بمنزلة متابعة الوحي ونزوله مرة بعد مرة .
وقالت الفرقة الأولى : القصة في سياق
( أحد ) ، وإنما أدخل ذكر
( بدر ) اعتراضا في أثنائها ، فإنه سبحانه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=121وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=122إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=123ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون فذكره نعمه عليهم ، لما نصرهم
ببدر وهم أذلة ، ثم عاد إلى قصة
( أحد ) ، وأخبر عن قول رسوله لهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=124ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منـزلين ثم وعدهم أنهم إن صبروا واتقوا أمدهم بخمسة آلاف .
فهذا من قول رسوله ، والإمداد الذي
ببدر من قوله تعالى ، وهذا بخمسة آلاف ، وإمداد
بدر بألف ، وهذا معلق على شرط ، وذلك مطلق .
والقصة في سورة آل عمران ، هي قصة
( أحد ) مستوفاة مطولة ، و
( بدر ) ذكرت فيها اعتراضا .
[ ص: 2959 ] والقصة في سورة الأنفال قصة
( بدر ) مستوفاة مطولة ، فالسياق في آل عمران غير السياق في الأنفال ، يوضح هذا أن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125ويأتوكم من فورهم هذا قد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هو يوم
( أحد ) ، وهذا يستلزم أن يكون الإمداد المذكور فيه ، فلا يصح قوله إن الإمداد بهذا العدد كان يوم
بدر وإتيانهم من فورهم هذا يوم
أحد ، والله أعلم . انتهى .
وقوله تعالى
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
[ 9 ]
nindex.php?page=treesubj&link=19736_29313_30766_30773_34094_34513_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ أَيْ : تَطْلُبُونَ مِنْهُ الْغَوْثَ ، وَهُوَ التَّخَلُّصُ مِنَ الشِّدَّةِ ، وَالْعَوْنُ بِالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَيِ : الدُّعَاءَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9أَنِّي مُمِدُّكُمْ أَيْ : مُعِينُكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ بِكَسْرِ الدَّالِ ، أَيْ : مُتَتَابِعِينَ ، بَعْضُهُمْ عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ ، أَوَمُرْدِفِينَ غَيْرَهُمْ .
وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّهَ أَرْدَفَ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ ، أَوْ مُرْدَفِينَ بِغَيْرِهِمْ ، أَيْ : مِنْ مَلَائِكَةٍ آخَرِينَ .
وَقُرِئَ ( بِآلَافٍ ) بِالْجَمْعِ ، كَمَا يَأْتِي .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=103215لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ; فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ وَيَقُولُ : « اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ » . فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ ، فَأَتَاهُ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ! كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ [ ص: 2957 ] وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=890378أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ :
« هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ » .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ ، عَنْ
رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ
بَدْرًا - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653692جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ ؟ قَالَ : مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - قَالَ : وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ . تَنْبِيهَاتٌ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
الْجُشَمِيُّ : تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28734الْمَلَكَ يَجُوزُ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِالْآدَمِيِّ ، وَلَا يَخْرُجَ مِنْ كَوْنِهِ مَلَكًا ، بِأَنْ يُغَيِّرَ أَطْرَافَهُمْ دُونَ الْأَجْزَاءِ الَّتِي صَارُوا بِهَا أَحْيَاءً وَالَّذِي يُنْكَرُ أَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ عَلَى تَغْيِيرِ الصُّوَرِ ، بَلْ نَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ .
انْتَهَى .
الثَّانِي : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : ( بِآلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ) - عَلَى الْجَمْعِ - لِيُوَافِقَ مَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
فَإِنْ قُلْتَ : فِيمَ يُعْتَذَرُ لِمَنْ قَرَأَ عَلَى التَّوْحِيدِ ، وَلَمْ يُفَسَّرِ ( الْمُرْدِفِينَ ) بِإِرْدَافِ الْمَلَائِكَةِ مَلَائِكَةً آخَرِينَ ، وَ ( الْمُرْدَفِينَ ) بِارْتِدَافِهِمْ غَيْرَهُمْ ؟
قُلْتُ : بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَلْفِ ، مَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ ، أَوِ الْوُجُوهُ مِنْهُمُ ، الَّذِينَ مَنْ سِوَاهُمْ أَتْبَاعٌ لَهُمُ . انْتَهَى .
قَالَ
شَمْسُ الدِّينِ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي ( " زَادِ الْمَعَادِ " ) فِي بَحْثِ غَزْوَةِ
بَدْرٍ :
فَإِنْ قِيلَ : هَاهُنَا ذَكَرَ أَنَّهُ أَمَدَّهُمْ بِأَلْفٍ ، وَفِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=124إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْـزَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ؟
[ ص: 2958 ] قِيلَ : اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْإِمْدَادِ الَّذِي بِثَلَاثَةِ آلَافٍ ، وَالَّذِي بِخَمْسَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ
( أُحُدٍ ) ، وَكَانَ إِمْدَادًا مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ ، فَلَمَّا فَاتَ شَرْطُهُ ، فَاتَ الْإِمْدَادُ . وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ nindex.php?page=showalam&ids=17132وَمُقَاتِلٍ ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ .
وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ ، أَنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=123وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=124إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْـزَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا إِلَى أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ أَيْ : هَذَا الْإِمْدَادَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=126إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ
قَالَ هَؤُلَاءِ : فَلَمَّا اسْتَغَاثُوا ، أَمَدَّهُمْ بِأَلْفٍ ، ثُمَّ أَمَدَّهُمْ بِتَمَامِ ثَلَاثَةِ آلَافٍ ، ثُمَّ أَمَدَّهُمْ بِتَمَامِ خَمْسَةِ آلَافٍ ، لِمَا صَبَرُوا وَاتَّقَوْا . وَكَانَ هَذَا التَّدْرِيجُ ، وَمُتَابَعَةُ الْإِمْدَادِ ، أَحْسَنَ مَوْقِعًا ، وَأَقْوَى لِتَقْوِيَتِهِمْ وَأَسَرَّ لَهَا مِنْ أَنْ يَأْتِي مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مُتَابَعَةِ الْوَحْيِ وَنُزُولِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ .
وَقَالَتِ الْفِرْقَةُ الْأُولَى : الْقِصَّةُ فِي سِيَاقِ
( أُحُدٍ ) ، وَإِنَّمَا أُدْخِلَ ذِكْرُ
( بَدْرٍ ) اعْتِرَاضًا فِي أَثْنَائِهَا ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=121وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=122إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=123وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فَذِكْرُهُ نِعَمَهُ عَلَيْهِمْ ، لِمَا نَصَرَهُمْ
بِبَدْرٍ وَهُمْ أَذِلَّةٌ ، ثُمَّ عَادَ إِلَى قِصَّةِ
( أُحُدٍ ) ، وَأَخْبَرَ عَنْ قَوْلِ رَسُولِهِ لَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=124أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْـزَلِينَ ثُمَّ وَعَدَهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ صَبَرُوا وَاتَّقَوْا أَمَدَّهُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ .
فَهَذَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِهِ ، وَالْإِمْدَادُ الَّذِي
بِبَدْرٍ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ، وَهَذَا بِخَمْسَةِ آلَافٍ ، وَإِمْدَادُ
بَدْرٍ بِأَلْفٍ ، وَهَذَا مُعَلِّقٌ عَلَى شَرْطٍ ، وَذَلِكَ مُطْلَقٌ .
وَالْقِصَّةُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، هِيَ قِصَّةُ
( أُحُدٍ ) مُسْتَوْفَاةٌ مُطَوَّلَةٌ ، وَ
( بَدْرٌ ) ذُكِرَتْ فِيهَا اعْتِرَاضًا .
[ ص: 2959 ] وَالْقِصَّةُ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ قِصَّةُ
( بَدْرٍ ) مُسْتَوْفَاةٌ مُطَوَّلَةٌ ، فَالسِّيَاقُ فِي آلِ عِمْرَانَ غَيْرُ السِّيَاقِ فِي الْأَنْفَالِ ، يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا قَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : هُوَ يَوْمُ
( أُحُدٍ ) ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الْإِمْدَادُ الْمَذْكُورَ فِيهِ ، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إِنَّ الْإِمْدَادَ بِهَذَا الْعَدَدِ كَانَ يَوْمَ
بَدْرٍ وَإِتْيَانُهُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يَوْمَ
أُحُدٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . انْتَهَى .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى