الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [19-21] والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون .

                                                                                                                                                                                                                                      والله يعلم ما تسرون وما تعلنون أي : من أعمالكم وسيجزيكم عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أي : فأنى تستحق الألوهية ، وقد نفي عنها أخص صفاتها ؟ فإنها ذوات مفتقرة إلى الإيجاد . أو المعنى : أن الناس يخلقونها بالنحت والتصوير . وهم لا يقدرون على نحو ذلك ، فهم أعجز من عبدتهم . كما قال الخليل عليه السلام : أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أكد ذلك بأن أثبت لهم ما ينافي الألوهية بقوله :

                                                                                                                                                                                                                                      أموات غير أحياء أي : هي جمادات لا أرواح فيها ، فلا تسمع ولا تبصر ولا تعقل . وقوله : غير أحياء تأكيد أو تأسيس ، لأن بعض الأموات مما يعتريه الحياة ، سابقا أو لاحقا ، كأجساد الحيوان ، والنطف التي ينشئها الله تعالى حيوانا . فلذا احترز عنه بقوله : غير أحياء أي : لا يعتريها الحياة أصلا . فهي أموات على الإطلاق ، حالا ومآلا : وما يشعرون أي : تلك الأصنام المعبودة : أيان يبعثون أي : متى يكون [ ص: 3793 ] بعثها . وقد روي أنها تبعث ، ويجعل فيها حياة ، فتبرأ من عابديها ، ثم يؤمر بها وبهم جميعا إلى النار .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز عود الضمير إلى عابديها . أي: وما تشعر الأصنام متى يبعث عبدتهم تهكما بحالها ; لأن شعور الجماد محال . فكيف بشعور ما لا يعلمه إلا الله ؟ وفيه إشعار بأن معرفته وقت البعث من لوازم الألوهية ، وقوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية