[ ص: 4735 ] بسم الله الرحمن الرحيم
29- سورة العنكبوت
سميت بها لاشتمالها على آية
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=41مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت الآية، المشير إن من اعتمد على قوة الأصنام وحفظها عن العذاب كالعنكبوت، اعتمدت على قوة بيتها التي لا تحتمل مس أدنى الحشرات والرياح، وحفظها عن الحر والبرد. وهذا أتم في الدعوة إلى التوحيد الذي هو أعظم مقاصد القرآن. أفاده
المهايمي.
وهي مكية. واستثني من أولها إلى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=11وليعلمن المنافقين وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=60وكأين من دابة الآية، ويقال إنها
nindex.php?page=treesubj&link=28860_28889آخر ما نزل بمكة. وآيها تسع وستون. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12111الداني : متفق عليه.
[ ص: 4736 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى:
[1 - 3]
nindex.php?page=treesubj&link=32450_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=1الم nindex.php?page=treesubj&link=34308_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون nindex.php?page=treesubj&link=30202_34091_34308_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون أي: أحسب الذين أجروا كلمة الشهادة على ألسنتهم، وأظهروا القول بالإيمان، أنهم يتركون بذلك غير ممتحنين، بل يمحنهم الله بضروب المحن، حتى يبلو صبرهم وثبات أقدامهم وصحة عقائدهم. لتمييز المخلص من غير المخلص. كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=186لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور وكقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=142أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب وكل هذه الآيات وأمثالها مما نزل
بمكة في تثبيت قلوب المؤمنين، وتصبيرهم على ما كان ينالهم
[ ص: 4737 ] من أذى المشركين:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3ولقد فتنا الذين من قبلهم أي: من أتباع الأنبياء عليهم السلام، بضروب من الفتن من أعدائهم، كما دون التاريخ اضطهادهم. أي: فصبروا وما وهنوا لما أصابهم حتى علت كلمة الله:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3فليعلمن الله الذين صدقوا أي: في قولهم: "آمنا":
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وليعلمن الكاذبين أي: فيه: وذلك بالامتحان.
فإن قيل: يتوهم من صيغة الفعل أن علمه حدث، مع أنه قديم. إذ علمه بالشيء قبل وجوده وبعده، لا يتغير. يجاب بأن الحادث هو تعلق علمه بالمعلوم بعد حدوثه.
وقال
الناصر: فائدة ذكر العلم هاهنا، وإن كان سابقا على وجود المعلوم هو التنبيه بالسبب على المسبب. وهو الجزاء كأنه قال تعالى: ليعلمنهم فليجازينهم بحسب علمه فيهم.
وقال
المهايمي: nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3فليعلمن الله أي: يظهر علمه عند خلقه بصدق إيمان:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3الذين صدقوا فيه، بدلالة ثباتهم عليه عند المصائب:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وليعلمن أي: وليظهر علمه بكذب دعوى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3الكاذبين لئلا يشهدوا عنده بإيمان الكاذبين، فينسب في تعذيبهم إلى الظلم. وليثق المؤمنون بمحبة الصادقين، ويستظهروا بها، ويحذروا عن مكر الكاذبين. انتهى.
[ ص: 4735 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
29- سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ
سُمِّيَتْ بِهَا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى آيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=41مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ الْآيَةَ، الْمُشِيرُ إِنَّ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى قُوَّةِ الْأَصْنَامِ وَحِفْظِهَا عَنِ الْعَذَابِ كَالْعَنْكَبُوتِ، اعْتَمَدَتْ عَلَى قُوَّةِ بَيْتِهَا الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ مَسَّ أَدْنَى الْحَشَرَاتِ وَالرِّيَاحِ، وَحِفْظَهَا عَنِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ. وَهَذَا أَتَمُّ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ. أَفَادَهُ
الْمَهَايِمِيُّ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=11وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=60وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ الْآيَةَ، وَيُقَالُ إِنَّهَا
nindex.php?page=treesubj&link=28860_28889آخِرُ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ. وَآيُهَا تِسْعٌ وَسِتُّونَ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الدَّانِيُّ : مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[ ص: 4736 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[1 - 3]
nindex.php?page=treesubj&link=32450_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=1الم nindex.php?page=treesubj&link=34308_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30202_34091_34308_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ أَيْ: أَحَسِبَ الَّذِينَ أَجْرَوْا كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ، وَأَظْهَرُوا الْقَوْلَ بِالْإِيمَانِ، أَنَّهُمْ يُتْرَكُونَ بِذَلِكَ غَيْرَ مُمْتَحَنِينَ، بَلْ يَمْحِنُهُمُ اللَّهُ بِضُرُوبِ الْمِحَنِ، حَتَّى يَبْلُوَ صَبْرَهُمْ وَثَبَاتَ أَقْدَامِهِمْ وَصِحَّةَ عَقَائِدِهِمْ. لِتَمْيِيزِ الْمُخْلِصِ مِنْ غَيْرِ الْمُخْلِصِ. كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=186لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ وَكَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=142أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ وَكُلُّ هَذِهِ الْآيَاتِ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا نَزَلَ
بِمَكَّةَ فِي تَثْبِيتِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَصْبِيرِهِمْ عَلَى مَا كَانَ يَنَالُهُمْ
[ ص: 4737 ] مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ: مِنْ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، بِضُرُوبٍ مِنَ الْفِتَنِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ، كَمَا دَوَّنَ التَّارِيخُ اضْطِهَادَهُمْ. أَيْ: فَصَبَرُوا وَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ حَتَّى عَلَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا أَيْ: فِي قَوْلِهِمْ: "آمَنَّا":
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أَيْ: فِيهِ: وَذَلِكَ بِالِامْتِحَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: يُتَوَهَّمُ مِنْ صِيغَةِ الْفِعْلِ أَنَّ عِلْمَهُ حَدَثَ، مَعَ أَنَّهُ قَدِيمٌ. إِذْ عِلْمُهُ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُجُودِهِ وَبَعْدَهُ، لَا يَتَغَيَّرُ. يُجَابُ بِأَنَّ الْحَادِثَ هُوَ تَعَلُّقُ عِلْمِهِ بِالْمَعْلُومِ بَعْدَ حُدُوثِهِ.
وَقَالَ
النَّاصِرُ: فَائِدَةُ ذِكْرِ الْعِلْمِ هَاهُنَا، وَإِنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى وُجُودِ الْمَعْلُومِ هُوَ التَّنْبِيهُ بِالسَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ. وَهُوَ الْجَزَاءُ كَأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى: لَيَعْلَمَنَّهُمْ فَلْيُجَازِيَنَّهُمْ بِحَسَبِ عِلْمِهِ فِيهِمْ.
وَقَالَ
الْمَهَايِمِيُّ: nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ أَيْ: يَظْهَرُ عِلْمُهُ عِنْدَ خَلْقِهِ بِصِدْقِ إِيمَانِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3الَّذِينَ صَدَقُوا فِيهِ، بِدَلَالَةِ ثَبَاتِهِمْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3وَلَيَعْلَمَنَّ أَيْ: وَلَيَظْهَرُ عِلْمُهُ بِكَذِبِ دَعْوَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=3الْكَاذِبِينَ لِئَلَّا يَشْهَدُوا عِنْدَهُ بِإِيمَانِ الْكَاذِبِينَ، فَيُنْسَبُ فِي تَعْذِيبِهِمْ إِلَى الظُّلْمِ. وَلِيَثِقَ الْمُؤْمِنُونَ بِمَحَبَّةِ الصَّادِقِينَ، وَيَسْتَظْهِرُوا بِهَا، وَيُحَذِّرُوا عَنْ مَكْرِ الْكَاذِبِينَ. انْتَهَى.