الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 16 - 21 ] فلا أقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق لتركبن طبقا عن طبق فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 6110 ] فلا أقسم بالشفق وهي الحمرة في الأفق من ناحية مغرب الشمس، والليل وما وسق أي: جمع وضم مما سكن وهدأ فيه من ذي روح كان يطير أو يدب نهارا، كذا قال ابن جرير ، والأظهر أن يكون إشارة إلى الأشياء كلها، لاشتمال الليل عليها، فكأنه تعالى أقسم بجميع المخلوقات كما قال: فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون والقمر إذا اتسق أي: اجتمع وتم نوره وصار كاملا. لتركبن طبقا عن طبق أي: حالا بعد حال، والمعني بالحال الأولى البعث للجزاء على الأعمال، وبالثانية الحياة الأولى. وفيه تنبيه على مطابقة كل واحدة لأختها; فإن الحياة الثانية تماثل الأولى وتطابقها من حيث الحس والإدراك والألم واللذة، وإن خفي اكتناهها. وجوز أن يكون "طبقا" جمع طبقة وهي المرتبة، أي: لتركبن مراتب شديدة مجاوزة عن مراتب وطبقات، وأطوارا مرتبة بالموت وما بعده من موطن البعث والنشور.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشهاب: الطبق معناه ما طابق غيره مطلقا في الأصل، ثم إنه خص بما ذكر، وهو الحال المطابقة أو مراتب الشدة المتعاقبة.

                                                                                                                                                                                                                                      و "عن" للمجاوزة أو بمعنى: (بعد). والبعدية والمجاوزة متقاربان لكنه ظاهر في الثاني فما لهم لا يؤمنون أي: بهذا الحديث، وقد أقام لهم الحجة على التوحيد والبعث.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون أي: لا يخضعون ولا يستكينون ولا ينقادون.

                                                                                                                                                                                                                                      قال في (الإكليل): وقد استدل به على مشروعية سجدة التلاوة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية