الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 620 ] وسئل شيخ الإسلام علامة الزمان . تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الحراني - رضي الله عنه - . عن " جماعة " يجتمعون على قصد الكبائر : من القتل وقطع الطريق والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك .
ثم إن شيخا من المشايخ المعروفين بالخير واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك فلم يمكنه إلا أنnindex.php?page=treesubj&link=29514يقيم لهم سماعا يجتمعون فيه بهذه النية وهو بدف بلا صلاصل وغناء المغني بشعر مباح بغير شبابة فلما فعل هذا تاب منهم جماعة وأصبح من لا يصلي ويسرق ولا يزكي يتورع عن الشبهات ويؤدي المفروضات ويجتنب المحرمات .
فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه لما يترتب عليه من المصالح ؟ مع أنه لا يمكنه دعوتهم إلا بهذا ؟
وقد أمر الله الرسول - صلى الله عليه وسلم - بكل معروف ونهى عن كل منكر .
وأحل كل طيب .
وحرم كل خبيث .
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=34238ما بعث الله نبيا إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم } " وثبت عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=46865nindex.php?page=showalam&ids=143العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون .
قال : فقلنا : يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا فقال : أوصيكم بالسمع والطاعة فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا .
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور .
فإن كل بدعة ضلالة } .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { ما تركت من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم به } " .
وقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=601331تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك } " .
[ ص: 623 ] وشواهد هذا " الأصل العظيم الجامع " من الكتاب والسنة كثيرة وترجم عليه أهل العلم في الكتب .
" كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة " كما ترجم عليه البخاري والبغوي وغيرهما فمن اعتصم بالكتاب والسنة كان من أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين وجنده الغالبين وكان السلف - كمالك وغيره - : يقولون السنة كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وقال الزهري : كان من مضى من علمائنا يقولون : nindex.php?page=treesubj&link=28823_28328الاعتصام بالسنة نجاة .
إذا عرف هذا فمعلوم أنما يهدي الله به الضالين ويرشد به الغاوين ويتوب به على العاصين لا بد أن يكون فيما بعث الله به رسوله من الكتاب والسنة وإلا فإنه لو كان ما بعث الله به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يكفي في ذلك لكان دين الرسول ناقصا محتاجا تتمة .
وينبغي أن يعلم أن الأعمال الصالحة أمر الله بها أمر إيجاب أو استحباب .
والأعمال الفاسدة نهى الله عنها .
nindex.php?page=treesubj&link=29450والعمل إذ اشتمل على مصلحة ومفسدة فإن الشارع حكيم .
وهكذا nindex.php?page=treesubj&link=29530ما يراه الناس من الأعمال مقربا إلى الله ولم يشرعه الله ورسوله ; فإنه لا بد أن يكون ضرره أعظم من نفعه وإلا فلو كان نفعه أعظم غالبا على ضرره لم يهمله الشارع ; فإنه - صلى الله عليه وسلم - حكيم لا يهمل مصالح الدين ولا يفوت المؤمنين ما يقربهم إلى رب العالمين .
إذا تبين هذا فنقول للسائل : إن الشيخ المذكور قصد أن يتوب المجتمعين على الكبائر فلم يمكنه ذلك إلا بما ذكره من الطريق البدعي .
يدل أن الشيخ جاهل بالطرق الشرعية التي بها تتوب العصاة أو عاجز عنها فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين كانوا يدعون من هو شر من هؤلاء من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطرق الشرعية التي أغناهم الله بها عن الطرق البدعية .
فلا يجوز أن يقال : إنه ليس في الطرق الشرعية التي بعث الله بها نبيه ما يتوب به العصاة فإنه قد علم بالاضطرار والنقل المتواتر أنه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان من لا يحصيه إلا الله تعالى من الأمم بالطرق الشرعية التي ليس فيها ما ذكر من الاجتماع البدعي ; [ ص: 625 ] بل السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان - وهم خير أولياء الله المتقين من هذه الأمة - تابوا إلى الله تعالى بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية .
وأمصار المسلمين وقراهم قديما وحديثا مملوءة ممن تاب إلى الله واتقاه وفعل ما يحبه الله ويرضاه بالطرق الشرعية لا بهذه الطرق البدعية .
فلا يمكن أن يقال : إن العصاة لا تمكن توبتهم إلا بهذه الطرق البدعية بل قد يقال : إن في الشيوخ من يكون جاهلا بالطرق الشرعية عاجزا عنها ليس عنده علم بالكتاب والسنة وما يخاطب به الناس ويسمعهم إياه مما يتوب الله عليهم فيعدل هذا الشيخ عن الطرق الشرعية إلى الطرق البدعية .
وبهذا السماع هدى الله العباد وأصلح لهم أمر المعاش والمعاد وبه بعث الرسول صلى الله عليه وسلم وبه أمر المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان .
وعليه كان يجتمع السلف كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ اجتمعوا أمروا رجلا منهم أن يقرأ وهم يستمعون وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول لأبي موسى : ذكرنا ربنا فيقرأ أبو موسى وهم يستمعون .
وفي الصحيح عن { nindex.php?page=hadith&LINKID=601332النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ فجعل يستمع لقراءته . وقال : لقد أوتي هذا مزمارا [ ص: 627 ] من مزامير آل داود .
وقال : مررت بك البارحة وأنت تقرأ فجعلت أستمع لقراءتك فقال : لو علمت أنك تسمعني لحبرته لك تحبيرا } .
أي لحسنته لك تحسينا .
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=70883قال لابن مسعود : اقرأ علي القرآن فقال : أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل ؟ فقال : إني أحب أن أسمعه من غيري .
قال : فقرأت عليه سورة النساء حتى وصلت إلى هذه الآية : { nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=41فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } قال لي : حسبك فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان من البكاء } " وعلى هذا السماع كان يجتمع القرون الذين أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=601333خير القرون الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } .
ولم يكن في السلف الأول سماع يجتمع عليه أهل الخير إلا هذا .
لا بالحجاز ولا باليمن ولا بالشام ولا بمصر ; والعراق ; وخراسان والمغرب .
وإنما حدث السماع المبتدع بعد ذلك وقد مدح الله أهل هذا السماع المقبلين عليه .
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذ استثقلت بالكافرين المضاجع [ ص: 629 ] أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أنما قال واقع
وأحوال أهل هذا السماع مذكورة في كتاب الله من وجل القلوب ودمع العيون واقشعرار الجلود .
وإنما حدث سماع الأبيات بعد هذه القرون فأنكره الأئمة حتى قال : الشافعي - رحمه الله - خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه nindex.php?page=treesubj&link=29514_28829التغبير يزعمون أنه يرقق القلوب يصدون به الناس عن القرآن .
وسئل الإمام أحمد عنه فقال : محدث فقيل له : أنجلس معهم فيه ؟ فقال : لا يجلس معهم .
والتغبير هو الضرب بالقضيب على جلودهم من أمثل أنواع السماع .
وقد كرهه الأئمة فكيف بغيره والأئمة المشايخ الكبار لم يحضروا هذا السماع المحدث مثل nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم nindex.php?page=showalam&ids=12032وأبي سليمان الداراني nindex.php?page=showalam&ids=17117ومعروف الكرخي والسري السقطي وأمثالهم .
ولا أكابر الشيوخ المتأخرين : مثل الشيخ عبد القادر والشيخ عدي والشيخ أبي مدين والشيخ أبي البيان والشيخ أبي القاسم الحوفي والشيخ علي بن وهب والشيخ حياة وأمثالهم .
وطائفة من الشيوخ حضروه ثم رجعوا عنه .
وسئل الجنيد عنه فقال : من تكلف السماع فتن به ومن صادفه السماع استراح به .
فبين [ ص: 630 ] الجنيد أن قاصد هذا السماع صار مفتونا وأما من سمع ما يناسبه بغير قصد فلا بأس .
فإن النهي إنما يتوجه إلى الاستماع دون السماع ولهذا لو nindex.php?page=treesubj&link=29514_19308مر الرجل بقوم يتكلمون بكلام محرم لم يجب عليه سد أذنيه ; لكن ليس له أن يستمع من غير حاجة ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بسد أذنيه لما سمع زمارة الراعي ; لأنه لم يكن مستمعا بل سامعا .
وقول السائل وغيره : هل هو حلال ؟ أو حرام ؟ لفظ مجمل فيه تلبيس يشتبه الحكم فيه حتى لا يحسن كثير من المفتين تحرير الجواب فيه ; وذلك أن الكلام في السماع وغيره من الأفعال على ضربين : ( أحدهما أنه هل هو محرم ؟ أو غير محرم ؟ بل يفعل كما يفعل سائر الأفعال التي تلتذ بها النفوس وإن كان فيها نوع من اللهو واللعب كسماع الأعراس وغيرها .
مما يفعله الناس لقصد اللذة واللهو لا لقصد العبادة والتقرب إلى الله .
و ( النوع الثاني أن يفعل على وجه الديانة والعبادة وصلاح القلوب وتجريد حب العباد لربهم وتزكية نفوسهم وتطهير قلوبهم [ ص: 631 ] وأن تحرك من القلوب الخشية والإنابة والحب ورقة القلوب وغير ذلك مما هو من جنس العبادات والطاعات لا من جنس اللعب والملهيات .
فيجب nindex.php?page=treesubj&link=29514الفرق بين سماع المتقربين وسماع المتلعبين وبين السماع الذي يفعله الناس في الأعراس والأفراح ونحو ذلك من العادات وبين nindex.php?page=treesubj&link=29514_29558السماع الذي يفعل لصلاح القلوب والتقرب إلى رب السموات فإن هذا يسأل عنه : هل هو قربة وطاعة ؟ وهل هو طريق إلى الله ؟ وهل لهم بد من أن يفعلوه لما فيه من رقة قلوبهم وتحريك وجدهم لمحبوبهم وتزكية نفوسهم وإزالة القسوة عن قلوبهم ونحو ذلك من المقاصد التي تقصد بالسماع ؟ كما أن النصارى يفعلون مثل هذا السماع في كنائسهم على وجه العبادة والطاعة لا على وجه اللهو واللعب .
إذا عرف هذا فحقيقة السؤال : هل يباح للشيخ أن يجعل هذه الأمور التي هي : إما محرمة ؟ أو مكروهة ؟ أو مباحة ؟ قربة وعبادة وطاعة وطريقة إلى الله يدعو بها إلى الله ويتوب العاصين ويرشد به الغاوين ويهدي به الضالين .
ومن المعلوم أن الدين له " أصلان " فلا دين إلا ما شرع الله ولا حرام إلا ما حرمه الله .
والله تعالى عاب على المشركين أنهم حرموا ما لم يحرمه الله وشرعوا دينا لم يأذن به الله .
[ ص: 632 ] ولو سئل العالم عمن يعدو بين جبلين : هل يباح له ذلك ؟ قال : نعم فإذا قيل : إنه على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا والمروة قال : إن فعله على هذا الوجه حرام منكر يستتاب فاعله فإن تاب وإلا قتل .
ولو سئل : عن كشف الرأس ولبس الإزار والرداء : أفتى بأن هذا جائز فإذا قيل : إنه يفعله على وجه الإحرام . كما يحرم الحاج .
قال : إن هذا حرام منكر .
ولو سئل : عمن يقوم في الشمس . قال : هذا جائز .
فإذا قيل : إنه يفعله على وجه العبادة . قال : هذا منكر كما روى البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - " { nindex.php?page=hadith&LINKID=601334أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائما في الشمس .
فقال : من هذا ؟ قالوا : هذا أبو إسرائيل يريد أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مروه فليتكلم وليجلس وليستظل وليتم صومه } " فهذا لو فعله لراحة أو غرض مباح لم ينه عنه ; لكن لما فعله على وجه العبادة نهي عنه .
وكذلك لو دخل الرجل إلى بيته من خلف البيت لم يحرم عليه ذلك ولكن إذا فعل ذلك على أنه عبادة .
ولهذا nindex.php?page=treesubj&link=29514من حضر السماع للعب واللهو لا يعده من صالح عمله ولا يرجو به الثواب وأما من فعله على أنه طريق إلى الله تعالى فإنه يتخذه دينا وإذا نهى عنه كان كمن نهى عن دينه ورأى أنه قد انقطع عن الله وحرم نصيبه من الله تعالى إذا تركه .
فهؤلاء ضلال باتفاق علماء المسلمين ولا يقول أحد من أئمة المسلمين : إن اتخاذ هذا دينا وطريقا إلى الله تعالى أمر مباح ; بل من جعل هذا دينا وطريقا إلى الله تعالى فهو ضال مفتر مخالف لإجماع المسلمين .
ومن نظر إلى ظاهر العمل وتكلم عليه ولم ينظر إلى فعل العامل ونيته كان جاهلا متكلما في الدين بلا علم .
فالسؤال عن مثل هذا أن يقال : هل ما يفعله هؤلاء طريق وقربة وطاعة لله تعالى يحبها الله ورسوله أم لا ؟ وهل يثابون على ذلك أم لا ؟ وإذا لم يكن هذا قربة وطاعة وعبادة لله ففعلوه على أنه قربة [ ص: 634 ] وطاعة وعبادة وطريق إلى الله تعالى .
هل يحل لهم هذا الاعتقاد ؟ وهذا العمل على هذا الوجه ؟ وإذا كان السؤال على هذا الوجه لم يكن للعالم المتبع للرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقول : إن هذا من القرب والطاعات وأنه من أنواع العبادات وأنه من سبيل الله تعالى وطريقه الذي يدعو به هؤلاء إليه ولا أنه مما أمر الله تعالى به عباده : لا أمر إيجاب ولا أمر استحباب وما لم يكن من الواجبات والمستحبات فليس هو محمودا ولا حسنة ولا طاعة ولا عبادة باتفاق المسلمين .
فمن nindex.php?page=treesubj&link=28823_29514_28806فعل ما ليس بواجب ولا مستحب على أنه من جنس الواجب أو المستحب فهو ضال مبتدع وفعله على هذا الوجه حرام بلا ريب .
لا سيما كثير من هؤلاء الذين يتخذون هذا السماع المحدث طريقا يقدمونه على سماع القرآن وجدا وذوقا .
وربما قدموه عليه اعتقادا فتجدهم يسمعون القرآن بقلوب لاهية وألسن لاغية وحركات مضطربة وأصوات لا تقبل عليه قلوبهم ولا ترتاح إليه نفوسهم فإذا سمعوا " المكاء " و " التصدية " أصغت القلوب واتصل المحبوب بالمحب وخشعت الأصوات وسكنت الحركات فلا سعلة ولا عطاس ولا لغط ولا صياح وإن قرءوا شيئا من القرآن أو سمعوه كان على وجه التكلف والسخرة كما لا يسمع الإنسان ما لا حاجة له به [ ص: 635 ] ولا فائدة له فيه حتى إذا ما سمعوا مزمار الشيطان أحبوا ذلك وأقبلوا عليه وعكفت أرواحهم عليه .
فهؤلاء جند الشيطان وأعداء الرحمن وهم يظنون أنهم من أولياء الله المتقين وحالهم أشبه بحال أعداء الله المنافقين ; فإن المؤمن يحب ما أحبه الله تعالى ويبغض ما أبغض الله تعالى ويوالي أولياء الله ويعادي أعداء الله وهؤلاء يحبون ما أبغض الله ويبغضون ما أحب الله ويوالون أعداء الله ويعادون أولياءه ; ولهذا يحصل لهم تنزلات شيطانية بحسب ما فعلوه من مزامير الشيطان وكلما بعدوا عن الله ورسوله وطريق المؤمنين قربوا من أعداء الله ورسوله وجند الشيطان .
فيهم من يطير في الهواء والشيطان طائر به ومنهم من يصرع الحاضرين وشياطينه تصرعهم وفيهم من يحضر طعاما وإداما .
ويملأ الإبريق من الهواء والشياطين فعلت ذلك .
فيحسب الجاهلون أن هذه من كرامات أولياء الله المتقين وإنما هي من جنس أحوال الكهنة والسحرة وأمثالهم من الشياطين ومن يميز بين الأحوال الرحمانية والنفسانية والشيطانية لا يشتبه عليه الحق بالباطل .
وقد بسطنا الكلام على " مسألة السماع " وذكرنا كلام المشايخ فيه في غير هذا الموضع وبالله التوفيق والله أعلم .