الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وسئل عن المرأة تطهر من الحيض ولم تجد ماء تغتسل به هل لزوجها أن يطأها قبل غسلها من غير شرط ؟ .

                التالي السابق


                فأجاب : أما المرأة الحائض إذا انقطع دمها فلا يطؤها زوجها حتى [ ص: 625 ] تغتسل إذا كانت قادرة على الاغتسال وإلا تيممت . كما هو مذهب جمهور العلماء كمالك وأحمد والشافعي .

                وهذا معنى ما يروى عن الصحابة حيث روي عن بضعة عشر من الصحابة - منهم الخلفاء - أنهم قالوا : في المعتدة هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة .

                والقرآن يدل على ذلك قال الله تعالى : { ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } قال مجاهد : حتى يطهرن يعني ينقطع الدم فإذا تطهرن اغتسلن بالماء وهو كما قال مجاهد . وإنما ذكر الله غايتين على قراءة الجمهور لأن قوله : { حتى يطهرن } غاية التحريم الحاصل بالحيض وهو تحريم لا يزول بالاغتسال ولا غيره فهذا التحريم يزول بانقطاع الدم ثم يبقى الوطء بعد ذلك جائزا بشرط الاغتسال لا يبقى محرما على الإطلاق فلهذا قال : { فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } .

                وهذا كقوله : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } فنكاح الزوج الثاني غاية التحريم الحاصل بالثلاث فإذا نكحت الزوج الثاني زال ذلك التحريم ; لكن صارت في عصمة الثاني فحرمت لأجل حقه ; لا لأجل الطلاق الثلاث . فإذا طلقها جاز للأول أن يتزوجها .

                [ ص: 626 ] وقد قال بعض أهل الظاهر : المراد بقوله : { فإذا تطهرن } أي غسلن فروجهن وليس بشيء ; لأن الله قد قال : { وإن كنتم جنبا فاطهروا } فالتطهر في كتاب الله هو الاغتسال وأما قوله : { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } فهذا يدخل فيه المغتسل والمتوضئ والمستنجي لكن التطهر المقرون بالحيض كالتطهر المقرون بالجنابة . والمراد به الاغتسال .

                وأبو حنيفة - رحمه الله - يقول : إذا اغتسلت أو مضى عليها وقت صلاة أو انقطع الدم لعشرة أيام حلت ; بناء على أنه محكوم بطهارتها في هذه الأحوال . وقول الجمهور هو الصواب . كما تقدم والله أعلم .




                الخدمات العلمية