الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
فأجاب : الحمد لله nindex.php?page=treesubj&link=28784_28783_28779جميع الحوادث كائنة بقضاء الله وقدره وقد أمرنا الله سبحانه أن نزيل الشر بالخير بحسب الإمكان ونزيل الكفر بالإيمان والبدعة بالسنة والمعصية بالطاعة من أنفسنا ومن عندنا فكل من كفر أو فسق أو عصى فعليه أن يتوب وإن كان ذلك بقدر الله وعليه أن يأمر غيره بالمعروف وينهاه عن المنكر بحسب الإمكان ويجاهد في سبيل الله . وإن كان ما يعمله من المنكر والكفر والفسوق والعصيان بقدر الله ليس للإنسان أن يدع السعي فيما ينفعه الله به متكلا على القدر بل يفعل ما أمر الله ورسوله كما روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=596666المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن ، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان }
. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرص على ما ينفعه والذي ينفعه [ ص: 548 ] يحتاج إلى منازعة شياطين الإنس والجن ودفع ما قدر من الشر بما قدره الله من الخير . وعليه مع ذلك أن يستعين بالله فإنه لا حول ولا قوة إلا به وأن يكون عمله خالصا لله ; فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه وهذا nindex.php?page=treesubj&link=29530_28680_28972حقيقة قولك : { nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد } والذي قبله nindex.php?page=treesubj&link=29530حقيقة { nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5وإياك نستعين } فعليه أن يعبد الله بفعل المأمور وترك المحظور وأن يكون مستعينا بالله على ذلك وفي عبادة الله وطاعته فيما أمر إزالة ما قدر من الشر بما قدر من الخير ودفع ما يريده الشيطان ويسعى فيه من الشر قبل أن يصل بما يدفعه الله به من الخير .
قال الله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض } كما يدفع شر الكفار والفجار الذي في نفوسهم والذي سعوا فيه بالحق كإعداد القوة ورباط الخيل وكالدعاء والصدقة الذين يدفعان البلاء كما جاء في الحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=596667إن الدعاء والبلاء ليلتقيان فيعتلجان بين السماء والأرض } فالشر تارة يكون قد انعقد سببه وخيف فيدفع وصوله فيدفع الكفار إذا قصدوا بلاد الإسلام وتارة يكون قد وجد فيزال وتبدل السيئات بالحسنات وكل هذا من باب nindex.php?page=treesubj&link=28784_28777دفع ما قدر من الشر بما قدر من الخير وهذا واجب تارة ومستحب تارة .
فالذي ذكره الشيخ رحمه الله هو الذي أمر الله به ورسوله . [ ص: 549 ] والمقصود من ذلك أن كثيرا من أهل السلوك والإرادة يشهدون ربوبية الرب وما قدره من الأمور التي ينهى عنها فيقفون عند شهود هذه الحقيقة الكونية ويظنون أن هذا من باب الرضا بالقضاء والتسليم وهذا جهل وضلال قد يؤدي إلى الكفر والانسلاخ من الدين فإن الله لم يأمرنا أن نرضى بما يقع من الكفر والفسوق والعصيان بل أمرنا أن نكره ذلك وندفعه بحسب الإمكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=26106من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان }
. فالمؤمن إذا كان صبورا شكورا يكون ما يقضى عليه من المصائب خيرا [ ص: 550 ] له وإذا كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر مجاهدا في سبيله كان ما قدر له من كفر الكفار سببا للخير في حقه وكذلك إذا دعاه الشيطان والهوى كان ذلك سببا لما حصل له من الخير فيكون ما يقدر من الشر إذا نازعه ودافعه كما أمره الله ورسوله سببا لما يحصل له من البر والتقوى وحصول الخير والثواب وارتفاع الدرجات . فهذا وأمثاله مما يبين معنى هذا الكلام . والله أعلم .