الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                              قوله تعالى: ألم نجعل له عينين (8) ولسانا وشفتين

                                                                                                                                                                                              قال الله عز وجل: يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك وقال عز وجل: قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون وقال: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون وقال: ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين

                                                                                                                                                                                              قال مجاهد : هذه نعم من الله متظاهرة يقررك بها كيما تشكر .

                                                                                                                                                                                              وقرأ الفضيل ليلة هذه الآية، فبكى، فسئل عن بكائه، فقال: هل بت ليلة شاكرا لله أن جعل لك عينين تبصر بهما؟ هل بت ليلة شاكرا لله أن جعل لك لسانا تنطق به ؟ وجعل يعدد من هذا الضرب .

                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن سلمان الفارسي ، قال: إن رجلا بسط له [ ص: 589 ] من الدنيا، فانتزع ما في يديه، فجعل يحمد الله عز وجل، ويثني عليه . حتى لم يكن له فراش إلا بوري فجعل يحمد الله، ويثني عليه، وبسط لآخر من الدنيا، فقال لصاحب البوري: أرأيتك أنت على ما تحمد الله عز وجل؟ قال: أحمده على ما لو أعطيت به ما أعطي الخلق، لم أعطهم إياه . قال: وما ذاك؟ قال: أرأيت بصرك؟ أرأيت لسانك؟ أرأيت يديك؟ أرأيت رجليك؟

                                                                                                                                                                                              وبإسناده عن أبي الدرداء أنه كان يقول: الصحة غنى الجسد .

                                                                                                                                                                                              وعن يونس بن عبيد : أن رجلا شكا إليه ضيق حاله، فقال له يونس: أيسرك أن لك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا . قال: فبرجليك؟ قال: لا، قال: فذكره نعم الله عليه، فقال يونس: أرى عندك مئين ألوف وأنت تشكو الحاجة .

                                                                                                                                                                                              وعن وهب بن منبه ، قال: مكتوب في حكمة آل داود: العافية الملك الخفي .

                                                                                                                                                                                              وعن بكر المزني، قال: يا ابن آدم، إن أردت أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك، فغمض عينيك .

                                                                                                                                                                                              وفي بعض الآثار: كم من نعمة لله في عرق ساكن .

                                                                                                                                                                                              وفي "صحيح البخاري " عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " .

                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية