[ ص: 4164 ] وقد بين بعد ذلك العقاب الذي ينتظرهم، فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=18669_30428_30431_30434_30437_30539_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين .
(الفاء) هنا فاء السببية، أي أن ما قبلها سبب لما بعدها، فبسبب ظلمهم أنفسهم بما قدموا من ظلم للفطر، وشرك، يدخلون النار، وجاء إدخالهم بصيغة الأمر، للدلالة على أنهم مجبرون في هذا الدخول لا مخيرون، وجاء بكلام يدل على أنهم دخلوا، ولم يقل (ادخلوا جهنم) ، للتهكم بهم كأنهم اختاروها، وإنهم كذلك فقد اختاروها من يوم أن اختاروا الكفر على الإيمان واستكبروا على الحق فلم يؤمنوا به مع قيام بيناته ودلائله.
و
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29أبواب جهنم كناية عن سعتها وسهولة الوصول إليها لمن كتبت عليهم وأردوها بأفعالهم، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=44لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم وإنهم خالدون فيها لا يزايلونها، وخالدين فيها حال، والخلود هو الاستمرار في البقاء بها، وقد بين سبحانه أنها أسوأ مقام، فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فلبئس مثوى المتكبرين
و (الفاء) للإفصاح عن شرط مقدر، أي: إذا كانوا سيدخلون جهنم خالدين، فلبئس مثواهم، و(اللام) لتأكيد ذمها، وأظهر في موضع الإضمار، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فلبئس مثوى المتكبرين ولم يقل: بئس مثواهم؛ للدلالة على أن الكبر عن الحق وعدم الاستماع إليه، والإصغاء لأهله - هو الذي أودى بهم.
والتعبير بكلمة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29مثوى وهي الإقامة، وغالبا ما تكون المختارة؛ لأنها طيبة من قبيل التهكم بهم.
ولقد قال
ابن كثير: إن الآية تدل على أنهم يدخلون النار، أو يكونون في حرارتها بمجرد قبرهم، وأنه تكون أرواحهم في عذاب بحرارة جهنم، حتى يكون البعث فتلتقي الأجسام بالأرواح، ويكون العقاب، ويشير إلى ذلك قوله تعالى في آل
فرعون: nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ ص: 4165 ] اللهم اغفر لنا، وجنبنا أسباب النار، وانظر إلينا يوم لقائك، وإن لم نكن لذلك أهل.
[ ص: 4164 ] وَقَدْ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعِقَابَ الَّذِي يَنْتَظِرُهُمْ، فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=18669_30428_30431_30434_30437_30539_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ .
(الْفَاءُ) هُنَا فَاءُ السَّبَبِيَّةِ، أَيْ أَنَّ مَا قَبْلَهَا سَبَبٌ لِمَا بَعْدَهَا، فَبِسَبَبِ ظُلْمِهِمْ أَنْفُسَهُمْ بِمَا قَدَّمُوا مِنْ ظُلْمٍ لِلْفِطَرِ، وَشِرْكٍ، يَدْخُلُونَ النَّارَ، وَجَاءَ إِدْخَالُهُمْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ مُجْبَرُونَ فِي هَذَا الدُّخُولِ لَا مُخَيَّرُونَ، وَجَاءَ بِكَلَامٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ دَخَلُوا، وَلَمْ يَقُلِ (ادْخُلُوا جَهَنَّمَ) ، لِلتَّهَكُّمِ بِهِمْ كَأَنَّهُمُ اخْتَارُوهَا، وَإِنَّهُمْ كَذَلِكَ فَقَدِ اخْتَارُوهَا مِنْ يَوْمِ أَنِ اخْتَارُوا الْكَفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَاسْتَكْبَرُوا عَلَى الْحَقِّ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ مَعَ قِيَامِ بَيِّنَاتِهِ وَدَلَائِلِهِ.
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29أَبْوَابَ جَهَنَّمَ كِنَايَةٌ عَنْ سَعَتِهَا وَسُهُولَةِ الْوُصُولِ إِلَيْهَا لِمَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِمْ وَأُرْدَوْهَا بِأَفْعَالِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=44لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ وَإِنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا لَا يُزَايِلُونَهَا، وَخَالِدِينَ فِيهَا حَالٌ، وَالْخُلُودُ هُوَ الِاسْتِمْرَارُ فِي الْبَقَاءِ بِهَا، وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهَا أَسْوَأُ مَقَامٍ، فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
وَ (الْفَاءُ) لِلْإِفْصَاحِ عَنْ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: إِذَا كَانُوا سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ، فَلَبِئْسَ مَثْوَاهُمْ، وَ(اللَّامُ) لِتَأْكِيدِ ذَمِّهَا، وَأَظْهَرَ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ وَلَمْ يَقُلْ: بِئْسَ مَثْوَاهُمْ؛ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْكِبْرَ عَنِ الْحَقِّ وَعَدَمَ الِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِ، وَالْإِصْغَاءِ لِأَهْلِهِ - هُوَ الَّذِي أَوْدَى بِهِمْ.
وَالتَّعْبِيرُ بِكَلِمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=29مَثْوَى وَهِيَ الْإِقَامَةُ، وَغَالِبًا مَا تَكُونُ الْمُخْتَارَةَ؛ لِأَنَّهَا طَيِّبَةٌ مِنْ قَبِيلِ التَّهَكُّمِ بِهِمْ.
وَلَقَدْ قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ النَّارَ، أَوْ يَكُونُونَ فِي حَرَارَتِهَا بِمُجَرَّدِ قَبْرِهِمْ، وَأَنَّهُ تَكُونُ أَرْوَاحُهُمْ فِي عَذَابٍ بِحَرَارَةِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَكُونَ الْبَعْثُ فَتَلْتَقِي الْأَجْسَامُ بِالْأَرْوَاحِ، وَيَكُونَ الْعِقَابُ، وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آلِ
فِرْعَوْنَ: nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [ ص: 4165 ] اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، وَجَنِّبْنَا أَسْبَابَ النَّارِ، وَانْظُرْ إِلَيْنَا يَوْمَ لِقَائِكَ، وَإِنْ لَمْ نَكُنْ لِذَلِكَ أَهْلٌ.