في شريعة
محمد دواء النفس ونصر الحق
قال الله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=29746_32771_32783_34225_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=80وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=82وننـزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=83وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=84قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا [ ص: 4436 ] نحسب أن هذه الآيات كانت قبيل الهجرة، بل إن سورة الإسراء كلها كانت قبيل الهجرة؛ إذ فيها الإسراء، وقد كان قبيل الهجرة إيناسا للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فقد عمه
أبا طالب الذي كان يحميه، وزوجه
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة التي كانت السكن المواسية، ولذا نقول: إن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا
وإن الآيات السابقة تدل على ما كان يحاوله المشركون ليفتنوا المؤمنين في دينهم، وتطاولوا فحسبوا أنهم يفتنون
محمدا صلى الله عليه وسلم عما أوحى الله تعالى به إليه، ثم أشار إلى ما كانوا يفعلونه لكيلا تكون له
مكة مقاما ومستقرا، بعد ذلك أمره بالصلاة مبينا أوقاتها له ولأمته، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل nindex.php?page=treesubj&link=19590والصلاة فيها ابتلاء النفس بالقوة لأنها انصراف ولجوء إلى الله تعالى واستحضار ذاته العلية، nindex.php?page=treesubj&link=844والصلاة هي ركن الإيمان السديد، ولقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ويقول تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=130فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى فكان الأمر بالصلاة والإشارة إلى أوقاتها؛ لأنها مادة الصبر والإيمان وفيها أعلى درجات السلوان عن متاعب الحياة ولأوائها.
اللام في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78لدلوك للتوقيت، كما تقول في توقيت أعمالك أو الحوادث كان هذا لخمس خلون من جمادى أو نحو ذلك، ويصح أن تكون
[ ص: 4437 ] للتعليل، أي أقم الصلاة لأجل دخول وقت دلوك الشمس إلى غسق الليل. . . . ولهذا يقول علماء الأصول:
nindex.php?page=treesubj&link=1379_32771إن الوقت سبب وجوب الصلاة، من حيث إن الصلاة لا تجب إلا بدخوله.
وإقامة الصلاة التي هي مصدر أقام، و(أقم) معناها أداؤها مقومة مستقيمة مستوفية الأركان الظاهرة، من قيام وركوع وسجود وقراءة ودعاء وأركانها الباطنة من خشوع واستحضار لمعانيها، ومعاني قراءتها وأدعيتها حتى تكون كلها ذكرا لله تعالى، وهو لب معناها.
و (دلوك الشمس) معناه ميلا من وقت زوالها، وكونها في كبد السماء إلى غسق الليل، وبهذا تشمل الآيات الأوقات كلها؛ لأنها شملت الظهر والعصر والمغرب والعشاء في غسق الليل، والفجر في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا
وفسر بعض الصحابة الدلوك بالغروب لأنه نهاية ميل الشمس؛ إذ تختفي. ومن فسر الدلوك بميلها في الزوال، فسرها بابتدائه، وقال
الماوردي: من جعل الدلوك اسما لغروبها، فلأن الإنسان يدلك عينيه براحتيه لتبينها حالة الغروب، ومن جعله اسما لزوالها فلأنه يدلك عينيه لشدة شعاعها.
ونرى أن تفسير الدلوك بميلها، وقت الزوال هو الأوضح؛ لأن الآية بهذا التفسير تشمل كل أوقات الصلاة، ولأن (دلك) معناها (مال) . جاء في تفسير
البيضاوي ما نصه: « وأصل التركيب للانتقال، ومنه الدلك فإن الدالك لا تستقر يده وكذا كل ما تركب من الدال واللام كدلج، ودلح، ودلع، ودلف».
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس أي ميلها من الزوال شيئا فشيئا، فيكون الظهر ثم يشتد الميل فيكون العصر، واتساع الميل علامته طول كل الأشياء، ويكون العصر، ثم تغيب وينقطع الميل فيكون المغرب وتختفي الشمس وآثارها، فيكون غسق الليل وهو اجتماع ظلمته وذهاب كل شفق ينير، فيكون
[ ص: 4438 ] العشاء، ثم نبه سبحانه وتعالى إلى الفجر وصلاته، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وقرآن الفجر عبر عن صلاة الفجر بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وقرآن الفجر ؛ لأن القراءة ركنها ولأنه يجب أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=1567_857الجهر بها، ولأنه
nindex.php?page=treesubj&link=857يندب أن تكون القراءة فيها بطوال السور أو ببعضها، ولأن القرآن فيها مشهود مستحسن، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78إن قرآن الفجر كان مشهودا أي تشهده الملائكة إذا لم تدرن النفس بعوجاء الحياة، واختلافات الأهواء والمنازع؛ ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=32783_24589_1380الفجر ينبغي أن يؤدى في جماعة، ويجب أن يشهده أكثر المؤمنين القريبين من المسجد، ولأنه أول ما تستقبل به الحياة، ويصح أن نقول: إن (مشهودا) كناية عن رفعته ومقامه عند الله وعند المؤمنين، وهذه الأوقات تتلاقى مع قوله تعالى في سورة الروم المكية:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون
فِي شَرِيعَةِ
مُحَمَّدٍ دَوَاءُ النَّفْسِ وَنَصْرُ الْحَقِّ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=29746_32771_32783_34225_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=80وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=82وَنُنَـزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=83وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=84قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا [ ص: 4436 ] نَحْسَبُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ كَانَتْ قُبَيْلَ الْهِجْرَةِ، بَلْ إِنَّ سُورَةَ الْإِسْرَاءِ كُلَّهَا كَانَتْ قُبَيْلَ الْهِجْرَةِ؛ إِذْ فِيهَا الْإِسْرَاءُ، وَقَدْ كَانَ قُبَيْلَ الْهِجْرَةِ إِينَاسًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ فَقَدَ عَمَّهُ
أَبَا طَالِبٍ الَّذِي كَانَ يَحْمِيهِ، وَزَوْجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ الَّتِي كَانَتِ السَّكَنَ الْمُوَاسِيَةَ، وَلِذَا نَقُولُ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا
وَإِنَّ الْآيَاتِ السَّابِقَةَ تَدُلُّ عَلَى مَا كَانَ يُحَاوِلُهُ الْمُشْرِكُونَ لِيَفْتِنُوا الْمُؤْمِنِينَ فِي دِينِهِمْ، وَتَطَاوَلُوا فَحَسِبُوا أَنَّهُمْ يَفْتِنُونَ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ لِكَيْلَا تَكُونَ لَهُ
مَكَّةُ مُقَامًا وَمُسْتَقَرًّا، بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ مُبَيِّنًا أَوْقَاتَهَا لَهُ وَلِأُمَّتِهِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ nindex.php?page=treesubj&link=19590وَالصَّلَاةُ فِيهَا ابْتِلَاءُ النَّفْسِ بِالْقُوَّةِ لِأَنَّهَا انْصِرَافٌ وَلُجُوءٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِحْضَارُ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ، nindex.php?page=treesubj&link=844وَالصَّلَاةُ هِيَ رُكْنُ الْإِيمَانِ السَّدِيدِ، وَلَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَيَقُولُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=130فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى فَكَانَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَوْقَاتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَادَّةُ الصَّبْرِ وَالْإِيمَانِ وَفِيهَا أَعْلَى دَرَجَاتِ السُّلْوَانِ عَنْ مَتَاعِبِ الْحَيَاةِ وَلَأْوَائِهَا.
اللَّامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78لِدُلُوكِ لِلتَّوْقِيتِ، كَمَا تَقُولُ فِي تَوْقِيتِ أَعْمَالِكَ أَوِ الْحَوَادِثِ كَانَ هَذَا لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ
[ ص: 4437 ] لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِ دُخُولِ وَقْتِ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ. . . . وَلِهَذَا يَقُولُ عُلَمَاءُ الْأُصُولَ:
nindex.php?page=treesubj&link=1379_32771إِنَّ الْوَقْتَ سَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ إِلَّا بِدُخُولِهِ.
وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ مَصْدَرُ أَقَامَ، وَ(أَقِمْ) مَعْنَاهَا أَدَاؤُهَا مَقُومَةً مُسْتَقِيمَةً مُسْتَوْفِيَةً الْأَرْكَانَ الظَّاهِرَةَ، مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَقِرَاءَةٍ وَدُعَاءٍ وَأَرْكَانَهَا الْبَاطِنَةَ مِنْ خُشُوعٍ وَاسْتِحْضَارٍ لِمَعَانِيهَا، وَمَعَانِي قِرَاءَتِهَا وَأَدْعِيَتِهَا حَتَّى تَكُونَ كُلُّهَا ذِكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ لُبُّ مَعْنَاهَا.
وَ (دُلُوكُ الشَّمْسِ) مَعْنَاهُ مَيْلًا مِنْ وَقْتِ زَوَالِهَا، وَكَوْنِهَا فِي كَبِدِ السَّمَاءِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ، وَبِهَذَا تَشْمَلُ الْآيَاتُ الْأَوْقَاتَ كُلَّهَا؛ لِأَنَّهَا شَمِلَتِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي غَسَقِ اللَّيْلِ، وَالْفَجْرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا
وَفَسَّرَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ الدُّلُوكَ بِالْغُرُوبِ لِأَنَّهُ نِهَايَةُ مَيْلِ الشَّمْسِ؛ إِذْ تَخْتَفِي. وَمَنْ فَسَّرَ الدُّلُوكَ بِمَيْلِهَا فِي الزَّوَالِ، فَسَّرَهَا بِابْتِدَائِهِ، وَقَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ: مَنْ جَعَلَ الدُّلُوكَ اسْمًا لِغُرُوبِهَا، فَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَدْلُكُ عَيْنَيْهِ بِرَاحَتَيْهِ لِتَبَيُّنِهَا حَالَةَ الْغُرُوبِ، وَمَنْ جَعَلَهُ اسْمًا لِزَوَالِهَا فَلِأَنَّهُ يَدْلُكُ عَيْنَيْهِ لِشِدَّةِ شُعَاعِهَا.
وَنَرَى أَنَّ تَفْسِيرَ الدُّلُوكِ بِمَيْلِهَا، وَقْتَ الزَّوَالِ هُوَ الْأَوْضَحُ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ تَشْمَلُ كُلَّ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّ (دَلَكَ) مَعْنَاهَا (مَالَ) . جَاءَ فِي تَفْسِيرِ
الْبَيْضَاوِيِّ مَا نَصُّهُ: « وَأَصْلُ التَّرْكِيبِ لِلِانْتِقَالِ، وَمِنْهُ الدَّلْكُ فَإِنَّ الدَّالِكَ لَا تَسْتَقِرُّ يَدُهُ وَكَذَا كُلُّ مَا تَرَكَّبَ مِنَ الدَّالِ وَاللَّامِ كَدَلَجَ، وَدَلَحَ، وَدَلَعَ، وَدَلَفَ».
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ أَيْ مَيْلِهَا مِنَ الزَّوَالِ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَيَكُونُ الظُّهْرُ ثُمَّ يَشْتَدُّ الْمَيْلُ فَيَكُونُ الْعَصْرُ، وَاتِّسَاعُ الْمَيْلِ عَلَامَتُهُ طُولُ كُلِّ الْأَشْيَاءِ، وَيَكُونُ الْعَصْرُ، ثُمَّ تَغِيبُ وَيَنْقَطِعُ الْمَيْلُ فَيَكُونُ الْمَغْرِبُ وَتَخْتَفِي الشَّمْسُ وَآثَارُهَا، فَيَكُونُ غَسَقُ اللَّيْلِ وَهُوَ اجْتِمَاعُ ظُلْمَتِهِ وَذَهَابُ كُلِّ شَفَقٍ يُنِيرُ، فَيَكُونُ
[ ص: 4438 ] الْعِشَاءُ، ثُمَّ نَبَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى الْفَجْرِ وَصَلَاتِهِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وَقُرْآنَ الْفَجْرِ عَبَّرَ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنُهَا وَلِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=1567_857الْجَهْرُ بِهَا، وَلِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=857يُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ فِيهَا بِطُوَالِ السُّورِ أَوْ بِبَعْضِهَا، وَلِأَنَّ الْقُرْآنَ فِيهَا مَشْهُودٌ مُسْتَحْسَنٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا أَيْ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ إِذَا لَمْ تَدْرَنِ النَّفْسِ بِعَوْجَاءِ الْحَيَاةِ، وَاخْتِلَافَاتِ الْأَهْوَاءِ وَالْمَنَازَعِ؛ وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32783_24589_1380الْفَجْرَ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدَّى فِي جَمَاعَةٍ، وَيَجِبَ أَنْ يَشْهَدَهُ أَكْثَرُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَرِيبِينَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا تُسْتَقْبَلُ بِهِ الْحَيَاةُ، وَيَصِحُّ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ (مَشْهُودًا) كِنَايَةٌ عَنْ رِفْعَتِهِ وَمَقَامِهِ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذِهِ الْأَوْقَاتُ تَتَلَاقَى مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الرُّومِ الْمَكِّيَّةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ