nindex.php?page=treesubj&link=28639_28644_28662_28739_29638_30172_31011_31848_31884_31891_33975_34177_34513_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84قل آمنا بالله وما أنـزل علينا وما أنـزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [ ص: 1299 ] بين سبحانه وتعالى في الآيات السابقة شدة تعصب بعض الذين أوتوا الكتاب، وأنهم غلقوا بهذا التعصب باب النور فلم تشرق قلوبهم بهداية الإيمان، ثم بين سبحانه أن
nindex.php?page=treesubj&link=29778_28639صرح النبوة واحد، وأن كل نبي متمم لما جاء به سابقه مصدق له، ومبشر بالنبي الذي يجئ بعده، وأن ذلك عهد الله وميثاقه، وفي هذه الآية يشير إلى
nindex.php?page=treesubj&link=28639وحدة الرسالة الإلهية، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=30172محمدا - صلى الله عليه وسلم - مؤمن بكل رسول جاء من قبله، وأن ذلك الإيمان جزء من رسالته عليه الصلاة والسلام، ولذلك أمره ربه بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84قل آمنا بالله وما أنـزل علينا وما أنـزل على إبراهيم وإسماعيل وهذا أمر من الله لنبيه بأن يبين لهم ارتباط شرائع الله، وأنها سلسلة متصلة، كل حلقة منها آخذة بالحلقة الأخرى، لتنتهي معها إلى نهاية واحدة، وهي الإخلاص، وقد ابتدأ سبحانه بذكر الإيمان بالله، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84قل آمنا بالله nindex.php?page=treesubj&link=28653والإيمان بالله هو جماع الشرائع كلها، إذ الإيمان بالله يقتضي الإيمان بوجوده واحدا منفردا بالعبودية، ومنفردا بالتكوين والإنشاء، ويقتضي الإخلاص لذاته العلية فيطيعه فيما يأمره به، وينتهي عما ينهاه عنه، وتصديق رسله، وعدم الاستكبار على أحد منهم، وذلك هو الإيمان حقا وصدقا، والإسلام الذي هو دين النبيين أجمعين، وإذا كان الإيمان بالله يقتضي تصديق كل ما جاءت به رسل الله - ذكر سبحانه بعد ذلك الإيمان بما أنزل على النبيين، وهو عطف للمسبب على السبب وللنتيجة على المقدمة، لبيان شرف النتيجة في ذاتها، وأنها غرض مقصود لذاته، وليس فقط تابعا لغيره؛ وذلك لأن ما أنزل على الرسل فيه لب الشريعة السماوية المشتركة في كل الأديان التي ذكرها الله سبحانه بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه
وإن الأنبياء الذين ذكرتهم الآية هم الأنبياء الذين يدعي اليهود والنصارى أنهم يتبعونهم، وفيهم
إسماعيل أبو العرب، وفي ذكرهم بيان أن اليهود والنصارى قد خرجوا عن دينهم بكفرهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 1300 ] والأسباط هم أولاد
يعقوب الاثنا عشر، والمراد بما أنزل على الأسباط هو ما أنزل على ذريتهم كالذي أنزل على
داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء الذين جاءوا من سلالة هؤلاء الأسباط، فكان المعنى: آمنا بما أنزل على
إبراهيم وولديه
إسماعيل وإسحاق وحفيده
يعقوب، ثم من جاء بعد ذلك من ذرية الأسباط الذين هم أولاد يعقوب، فأنبياء بني إسرائيل لا يخرجون عن ذلك، ثم خص اثنين من أنبياء بني إسرائيل بالذكر، وهما
موسى وعيسى ، - فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم
وهنا قد يسأل سائل
nindex.php?page=treesubj&link=34188_31912ما الذي أوتيه موسى وعيسى والنبيون، أهو شيء آخر غير ما أنزل عليهم: ونجيب عن ذلك السؤال بأن ما ذكر بأنه أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -
وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق، هو الجزء الذي لا تختلف فيه الديانات السماوية قط، وهو لبها وخلاصتها، وأساسه التوحيد المطلق، والإيمان بفضائل الأخلاق، وغيرها مما لا يقبل النسخ والتغيير، وأما الذي أوتيه
موسى وعيسى والنبيون من ربهم فهو ما اختص به كل نبي من أحكام توافق زمنهم، ويصح أن نقول جوابا آخر وهو أن ما أوتيه
موسى وعيسى والنبيون هو معجزاتهم التي أقاموا بها الدليل على رسالة ربهم، ويصح أن يكون الجواب شاملا للأمرين معا.
وقد أورد
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، سؤالا وأجاب عنه هو وغيره، وهو أنه في سورة البقرة، قد قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136قولوا آمنا بالله وما أنـزل إلينا وما أنـزل إلى إبراهيم فلماذا عبر هنا بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84أنـزل علينا وهنالك
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136أنـزل إلينا وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في السؤال وفي الجواب ما نصه: فإن قلت لم عدى لـ " أنزل " في هذه الآية بحرف الاستعلاء، وفيما تقدم من مثلها بحرف الانتهاء . قلت: لوجود المعنيين جميعا؛ لأن الوحي ينزل من فوق، وينتهي إلى الرسل، فجاء تارة بأحد المعنيين، وأخرى بالأخرى، ومن قال إنما قيل " علينا " لقوله: " قل " ، و " إلينا " لقوله: " قولوا " تفرقة بين الرسول والمؤمنين؛ لأن الرسول
[ ص: 1301 ] يأتيه الوحي على طريق الاستعلاء، ويأتي هم على طريق الانتهاء - فقد تعسف، ألا ترى إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4بما أنـزل إليك و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=99أنـزلنا إليك وإلى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=72آمنوا بالذي أنـزل على الذين آمنوا
وإنا نميل إلى ما اعتبره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري تعسفا؛ لأن الخطاب في الأول من الله لنبيه، والوحي ينزل عليه، فكان من مقتضى الحقيقة أن يعبر بـ " على " ، والثاني خطاب للمؤمنين، والوحي لا ينزل عليهم، ولكن ينتهي في نزوله إليهم، وكون الله تعالى عبر في مقام النزول على النبي بـ " إلى " ، وحكى عن اليهود أنهم قالوا في مقام النزول إلى المؤمنين بـ " على " ، فلأسباب واضحة في مقامها لا يخل بالتعليل في هذا المقام.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون هذه ثمرة الإيمان بالله وحده لا شريك له، والإيمان بكل رسله، وبكل ما أنزل على رسله، فالنبي والمؤمنون معه إذ يؤمنون بكل ما جاء به الرسل لا يفرقون بين أحد منهم، فلا يؤمنون بواحد ويكفرون بآخرين، ولا يؤمنون بجماعة ويفردون بالكفر واحدا، بل هم في الإيمان سواء، وإذا كان بينهم تفاضل في أشخاصهم، فأصل الإيمان برسالتهم واجب لا تفرقة فيه؛ ولكن التفضيل يكون بأمور أخرى وراء أصل التصديق والإيمان؛ ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات
ثم بين سبحانه الوصف الكامل لأهل الإيمان، وهو الإذعان لذات الله ولذات الحق، فيطلبون الحق مذعنين له مؤمنين به خاضعين، ولذا قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84ونحن له مسلمون أي: ونحن لله سبحانه وتعالى مذعنون مخلصون، لا نذعن إلا له، فلا نفكر في الأمور تحت تأثير عرض من أعراض الدنيا، أو عصبية جنسية أو دينية، أو حب رياسة وسلطان، بل نطلب الأمر من الأمور وقد أخلصنا في طلبه، وخلصنا أنفسنا من شوائب الدنيا وأعراضها، فالإخلاص لله والإذعان له فيه الخلاص والاستقامة نحو الحق.
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28644_28662_28739_29638_30172_31011_31848_31884_31891_33975_34177_34513_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْـزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْـزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [ ص: 1299 ] بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ شِدَّةَ تَعَصُّبِ بَعْضِ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، وَأَنَّهُمْ غَلَّقُوا بِهَذَا التَّعَصُّبِ بَابَ النُّورِ فَلَمْ تُشْرِقْ قُلُوبُهُمْ بِهِدَايَةِ الْإِيمَانِ، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29778_28639صَرْحَ النُّبُوَّةِ وَاحِدٌ، وَأَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مُتَمِّمٍ لِمَا جَاءَ بِهِ سَابِقُهُ مُصَدِّقٌ لَهُ، وَمُبَشِّرٌ بِالنَّبِيِّ الَّذِي يَجِئُ بَعْدَهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ يُشِيرُ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28639وَحْدَةِ الرِّسَالَةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30172مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنٌ بِكُلِّ رَسُولٍ جَاءَ مِنْ قَبْلِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْإِيمَانَ جُزْءٌ مِنْ رِسَالَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلِذَلِكَ أَمَرَهُ رَبُّهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْـزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْـزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ بِأَنْ يُبَيِّنَ لَهُمُ ارْتِبَاطَ شَرَائِعِ اللَّهِ، وَأَنَّهَا سِلْسِلَةٌ مُتَّصِلَةٌ، كُلُّ حَلْقَةٍ مِنْهَا آخِذَةٌ بِالْحَلْقَةِ الْأُخْرَى، لِتَنْتَهِيَ مَعَهَا إِلَى نِهَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ الْإِخْلَاصُ، وَقَدْ ابْتَدَأَ سُبْحَانَهُ بِذِكْرِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ nindex.php?page=treesubj&link=28653وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ هُوَ جِمَاعُ الشَّرَائِعِ كُلِّهَا، إِذِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ يَقْتَضِي الْإِيمَانَ بِوُجُودِهِ وَاحِدًا مُنْفَرِدًا بِالْعُبُودِيَّةِ، وَمُنْفَرِدًا بِالتَّكْوِينِ وَالْإِنْشَاءِ، وَيَقْتَضِي الْإِخْلَاصَ لِذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ فَيُطِيعُهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ بِهِ، وَيَنْتَهِي عَمَّا يَنْهَاهُ عَنْهُ، وَتَصْدِيقَ رُسُلِهِ، وَعَدَمَ الِاسْتِكْبَارِ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ هُوَ الْإِيمَانُ حَقًّا وَصِدْقًا، وَالْإِسْلَامُ الَّذِي هُوَ دِينُ النَّبِيِّينَ أَجْمَعِينَ، وَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ يَقْتَضِي تَصْدِيقَ كُلِّ مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُ اللَّهِ - ذَكَرَ سُبْحَانَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِيمَانَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى النَّبِيِّينَ، وَهُوَ عَطْفٌ لِلْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ وَلِلنَّتِيجَةِ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ، لِبَيَانِ شَرَفِ النَّتِيجَةِ فِي ذَاتِهَا، وَأَنَّهَا غَرَضٌ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ، وَلَيْسَ فَقَطْ تَابِعًا لِغَيْرِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا أُنْزِلَ عَلَى الرُّسُلِ فِيهِ لُبُّ الشَّرِيعَةِ السَّمَاوِيَّةِ الْمُشْتَرِكَةِ فِي كُلِّ الْأَدْيَانِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ
وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ ذَكَرَتْهُمُ الْآيَةَ هُمُ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ يَدَّعِي الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ يَتَّبِعُونَهُمْ، وَفِيهِمْ
إِسْمَاعِيلُ أَبُو الْعَرَبِ، وَفِي ذِكْرِهِمْ بَيَانُ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَدْ خَرَجُوا عَنْ دِينِهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 1300 ] وَالْأَسْبَاطُ هُمْ أَوْلَادُ
يَعْقُوبَ الِاثْنَا عَشْرَ، وَالْمُرَادُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى الْأَسْبَاطِ هُوَ مَا أُنْزِلَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ كَالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى
دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ سُلَالَةِ هَؤُلَاءِ الْأَسْبَاطِ، فَكَانَ الْمَعْنَى: آمَنَّا بِمَا أُنْزِلَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَوَلَدَيْهِ
إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَحَفِيدِهِ
يَعْقُوبَ، ثُمَّ مَنْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْأَسْبَاطِ الَّذِينَ هُمْ أَوْلَادُ يَعْقُوبَ، فَأَنْبِيَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ خَصَّ اثْنَيْنِ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالذِّكْرِ، وَهُمَا
مُوسَى وَعِيسَى ، - فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ
وَهُنَا قَدْ يَسْأَلُ سَائِلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=34188_31912مَا الَّذِي أُوتِيَهُ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ، أَهْوَ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ: وَنُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الدِّيَانَاتُ السَّمَاوِيَّةُ قَطُّ، وَهُوَ لُبُّهَا وَخُلَاصَتُهَا، وَأَسَاسُهُ التَّوْحِيدُ الْمُطْلَقُ، وَالْإِيمَانُ بِفَضَائِلِ الْأَخْلَاقِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّسْخَ وَالتَّغْيِيرَ، وَأَمَّا الَّذِي أُوتِيَهُ
مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ فَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِهِ كُلُّ نَبِيٍّ مِنْ أَحْكَامٍ تُوَافِقُ زَمَنَهُمْ، وَيَصِحُّ أَنْ نَقُولَ جَوَابًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ مَا أُوتِيَهُ
مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ هُوَ مُعْجِزَاتُهُمُ الَّتِي أَقَامُوا بِهَا الدَّلِيلَ عَلَى رِسَالَةِ رَبِّهِمْ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ شَامِلًا لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا.
وَقَدْ أَوْرَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، سُؤَالًا وَأَجَابَ عَنْهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْـزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَلِمَاذَا عَبَّرَ هُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84أُنْـزِلَ عَلَيْنَا وَهُنَالِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136أُنْـزِلَ إِلَيْنَا وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي السُّؤَالِ وَفِي الْجَوَابِ مَا نَصُّهُ: فَإِنَّ قُلْتَ لِمَ عَدَّى لِـ " أَنْزَلَ " فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ مِثْلِهَا بِحَرْفِ الِانْتِهَاءِ . قُلْتُ: لِوُجُودِ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْوَحْيَ يَنْزِلُ مِنْ فَوْقَ، وَيَنْتَهِي إِلَى الرُّسُلِ، فَجَاءَ تَارَةً بِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَأُخْرَى بِالْأُخْرَى، وَمَنْ قَالَ إِنَّمَا قِيلَ " عَلَيْنَا " لِقَوْلِهِ: " قُلْ " ، وَ " إِلَيْنَا " لِقَوْلِهِ: " قُولُوا " تَفْرِقَةً بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ
[ ص: 1301 ] يَأْتِيهِ الْوَحْيُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعْلَاءِ، وَيَأْتِي هُمْ عَلَى طَرِيقِ الِانْتِهَاءِ - فَقَدْ تَعَسَّفَ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=99أَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ وَإِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=72آمِنُوا بِالَّذِي أُنْـزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَإِنَّا نَمِيلُ إِلَى مَا اعْتَبَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ تَعَسُّفًا؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ فِي الْأَوَّلِ مِنَ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ، وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَكَانَ مِنْ مُقْتَضَى الْحَقِيقَةَ أَنْ يُعَبِّرَ بِـ " عَلَى " ، وَالثَّانِي خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْوَحْيُ لَا يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ يَنْتَهِي فِي نُزُولِهِ إِلَيْهِمْ، وَكَوْنُ اللَّهِ تَعَالَى عَبَّرَ فِي مَقَامِ النُّزُولِ عَلَى النَّبِيِّ بِـ " إِلَى " ، وَحَكَى عَنِ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي مَقَامِ النُّزُولِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ بِـ " عَلَى " ، فَلِأَسْبَابٍ وَاضِحَةٍ فِي مَقَامِهَا لَا يَخْلُ بِالتَّعْلِيلِ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ هَذِهِ ثَمَرَةُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالْإِيمَانِ بِكُلِّ رُسُلِهِ، وَبِكُلِّ مَا أُنْزِلَ عَلَى رُسُلِهِ، فَالنَّبِيُّ وَالْمُؤْمِنُونَ مَعَهُ إِذْ يُؤْمِنُونَ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرُّسُلَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، فَلَا يُؤْمِنُونَ بِوَاحِدٍ وَيَكْفُرُونَ بِآخَرِينَ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِجَمَاعَةٍ وَيُفْرِدُونَ بِالْكُفْرِ وَاحِدًا، بَلْ هُمْ فِي الْإِيمَانِ سَوَاءٌ، وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ تَفَاضُلٌ فِي أَشْخَاصِهِمْ، فَأَصْلُ الْإِيمَانِ بِرِسَالَتِهِمْ وَاجِبٌ لَا تَفْرِقَةَ فِيهِ؛ وَلَكِنَّ التَّفْضِيلَ يَكُونُ بِأُمُورٍ أُخْرَى وَرَاءَ أَصْلِ التَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانِ؛ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ الْوَصْفَ الْكَامِلَ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَهُوَ الْإِذْعَانُ لِذَاتِ اللَّهِ وَلِذَاتِ الْحَقِّ، فَيَطْلُبُونَ الْحَقَّ مُذْعِنِينَ لَهُ مُؤْمِنِينَ بِهِ خَاضِعِينَ، وَلِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ أَيْ: وَنَحْنُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُذْعِنُونَ مُخْلِصُونَ، لَا نُذْعِنُ إِلَّا لَهُ، فَلَا نُفَكِّرُ فِي الْأُمُورِ تَحْتَ تَأْثِيرِ عَرَضٍ مِنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا، أَوْ عَصَبِيَّةٍ جِنْسِيَّةٍ أَوْ دِينِيَّةٍ، أَوْ حَبِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ، بَلْ نَطْلُبُ الْأَمْرَ مِنَ الْأُمُورِ وَقَدْ أَخْلَصْنَا فِي طَلَبِهِ، وَخَلَّصْنَا أَنْفُسَنَا مِنْ شَوَائِبِ الدُّنْيَا وَأَعْرَاضِهَا، فَالْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَالْإِذْعَانُ لَهُ فِيهِ الْخَلَاصُ وَالِاسْتِقَامَةُ نَحْوَ الْحَقِّ.