nindex.php?page=treesubj&link=28656_29618التوحيد لب الإيمان
قال (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=19731_29705_30539_30558_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين nindex.php?page=treesubj&link=30610_30611_31037_32022_32026_32028_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وأنذر عشيرتك الأقربين nindex.php?page=treesubj&link=28195_30994_32022_34445_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=215واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين nindex.php?page=treesubj&link=30612_32028_34130_34199_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=216فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=217وتوكل على العزيز الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=218الذي يراك حين تقوم nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=219وتقلبك في الساجدين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=220إنه هو السميع العليم [ ص: 5416 ] الفاء للإفصاح عن شرط؛ وتقديره: إذا كان القرآن هو الحق؛ وهو يدعو إلى التوحيد؛ فلا تدع مع الله إلها آخر؛ و " الدعاء " ؛ هنا: الالتجاء إليه؛ والعبادة؛ أي: لا تعبد مع الله إلها آخر؛ وتلجأ إليه؛
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فتكون من المعذبين ؛ أي: فتكون بسبب ذلك من المعذبين؛ الفاء للسببية؛ ولذا نصب الفعل بعدها؛ ولقد كان النهي موجها إلى نبي الوحدانية؛ ليقتدي به غيره؛ وليعلم كل إنسان أن العذاب لاحق بمن يعبد مع الله إلها آخر؛ فقلب العبادة الوحدانية؛ ولب الإيمان ألا يكون مع الله إله آخر.
بعد ذلك أمر - سبحانه وتعالى - أمرين متعلقين بالدعوة؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وأنذر عشيرتك الأقربين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=215واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=216فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ؛ " العشير " : القرابة القريبة؛ و " الأقربين " ؛ جمع " أقرب " ؛ وهو الأشد قرابة؛ وقد جاء في مفردات الراغب ما نصه: و " العشير " : أهل الرجل الذين يتكثر بهم؛ أي: يصيرون له بمنزلة العدد الكامل؛ وذلك أن العشرة هي العدد الكامل؛ والمعنى أن العشير الأقارب الذين يعتز بهم؛ ويحس بأنه منهم؛ وأنهم منه؛ إنه - صلى الله عليه وسلم - قد جاء في كتب السيرة وكتب السنة أنه عندما نزلت هذه الآية داعية إنذار عشيرته؛ صار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الصفا؛ ودعا
قريشا؛ ومنهم من حضر بشخصه؛ ومن لم يحضر بشخصه؛ وبعث من يسمع عنه؛ وقال لهم:
" يا بني عبد المطلب؛ يا بني فهر؛ يا بني لؤي: أرأيتم لو أخبرتكم بأن عيرا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم؛ صدقتموني؟ " ؛ قالوا: نعم؛ قال: " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ؛ دعاهم - عليه السلام - هذه الدعوة؛ وهي أولى الدعوات؛ وكانت الدعوات قبل ذلك دعوات خاصة؛ للزوجة والأهل والأصدقاء؛ فهذه أول دعوة عامة؛ أو شبه عامة وعمومها جزئي على أي حال.
هذه دعوة من لم يكن مؤمنا؛ وقد أرشده - سبحانه - إلى الرفق بالمؤمنين؛ لأنهم قوام الدعوة؛ وعماد الحق؛ وقد تعرضوا للأذى باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال له
[ ص: 5417 ] - لتعينهم على الإيمان؛ ويروا الرحمة بجوار الأذى والعذاب -:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=215واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ؛ " من " : هنا بيانية؛ والمعنى: اخفض جناحك لمن اتبعك؛ وهم المؤمنون؛ وخفض الجناح فيه استعارة فيها تشبيه؛ فشبه الحاني العطوف على من معه من المؤمنين؛ بالطائر الذي يخفض جناحه ويحوط به فراخه؛ حتى ينضجوا ويستغنوا عن كلاءته؛ وحمايته.
هذا شأن من أطاعه من عشيرته؛ ومن معه من المؤمنين؛ وقال فيمن عصاه:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=216فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ؛ الفاء للإفصاح؛ والضمير في " عصوك " ؛ يعود إلى الأقربين؛ وإلى المؤمنين؛ وربما نميل إلى أن يكون على المؤمنين فقط؛ لأنه أقرب مذكور؛ ولأن خفض الجناح لهم مشروط بأنهم مؤمنون لا يعصون؛ فإن عصوك أيها الرسول فتبرأ منهم؛ فإنك تخفض الجناح لتربيتهم وتهذيبهم؛ وإبقائهم على الحق؛ لا يخرجون عنه؛ فإن خرجوا فتبرأ منهم؛ وقل: إني بريء مما تعملون ويكون فيه عصيان لي؛ ولا يعتمد عليهم في هذا العصيان؛ والاعتماد كله يكون على الله؛ ولذا قال من بعد:
nindex.php?page=treesubj&link=28656_29618اَلتَّوْحِيدُ لُبُّ الْإِيمَانِ
قَالَ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=19731_29705_30539_30558_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ nindex.php?page=treesubj&link=30610_30611_31037_32022_32026_32028_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28195_30994_32022_34445_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=215وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=treesubj&link=30612_32028_34130_34199_28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=216فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=217وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=218الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=219وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=220إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [ ص: 5416 ] اَلْفَاءُ لِلْإِفْصَاحِ عَنْ شَرْطٍ؛ وَتَقْدِيرُهُ: إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ هُوَ الْحَقَّ؛ وَهُوَ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ؛ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ؛ وَ " اَلدُّعَاءُ " ؛ هُنَا: اَلِالْتِجَاءُ إِلَيْهِ؛ وَالْعِبَادَةُ؛ أَيْ: لَا تَعْبُدْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ؛ وَتَلْجَأْ إِلَيْهِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=213فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ؛ أَيْ: فَتَكُونَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنَ الْمُعَذِّبِينَ؛ الْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ؛ وَلِذَا نَصَبَ الْفِعْلَ بَعْدَهَا؛ وَلَقَدْ كَانَ النَّهْيُ مُوَجَّهًا إِلَى نَبِيِّ الْوَحْدَانِيَّةِ؛ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ؛ وَلِيَعْلَمَ كُلُّ إِنْسَانٍ أَنَّ الْعَذَابَ لَاحِقٌ بِمَنْ يَعْبُدُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ؛ فَقَلْبُ الْعِبَادَةِ الْوَحْدَانِيَّةُ؛ وَلُبُّ الْإِيمَانِ أَلَّا يَكُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهٌ آخَرُ.
بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَمْرَيْنِ مُتَعَلِّقَيْنِ بِالدَّعْوَةِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=215وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=216فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ؛ " اَلْعَشِيرُ " : اَلْقَرَابَةُ الْقَرِيبَةُ؛ وَ " اَلْأَقْرَبِينَ " ؛ جَمْعُ " أَقْرَبُ " ؛ وَهُوَ الْأَشَدُّ قَرَابَةً؛ وَقَدْ جَاءَ فِي مُفْرَدَاتِ الرَّاغِبِ مَا نَصَّهُ: وَ " اَلْعَشِيرُ " : أَهْلُ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَتَكَثَّرُ بِهِمْ؛ أَيْ: يَصِيرُونَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَدِ الْكَامِلِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَشَرَةَ هِيَ الْعَدَدُ الْكَامِلُ؛ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَشِيرَ الْأَقَارِبُ الَّذِينَ يَعْتَزُّ بِهِمْ؛ وَيُحِسُّ بِأَنَّهُ مِنْهُمْ؛ وَأَنَّهُمْ مِنْهُ؛ إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَاءَ فِي كُتُبِ السِّيرَةِ وَكُتُبِ السُّنَّةِ أَنَّهُ عِنْدَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ دَاعِيَةً إِنْذَارَ عَشِيرَتِهِ؛ صَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الصَّفَا؛ وَدَعَا
قُرَيْشًا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ حَضَرَ بِشَخْصِهِ؛ وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ بِشَخْصِهِ؛ وَبَعَثَ مَنْ يَسْمَعُ عَنْهُ؛ وَقَالَ لَهُمْ:
" يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛ يَا بَنِي فِهْرٍ؛ يَا بَنِي لُؤَيٍّ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ بِأَنَّ عِيرًا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ؛ صَدَّقْتُمُونِي؟ " ؛ قَالُوا: نَعَمْ؛ قَالَ: " فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ " ؛ دَعَاهُمْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَذِهِ الدَّعْوَةَ؛ وَهِيَ أُولَى الدَّعَوَاتِ؛ وَكَانَتِ الدَّعَوَاتُ قَبْلَ ذَلِكَ دَعَوَاتٍ خَاصَّةً؛ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَهْلِ وَالْأَصْدِقَاءِ؛ فَهَذِهِ أَوَّلُ دَعْوَةٍ عَامَّةٍ؛ أَوْ شِبْهِ عَامَّةٍ وَعُمُومُهَا جُزْئِيٌّ عَلَى أَيِّ حَالٍ.
هَذِهِ دَعْوَةُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا؛ وَقَدْ أَرْشَدَهُ - سُبْحَانَهُ - إِلَى الرِّفْقِ بِالْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّهُمْ قِوَامُ الدَّعْوَةِ؛ وَعِمَادُ الْحَقِّ؛ وَقَدْ تَعَرَّضُوا لِلْأَذَى بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَقَالَ لَهُ
[ ص: 5417 ] - لِتُعِينَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ؛ وَيَرَوُا الرَّحْمَةَ بِجِوَارِ الْأَذَى وَالْعَذَابِ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=215وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ؛ " مَنْ " : هُنَا بَيَانِيَّةٌ؛ وَالْمَعْنَى: اِخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ؛ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ؛ وَخَفْضُ الْجَنَاحِ فِيهِ اسْتِعَارَةٌ فِيهَا تَشْبِيهٌ؛ فَشَبَّهَ الْحَانِيَ الْعَطُوفَ عَلَى مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ بِالطَّائِرِ الَّذِي يَخْفِضُ جَنَاحَهُ وَيَحُوطُ بِهِ فِرَاخَهُ؛ حَتَّى يَنْضِجُوا وَيَسْتَغْنُوا عَنْ كِلَاءَتِهِ؛ وَحِمَايَتِهِ.
هَذَا شَأْنُ مَنْ أَطَاعَهُ مِنْ عَشِيرَتِهِ؛ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؛ وَقَالَ فِيمَنْ عَصَاهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=216فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ؛ اَلْفَاءُ لِلْإِفْصَاحِ؛ وَالضَّمِيرُ فِي " عَصَوْكَ " ؛ يَعُودُ إِلَى الْأَقْرَبِينَ؛ وَإِلَى الْمُؤْمِنِينَ؛ وَرُبَّمَا نَمِيلُ إِلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ؛ وَلِأَنَّ خَفْضَ الْجَنَاحِ لَهُمْ مَشْرُوطٌ بِأَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ لَا يَعْصُونَ؛ فَإِنْ عَصَوْكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ فَتَبَرَّأْ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّكَ تَخْفِضُ الْجَنَاحَ لِتَرْبِيَتِهِمْ وَتَهْذِيبِهِمْ؛ وَإِبْقَائِهِمْ عَلَى الْحَقِّ؛ لَا يَخْرُجُونَ عَنْهُ؛ فَإِنْ خَرَجُوا فَتَبَرَّأْ مِنْهُمْ؛ وَقُلْ: إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ وَيَكُونُ فِيهِ عِصْيَانٌ لِي؛ وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِمْ فِي هَذَا الْعِصْيَانِ؛ وَالِاعْتِمَادُ كُلُّهُ يَكُونُ عَلَى اللَّهِ؛ وَلِذَا قَالَ مِنْ بَعْدُ: