الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( قوله : ولا الهالك بعد الوجوب ) أي nindex.php?page=treesubj&link=3080_24997_3081_26517_3082لا شيء في الهالك بعد الوجوب فإن هلك المال كله سقط الواجب كله ، وإن بعضه فبحسابه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يضمن إذا هلك بعد التمكن من الأداء ، وهو مبني على أن الزكاة تجب في العين أو في الذمة فعندنا تجب في العين ، وهو المشهور من قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وفي قول له تجب في الذمة والعين مرتهنة بها كذا في غاية البيان ثم الظواهر تؤيد ما قلنا مثل قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=65039هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم } أطلقه فشمل ما إذا تمكن من الأداء وفرط في التأخير حتى هلك ، وما إذا منع الإمام أو الساعي بعد الطلب حتى هلك ، وفي الثاني خلاف وعامتهم على السقوط ، وهو الصحيح ; لأنه لم يفوت بهذا المنع ملكا على أحد ، ولا يدا فصار كما لو طلب واحد من الفقراء ورجحه في فتح القدير بأنه الأشبه بالفقه لأن الساعي ، وإن تعين لكن للمالك رأي في اختيار محل الأداء بين العين والقيمة ثم القيمة شائعة في محال كثيرة ، والرأي يستدعي زمانا فالحبس لذلك ا هـ .
وقيد بالهلاك ; لأنه لو استهلكه بعد الحول لا تسقط عنه لوجود التعدي واختلف فيما لو حبس السائمة للعلف أو للماء حتى هلكت قيل هو استهلاك فيضمن وقيل لا يضمن كالوديعة إذا منعها لذلك حتى هلكت لم يضمن كذا في المعراج وقدمنا أن الإبراء عن الدين بعد الحول مطلقا ليس باستهلاك فلا زكاة فيه ، وفي الخانية واستبدال مال التجارة بمال التجارة ليس باستهلاك [ ص: 236 ] وبغير مال التجارة استهلاك واستبدال مال السائمة بالسائمة استهلاك وإقراض النصاب بعد الحول ليس باستهلاك ، وإن توى المال على المستقرض ، وكذا لو أعار ثوب التجارة بعد الحول ا هـ .
وإنما كان بيع السائمة استهلاكا مطلقا ; لأن الوجوب فيها متعلق بالصورة والمعنى فبيعها يكون استهلاكا لا استبدالا ، فإذا باعها ، فإن كان المصدق حاضرا فهو بالخيار إن شاء أخذ قيمة الواجب من البائع وتم البيع في الكل ، وإن شاء أخذ الواجب من العين المشتراة وبطل البيع في القدر المأخوذ ، وإن لم يكن حاضرا وقت البيع وحضر بعد التفرق عن المجلس فإنه لا يأخذه من المشتري ، وإنما يأخذ قيمة الواجب من البائع ولو nindex.php?page=treesubj&link=24997_3056باع طعاما وجب فيه العشر فالمصدق بالخيار إن شاء أخذ من البائع ، وإن شاء من المشتري سواء حضر قبل الافتراق أو بعده لأنه تعلق العشر بالعين أكثر من تعلق الزكاة بها ألا ترى أن العشر لا يعتبر فيه المالك بخلاف الزكاة ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=8901_25498_3264مات من عليه العشر قبل أدائه من غير وصية يؤخذ من تركته بخلاف الزكاة كذا في البدائع ، وفي معراج الدراية ولو استبدل السائمة بجنسها ينقطع حكم الحول ; لأن وجوب الزكاة في السائمة باعتبار عينها ، وفي غيرها باعتبار ماليتها فالعين الثانية في السائمة غير الأولى لفوات متعلق الوجوب بخلاف العروض ; لأن متعلق الوجوب هو المالية ، وهي باقية مع الاستبدال ا هـ .
وقيدوا بالاستبدال ; لأن إخراج مال الزكاة عن ملكه بغير عوض كالهبة من غير الفقير والوصية أو بعوض ليس بمال بأن تزوج امرأة أو صالح به عن دم العمد أو اختلعت به المرأة فهو استهلاك فيضمن به الزكاة ، وقولهم : إن استبدال مال التجارة بمثله ليس باستهلاك يستثنى منه ما إذا حابى بما لا يتغابن الناس في مثله فإنه يضمن قدر زكاة المحاباة ، ويكون دينا في ذمته ، وزكاة ما بقي تتحول إلى العين تبقى ببقائها كما في البدائع فإذا صار مستهلكا بالهبة بعد الحول فإذا رجع بقضاء أو غيره لا شيء عليه لو هلكت عنده بعده ; لأن الرجوع فسخ من الأصل ، والنقود تتعين في مثله فعاد إليه قديم ملكه ثم هلك فلا ضمان ، ولو رجع بعد ما حال الحول عند الموهوب له فكذلك خلافا nindex.php?page=showalam&ids=15922لزفر فيما لو كان بغير قضاء فإنه يقول : يجب على الموهوب له فإنه مختار فكان تمليكا قلنا بل غير مختار ; لأنه لو امتنع عن الرد أجبر كذا في فتح القدير وقولهم : إن الرجوع فسخ من الأصل ليس على إطلاقه فقد صرحوا في الهبة أن الواهب لا يملك الزوائد المنفصلة برجوعه ، وفي الظهيرية : ولو nindex.php?page=treesubj&link=3266_24595وهب النصاب ثم استفاد مالا في خلال الحول ثم رجع في الهبة يستأنف الحول في المستفاد من حين استفاده فهذه المسألة تدل على أن الرجوع في الهبة ليس فسخا للهبة من الأصل ; إذ لو كان فسخا لما وجب استئناف في المستفاد من وقت الاستفادة ا هـ .
بلفظه ثم اعلم أنه لو nindex.php?page=treesubj&link=26294_3266وهب النصاب في خلال الحول ثم تم الحول عند الموهوب له ثم رجع الواهب بقضاء ، أو غيره فلا زكاة على واحد منهما كما في الخانية ، وهي من حيل إسقاط الزكاة قبل الوجوب كما لا يخفى ، وفي المعراج : ولو nindex.php?page=treesubj&link=24595_3082_3267حال الحول على مائتي درهم ثم ورث مثلها فخلطه بها وهلك النصف سقط نصف الزكاة ; لأن أحدهما ليس بتابع للآخر بخلاف ما لو ربح بعد الحول مائتين ثم هلك نصف الكل مختلطا لم يسقط شيء ; لأن الربح تبع فيصرف الهلاك إليه كالعفو ، وعندهما لا يتصور العفو في غير السوائم ا هـ .
وسوى في المحيط بين الإرث والربح عندهما في عدم السقوط ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد يسقط نصفها وتمام تفاريعها فيه ، وفي المعراج ولو nindex.php?page=treesubj&link=26294باع السوائم قبل [ ص: 237 ] تمام الحول بيوم فرارا عن الوجوب قال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد يكره ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف لا يكره ، وهو الأصح ولو باعها للنفقة لا يكره بالإجماع ولو احتال لإسقاط الواجب يكره بالإجماع ، ولو فر من الوجوب بخلا لا تأثيما يكره بالإجماع . ا هـ .