الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( باب الإحرام ) .

                                                                                        أحرم الرجل إذا دخل في حرمة لا تنتهك من ذمة وغيرها ، وأحرم للحج لأنه يحرم عليه ما يحل لغيره من الصيد والنساء ونحو ذلك ، وأحرم الرجل إذا دخل في الحرم أو دخل في الشهر الحرام وأحرمه لغة في حرمه العطية أي منعه كذا في ضياء الحلوم مختصر شمس العلوم وهو في الشريعة نية النسك من حج أو عمرة مع الذكر أو الخصوصية على ما سيأتي ، وهو شرط صحة النسك كتكبيرة الافتتاح في الصلاة ، فالصلاة والحج لهما تحريم وتحليل بخلاف الصوم والزكاة لكن الحج أقوى من غيره من وجهين الأول أنه إذا تم الإحرام للحج أو للعمرة لا يخرج عنه إلا بعمل النسك الذي أحرم به ، وإن أفسده إلا في الفوات فبعمل العمرة وإلا الإحصار فبذبح الهدي . الثاني أنه لا بد من قضائه مطلقا ولو كان مظنونا فلو أحرم بالحج على ظن أنه عليه ، ثم ظهر خلافه وجب عليه المضي فيه والقضاء إن أبطله بخلاف المظنون في الصلاة فإنه لا قضاء لو أفسده .

                                                                                        ( قوله وإذا أردت أن تحرم فتوضأ والغسل أفضل ) قد تقدم دليله في الغسل وهو للنظافة لا للطهارة فيستحب في حق الحائض أو النفساء والصبي لما روي أن { أبا بكر رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أسماء قد نفست فقال مرها فلتغتسل ولتحرم بالحج } ولهذا لا يشرع التيمم له عند العجز عن الماء ، قال الشارح بخلاف الجمعة والعيدين يعني أن الغسل فيهما للطهارة لا للتنظيف ، ولهذا يشرع التيمم لهما عند العجز وفيه نظر ; لأن التيمم لم يشرع لهما عند العجز إذا كان طاهرا عن الجنابة ونحوها والكلام فيه ; لأنه ملوث ومغير لكن جعل طهارة ضرورة أداء الصلاة ولا ضرورة فيهما ، ولهذا سوى المصنف في الكافي بين الإحرام وبين الجمعة والعيدين [ ص: 345 ]

                                                                                        وأشار المصنف إلى أنه يستحب لمن أراده كمال التنظيف من قص الأظفار والشارب وحلق الإبطين والعانة والرأس لمن اعتاده من الرجال أو أراده ، وإلا فتسريحه وإزالة الشعث والوسخ عنه وعن بدنه بغسله بالخطمي والأشنان ونحوهما ومن المستحب عند إرادته جماع زوجته أو جاريته إن كانت معه ، ولا مانع من الجماع فإنه من السنة .

                                                                                        ( قوله والبس إزارا ورداء جديدين أو غسيلين ) ; لأنه عليه السلام لبسهما هو وأصحابه كما رواه مسلم ولأنه ممنوع عن لبس المخيط ولا بد من ستر العورة ودفع الحر والبرد ، وذلك فيما عيناه والإزار من السرة إلى ما تحت الركبة يذكر ويؤنث كما في ضياء الحلوم ، والرداء على الظهر والكتفين والصدر ويشده فوق السرة ، وإن غرز طرفيه في إزاره فلا بأس به ولو خلله بخلال أو مسلة أو شده على نفسه بحبل أساء ولا شيء عليه ، وما في الكتاب بيان للسنة ، وإلا فساتر العورة كاف كما في المجمع .

                                                                                        وأشار بتقديم الجديد إلى أفضليته ، وكونه أبيض أفضل من غيره كالتكفين وفي عدم غسل الثوب العتيق ترك للمستحب ، ولا يخفى أن هذا في حق الرجل .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( باب الإحرام ) .

                                                                                        ( قوله وهو في الشريعة نية النسك إلخ )

                                                                                        قال في النهر هو شرعا الدخول في حرمات مخصوصة أي التزامها غير أنه لا يتحقق شرعا إلا بالنية مع الذكر والخصوصية كذا في الفتح فهما شرطان في تحققه لا جزءان لماهيته كما توهمه في البحر ( قوله أو الخصوصية ) قال الرملي أي الإتيان بشيء من خصوصيات النسك سواء كان تلبية أو ذكرا يقصد به التعظيم أو سوق الهدي أو تقليد البدنة كما في المستصفى .

                                                                                        ( قول المصنف والغسل أفضل ) قال المرشدي في شرحه وهذا الغسل أحد الأغسال المسنونة في الحج ثانيها لدخول مكة ثالثها للوقوف بعرفة رابعها للوقوف بمزدلفة خامسها لطواف الزيارة سادسها وسابعها وثامنها لرمي الجمار في أيام التشريق تاسعها لطواف الصدر عاشرها لدخول حرم المدينة قال في البحر العميق ولا غسل لرمي جمرة العقبة يوم النحر ا هـ .

                                                                                        كذا في حاشية المدني ( قوله قال الشارح إلخ ) وعبارته والمراد بهذا الغسل تحصيل النظافة وإزالة الرائحة لا الطهارة حتى تؤمر به الحائض والنفساء ولا يتصور حصول الطهارة لها ولهذا لا يعتبر التيمم عند العجز عن الماء بخلاف الجمعة والعيدين انتهت . قال في النهر وعزاه في المعراج إلى شرح بكر ( قوله وفيه نظر ; لأن التيمم إلخ ) قال في النهر أقول : فيه نظر إذ مبناه على أن المخالفة راجعة إلى قوله ولهذا لا يعتبر التيمم عند العجز ، والظاهر رجوعها إلى قوله والمراد بهذا الغسل تحصيل النظافة لا الطهارة بخلاف الجمعة والعيدين فإنه يلاحظ فيهما مع النظافة الطهارة أيضا ; لأنه إنما شرع للصلاة ولذا لم تؤمر به الحائض والنفساء مع أنه قد قيل بأنهما يحضران العيدين كما مر نعم ما في الكافي هو التحقيق ا هـ .

                                                                                        قال الشيخ إسماعيل والإنصاف أن أصل عبارة الزيلعي موهمة مشروعية التيمم لهما والمراد لا يدفع الإيراد ثم عبارة البحر موهمة أيضا حيث نقل عن الكافي التسوية وظاهرها بالنظر إلى عدم التيمم ، وليست كذلك بل من حيث قيام الوضوء مقام الغسل ولفظها فعلم أن هذا الاغتسال للنظافة ليزول ما به من الدرن والوسخ فيقوم الوضوء مقامه كما في العيدين والجمعة لكن الغسل أحب ; لأن النظافة به أتم . ا هـ

                                                                                        والإقامة حكاها الشمني عن القدوري بلفظ قال القدوري كل غسل للنظافة فالوضوء يقوم مقامه كغسل الجمعة والعيدين ا هـ .

                                                                                        ولا يخفى أن التسوية في عدم التيمم وإن لم تكن صريحة لكنها معلومة من تفريعه قيام الوضوء مقام الغسل على كونه للنظافة ، وإذا كان للنظافة لا يعتبر التيمم لعدمها فيه وحيث سوى بين الإحرام والجمعة والعيدين في قيام الوضوء مقامه المفرع على ما ذكر لزمه التسوية في [ ص: 345 ] عدم اعتبار التيمم بين الكل ( قول المصنف والبس إزارا أو رداء إلخ ) ويدخل الرداء تحت اليد اليمنى ويلقيه على كتفه الأيسر ويبقي كتفه الأيمن مكشوفا كذا في الخزانة ذكره البرجندي في هذا المحل وهو موهم أن الاضطباع يستحب من أول أحوال الإحرام وعليه العوام ، وليس كذلك فإن محل الاضطباع المسنون إنما يكون قبيل الطواف إلى انتهائه لا غير كذا في شرح اللباب لمنلا علي القاري ، وقال المرشدي في شرح مناسك الكنز وفي الأصح وأنه هو السنة ونقله الشيخ السندي في منسكه الكبير عن الغاية ومناسك الطرابلسي والفتح ، وقال فالحاصل أن أكثر كتب المذهب ناطقة بأن الاضطباع يسن في الطواف لا قبله في الإحرام وعليه تدل الأحاديث وبه قال الشافعي ا هـ

                                                                                        كذا في حاشية المدني على الدر المختار .

                                                                                        ( قوله وإلا فساتر العورة كاف ) فيجوز في ثوب واحد وأكثر من ثوبين وفي أسودين أو قطع خرق مخيطة ، والأفضل أن لا يكون فيهما خياطة ا هـ . لباب المناسك .




                                                                                        الخدمات العلمية