الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي الفوائد الناجية معزيا إلى فتاوى سمرقند سئل القاضي بديع الدين عن صغيرة زوجت نفسها ولا ولي لها ولا قاضي في ذلك الموضع قال : يتوقف وينفذ بإجازتها بعد بلوغها ا هـ .

                                                                                        مع أنهم قالوا كل عقد لا مجيز له حال صدوره فهو باطل لا يتوقف ولعل التوقف فيه باعتبار أن مجيزه السلطان كما لا يخفى وفي النوازل والذخيرة امرأة جاءت إلى قاض [ ص: 135 ] فقالت له : أريد أن أتزوج ولا ولي لي فللقاضي أن يأذن لها في النكاح كما لو علم أن لها وليا ، وما نقل فيه من إقامتها البينة خلاف المشهور وما نقل من قول إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول لها القاضي إن لم تكوني قرشية ولا عربية ولا ذات بعل ولا معتدة فقد أذنت لك فالظاهر أن الشرطين الأولين محمولان على رواية عدم الجواز من غير الكفء

                                                                                        وأما الشرط الثالث فمعلوم الاشتراط كذا في فتح القدير . والظاهر أن الشرطين الأولين إنما هو عند كذبها بأن كان لها ولي ، أما إن كانت صادقة في عدم الولي فليسا بشرطين على جميع الروايات وأشار المصنف إلى أن وصي الصغير والصغيرة إذا لم يكن قريبا ولا حاكما فإنه ليس له ولاية التزويج سواء كان أوصى إليه الأب في ذلك أو لم يوص ، وروى هشام عن أبي حنيفة إن أوصى إليه الأب جاز له ، كذا في الخانية والظهيرية وبه علم أن ما في التبيين من أنه ليس له ذلك إلا أن يفوض إليه الموصي ذلك ، رواية هشام وهي ضعيفة واستثنى في فتح القدير ما إذا كان الموصي عين رجلا في حياته للتزويج فيزوجها الوصي كما لو وكل في حياته بتزويجها ا هـ .

                                                                                        وفيه نظر ; لأنه إن زوجها من المعين قبل موت الموصي فليس الكلام فيه ; لأنه ليس بوصي ، وإنما هو وكيل وإن كان بعد موته فقد بطلت الوكالة بموته وانقطعت ولايته فانتقلت الولاية للحاكم عند عدم قريب وفي الظهيرية ومن يعول صغيرا أو صغيرة لا يملك تزويجهما .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله باعتبار أن مجيزه السلطان ) أي أو القاضي المشروط له تزويج الصغار والصغائر ; لأنه نائبه قال الرملي وفيه إن فرض المسألة حيث لا قاضي ، تأمل : قلت : وينبغي أن يقيد بأن لا يكون ذلك في دار الحرب ويرد عليه ما إذا تزوج صغيرة لا ولي لها فمقتضاه التوقف ; لأن له مجيزا وهو السلطان ثم رأيت منقولا عن الغاية عند قول الهداية كل عقد صدر عن الفضولي وله مجيز انعقد موقوفا ، إنما قيد بقوله وله مجيز ; لأنه إذا لم يكن كما إذا زوج الفضولي يتيمة [ ص: 135 ] لا يتوقف العقد لا يقال السلطان أو القاضي مجيز فينبغي أن يتوقف ; لأنا نقول يمكن فرض المسألة في موضع لا قاضي فيه كدار الحرب مثلا ا هـ . تأمل .

                                                                                        ( قوله : والظاهر أن الشرطين الأولين إلخ ) قال في النهر هذا مما لا حاجة إليه إذ الحمل لا يتأتى وجوده إلا على فرض كذبها ; لأن الخلاف إنما هو مع وجود الولي لا مع عدمه كما مر ، والله تعالى الموفق .

                                                                                        ( قوله وفيه نظر ; لأنه إن زوجها إلخ ) قال في النهر وأقول : في الذخيرة لا ولاية له في إنكاح الصغيرة سواء أوصى إليه الأب بالنكاح أو لم يوص إلا إذا كان الوصي وليا وحينئذ يملك الإنكاح بحكم الولاية ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط روى هشام في نوادره عن أبي حنيفة أن للوصي ولاية التزويج ولا يشترط على هذه الرواية أن يوصي إليه بذلك فما في الفتح من أن الوصي لا يملك ذلك وإن أوصى إليه به موافق لظاهر الرواية ، وقوله : إلا إذا كان عين الموصي رجلا موافق لإطلاق رواية هشام فإنه على هذه الرواية إذا كان يملك ذلك وإن لم يعين الموصي أحدا ففيما إذا عين ذلك أولى فما في الفتح ملفق من القولين وما في الذخيرة هو المذهب .




                                                                                        الخدمات العلمية