الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله طلقتك أمس بألف فلم تقبلي ، وقالت قبلت صدق بخلاف البيع ) .

                                                                                        والفرق أن الطلاق على مال بلا قبول عقد تام ، وهو عقد يمين فلا يكون إقراره به إقرارا بقبول المرأة أما البيع بلا قبول المشتري فليس ببيع فكان إقراره به إقرارا بقبول المشتري فدعواه بعده عدم قبوله تناقض ، ومراده من تصديق الزوج قبول قوله مع يمينه كما نص عليه العمادي في الفصول ، ولو قيد المسألة بالمال كما في الهداية لكان أولى ، ولولا ما ذكره المصنف في الكافي شرحا لقوله بخلاف البيع من أن صورته ما لو قال لغيره بعت منك هذا العبد بألف درهم أمس فلم تقبل ، وقال المشتري قبلت إلى آخره لشرحت قوله بخلاف البيع بما لو قال بعتك طلاقك أمس فلم تقبلي فقالت بل قبلت فقد نص في فتح القدير أن القبول لها لمناسبته للطلاق ، وفيه لو قال لعبده أعتقتك أمس على ألف فلم تقبل ، وبعتك أمس نفسك منك بألف فلم تقبل على قياس قول الزوج لها . ا هـ .

                                                                                        وفي التتارخانية لو أقاما بينة أخذ ببينة المرأة . ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية ادعى الخلع على مال ، والمرأة تنكر يقع الطلاق بإقراره ، والدعوى في المال على حالها ، وعكسه لا يقع كيفما كان ادعت المهر أو نفقة العدة لأنه طلقها ، وادعى الخلع ، وليس لها بينة ففي حق المهر القول لها ، وفي النفقة قوله ا هـ .

                                                                                        وينبغي حمله على ما إذا كان مدعيا أن نفقة العدة من جملة بدل الخلع ، وعلى تقديره فالفرق أن المهر كان ثابتا عليه قبله فدعواه سقوطه غير مقبول ، وأما نفقة العدة فليست واجبة قبله ، وهي تدعي استحقاقها بالطلاق ، وهو ينكر فكان القول له ، وهو مشكل فإنهما اتفقا على سبب استحقاقها لأن الخلع والطلاق يوجبان نفقة العدة فكيف تسقط ، وفي جامع الفصولين اختلفا في كمية الخلع فقال مرتان ، وقالت ثلاث قيل القول له ، وقيل لو اختلفا بعد التزوج فقالت لم يجز التزوج لأنه وقع بعد الخلع الثالث ، وأنكره فالقول له ، ولو اختلفا في العدة ، وبعد مضيها فقال هي عدة الخلع الثاني ، وقالت هي عدة الخلع الثالث فالقول لها فلا يحل النكاح . ا هـ .

                                                                                        وفي القنية لو أقامت بينة أن زوجها المجنون خالعها في صحته ، وأقام وليه أو هو بعد الإفاقة بينة أنه خالعها في جنونه فبينة المرأة أولى ا هـ .

                                                                                        وفي كافي الحاكم قال لها قد طلقتك واحدة بألف فقبلت فقالت إنما سألتك ثلاثا بألف فطلقتني واحدة فلك ثلثها فالقول للمرأة مع يمينها فإن أقاما البينة فالبينة بينة الزوج ، وكذا [ ص: 94 ] لو اختلفا في مقدار الجعل بعد الاتفاق على الخلع أو قالت اختلعت بغير شيء فالقول قولها ، والبينة بينة الزوج أما إذا اتفقا أنها سألته أن يطلقها ثلاثا بألف ، وقالت طلقتني واحدة ، وقال هو ثلاثا فالقول قوله إن كانا في المجلس ألا ترى أنه لو قال لها أنت طالق أنت طالق أنت طالق في مجلس سؤالها الثلاث بألف كان له الألف فغاية هذا أن يكون موقعا الباقي في المجلس فيكون مثله ، وإن كان غير ذلك في المجلس لزمها الثلاث .

                                                                                        وإن كانت في العدة فمن المتفق عليه ، ولا يكون للزوج إلا ثلث الألف ، وإن قالت سألتك أن تطلقني ثلاثا على ألف فطلقتني واحدة فلا شيء لك يعني على قول أبي حنيفة ، وقال هو بل سألتني واحدة على ألف فطلقتكها فالقول قولها على قول أبي حنيفة ، وإن قالت سألتك ثلاثا بألف فطلقتني في ذلك المجلس واحدة ، والباقي في غيره ، وقال بل الثلاث فيه فالقول لها ، وإن قالت سألتك أن تطلقني أنا وضرتي على ألف فطلقتني وحدي ، وقال طلقتها معك ، وقد افترقا من ذلك المجلس فالقول لها ، وعليها حصتها من الألف ، والأخرى طالق بإقراره ، وكذا إذا قالت فلم تطلقني ، ولا في ذلك المجلس ، وفي مسألة خلع الثنتين بسؤال واحد تنبيه ، وهو أنه إذا خلع امرأتيه على ألف كانت منقسمة على قدر ما تزوجهما عليه من المهر حتى لو سألتاه طلاقهما على ألف أو بألف فطلق إحداهما لزم المطلقة حصتها من الألف على قدر ما تزوجها عليه فإن طلق الأخرى في ذلك المجلس أيضا لزمها حصتها لأن الألف تنقسم عليهما بالسوية ، ولو طلقها بعدما افترقوا فلا شيء له ، وإذا ادعت المرأة الخلع ، والزوج ينكره فأقامت بينة فشهد أحدهما بالألف ، والآخر بألف ، وخمسمائة أو اختلفا في جنس الجعل فالشهادة باطلة ، وإن كان الزوج هو المدعي للخلع ، والمرأة تنكره فشهد أحد شاهديه بألف ، والآخر بألف ، وخمسمائة ، والزوج يدعي ألفا وخمسمائة جازت شهادتهما على الألف ، وإن ادعي ألف لم تجز شهادتهما ، ولزمه الطلاق بإقراره كذا في فتح القدير ، وفيه لو اختلفا في مقدار العوض فالقول لها عندنا ، وعند الشافعي يتحالفان ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية دفعت بدل الخلع ، وزعم الزوج أنه قبضه بجهة أخرى أفتى الإمام ظهير الدين أن القول له ، وقيل لها لأنها المملكة .

                                                                                        [ ص: 93 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 93 ] ( قوله ولو قيد المسألة بالمال إلخ ) قال الرملي النسخة التي شرح عليها الزيلعي والعيني ومنلا مسكين مقيدة بالمال فإن عبارتهم طلقتك أمس بألف . ا هـ .

                                                                                        قلت ، وكذلك عبارة النهر ( قوله وهو مشكل إلخ ) أصل لاستشكال لصاحب جامع الفصولين [ ص: 94 ] ( قوله لأن الألف تنقسم عليها بالسوية ) كذا في النسخ ، والذي في الفتح لا أن بالألف بعد لا ، وهي الصواب .




                                                                                        الخدمات العلمية