الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وفي دار بدخولها خربة ، وفي هذه الدار يحنث ، وإن بنيت دارا أخرى بعد الانهدام ) أي في حلفه لا يدخل دارا لا يحنث بدخولها خربة ، وفيما إذا حلف لا يدخل هذه الدار فإنه يحنث بدخولها خربة ، وإن بنيت دارا أخرى بعد الانهدام ; لأن الدار اسم للعرصة عند العرب والعجم يقال دار عامرة ودار غامرة أي خراب ، وقد شهدت أشعار العرب بذلك والبناء وصف فيها غير أن الوصف في الحاضر لغو والاسم باق بعد الانهدام ، وفي الغائب تعتبر ، وأراد بالخربة الدار التي لم يبق فيها بناء أصلا فأما إذا زال بعض حيطانها وبقي البعض فهذه دار خربة فينبغي أن يحنث في المنكر إلا أن يكون له نية ، كذا في فتح القدير والأصل أن الوصف في المعين لغو إن لم يكن داعيا إلى اليمين وحاملا عليها ، وإن كان حاملا عليها تقيدت به كمن حلف أن لا يأكل هذا البسر فأكله رطبا لم يحنث إلا إذا كانت الصفة مهجورة شرعا فحينئذ لا يتقيد بها ، وإن كانت حاملة كمن حلف لا يكلم هذا الصبي لا يتقيد بصباه كما سيأتي قيد باليمين ; لأنه لو وكله بشراء دار منكرة فاشترى دارا خربة نفذ على الموكل لتعرفها من وجه باعتبار بيان الثمن والمحلة ، وإلا لم تصح الوكالة للجهالة المتفاحشة ، وهي في اليمين منكرة من كل وجه فافترقا .

                                                                                        وأشار المصنف إلى أنه لو حلف لا يدخل هذا المسجد فهدم فصار صحراء ثم دخله فإنه يحنث ، وهو مروي عن أبي يوسف قال هو مسجد ، وإن لم يكن مبنيا ، وهذا ; لأن المسجد عبارة عن موضع السجود وذلك موجود في الخرب ، ولهذا قال أبو يوسف إن المسجد إذا خرب واستغنى الناس عنه أنه يبقى مسجدا إلى يوم القيامة كذا في البدائع ، وقول أبي يوسف يبقى المسجد بعد خرابه هو المفتى به كما صرح به في الحاوي القدسي من كتاب الوقف .

                                                                                        [ ص: 325 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 325 ] ( قوله : وإن كان حاملا عليها تقيدت ) كذا تتقيد إذا ذكرت على وجه الشرط كما يأتي في شرح قوله ودوام الركوب واللبس .




                                                                                        الخدمات العلمية