الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( قوله وفيما يضيفه إلى الموكل كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو عن إنكار يتعلق بالموكل فلا يطالب وكيله بالمهر ووكيلها بتسليمها ) أي nindex.php?page=treesubj&link=25458_25457والحقوق في كل عقد لا يستغني الوكيل عن إضافته إلى موكله لأن الوكيل فيها سفير محض ألا ترى أنه لا يستغني عن إضافته العقد إلى الموكل ولو أضافه إلى نفسه كان النكاح له فصار كالرسول وهذا لأن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب لأنه إسقاط فيتلاشى فلا يتصور صدوره من شخص وثبوت حكمه لغيره فكان سفيرا وفي البزازية nindex.php?page=treesubj&link=25458_23972الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال : إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل لأن عهدتهما على الموكل على كل حال ولو أخرج الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضاف إلى نفسه صح إلا في النكاح nindex.php?page=treesubj&link=25458_25457_23978_11264والفرق بين وكيل النكاح والطلاق أن في الطلاق أضاف إلى الموكل معنى لأنه بناء على ملك الرقبة وتلك للموكل في الطلاق والعتاق فأما في النكاح فذمة الوكيل قابلة للمهر حتى لو كان بالنكاح من جانبها وأخرج مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته إلى المرأة معنى لأن صحة النكاح بملك البضع وذاك لها فكأنه قال : ملكتك بضع موكلتي فاندفع جانبه ا هـ .
فعلى هذا معنى الإضافة إلى الموكل مختلف [ ص: 152 ] ففي وكيل النكاح من قبل الزوج على وجه الشرط وفيما عداه على وجه الجواز فيجوز عدمه وذكر في القنية قولين فيما إذا nindex.php?page=treesubj&link=14783_25458قال وكيل الطلاق : أنت طالق مني وقد فرع على رجوع الحقوق للموكل حكمين ومنها أن وكيلها لا يلي قبض مهرها والوكيل بالخلع لا يلي قبض البدل كما في البزازية ومنها أنه يصح ضمانه مهرها وتخير المرأة بين مطالبته أو الزوج فإذا أخذت من الوكيل لا يرجع على الزوج كذا في البزازية وفيها وكيل الخلع خالع وضمن صح وإن لم تأمره المرأة بالضمان وكذا يرجع قبل الأداء ا هـ .
وأشار بالكاف في قوله كالنكاح إلى بقية أفراد هذا النوع ولذا قال في الهداية من أخواته العتق على مال والكتابة والصلح على إنكار والهبة والتصدق والإعارة والإيداع والرهن والإقراض لأن الحكم فيها يثبت بالقبض وإنه يلاقي محلا مملوكا للغير فلا يجعل أصيلا وكذا إذا كان الوكيل من جانب الملتمس وكذا الشركة والمضاربة إلا أن nindex.php?page=treesubj&link=26461التوكيل بالاستقراض باطل حتى لا يثبت الملك للموكل بخلاف الرسالة فيه ا هـ .
ومن هذا النوع الوكيل بالقبض وقدمنا أحكامه وفي المجتبى nindex.php?page=treesubj&link=26461_14724_14722وكله أن يرتهن عبد فلان بدينه أو يستعيره له أو يستقرض له ألفا فإنه يضيف العقد إلى موكله دون نفسه فيقول : إن زيدا يستقرض منك كذا أو يسترهن عبدك أو يستعير منك ولو قال : هب لي أو أعرني أو أقرضني أو تصدق علي فهو للوكيل ا هـ .
( قوله وللمشتري منع الموكل عن الثمن ) لكونه أجنبيا عن الحقوق لرجوعها إلى الوكيل [ ص: 153 ] أصالة وقدمنا أحكام قبض الثمن وأنه لا فرق بين حضرة الوكيل وغيبته وإن وصي الوكيل ترجع الحقوق إليه بعد موته لا إلى الموكل وأشار المؤلف إلى أن nindex.php?page=treesubj&link=14782الموكل لو كان دفع الثمن إلى الوكيل فاستهلكه وهو معسر كان للبائع حبس المبيع ولا مطالبة له على الموكل فإن لم ينقد الموكل الثمن إلى البائع باع القاضي الجارية بالثمن إذا رضيا وإلا فلا كذا في بيوع خزانة المفتين ( قوله وإن دفع إليه صح ولا يطالبه الوكيل ثانيا ) لأن نفس الثمن المقبوض حق الموكل وقد وصل إليه ولا فائدة في الأخذ منه ثم في الدفع إليه ولهذا لو كان للمشتري على الموكل دين تقع المقاصة ولو كان له عليهما دين تقع المقاصة بدين الموكل دون دين الوكيل وبدين الوكيل إذا كان وحده عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد لكونه يملك الإبراء عنه عندهما ولكنه بضمنه للموكل في الفصلين كذا في الهداية ولو أبرأه عن الثمن معا برئ المشتري بإبراء الموكل دون وكيله فلا رجوع على الوكيل .
كذا في النهاية ويستفاد من وقوع المقاصة بدين الوكيل أن nindex.php?page=treesubj&link=14783_23972الوكيل لو باع من دائنه بدينه صح وبرئ وضمن الوكيل لموكله وهي في الذخيرة أطلقه فشمل ما إذا نهاه الوكيل عن الدفع إلى موكله ومع ذلك دفع له فإنه يبرأ استحسانا كما في البزازية وأشار المؤلف إلى أن المسلم إليه لو دفع المسلم فيه إلى الموكل فإنه يبرأ ولو امتنع من دفع إليه له ذلك كما في البزازية وإلى أن المأذون كالوكيل كما في البزازية وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11939أبو بكر لا يملك المولى قبض ديون عبده المأذون إذا غاب لأنه فوق الوكيل لأنه يتصرف لنفسه والوكيل لغيره وفي الوكيل إذا غاب لا يملك فالمأذون أولى ومع ذلك لو قبضه المولى يبرأ المديون استحسانا إن لم يكن على العبد دين وإن كان عليه دين لا يبرأ لأن الحق للغرماء والمولى كالأجنبي ا هـ . والله تعالى أعلم
[ ص: 151 ] ( قوله وفي البزازية الوكيل بالطلاق والعتاق إلخ ) قال أبو السعود في حاشيته على مسكين : ليس المراد أن الطلاق والعتاق يقع بمجرد قوله إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق بل لا بد من الإيقاع مضافا إلى موكله فيما إذا خرج الكلام مخرج الرسالة أو إلى نفسه إذا خرج الكلام مخرج الوكالة على ما يأتي . ا هـ .
قلت وفي السابع والعشرين من التتارخانية ولو nindex.php?page=treesubj&link=11781_23978قال الوكيل : طلقك الزوج لا يقع هو الصحيح ( قوله لأنه بناء على ملك الرقبة ) كذا رأيته في البزازية والظاهر أن فيه سقطا والأصل لأنه بناء على ملك المتعة والرقبة ( قوله فعلى هذا معنى الإضافة مختلف إلخ ) هذا ظاهر بل صريح في أنه لو أضاف ما عدا النكاح إلى نفسه يصح وهو مخالف لكلام غيره قال في الدرر بعد قوله في المتن تتعلق بالموكل وسره أن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب لأنها من قبيل الإسقاطات والوكيل أجنبي عن الحكم فلا بد من إضافة العقد إلى الموكل ليكون الحكم مقارنا للسبب أما النكاح فلأن الأصل في البضع الحرمة فكان النكاح إسقاطا لها والساقط يتلاشى فلا يتصور صدور السبب عن شخص على سبيل الأصالة ووقوع الحكم لغيره فجعل سفيرا ليقارن الحكم السبب حتى لو أضاف النكاح إلى نفسه وقع له بخلاف البيع فإن حكمه يقبل الفصل عن السبب كما في البيع بخيار فجاز صدور السبب عن شخص أصالة ووقوع الحكم لغيره خلافة وأما الخلع فلأنه إسقاط للنكاح والناكح المرء والمنكوحة المرأة والوكيل إما منه أو منها وعلى التقديرين [ ص: 152 ] يكون سفيرا محضا فلا بد من الإضافة إلى الموكل وأما الصلح عن إنكار فإنه أيضا إسقاط لا يشوبه معاوضة فلا بد من الإضافة إلى الموكل وكذا الصلح عن دم العمد فإنه إسقاط محض والوكيل أجنبي سفير فلا بد من الإضافة إلى الموكل وكذا الحال في البواقي هذا ملخص ما ذكره القوم في هذا المقام ا هـ .
أقول : يمكن التوفيق بأن يكون معنى الإضافة اشتراط ذكر الموكل وإن أسند الوكيل الفعل إلى نفسه فإذا كان nindex.php?page=treesubj&link=26825_11665وكيلا من جانب المرأة يقول للزوج : خالع امرأتك على هذه الألف فخالع يتم بقبول الوكيل كما صرحوا به في الخلع أما لو قال : خالع فقط فلا ولو كان من الجانبين فقال : خلعت فلانة من زوجها على كذا جاز في الصحيح من أنه يكون وكيلا من الجانبين في الخلع وصرحوا أيضا بأنه لو nindex.php?page=treesubj&link=14764_23973_23970_23978_11781قال لغيره طلق امرأتي رجعية فقال لها الوكيل : طلقتك بائنا تقع رجعية ولو وكله بالبائن فقال لها الوكيل : أنت طالق تطليقة رجعية تقع واحدة بائنة وصرحوا بأنه يصح nindex.php?page=treesubj&link=14714_23978_11781توكيل الصبي والمجنون ويصير كأنه علق الطلاق على تلفظهما به وفي طلاق الفتاوى الهندية الوكيل في الطلاق والرسول سواء كذا في التتارخانية الرسالة أن nindex.php?page=treesubj&link=11725يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة على يد إنسان فيذهب الرسول إليها ويبلغها الرسالة على وجهها فيقع عليها الطلاق كذا في البدائع فقد ثبت بهذا أن قول الوكيل خلعت وطلقت يكفي ثم الذي يظهر من كلامهم أن المراد هنا بالوكيل الوكيل من جهة من يثبت له الملك بقرينة التعليل بأن الحكم فيها لا يقبل عن السبب ففي النكاح يقول وكيل الزوج زوج بنتك لفلان فيضيفه إلى الموكل ولو قال : زوجني وقع له لا للموكل .
وأما وكيل الزوجة فيقول : زوجت فيصح وفي الطلاق بمال يقول وكيل الزوج : طلقت فلانة بألف وفي الخلع يقول وكيل الزوج : خالعتها على ألف وأما وكيل المرأة فيقول : قبلت بدون إضافة إليها وكذا في العتق على مال والكتابة ولو كان الطلب من جهة nindex.php?page=treesubj&link=11666_11665_14722_25458وكيل المرأة أو العبد يقول : طلق فلانة بألف أو اخلعها على ألف أو اعتق عبدك على كذا أو كاتبه على كذا فيقول وكيل الزوج أو السيد : فعلت فيكتفى بالإضافة من أحد الجانبين لأن الملك من كل منهما فإن المرأة تملك نفسها وكذا العبد كما أن الزوج أو السيد يملك العوض وفي الصلح عن إنكار أو دم عمد يقول الوكيل : صالح فلانا عن دعواك عليه هذا المال أو الدم فيقبل المدعي ولو قال الوكيل في هذه المواضع : أعتقني أو طلقني أو كاتبني أو صالحني لم يصح بخلاف بعني وآجرني فإنه يصح إضافتها إلى نفسه كما مر وكذا بقية الصور الآتية يقول الوكيل من جهة طالب التملك : هب فلانا أو تصدق عليه أو أعره أو أودعه أو ارهن عنده كذا أو أقرضه كذا ولو قال : هبني أو تصدق علي أو أعرني إلخ يقع له لا للموكل وأما الوكيل من الجانب الآخر كما إذا nindex.php?page=treesubj&link=25458_25457_26461_14789دفع لرجل مالا ووكله بأن يهبه لفلان فإنه يقول : وهبتك أو تصدقت عليه أو أعرتك أو أودعتك إلخ من غير أن يقول : وهبتك هذه الألف التي لفلان الموكل .
ثم اعلم أن هذه المذكورات يفترق بعضها عن بعض من حيث إن ما كان منها إسقاطا يضيفه الوكيل إلى نفسه مع التصريح بالموكل فيقول : زوجتك فلانة وصالحتك عما تدعيه على فلان من المال أو الدم أما ما كان منها تمليكا لعين أو منفعة أو حفظ فلا يضيفه إلى نفسه بل إلى الموكل فقط كقوله هب لفلان كذا أو أودعه كذا أو أقرضه كذا فلا بد في هذا من إخراج كلامه مخرج الرسالة فلا يصح أن يقول : هبني كذا كما مر ولا هبني لفلان أو أودعني لفلان وعلى هذا فقولهم التوكيل بالاستقراض باطل معناه أنه في الحقيقة رسالة لا وكالة فلو أخرج الكلام مخرج الوكالة لم يصح بل لا بد من إخراجه مخرج الرسالة كما قلنا وبه علم أن ذلك غير خاص بالاستقراض بل كل ما كان تمليكا إذا كان الوكيل من جهة طالب التملك لا من جهة المملك فإن التوكيل بالإقراض والإعارة صحيح لا بالاستقراض والاستعارة بل هو رسالة هذا ما ظهر لي فتأمله ( قوله وقد فرع ) أي المصنف .